الجزائر بمجلس الأمن.. “صوت للعرب وسند لإفريقيا” 

حجم الخط
0

الجزائر ـ عباس ميموني
باشرت الجزائر مطلع يناير/ كانون الثاني الجاري، ولايتها التي تمتد لمدة عامين بمجلس الأمن الدولي، معلنة أنها ستكون صوتا للشعوب المقهورة في المنطقتين العربية والإفريقية، بينما يُنتظر منها الكثير على صعيد دعم القضية الفلسطينية التي تمر بأصعب مراحلها.
وفازت الجزائر في 6 يونيو/حزيران 2023 بمقعد غير دائم في مجلس الأمن بعدما صوتت لصالحها 184 دولة من أصل 193، وستشغل هذه العضوية للمرة الرابعة في تاريخها بعد 3 فترات: من 1968 – 1969، ومن 1988 – 1989، ومن 2004 – 2005.
وحتى قبل الانتخابات، نالت الجزائر تزكية مسبقة من قبل الجامعة العربية، والاتحاد الإفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، ما يجعلها ممثلا وحيدا للمجموعة العربية داخل المجلس، وثالث ممثل لإفريقيا إلى جانب موزمبيق وسيراليون ليشكلوا معا “الثلاثي الإفريقي”.
وأعطت الجزائر مؤشرات واضحة عن مهمتها خلال ولايتها المرتقبة، تتعلق بخدمة القضايا القارية والعربية، والعمل على إصلاح مجلس الأمن وتغليب الحلول السلمية للنزاعات.
ثلاث أولويات
عشية عملية التصويت التي فازت فيها الجزائر إلى جانب كل من سيراليون وكوريا الجنوبية وغويانا وسلوفينيا، وزع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف وثيقة على وسائل الإعلام حدد فيها أولويات بلاده.
وتتعلق هذه الأولويات “بتعزيز التسويات السلمية للأزمات، ودعم دور المنظمات الإقليمية وترقية مكانة المرأة والشباب في عمليات السلام، وتعزيز النضال الدولي ضد الإرهاب”.
وفي مقابلة، بثت الشهر الماضي مع منصة “أثير” التابعة لشبكة الجزيرة القطرية، أوضح عطاف أن بلاده ستولي “أهمية للتعاون، ومعالجة الاختلالات التي ظهرت في منظومة الأمن الجماعي”.
وأضاف أن الجزائر تسجل “فشلا ذريعا مني به مجلس الأمن في السنوات الأخيرة”، كاشفا عن مباشرتها لاتصالات مع الدول الأعضاء داخل المجلس من أجل العمل على تجاوز حالة الاستقطاب التي استفحلت بين أعضائه الدائمين (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا)”.
ومن الأولويات أيضا، القضية الفلسطينية التي تضعها الجزائر في المستوى المحلي إلى جانب قضايا الأمن في الساحل الإفريقي وشمال إفريقيا، ورفع مقاعد القارة داخل مجلس الأمن إلى خمسة بدل ثلاثة حاليا.
وسبق للرئيس عبد المجيد تبون، أن أكد العام الماضي، أن الجزائر “ستعمل من أجل إعلاء صوت القارة الإفريقية، ومعالجة الظلم التاريخي التي تعرضت له”، في إشارة إلى ضعف تمثيلها على مستوى مجلس الأمن.
وفي 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبينما تتأهب بلاده لمباشرة ولايتها داخل المجلس، أكد تبون في خطاب للأمة أن “الجزائر ستلعب دورها لصالح الأفارقة والأمة العربية”.
رصيد الخبرة والمبادئ
رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس الأمة الجزائري (الغرفة العليا للبرلمان)، محمد عمرون، يرى أن بلاده “جاهزة لتوظيف رصيد خبرتها الدولية في حل النزاعات ومكافحة الإرهاب، والدفاع عن قضايا العرب والأفارقة، انطلاقا من مبادئ سياستها الخارجية التي تنتهجها منذ الاستقلال”.
وقال عمرون، للأناضول، إن “الجزائر وبنيلها ثقة 184 دولة، تكون قد حازت على شبه إجماع من قبل المجتمع الدولي، ما يؤكد مدى مصداقيتها على الصعيد الدولي”.
وأوضح أن لبلاده “تجربة رائدة في التعامل مع عدة قضايا، سواء التعاونية أو النزاعية، وسوف تعمل على المساهمة في معالجة المسائل المرتبطة بالنزاعات الدولية ومكافحة الإرهاب، وتقديم رؤيتها لإصلاح مجلس الأمن الدولي ومنظمة الأمم المتحدة”.
وأوضح أن “المجتمع الدولي أظهر عجزا كبيرا في تحقيق الأمن والسلم الدوليين”، لافتا إلى أن للجزائر “الشجاعة الكافية لطرح رؤيتها بهذا الخصوص، خاصة وأنها نادت منذ سبعينيات القرن الماضي بإصلاح النظام العالمي الجديد القائم على أسس مجحفة لدول الجنوب (العالم الثالث)”.
وأشار إلى حرص بلاده “على توظيف أدوات الحلول السلمية والقانون الدولي، لحل النزاعات سلميا، وعلى رأسها الوساطة، انطلاقا من مبادئها الرافضة للتدخلات الأجنبية ولاستخدام القوة”.
وأضاف عمرون أن “الدبلوماسية الجزائرية ستكون صوتا مسموعا على مستوى مجلس الأمن الدولي لصالح الدول العربية والإفريقية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية”.
امتناع عن التصويت ورفض للتهجير
وبعد مرور أسبوع على بدء ولايتها، صوتت الجزائر، الأربعاء، بالامتناع على قرار يدين هجمات جماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر ضد السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.
و”تضامنا مع قطاع غزة”، الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لحرب إسرائيلية بدعم أمريكي، يستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية، أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.
وقال الوفد الجزائري الذي يقوده السفير عمار بن جامع، إنه “يرفض أن يرتبط بنص يتجاهل 23 ألفا من الأرواح التي فقدت في الأشهر الثلاثة الأخيرة في غزة”، معتبرا أن هناك “رابطة بديهية” بين ما يقوم به الحوثيون والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
لتدعو بعدها الجزائر، إلى جلسة مفتوحة بمجلس الأمن الدولي، أقيمت الجمعة، حول “خطر التهجير القسري للفلسطينيين”، بصفتها ممثل المجموعة العربية داخل المجلس.
وطالب السفير بن جامع، مجلس الأمن الدولي برفض مخططات التهجير القسري للفلسطينيين خارج أرضهم.
وقال: “يجب أن يكون موقفنا واضحا برفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وعلى الجميع أن يدرك أنه لا مكان للفلسطينيين إلا على أرضهم. وأن أي تهجير لهم هو مخالفة صريحة لأحكام القانون الدولي، لا سيما المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة”.
وأضاف: “لا أحد داخل هذه القاعة يمكن أن يبقى صامتا أمام هذه المشاريع، لأن الصمت هنا يعد تواطؤا”.
في السياق، يعتقد الخبير الأمني والمحلل السياسي الفلسطيني صالح الشقباوي، أن “وجود الجزائر بمجلس الأمن وفي هذا التوقيت، له خصوصية بالنسبة للشعب الفلسطيني”.
وأضاف الشقباوي للأناضول: “الجزائر المعروفة بدعمها المطلق للشعوب المستضعفة وحركات التحرر الوطني انطلاقا من مبادئ ثورتها، تعلق عليها آمال كثيرة، لخدمة القضية الفلسطينية من مقعدها غير الدائم بمجلس الأمن”.
وأضاف أنه “من الطبيعي أن تلعب الجزائر دورا نشطا في الدفع باتجاه وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأن تطور مكانة فلسطين في الأمم المتحدة، من صفة ملاحظ إلى دولة كاملة العضوية”.
واعتبر أن “هذه القراءة نابعة من الخطاب الجزائري المعلن دائما وأبدا لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته”، موضحا أن “الدولة الجزائرية معروفة بنضالها على مختلف الجبهات، من أجل حماية الحقوق الشرعية للفلسطينيين وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس.
وتزامن شغل الجزائر لمقعدها غير الدائم بمجلس الأمن الدولي، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي بدأت منذ 7 أكتوبر، وخلّفت حتى الاثنين “24 ألفا و100 شهيد و60 ألفا و832 مصاباً”، وتسببت بنزوح أكثر من 85 بالمئة من سكان القطاع (ما يعادل 1.9 ملايين شخص)، بحسب سلطات القطاع والأمم المتحدة.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية