الأردنيون كانوا فعلاً نشامى!

النشمي في كل قواميس اللغة يعني الرجل الشجاع والشامخ والصلب، وهي المواصفات التي اتسم بها لاعبو المنتخب الأردني في مواجهاتهم الكروية ببطولة كأس أمم آسيا التي بلغوا فيها دور النهائي بعد اخراجهم المنتخب الكوري في نصف النهائي بثنائية، وبكيفية رائعة، حولت المفاجأة الى معجزة قلبت المعادلة الكروية في آسيا التي كانت أركانها كوريا واليابان وأستراليا وايران، والسعودية والعراق بدرجة أقل، قبل أن تختل الموازين بفضل شجاعة النشامى ومهاراتهم وجهدهم، وروحهم العالية التي صارت تصنع الفارق في الكرة الحديثة، وتعوض النقائص الفنية والبدنية والتكتيكية بفضل جيل جديد من اللاعبين المتميزين، ومدرب قدير عرف كيف يخوض معاركه برجال شجعان.
لا أحد قبل انطلاق البطولة كان يرشح المنتخب الأردني لبلوغ الدور الثاني في مجموعة كوريا والبحرين، فتأهل ضمن أفضل أربع ثوالث، لكن تعادل مع المنتخب الكوري في مباراته الثانية بعد الفوز على ماليزيا بالأربعة، ثم كشر عن أنيابه أمام العراق في ثمن النهائي عندما فاز عليه بالثلاثة، مؤكدا قاعدة راسخة مفادها أن كل من بلغ النهائي منذ 1972 فاز على العراق ما عدا دورة 2007 التي حقق فيها العراق اللقب، وكأنه فأل خير على من يطيح به، ليبلغ النشامى النهائي لأول مرة في التاريخ وبجدارة واستحقاق بفضل روحهم العالية ومنظومة لعبهم المتقنة رغم الصعوبات التي وجدها المدرب المغربي حسين عموتة في أيامه الأولى، ثم في مبارياته التحضيرية التي خسر منها ستاً من أصل ثمان كانت أثقلها أمام اليابان والنرويج بالستة.
رغم غياب المدافع سالم العجالين والمهاجم علي علوان بسبب الايقاف، الا أن حسن عموتة استثمر في غياب قلب دفاع المنتخب الكوري مدافع البايرن كيم من جاي، وفي الارهاق الذي عانى منه الكوريون الذين خاضوا 240 دقيقة في ظرف أربعة أيام أمام السعودية وأستراليا، بلغ خلالهما الأشواط الاضافية، لذلك لم يتمكن من الارتقاء بوتيرة المباراة الى مستويات أعلى وأقوى، بل لم يقدر حتى على إخراج الكرة من منطقته في الشوط الأول، قبل أن يستسلم للهجمات المعاكسة في الشوط الثاني ويتلقى هدفين لم يتمكن من الرد عليهما رغم بعض الفرص التي أتيحت له في نهاية المباراة، التي صنع فيها الفارق تركيز اللاعبين الأردنيين واصرارهم على اسعاد جماهيرهم لتحقيق انجاز تاريخي فريد، وهو العامل الذي ساعد الكوريين على الاطاحة بالسعودية وأستراليا في الوقت بدل الضائع.
المنتخب الأردني أكد أن الكرة الحديثة لم تعد مجرد لعبة تقتضي توفر المال والنجوم والمدربين الكبار لممارستها والفوز بمبارياتها، بل هي أيضا روح وعزيمة وإصرار وجاهزية بدنية ونفسية وفنية وتكتيكية، وقدرة على تحمل الضغوطات الإعلامية والجماهيرية التي كانت كبيرة على المدرب حسن عموتة ولاعبيه خلال فترة الإعداد للبطولة، وتحولت إلى دافع محفز بدل أن تكون عائقا في وجه جيل جديد يلعب بدون عقدة، بل صار عقدة للمنتخب الكوري الذي تعادل معه في دور المجموعات وفاز عليه بثنائية في نصف النهائي، بعد أن أطاح بالعراق في ثمن النهائي وطاجكستان في ربع النهائي لينضم إلى قائمة المنتخبات العربية الأربعة التي بلغت النهائي على غرار السعودية والكويت والعراق وقطر.
المنتخب الأردني لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيخوض النهائي بروح الرجل النشمي الشجاع والشهم الذي لا يخاف منافسيه مهما كانت قوتهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالفوز لأول مرة في التاريخ بلقب كان حكراً على تسعة منتخبات كانت الأقوى والأفضل منذ أول نسخة في سنة 1956.
إعلامي جزائري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية