أرتدي الغوايات وأمشي

لا أعرف إلا شيئا واحداً، هذياني في الحبِّ بلا كلماتِ الظلام، يجعلني أنصتُ إلى نبضِ الضوءِ وهواءٍ أسود يطحنُ جسدي ويحفرُ ثقوباً تحرسها فصوصُ ملح. يحتارُ حظّي أيّ بابٍ يفتحُ لي. لأدخلَ إلى أعالي عمياء ساطعة. تتبعني في ليلِ أرق وتلقي في الهواءِ بيانَ هذياني.
٭٭٭
الثلجُ منتظراً الشمسَ تذوبُ قربَ البحر. نزلتْ سماءٌ بثقوبٍ كبيرة تضعُ فيها الغيومُ الهواء. أقفل بابَه الليلة أحتاجُ الى هدوءٍ قلقٍ أحمر. تفكّرُ الموسيقى بما يثيرني. هذه اللعنة لغة خرساء وصمتي محارٌ حزين.
٭٭٭
لا شيءَ بوسعي أن أغيّره. هذا النصّ المثير في خذلانهِ وجدلهِ طبعا يأتي من أبجديّتِك إلى ضجيجي منذ أمس. سأرضخ فيما يشبهُ اللاوعي ليسَ طاعناً في السن كثيراً. سأمنحهُ خاتماً آخر وأناقةَ البيانو وسيقان السماء.
٭٭٭
الشمسُ في النهارِ تشربُ الماء كثيرا وفي الليلِ ثملة. القمرُ يتكسّرُ في الموسيقى. الشمس تميلُ إلى أن تلقي ما شربتُه في كيسِ الغيم. والقمرُ أيضا يدخلُ إلى غرفِ النوم ليستريحَ من صخبِ الليل.
٭٭٭
غضّاً كنت أرتدي الغواياتِ وأمشي. وكنتُ أشاغلُ الطرقاتِ ببهاءِ القمر. ماهراً كنتُ في العتمةِ أضيءُ تحت وطاةِ ليلٍ. يلفظُ أنفاسي وثقل سماءٍ كئيبة تئنُّ مثل خفّاش. فأحرقُ قلقي باضطهادِ النبيذ وإشعالِ لفّافة تبغٍ في جنونِ رغبتي.
٭٭٭
تبتسمُ ببراءةٍ حينما صبّتْ في فمي كأساً أُخرى ونحن نعودُ إلى البيتِ مساءَ أمس. ينزلُ القمرُ بما فيه الكفاية ليمنحنا عينَهُ. طريقٌ غريب لم نسلكه قبل اليوم. الثلجُ يذوبُ وأشرطة الضوءِ كتجاعيد بطاركةٍ وأثوابهم السوداء. تنثرُ النبيذَ على أثوابِنا العارية.
٭٭٭
أمس كلّ شيءٍ كان على قيدِ حياة. نادراً ما يكون بهذهِ الطراوة والغنج والدلال. كنتُ أتابعُ نصّا عن البردِ صرتُ أرتجفُ. واصلتُ الكتابةَ لم أرَ شيئا لأنّني كنت أكتبُ بوضوحٍ. لم أذعنْ إلى مرثيّة ومديح، وكما كنت أحب سمعت خطوات أنثى خلفي لم انتظر طويلا لأنَّ عرّافة أخبرتني ذاتَ ليلة كنتُ أذوقُ قهوتها على مهلٍ أنّي سأصابُ بنوبةِ مطرٍ ليلي وأجنُّ وأجهشُ كمجنونٍ لابدَّ أنْ أسكبَ غيوم جسدي مع تلك المرأة التي مشتْ خلفي، من ذكرياتٍ قديمةٍ جاءت لا بدَّ أن أكتبَ شيئا ولو مختصراً معها وأعطي لها قطعةَ خبزٍ منقوعٍ بنبيذي.
٭٭٭
جدارٌ أخضر وضوءٌ أحمر. وليلٌ أسود يطوي النوافذَ في كيسٍ أبيض شفّاف. ويابسة تلمس الماء وكنتُ أقفُ قربَ الجسرِ وعلى مسافةِ شجر مرتعشٍ عن سماءِ غامقةِ اللون، أصغي بشكلٍ سهل إلى شيخوخةِ القمر وهو يفتحُ بإعوجاجٍ ملحوظ علبةَ السكائر. ويغمرُ قعرَ الكأس بالنبيذِ ويقدُّ ببنطاله الأسود العالم. يبدو أكثر سمنةً حينما يتعرّى. كنتُ جاهلا بالكتابةِ أمامَ ظلامِ الليل.
٭٭٭
أحدّقُ في الماضي وأنا أسعلُ نعياً على حبوبِ طيور ملقيّةٍ على الأرض. وعيني على جسدٍ تركته يتلوّى من البردِ فوق سريرِ خوصٍ قرب بحرٍ في شتاء. رحلنا فيه هربا من بوليصةِ تأمينٍ. أطيلُ النظرَ إلى بيتي البعيد. لقد هربنا بعناوين كثيرة حفرنا نوما في العينِ المكسورة خيبة بلادنا الملونة. كدّستنا طويلا أمام الشبابيك نتعكّز بماضٍ عريق وحاضرٍ لا نملك حتى تذكرةً أو جريدةً أو سنتمترا من ترابأ أو فنجانِ طالع حظ.
٭٭٭
مثل طفلٍ غريب أمشي وأتلوّى. أتشاجرُ بضجيجٍ مع نظرتي. أنسى الكلماتِ أطلب من ساعة الجدار المزعجة أن تتوقّفَ عن التكتكة. ومن مذيعِ التلفزيون أن لا يعقف فمَه مثل ماضٍ ميت من القهوة ِالمرّة في فنجانِ أبي. أن لا تكون مُرّة لأشربها قبله. أن أعقفَ العلمَ وأقذفه في عمودٍ من دخان وألوحَ له كإبله. أنْ أسرقَ فارةً من مختبرٍ وألعب ِمعها حيّةً ودرج. أن لا أشطرَ الأرض قطعا مثل غيومٍ متفرّقة. تزعجني أو مثل قطع المكعّباتِ التي لا أجيد، وأحبُّ وهمها ومثل طفلٍ صغير، أصفّقُ لنفسي وأنا أقفزُ فوق الحبلِ وأسقط.
٭ شاعر من العراق

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية