قال ان بلاده سمحت للطائرات الفرنسية باستخدام اجوائها.. ودافعت عن الوحدة الترابية لمالي واستقرارها السياسي

حجم الخط
0

الرباط ـ ‘القدس العربي’ من محمود معروف: يتلمس المغرب طريقا للعودة الى العمل الافريقي المشترك من خلال الاتحاد الافريقي الذي انسحب منه 1984 احتجاجا على قبول عضوية الجمهورية الصحراوية التي تعلنها جبهة البوليزاريو من جانب واحد.
وحاول المغرب خلال العقود الثلاثة الماضية، تعويض العمل الجماعي الافريقي بعلاقات ثنائية وتطويرها مع عدد من الدول الافريقية خاصة تلك التي لا تناهض مقاربته للنزاع الصحراوي، ويحاول ايضا ان يكون فاعلا في الاطارات والهياكل الاقليمية الافريقية او المؤسسات الثقافية والرياضية والاقتصادية والامنية، خاصة من خلال منظمة الساحل الصحراء التي يسعى للعب دور ريادي في هذه المنظمة تعويضا عن الاتحاد الافريقي.
وحالت الجزائر التي تربطها مع المغرب علاقات فاترة واحيانا متوترة، دون ان يحضر المغرب بالفعل الامني الاقليمي في منطقة الساحل والصحراء، كون المغرب لا تربطه حدود مع المنطقة، الا انه اقترب من لعب دور عسكري في ازمة مالي ثم اعاد حساباته واكتفى بالسماح للطائرات العسكرية الفرنسية بعبور اجوائه، وهو ما شجع دولا افريقية للالحاح على عودته الى الاتحاد الذي كان منظمة الوحدة الافريقية سابقا.
وللمرة الاولى منذ الحرب الفرنسية على الجماعات المسلحة في مالي اكد وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني سماح المغرب لسلاح الجو الفرنسي بالمرور من الأجواء المغربية نحو مالي. بعد ان كان المسؤولون الفرنسيون هم من يتحدث عن ذلك.
وقال العثماني ان المساعدة العسكرية اقتصرت فقط على الترخيص للطائرات الفرنسية، فيما تتحدث تقارير عن أن المغرب قدم مساعدات جوهرية وعلى مستويات متعددة لفرنسا، وذلك انطلاقا من مصالحه الأمنية الخاصة.
واكد العثماني في تصريحات امام لجنة برلمانية مغربية أن المغرب لعب دورا رائدا في تدبير النزاعات ودرء مخاطر الانفصال التي تهدد القارة الافريقية خاصة في منطقة الساحل حيث ‘دافع عن الوحدة الترابية لمالي واستقرارها السياسي وناب عن الدول الإفريقية في مجلس الأمن وترجم هذا الدعم بالمصادقة على القرار رقم 2085 الخاص بمالي تحت الرئاسة المغربية لمجلس الأمن’.
وذكر بأن المغرب كان له موقف واضح منذ بداية الأزمة في هذا البلد برفضه المس بالسيادة والوحدة الترابية لمالي وحذر من تأثيرات هذه الأزمة على بلدان المنطقة في ظل الانتشار الكبير للأسلحة بعد تفكك نظام القذافي ووصولها إلى الجماعات المسلحة.
ونفى العثماني إن يكون المغرب قد منح أي تسهيلات عسكرية أثناء الحملة العسكرية على مالي، باستثناء فتح المجال الجوي للطائرات الفرنسية، واكد انه ‘ليس هناك أي مشاركة للجنود المغاربة ولو كنا شاركنا لقلنا ذلك علانية’.
إلى ذلك شدد العثماني على أن المغرب يحمي حدوده بشكل قوي لمواجهة المخاطر الإرهابية التي يمكن أن تصدرها أزمة الساحل والصحراء، بالقول ‘حماية الحدود حماية قوية وهناك يقظة رغم أن هناك محاولات للاختراق لكن لن نسمح باختراق حدودنا وهذا أمر صعب لأن قواتنا المسلحة الملكية في يقظة كبيرة دائما’.
وقال وزير الخارجية المغربي ان الكثير من ‘أصدقاء المغرب’ في إفريقيا يطالبونه بالعودة للاتحاد الأفريقي، مؤكدا ‘نحن في حوار مستمر لإيجاد السبل الكفيلة بعودة المغرب للاتحاد الأفريقي’. واضاف أن ‘موقفنا من العودة لأحضان الاتحاد الإفريقي واضح ‘وهو أننا لا يمكن أن نجلس مع دولة وهمية غير موجودة’، والسياسة المغربية في هذا الاتجاه مبنية على ‘لا زربة على صلاح’ ( لاعجلة على اصلاح).
واكد ان ‘خروج المغرب من الاتحاد الأفريقي لا يعني غيابه عنه’، ورئاسة المغرب لمجلس الأمن باسم إفريقيا دليل قاطع على اشتغال المغرب داخل محيطه الإفريقي’.
وتحدث العثماني عن دور المغرب في دعم السلم بالقارة الإفريقية من خلال المشاركة في جميع عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بإفريقيا منذ البعثة الأممية الأولى للكونغو الديموقراطية (زائير سابقا) من سنة 1960 إلى 1964 وانتهاء بالكوت ديفوار التي بدأت من 2004 إلى الآن مرورا بأنغولا والكونغو إلى جانب قيامه بدور الوساطة في حل عدة أزمات إفريقية. وأشار إلى أن الدبلوماسية المغربية تؤكد على أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليست رهينة فقط باستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة بل كذلك بالانخراط في إجراءات ذات طبيعة شمولية.
واستعرض رئيس الدبلوماسية المغربية الدور الاستراتيجي لبلاده في إفريقيا ومستويات اشتغال الدبلوماسية المغربية مبرزا الأهمية الخاصة التي يوليها المغرب للتعاون جنوب- جنوب كمحور أساسي واستراتيجي لسياسته الخارجية تجلى في الزيارات الميدانية المتكررة لجلالة الملك للعديد من الدول الإفريقية وفي مبادرات جلالته الذي دعا منذ اعتلائه العرش إلى إقامة تضامن فعال مع دول إفريقيا جنوب الصحراء بالتركيز على التنمية البشرية والتعاون القطاعي.
وأبرز أن المغرب سجل حضورا متميزا على مستوى المنظمات الجهوية الإفريقية من خلال المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وتجمع دول الساحل و الصحراء (سين صاد) ومواصلة الحضور الوازن بكافة الشراكات بين إفريقيا والقارات الأخرى.
واوضح أن المغرب قام بعدة مبادرات لدعم هذه العلاقات عبر إنشاء آلية للتعاون الثنائي تتجسد في اللجان المشتركة مع جل الدول الإفريقية تعتمد في منهجية عملها على اجتماعات دورية سواء على مستوى المسؤولين أو على مستوى الخبراء مشيرا إلى أن هذه الآلية مكنت المغرب من التواجد على الساحة الإفريقية رغم مغادرته لمنظمة الوحدة الإفريقية منذ سنة 1984 حيث توجت مجهوداته بانتخابه كممثل للدول الإفريقية في مجلس الأمن مرتين في ظرف 20 سنة.
وأشار إلى أن عدد الاتفاقيات المبرمة مع البلدان الإفريقية خلال العشر سنوات الأخيرة بلغت 500 اتفاقية مع أكثر من 40 دولة من جنوب الصحراء تمثل أرضية ملائمة لتشجيع المبادلات التجارية والاستثمار وتوفر الظروف الملائمة للاستثمارات المغربية بهذه الأقطار وتحفز القطاع الخاص على المشاركة في مساعي تعزيز التبادل التجاري.
وقال ان حجم مبادلات المغرب مع الدول الأفريقية وصل إلى 7ر11 مليار درهم سنة 2010 (مليار اورو) بعد أن كان في حدود 6ر3 مليار درهم في 2000 أي بزيادة 300 بالمائة خلال عقد من الزمن. وهو ما يمثل 41 بالمائة من صادرات المغرب الخارجية من خلال دعم الدبلوماسية السياسية بدبلوماسية اقتصادية تهدف إلى انتشار المقاولات المغربية الكبرى في إفريقيا لتشمل حوالى 25 بلدا في ميادين مهمة مثل القطاع البنكي والتأمين والمعادن والصناعة والسكن وغيرها.
ووقال ان هناك اكثر من 12 ألف طالب إفريقي دراستهم بمختلف المعاهد والجامعات المغربية 90 بالمائة منهم يستفيد من منح الحكومة المغربية وتنظيم دورات تكوينية لما يزيد على 1300 إطار في مختلف المجالات وبلغ العدد الإجمالي للطلبة الأفارقة المسجلين برسم السنة الحالية يبلغ 8107 طلاب 6789 منهم بمنحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية