تراجع شعبية هولند وارتفاع البطالة وتراجع النمو يحد من دبلوماسية فرنسا في الملف السوري والمغرب العربي

مدريد ـ ‘القدس العربي’ : تعيش فرنسا أزمات متعددة على جميع المستويات ومنها التراجع الكبير في شعبية الرئيس فرانسوا هولند والحكومة وارتفاع البطالة.
وهذه الأوضاع جعلت السياسة الخارجية الفرنسية ومنها في الشرق الأوسط تتراجع بشكل لافت خلال الأسابيع الأخيرة بسبب ثقل المشاكل الداخلية علاوة على أنها مقيدة بملف التدخل في دولة مالي لمواجهة القاعدة.
وبعد سنة على فوزه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، كشف استطلاع للرأي نشرته مجلة ‘باري ماتش’ من إنجاز معهد إيفوب أن شعبية رئيس البلاد لم تتجاوز 32’، وهي من أدنى المستويات في تاريخ الرؤساء الفرنسيين بعد مرور السنة الأولى على وجودهم في الرئاسة.
ولا تتمتع الحكومة التي يرأسها جام أرليون بدورها بشعبية وسط الفرنسيين الذين منحوها 34′ فقط من الأصوات.
ويتزامن تراجع شعبية الرئيس فرانسوا هولند وحكومته مع ارتفاع العطالة وسط الفرنسيين التي من المنتظر أن تنتهي هذه السنة في معدل 10،6′ وسترتفع السنة المقبلة كذلك، بينما لم يسجل الاقتصاد أي نمو يذكر. ويجري الحديث عن احتمال تعديل حكومي، وإن كان فرانسوا هولند أكد أمس أنه ليس مطروحا في الوقت الراهن ولكن ليس مستبعدا نهائيا.
وصرحت بدورها الناطقة باسم الحكومة الفرنسية نجاة بلقاسم أن لا أحد من الوزراء الحاليين خارج نطاق التعديل إذا قرر الرئيس ذلك. وهذه المشاكل السياسية الداخلية التي تعيشها فرنسا جعلت مبادراتها في السياسة الدولية وخاصة الربيع العربي تتراجع بشكل لافت رغم أن 54′ من الفرنسيين وفق استطلاع الرأي المذكور تعتبر الرئيس فرانسوا هولند مؤهلا للدفاع عن مصالح فرنسا الخارجية.
ويبدو تراجع السياسة الفرنسية الخارجية في ملفات متعددة، أبرزها عدم تقديمها لمبادرات لتحريك المغرب العربي وخاصة إصلاح العلاقات المغربية- الجزائرية. ويؤكد خبراء الدبلوماسية في باريس أن فرنسا ستستفيد من أجواء الانفتاح بين البلدين المغاربيين.
وكانت أطروحة باريس بعد وصول فرانسوا هولند الى الرئاسة الفرنسية هي زيارة كل من المغرب والجزائر وتبني سياسة توازن عكس تلك التي تبناها سلفه نيكولا ساركوزي بالانحياز الى المغرب، وذلك بهدف دفع البلدين الى مصالحة حقيقية ومنها فتح الحدود البرية التي ستنعكس إيجابا من الناحية الاقتصادية.
ويبقى التراجع اللافت للدبلوماسية الفرنسية هو الملف السوري والربيع العربي عموما. فقد كانت باريس صاحبة عدد من المبادرات رفقة بريطانيا وكذلك رفقة قطر في الملف السوري أساسا.
وشملت هذه المبادرات كلا من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ومبادرات أخرى في الاتحاد الأوروبي وأخرى مع الجامعة العربية. لكن التحركات النشيطة تراجعت وحلت محلها مجموعة من التصريحات بين الحين والآخر مثل التي صدرت عن وزير الخارجية لوران فابيوس منذ يومين يدعو فيها الى حل سياسي ورحيل بشار الأسد عن رئاسة البلاد. ويضاف الى كل هذا التدخل الفرنسي في دولة مالي لمواجهة القاعدة، حيث تحد هذه العملية حتى الآن من مبادرات لباريس في السياسة الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية