معهد أمريكي محافظ: رفع الحد الأدنى للأجور لا يخفف من حدة الفقر وقد يؤدي لتقليص فرص العمل

حجم الخط
1

القاهرة – الأناضول: اعتبر معهد أمريكي محافظ أن رفع الحد الأدنى للاُجور لن يجدى في تخفيف حدة الفقر، وأنه قد يؤدى إلى تأثيرات سلبية على فرص العمل.
وقال معهد «كاتو» للدراسات الإقتصادية ان رفع الحد الأدنى للاُجور من غير المرجح أن يتمكن من تخفيف حدة الفقر، والذي هو أحد الأهداف المشتركة للعديد من الدول، على نطاق واسع.
ومعهد «كاتو» الأمريكي، الذي تأسس في عام 1977، متخصص في الدراسات الإقتصادية. وهو يقدم  أبحاثا بشأن السياسة العامة المكرسة لمبادئ الحرية الفردية، والأسواق الحرة، ويجري الباحثون والمحللون العاملون فيه أبحاثا مستقلة، بشأن عدد كبير من قضايا السياسة العامة.
وأضاف المعهد في تقرير حديثأن رفع الحد الأدنى للاُجور من المرجح عمليا أن يؤدي إلى جعل العديد من العمال من ذوي المهارات المتدنية أسوأ حالا.
وأوضح التقرير أن تطبيق الحد الأدنى للاُجور أخفق في تقليص معدلات الفقر، بسبب آثاره السلبية على فرص العمل، وتراجع القدرة على استهداف توظيف العمال، الذين يعيشون في اُسر تحت خط الفقر .
وأضاف التقرير أن التركيز على زيادة الحد الأدنى للاُجور، لتخفيف حدة الفقر، يؤدى إلى نتائج سلبية أخطر من بينها، تحويل الانتباه عن السياسات العامة، التي تسعى لتعزيز فرص العمل، وتحفيز الإستثمار في رأس المال البشري، والتي تعد أكثر الوسائل فعالية لرفع مستوى الدخل، وتقليل حدة الفقر.
وذكر التقرير أن الإصلاحات الضريبية، على سبيل المثال، يمكن أن تحفز سوق العمل، وتؤدى إلى تنمية الموارد البشرية، وتشجيع إستثمار رؤوس الأموال، وذلك بشكل أكبر، للشركات التي تزيد من الإنتاجية والأجور، مع مرور الوقت.
بالإضافة إلى ذلك يقول التقرير ان ضريبة الدخل التصاعدية، المشجعة لبيئة العمل، التي تحل محل شبكة معقدة من برامج التحويل العينية، من المرجح ان تكون أكثر منفعة، للفقراء من زيادة الحد الأدنى للاُجور بكثير.
ويعرف الحد الأدنى للاُجور، على أنه أقل أجر يمكن أن يتقاضاه العامل مقابل عمله، حيث لا ينبغي أن يقل الأجر عنه في أي حال من الأحوال، ويزداد كلما تدرج العامل في وظيفته، وزادت خبرته أو مؤهلاته.
في المقابل يعرف «الأجر المعيشي» للعامل على أنه الأجر الذي يكفي احتياجات اُسرته، ولهذا يرتبط بأسعار السلع الأساسية – سلة السلع – لأنه كلما تغيرت الأسعار تتغير بمقتضاها  تكلفة المعيشة ونفقاتها.
وحددت منظمة العمل الدولية العناصر اللازمة لتحديد الحد الأدنى للأجر، بينها الإحتياجات الأساسية للعامل واُسرته، المستوى العام للاُجور في الدولة، تكاليف المعيشة والتغيرات فيها، مزايا الضمان الإجتماعي، مستوى فئات إجتماعية معينة، عوامل إقتصادية مختلفة من بينها على سبيل المثال التنمية الإقتصادية، والإنتاجية، والتشغيل.
وأشار تقرير حديث صدر عن منظمة العمل الدولية أن أعداد العاملين الذين لا يحصلون على اُجور كافية لتغطية حاجياتهم الأساسية يفوق 1.2 مليار عامل على مستوى العالم.
ويرى مراقبون أن سياسة الحد الأدنى للاُجور تحظى بأهمية بالغة في الدول العربية، في ظلّ الحاجة إلى تحسين مصادر النمو الإقتصادي، من خلال الطلب الداخلي، من أجل التصدّي لتباطؤ نمو الصادرات، وتراجع إيرادات السياحة، والمساعدة في إعادة التوازنات الإقتصادية، حتى في ظلّ ضيق الحيز المالي لدى الحكومات.
وتشير دراسات متعددة إلى أن إعادة توزيع الدخل القومي، بما يعزز القدرة الشرائية للأفراد ذوي الاُجور المتدنية، يؤثر إيجابيا على الطلب الداخلي، خاصة أن دخلهم الإضافي، يخصَّص بنسبة عالية لاستهلاك البضائع والخدمات المحلية، ويحفز هذا الأثر المباشر الإستثمار، وينشّط الدورة الإقتصادية.
وعلى العكس من تحليلات معهد «كاتو» سابق الذكر ساهمت الزيادات في الحد الأدنى للاُجور في كثير من دول أمريكا اللاتينية، في دعم الاستهلاك وتعزيز الإستثمار والنمو، وبناء طبقة متوسطة، وتخفيف الإضطرابات الإجتماعية.
وفي مطلع الشهر الماضي قررت الحكومة المغربية رفع الحد الأدنى للاُجور في الوظائف العمومية (الحكومية) إلى 3000 درهم (366.7 دولار) شهريا، عشية الاحتفال بعيد العمال العالمي.
كما يشمل قرار الحكومة المغربية زيادة الحد الأدنى للاُجور في القطاع الخاص بنسبة 10٪، على سنتين، السنة الأولى بواقع 5٪ في عام 2014، وبنفس النسبة في 2015، وذلك اعتبارا من أول يوليو/تموز 2014.
يذكر أن الحد الأدنى للأجور الحالي في المغرب في الوظيفة العمومية يبلغ حاليا 2200 درهم (269 دولار).
وشهدت مصر أيضا في الآونة الأخيرة إندلاع احتجاجات عمالية في عدة شركات وهيئات حكومية، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للاُجور الذى يبلغ 1200 جنيه (172.4 دولار) شهريا.
وأعلنت الحكومة المصرية السابقة، برئاسة حازم الببلاوي، التي استقالت في نهاية فبراير/شباط الماضي، أنها طبقت الحد الأدنى للاُجور، على الموظفين في الجهاز الإداري للدولة، والأطباء والمعلمين، ولم تطبقه على شركات قطاع الأعمال العام والهيئات الإقتصادية. 
وفي الجزائر قال رئيس الوزراء، عبد المالك سلال، في فبراير/ شباط الماضي أن بلاده ستعلن عن زيادات مهمة في اُجور العمال والموظفين، في موازنة عام 2015.
وتعهد وزير العمل في الحكومة الفلسطينية، الدكتور أحمد مجدلاني، في مطلع الشهر الجاري  بتشديد الرقابة على المؤسسات والمنشآت الخاصة، لإلزامها بتطبيق الحد الأدنى للاُجور، الذي أقرته الوزارة قبل نحو عامين، ويساوي 1450 شيكل (419 دولارا أمريكيا)، في الشركات والمؤسسات والمنشآت في الأراضي الفلسطينية، إلا أن أكثر من 120 ألف موظف وعامل، يتقاضون أقل من الحد الأدنى، بحسب أرقام صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ومؤخرا رفض 76٪ من السويسريين في إستفتاء مشروع قانون لإقرار حد أدنى جديد للأجور في البلاد، كان سيجعله الأعلى في العالم، حيث ينص على ان الحد الأدنى للأجر هو 25 دولارا أمريكيا في الساعة.
وفي وقت سابق من العام سعى الرئيس الأمريكى باراك اُوباما لرفع الحد الأدنى للاُجور تدريجيا إلى 10.10 دولار في الساعة، من المستوى الحالي البالغ 7.25 دولار، في محاولة لمساعدة العمال فضلا عن الإقتصاد، عن طريق زيادة الإنفاق. لكن الجمهوريون الكونغرس عارضوا وأفشلوا التشريع.
ونشرت صحيفة (جلوبال بوست) الأمريكية مؤخرا قائمة بتسع دول يزيد فيها الحد الأدنى للأجور عن الولايات المتحدة، بناء على معلومات من منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية.
ففى لوكسمبورغ يبلغ الحد الأدنى للأجور 10.66 دولار في الساعة، أما فى فرنسا فيبلغ 10.60 دولار في الساعة، وفى اُستراليا 10.21 دولار في الساعة، وفى بلجيكا 9.97 دولار في الساعة.
أما فى هولندا فيصل الحد الأدنى إلى 9.48 دولار في الساعة، وفى إيرلندا 9.01 دولار في الساعة، وكذلك فى نيوزيلندا يصل الحد الأدنى إلى 8.62 دولار في الساعة، وفى المملكة المتحدة يتراجع الحد الأدنى إلى 7.88 دولار في الساعة، أما كندا فقد احتلت ذيل القائمة
بـ7.85 دولار في الساعة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حازم أدهم:

    شكراً جزيلاً على هذا التقرير وهذا التوضيح .

إشترك في قائمتنا البريدية