زيارة بابا الفاتيكان للأردن.. رسائل أمن وتعايش واستعراض سياسي ومكسب اقتصادي

حجم الخط
0

البابا فرانسيس لدى وصوله لحضور قداس في استاد عمان الدولي

عمان- الأناضول: حملت زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، يوم السبت، إلى الأردن العديد من رسائل الأمن والتعايش، والتي جاءت على لسان البابا، كما لم تخل الزيارة، بحسب مراقبين، من الاستعراض السياسي والمكسب الاقتصادي.

وعلى الرغم من أن الأقلية المسيحية في الأردن لا تتجاوز نسبتها 3% من إجمالي عدد سكان المملكة البالغ قرابة 6 ملايين نسمة، وفق آخر إحصائية رسمية صدرت عام 2009، إلا أن الأردن اليوم باستقباله بابا الفاتيكان فرانسيس (77 عاما) حطم رقما قياسيا بين دول العالم من حيث عدد الزيارات البابوية له والتي وصلت إلى أربع زيارات.

وزار البابا بولس السادس الأردن العام 1964، وتبعه يوحنا بولس الثاني في العام 2000، ثم البابا بندكتس السادس عشر في العام 2009، واليوم يجري البابا فرانسيس رابع زيارة بابوية إلى هذا البلد الذي حرص نظامه السياسي عبر عقود على تكريس دور محوري له في المنطقة ينطلق من متلازمة الأمن والسياسة لاسيما في ظل شريطه الحدودي البري الأطول مع إسرائيل، وضعف إمكاناته الاقتصادية جراء شح ثرواته الطبيعية.

وبحسب مراقبين أردنيين فإن الزيارة في هذا التوقيت الذي تشتعل به بعض دول المنطقة بمثابة “استعراض سياسي” نجح النظام الأردني في استقطابه وممارسته على نطاق واسع، وجنوح الأردن إلى تكريس التبعات السلبية للتحولات الصاخبة في المنطقة، على شكل مكاسب سياسية وربما اقتصادية قد تتأتى جراء حدث عالمي من هذا النوع.

يعزز ذلك رسائل الغزل التي بثها البابا، السبت، بالنموذج الأردني في التسامح والعيش المشترك والسلام بين أتباع الديانات، خلال وقبل القداس الذي أقامه في استاد العاصمة عمان الرياضي بحضور نحو 30 ألف شخص.

وكان بابا الفاتيكان قال، في خطابه السبت خلال حفل استقبال أقامه له العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في قصر الحسينية، “أشكر الله على الفرصة التي أتاحها لي كي أزور المملكة الهاشمية الأردنية، على خطى أسلافي.. بولس السادس، يوحنا بولس الثاني، وبندكتس السادس عشر”.

وزاد قائلا: “أحيي أيضا أعضاء العائلة المالكة، والحكومة، وشعب الأردن، الأرض الغنية بالتاريخ وبالمعاني الدينية العظيمة بالنسبة لليهودية والمسيحية والإسلام”.

وحملت العبارات والرسائل السياسية التي استخدمها البابا على مسار الأزمة السورية، ما يشبه الغطاء الديني اللازم لجهة إيجاد حل للصراع الدائر هناك، حيث دعا في الكلمة ذاتها إلى “إنهاء الحرب الدائرة في سوريا، وإيجاد حل سلمي، إضافة إلى التوصل إلى حل عادل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني”.

ولم تمنع تلك المكاسب بعض المراقبين والمواطنين الأردنيين من التعبير عن خشيتهم، ضمن استطلاعات ميدانية للأناضول، من طغيان حدث زيارة البابا على مناسبتي الإسراء والمعراج (الدينية الإسلامية) وعيد الاستقلال (الوطني الأردني) واللتين تزامنتا مع زيارة البابا.

وفي 25 مايو/ أيار 1946، تم إلغاء الحماية البريطانية على المنطقة التي كانت تعرف آنذاك كإمارة شرق الأردن مما أدى إلى استقلالها، وإعلان قيام المملكة الأردنية الهاشمية.

وعن البعد الاقتصادي المترتب على زيارة من هذا النوع، يعلق جواد العناني عضو مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان) نائب رئيس الوزراء الأسبق للشؤون الاقتصاديّة، بقوله إن “زيارة البابا إلى الأردن تنطوي على أبعاد اقتصادية عديدة”.

وفصل ذلك بقوله إن “الإنفاق من خزينة الدولة لاستقبال حدث ضخم من هذا النوع، ومهما بلغ حجمه، سيظل هينا أمام المكاسب المترتبة من عائدات السياحة الدينية عقب لفت أنظار العالم للأماكن المقدسة في الأردن والتي لم تُستغل بعد، كالكنائس والقلاع إلى جانب المغطس (شرقي نهر الأردن) الذي اعتُرف به أنه المكان الذي عُمد فيه السيد المسيح (عيسى عليه السلام)”.

كما يضم الأردن بالإضافة إلى المغطس، مواقع مسيحية كبرى مثل جبل نيبو (جنوب غرب عمان)، ومكاور (جنوب غرب عمان)، وكنيسة سيدة الجبل في عنجرة ومار إلياس (شمال الأردن)”.

ويتمركز المسيحيون في الأردن في شمال وجنوب البلاد، بخاصة في مدن مأدبا والكرك (جنوب) وعجلون وإربد (شمال)، وهم ممثلون في البرلمان بتسعة مقاعد من أصل 150 مقعدا، كما أنهم ممثلون بالحكومة ومختلف أجهزة الدولة.

وبحسب رجال دين مسيحيين وعلماء آثار وسياحة أردنيين، فإن موقع المغطس – أبرز مواقع الحج المسيحي في الأردن – هو المذكور في الكتاب المقدس حيث تعمد يسوع المسيح عليه السلام على يد يوحنا المعمدان.

ومن المقرر أن يغادر البابا فرنسيس عمّان، صباح الأحد، على متن مروحية أردنية، إلى بيت لحم، فيما ستخرج حشود من الطلاب والكشافة في وداع البابا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية