إغلاق آخر المعابر في حلب يحول التنقل بين طرفي المدينة إلى ‘رحلة بين دولتين’

حجم الخط
0

حلب ـ ‘القدس العربي’ خمسة و ثلاثون حاجزاً عسكرياً تقوم بتفتيش المتنقل بين طرفي مدينة حلب، فبعد إغلاق القوات الحكومية لمعبر كراج الحجز، المعبر الأخير الذي كان يصل بين طرفي المدينة، اضطر أبو حسن -الموظف في إحدى الدوائر الحكومية-أن يجرب الطريق المخيف للوصول إلى مكان عمله بالإلتفاف حول المدينة عن طريق القرى والصحاري وصولاً إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
يقول أبو حسن لـ’القدس العربي’: إنطلقت الحافلة من دوار الحيدرية داخل المدينة، ثم أوقفنا حاجزٌ تابع للجيش الحر من بعدها اقتربنا من مدينة الباب فأوقفنا ثلاثة حواجز متتالية تابعة لتنظيم دولة العراق والشام، والطريف أن السائق كان يخبرنا ما الذي يجب علينا فعله عند كل حاجز فلكل حاجز خصوصيته.
وبالفعل عند أول حاجز لتنظيم الدولة طلب العنصر بلغة فصيحة أن تغطي النساء وجوههن، وبعد تجاوز الحاجز بأمتار قليلة عادت الأمور إلى طبيعتها، أما في الحاجز الثاني فقد أخّرنا خمسة عشرة دقيقة تقريباً لأن أحد الركاب اعترف أنه موظف، فقاموا بإنزاله واقتياده إلى الأمير، وأخذوا بطاقاتنا الشخصية وبحثوا عن أسمائنا في قوائم لديهم، ثم عاد الراكب المحتجز وأخبرنا أنهم نصحوه أن لا يمر من هنا مرة أخرى فالموظف الحكومي خائن و ضد الشرع.
و يضيف أبو حسن بعد الحاجز الأخير القريب من منطقة دير حافر الواقعة شرقي حلب، قطعنا أكثر من ثلاثين كيلومتراً أخرى في صحراء قاحلة لا يوجد فيها حياة على الإطلاق ولا حواجز حتى، لنصل إلى أوتستراد فيه أربعة مفارق بالقرب من منطقة خناصر التي سيطرت عليها القوات الحكومية مؤخراً، هناك يفاجئك علم النظام لتودع الأعلام الخضراء و السوداء وتبدأ معاناة جديدة وطويلة، هذه المفارق أحدها يذهب إلى حماة غرباً والآخر إلى السلمية والأخير إلى خناصر، ومن هنا يتمكن الركاب من رؤية جبل يفصل بينهم وبين حماة مسافة عشرة كيلومترات.
ويتابع أبو حسن: الحواجز التالية متفرقة وفيها قليل من العساكر ولكل حاجز منها تسعيرته، بين مئتي ليرة – ما يعادل دولار واحد تقريباً- كحدّ أدنى لنصل إلى حاجز خناصر المدجج الذي لم يستطع السائق التملص من دفع 1000 ليرة لشخص ضخم له لحية سوداء قوي البنية تكلم معنا بلهجة ساحلية، وهذا الحاجز على الأغلب تابع للحرس الجمهوري فقد كتب على إحدى المحارس ‘نقطة تفتيش قوات الحرس الجمهوري’.
ليقطع الركاب بعدها أكثر من خمسين كيلومتراً مروراً بمدينة السفيرة عبر الطريق العسكري وتفتش بطاقاتهم الشخصية أكثر من ثماني مرات أخرى عن طريق حواجز صغيرة وكبيرة، ليصلوا إلى مشارف مدينة حلب في الجهة الغربية منها وهناك يفاجئهم وقوف مئات السيارات و الحافلات الصغيرة و الكبيرة التي اصطف ركابها إلى جانبها مع أغراضهم ليتم تفتيشهم بشكل شخصي وتفتيش أمتعتهم وأخذ بطاقاتهم الشخصية إلى الحاسوب للتأكد من أن أحدهم ليس مطلوباً للحكومة، ويشير أبو حسن إلى أن هذا الحاجز لا أحد يستطيع أن يعبره قبل ساعةٍ أو ساعتين من الوقت، لتدخل هنا إلى مدينة حلب بعد ثمانيِ ساعات من السفر المضني وقطع مئات الكيلو مترات بسبب إغلاق المعبر الأخير واضطرار الكثير من القاطنين هنا للذهاب إلى تلك المناطق.
ينهي أبو حسن الرجل الخمسيني الذي عاد منهكاً من رحلته: لقد حولونا جغرافياً إلى دولتين، وكأننا نذهب من قطاع غزة إلى مصر فالأردن لزيارة قريب لنا في الضفة الغربية، لكن العزاء في فلسطين أن هناك كائن غريب على الأرض العربية، وهنا كلهم سوريون، ولا أعرف إلى متى ستبقى هذه الحواجز تتزايد و تكثر بيننا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية