أعداء في داخلنا

حجم الخط
0

في ثلاث رحلات جوية مضنية من فلوريدا وصلت هذا الاسبوع الى البلاد ابنة اصدقاء اسرائيليين يعيشون في الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة. عندما بلغت الفتاة عمرا يذهب فيه ابناء صفها الى الكلية الامريكية، قررت أنها بحاجة بالذات الى التجند للجيش الاسرائيلي. ومع أن العائلة وطنية اسرائيلية صرفة، ولكن يمكن تصنيفها كمهاجرين من اسرائيل بكل معنى الكلمة، مثل اولئك الذين اسماهم اسحق رابين في الماضي ‘سقط البعوض’. وها هي ابنة الساقطين اولئك وصلت هذا الاسبوع كي تودع بضع سنوات من حياتها من أجل دولة القومية اليهودية.
في اليوم الذي نزلت فيه ابنة المهاجرين من اسرائيل في البلاد المقدسة كي تتجند للجيش، أغلق أدوات القدسية ممن يلبسون السواد نصف الدولة، كي يهددونا الا نتجرأ على ان نطالبهم بان يشاركوا في الجهد القومي. ومسلحون بافضل ما انتجه تاريخنا وتراثنا نحن اليهود حاولوا ان يتحدوا النزعة القومية، السيادة والتكافل المتبادل للشعب اليهودي. فقد كفروا، عمليا، بالعلاقة الاساسية بيننا، التي تلزمهم، كجزء منا، بالمشاركة في الجهد القومي.
ويكاد يكون بالتوازي نشرت في صحيفة ‘امريكية’ مقابلة معادية مع الرئيس اوباما، كلها نتاج صنعة التحريض والعمل المعادي لمحافل اليسار المتطرف يهود من البلاد ومن الخارج ممن يعملون منذ سنوات طويلة في الجامعات ضدنا. هم الذين جلبوا علينا الهوس المسيحاني لجون كيري، هم الذين يبنون بمنهاجية التهديد بالمقاطعة، هم الذين يعدون مؤتمرات ديربن على أنواعها، هم الذين اصبحوا العدو الاخطر لدولة اسرائيل اليوم.
وفي الوسط، الاتون الصهيوني الذي يربط منذ منتصف القرن التاسع عشر الاطراف والجموع المتعذرين ظاهرا: من تربوا في البلاد، مهاجرين جدد من كل العالم، علمانيين صرفين، معتمري قبعات محبوكة، بل وحتى ابناء مهاجرين من اسرائيل من العالم ممن حتى لو ذهبوا بعيدا جسديا لم يبعدوا انفسهم ابدا عن الفعل الصهيوني. على اساس الخلفية المشوشة هذه من المهم الاعتراف بالواقع، دون امور وتشويش: حيال كل من يشخصون أنفسهم كملتزمين بالقومية وبالنزعة القومية اليهودية الاسرائيلية، تبلور في داخلنا جمهوران، حتى لو كانت امهم يهودية في غاية الشرعية، فانهم يتنكرون للرابط القومي الاساسي لنا. الرابط الذي يجمع معا الواجبات وليس فقط المغانم، الفلكلور والحقوق.
لقد نما في داخلنا جمهور آخذ في التعاظم بعد جيل من المغازلات الائتلافية والتغذية من اموال الرشوة السياسية اصبح مخلوقا اجتماعيا لم يسبق ان كان مثله في تاريخ اسرائيل. وهو يعيش في داخلنا، يرضع من مناهلنا، يتعالى علينا ويطلب ان نواصل كوننا عبيدا نركع له نعيله ونسفك دماءنا من اجله. التعليم الاصولي المنعزل، الذي يرفع اعلام القطيعة والاستقلال يؤدي عمليا الى قطع الحبال عن القومية اليهودية.
وبالتوازي، نشأ مخلوق اجتماعي قد يكون اخطر: جمهور يعيش في داخلنا، يستخدم اللغة القومية اليهودية ويدعي بانه يعرف ما هو خير لنا. ولكن حتى لو كان جزء منه لا يزال يسمي نفسه صهيوني، فهو معادٍ اساسي لافكار المشروع الصهيوني والاكثر اقلاقا من كل شيء يعمل بشكل منهاجي ضد قوميتنا في الخارج يفتح ثقبا في ارضية سفينتنا قدر الامكان. ومن هنا تتشكل خطوط اساسية جديدة، مشوشة، لهوياتنا. خطوط اساسية تبدا باعادة تعريف القومية اليهودية، خلافا للدين. وهم يخلقون معادلة جديدة لـ ‘كل اسرائيل متكافلون الواحد مع الاخر’. يبنون تكافلا متبادلا ينبغي كشفه وتطويره، والى جانب ذلك ابعاد كل من يكفر بوجود العربة في ظل التعلق الطفيلي بها او بمحاولة التخريب في عجلاتها.

معاريف 6/3/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية