الحب في مدار السرطان

حجم الخط
0

الحب في مدار السرطان

انصاف قلعجيالحب في مدار السرطانهل كان الكلام حارا وصار رخوا في الممرات الباردة بعد أن قررنا الرحيل وقد كنت ذات صباحات ممطرة حنونا دافئا/ربما هي ثرثرة في مدار السرطان ثرثرة حيث لا يسمعنا أحد نصرخ ملء وجودنا ونردد / الآخرون هم الجحيم / يا نار كوني بردا وسلاما عليه………………………………………………………………………..كوني بردا…………….وسلاما………………………………………عليه………………………قد تكون مدارات كثيرة ولكن حين نأتي لزمن الدفء نختار الشمس حين تسقط علي مدار السرطان في برج مائي علي خط 23,5 شمال خط الإستواء / كم تدفأت عنده والمطر يغمر وجهي جسدي أصابع قدمي لتلتحم بالبرج الهوائي الميزان / قالت له وهي تغيب في هيجان الكيماوي الذي يخترق كل مسامها فينزع الشعر شعرة شعرة جذرا جذرا فتحس بالأيدي التي تخلع ودبيب الكيماوي الأحمر يلون أحشاءها / هل تؤمن بالأبراج هل كان موجودا حقا حين فتحت الستارة فجأة الفاصلة بين السريرين لتجده هناك وفاجأها بأن قال إنه في إجازة إستجمام مع الكيماوي وقال إن اليقين يقتلنا لذا نبحث عن الله عن الإيمان عن الأبراج في السماوات الأولي والعاشرة ولا نصل والحد الفاصل هو الموت / هل ما زلت ترددين ما قاله المتصوف ” يا معين الفناء عليّ أعنّي علي الفناء ” يكفيني رحلة إستجمام مع الكيماوي لا يهم أن نصل أو لا نصل نكون أو لا نكون / قال أين قلت في مركز الحنان في الثدي / كان ممددا علي السرير / الكيماوي معلقا في ذراعه اليسري وأنا معلقا في ذراعي اليمني / قالت الأبراج الصينية إنك عنزة وأنا حصان فكيف يختلط سحر الكيماوي في شريان واحد يتدفق الدم من العنزة إلي الحصان ومن الحصان إلي العنزة يا للروعة ” إذا ما التقينا في الوداع حسبتنا ” ما هو عجز هذا البيت قال ربما لدي الضم والتعنيق حرفا مشددا /هو العنزة وأنا الحصان والأبراج تبدأ بالديك والديك لا ينام هذه الأيام / هل أنا أحبك لا أعرف هل أنت تحبني لا أعرف ولا تعرف هل كنت في بالها سنين طويلة وقلت لها يوما بأنك تحبها منذ سنين لم أنسها سنوات فكيف أنساها الآن / كل هذا ربما يتوهمه كلانا أو هو حقيقة لا أدري وأنا أحب هذا الوهم والخيول التي تصهل في داخلي لا أدعها تجاوز الحلم والوهم ليبقي كلاهما واقفين عند الوهم ولا يتجاوزه فكل ما يلامس الأرض يموت بريقه/لم أشأ أن أسأله في أي مدار وقع عليه السرطان يكفي أن نكون معا يفصلنا ستار واحد صدقني أجاهد الا أقترب من حدود مملكتك وأنا أدرك أن لا أحد مثلك وأدرك أن التجديد وأن تظهر الشمس كل يوم بلون وثوب وبريق جديد هي جزء من عطاء يديك/هل أعيش في عوالم روايات الحب العظيمة يبهرني أن أكون فيرمينا داثا أو أنا كارنينا أو شهرزاد فكلهن يمثلن جزءا حيويا من حياتي سواء في الخيال أو الواقع في الزمان أو المكان وهو زمان مفتوح داخل نصوص مملكتي / النص المفتوح أقرأه بشغف مثل نص البوليرو الموسيقي أوجسر مونيه الأخضر الياباني أو المرأة ذات الشمسية أو إمرأة من طحين ورمل وغيم/ إنما هو نص ممغنط يرسل إشارات جمالية غامضة فتثير الزوابع هذا ما قلته في السابع عشر من اكتوبر عام1991 وتسألني هل للزمان حدود / وأقرأ لك تحت التاريخ ذاته أن للزمان مكانا نعرفه في مرايا الذاكرة تطالعك أحيانا وجوه الرعب والخوف هل تخاف وأنت تري الوجوه مبددة الملامح والليل المخيف يغلف تلك الوجوه وأصوات أنين ورعب هائل ويغريك الوجد أن تخترق زمانا بعيدا أن تلامس حبات مطر سقطت يوما في بقعة تحبها وتخاف أن تطأها قدماك وتسترجع زمنا تتوق ليصبح مستقبلا بين يديك / وأحتال علي مراياي ريشة تطير بين المرايا المتداخلة وإحداها تلك التي نقلها فلورنتينو من جدار المطعم إلي بيته بعد أن شاهد صورتها في داخله ” يا خوفي إني حبك بالإيام اللي جايه وتهرّب من نسيانك ما إتطلّع بمرايه ” / كانت الوجوه يوما متشابهة متعبة وكان هناك وجه يداري اغترابه يتنقل عبر قطارات الساعة الخامسة يهرع عبر المحطات لندن هولبورن اوكسفورد ستريت حتي العودة من الجامعة كان الخوف أن تنحرف الرؤية عن العناوين المثبتة علي جدران الأنفاق فأضيع بالتالي في قطارات الغربة / هل تحس بالغربة أيها الغريب في أي محطة ألقي بك القطار وما زلت حتي الآن تجهد أن تجد السبيل وما من سبيل إلا هذا السرير / هنا وقف قطارك بعد أن شربت آخر كأس ورحلت عبر الأنفاق علي عجل ولم يتبق إلا البحر يلتهم ضحاياه وهو في مكانه شامخا/هو لا يجيب ترفع رأسها قليلا هو يتوجع وما يزال الكيماوي الأحمر في منتصفه وهي يخترق الكيماوي شعرها جسدها يسري في الخلايا ويدمر تاريخا من الصبر / ولم لا قالت خذ نفسا عميقا كان غائبا دون أنفاس أسألك هل أنت برمائي لأقتل الوقت المزدحم بالجروح والتساؤلات تجيبني وأنت واجم مغمض العينين أنا عقرب مائي أعشق الماء وأنت مائي / وهذا سرك أيها الغريب سر الحنين المقطر في كل حبات المطر وأية إمرأة تدخل حياتك من دون أن تكون مائية هي إمرأة تتعدي علي شواطئك فتضيع الصدفات إلا صدفة واحدة تخنقك في داخلها رغم أنك عقرب قبض عليه السرطان في لحظة غفلة من الزمان/الزمان يركض بين إستنبول وعبر البوسفور حتي الأكروبوليس وفي الأولي يأتي ذاك مخترقا صفوف الناس الذين يشاهدون السيرك ليسرق قبلة ويفر هاربا وأنت تجلسين مذهولة وكنت علي أول مدارج الشباب هل أكمل/ جاء صوته واهيا أسمعك/ كان الوهج كبيرا أكبر من هذا الجسد الضئيل/ وفي الأكروبوليس تشمين روائح الذين عبروا في ليل المسافات ليل الإغريق المشحون بعبق إمرأة وقفت في وسط الشارع وانصهرت في تمثال أم خرج التمثال منها / فينوس إلهة الجمال والحب بثدييها الجميلين دون سرطان/ أنا س من الناس كل وجع النساء فيّ كل وجع الإنسانية فيّ أضع وشاحا أحمر حول رقبتي ليخرج اللون ويعطيني دفئا في الصباحات الباردة ولست إرما لا دوس المشهورة من ذوات الرايات الحمر / ولست من الغواني اللواتي كتب عنهن ماركيز فأنا حرة يحسدني الكثيرون علي حريتي/ ولكن الأحمر يقتصر علي الوشاح والدفء وأحب اللون الأزرق وبرجي زرقاوي ولا علاقة لي البتة بالزرقاوي/ هل انتهي الكيماوي كأنه في أوله كأنهم يطيلون ويتعمدون بقاءنا قلت إذا أردت أن تنام نغلق الستارة قال “لا وقت للوقت ” قولي ما تريدين بسرعة / كأن الريح تعوي في عباءات الليل وتستعر عبر الأرصفة والطرقات المتشققة / الثرثرة تتدفق مزراب هجره أصحابه منذ سنوات الوجع وامتدت يد بأصابع حنونة لتفتحه أية يد يا لها من يد تعمدت أن تفتح المزراب علي مصراعيه علي المدارات كلها ليفيض السرطان بهذا الدفق/لم أنسها يوما لم أنسها يوما كان يرددها كأنه في حالة وجد صوفي / تردد وقد نسيت وجعها يا نار كوني بردا وسلاما عليه وقد إعتقدت لوهلة أنها نسيته هكذا قالت له / قال تذكري تلك العبارة “وسرعان ما أدركت أن رغبتها في نسيانه كانت أقوي محرض لتذكّره ” وغاب وغاب خلت بأنه لن يعود قلت وأنا أدرك أنه يسمعني ما زالت هناك شرفات مضيئة حتي الصباح وقهوة ساخنة قال وماذا عن التبغ ليتنا شخصيات في رواية قال كم تشبهينني ضميني بقوة قلت والكيماوي قال ننزعه ونعيده دون أن يشاهدونا نغلق الستارة / قال أختنق فبادري إلي خنقي بيديك الرائعتين كي أتنفس الصعداء في موسم الأعشاب البرية مثلك وهذه الليلة بعد أن يطلق سراحنا إذا أطلق سراحنا سأرسل لك غيمة وستمطر لك فقط الغيمة تحمل إمضائي وعندها أوامر أن تمطر بلا هوادة فتبللي بي قدر المستطاع وإذا هطل ثلج الليلة فاهطلي في مدفأتي/ويبقي المزراب حنونا بذاكرته المنهمرة وثرثراته في ليالي السمر ليالي السرطان داخل المدارات المدوّخة / وتقول نصف حب يكفيني / فأغلقت الباب وأنت تصرخ من خلف الباب أتركي الباب مواربا إقرعي الخزان لئلا أموت اختناقا لماذا تتعبني والأحمر يغمر الغرفة وصوت بعيد يصدح ” نسيت من يده أن أسترد يدي ” ويدي اليسري ممسكة بيده اليمني تشابكت أصابعنا ضاعت / همس سنموت معا قلت ليس قبل أن نكمل القصة قال للقصة بقية… قاصة من الأردن0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية