يلدريم المرشح الوحيد لرئاسة «العدالة والتنمية» والحكومة التركية… تعهد بـ«الانسجام» مع أردوغان

حجم الخط
1

إسطنبول ـ «القدس العربي»: بدون مفاجآت، وكما كان متوقعاً، أعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أن وزير المواصلات الحالي بينالي يلدريم مرشح وحيد لرئاسة الحزب وبالتالي الحكومة التركية خلفاً لرئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي أعلن عدم نيته الترشح مجدداً في المؤتمر العام الاستثنائي للحزب الذي سيعقد الأحد المقبل في العاصمة أنقرة.
وبعد أيام من المشاورات الموسعة داخل الأطر القيادية في الحزب الحاكم، أعلن، الخميس، الناطق الرسمي باسم الحزب عمر جليك، ترشيح بينالي يلدريم (60 عاماً) لرئاسة الحزب خلفًا لأحمد داود أوغلو، لافتاً إلى أن النائب عن مدينة إزمير بينالي يلدرم «اختير بتوافق عظيم لرئاسة الحزب».
جاء ذلك عقب اجتماع أخير عقدته لجنة الإدارة المركزية في الحزب، صباح أمس الخميس، حيث حصل يلدريم على قرابة 80٪ من أصوات أعضاء اللجنة، بحسب ما كشفته وسائل إعلام تركية، على أن يتم التصويت له «بالتزكية» رسمياً في المؤتمر العام للحزب المقرر الأحد.

حكومة سريعة لاستعادة الاستقرار

وعلى الرغم من أن القانون التركي لا يجبر الرئيس أو الحزب على ترشيح رئيس الحزب الأكبر بالبرلمان لرئاسة الوزراء، إلا أنه جرت العادة على تكليف رئيس الحزب الذي يمتلك أكبر كتلة في البرلمان على تشكيل الحكومة.
ومن المتوقع أن يكلف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يلدريم رسمياً بتشكيل حكومة تركية جديدة، عقب تقديم داود أوغلو لاستقالته التي ستجري مساء الأحد أو صباح الاثنين ـ بحسب تقديرات متعددة-، وعرضها على البرلمان لنيل الثقة، وسط توقعات بتقديم يلدريم لحكومته خلال أيام قليلة، في مسعى لاستعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وفي الرابع من مايو/أيار أعلن داود أوغلو تنحيه عن السلطة بسبب خلافات مع الرئيس أردوغان تركزت حول الصلاحيات داخل الحزب الحاكم وإدارة شؤون البلاد، بالإضافة إلى العديد من الملفات المتعلقة بكتابة دستور جديد للبلاد وتحويل نظام الحكم إلى «رئاسي».
ويجمع مراقبون على أن أردوغان دفع نحو ترشيح يلدريم الذي يعتبر من أكثر المقربين له طوال حياته السياسية من أجل مساعدته في تنفيذ خطته للمرحلة المقبلة والتي تتركز في كتابة دستور جديد وتحويل نظام الحكم بالإضافة إلى مواصلة الحرب على المسلحين الأكراد واتخاذ مواقف أكثر صلابة في المفاوضات المتواصلة مع الاتحاد الأوروبي.
وبالفعل قدم المرشح الجديد أول الإشارات على ذلك، من خلال تعده الصريح بالعمل بـ»انسجام تام» مع أردوغان، وذلك في مؤتمر صحافي مقتضب عقده فور الإعلان عن ترشيحه في مقر الحزب بالعاصمة.
وقال يلدريم: «سنعمل بانسجام تام مع كل الرفاق في الحزب على كل المستويات بدءا برئيسنا المؤسس والقائد رجب طيب اردوغان من أجل الوصول إلى أهداف تركيا الكبرى»، مضيفاً: «إنها مسؤولية كبيرة وفخر عظيم أن أُعتبرَ جديرا بالترشح لرئاسة حزب العدالة والتنمية الذي أحظى بشرف كوني أحد مؤسسيه».
وتعهد بالقول: «سأقتلع هذه المشكلة الإرهابية من جذور أجندة تركيا»، وذلك بعد أن توجه بالشكر لداود أوغلو على «خدماته، حيث بادر داود أوغلو ليكون أول المهنئين له بترشيحه لخلافته في قيادة الحزب والحكومة.
ويستهل يلدريم مهامه، الخميس، بزيارة إلى عائلات القتلى في مدينة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية، في محاولة للتأكيد على الأهمية التي سيولي لمكافحة الإرهاب والحرب على مسلحي حزب العمال الكردستاني في جنوب وشرق البلاد.
وبجانب التحديات السياسية الداخلية المتعلقة بالدستور والمعارضة، سيكون على رئيس الوزراء الجديد مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة للبلاد من حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في سوريا، إلى جانب إدارة الخلافات مع الاتحاد الأوروبي والتي تهدد بانهيار اتفاق اللاجئين وتبدد أحلام الأتراك بدخول دول الاتحاد دون تأشيرة الدخول.
وتأمل الأوساط السياسية والاقتصادية في البلاد أن يؤدي تعيين رئيس وزراء جديد للبلاد إلى إعادة الاستقرار، الذي تلقى هزة كبيرة خلال الأسابيع الأخيرة، وهبطت أسعار البورصة وخسرت الليرة التركية 5٪ من قيمتها أمام الدولار، وسط تكهنات بتولي بيرات البيرق وزير الطاقة الحالي وصهر أردوغان حقيبة الاقتصاد.

حقبة جديدة

محمود عثمان الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن التركي رأى أن حزب العدالة والتنمية حافظ طوال السنوات الماضية على تماسكه وتجنب إظهار أي خلافات للعلن، وتمكن الحزب من تدارك تعيين رئيس جديد للحزب بعد خروج أردوغان.
وقال عثمان في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «عندما تم اختيار داود أوغلو، ليكون خلفا لأردوغان في قيادة الحزب والحكومة، كان الشعار يومئذ «زعيم قوي ـ رئيس وزراء قوي»، لكن مع مرور الأيام، واحتدام الصراع داخل تركيا وخارجها، وخصوصا تطورات الحرب في سورية، والتدخل العسكري الروسي هناك، الذي أعقبه حادثة إسقاط الطائرة الروسية، اظهر الحاجة لتغييرات جوهرية».
وأضاف: «لقد كشفت حادثة إسقاط الطائرة الروسية عن ثغرات حقيقية في إدارة الدولة التركية، سببها الأساس الثنائية في إدارة السلطة التنفيذية، حيث لا رئيس الجمهورية أردوغان، ولا رئيس الوزراء داود أغلو، كان من أصدر الأوامر بإسقاط الطائرة الروسية، لكنهما اضطرا سوية لتحمل مسؤوليتها»، وتابع: «فشلت إذا نظرية «زعيم قوي ـ رئيس وزراء قوي»، فحان الوقت للتحول إلى نظام سياسي مستقر، يقوده زعيم قوي، ولذلك بات من الضروري التخلص من ازدواجية الرأس في السلطة، وتشتت القرار».
ووصف عمان بينالي يلدرك بـ«رجل المهمات الصعبة»، مشيراً إلى أنه تتوفر فيه المواصفات التي يريدها أردوغان وهي «أن يكون محل ثقة لا يرقى إليها الشك، أن يعمل بصمت دون ظهور إعلامي مكثف، ويركز جهده على إقرار الدستور الجديد، الذي يؤمن الانتقال إلى النظام الرئاسي، ألا يتهاون في تصفية الكيان الموازي، حيث يعتبرها أردوغان حرب وجود مصيرية».
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن فؤاد كيمان مدير مجموعة الأبحاث «مركز اسطنبول للسياسة» قوله: «مساء الأحد ستتغير مهام رئيس الوزراء» مضيفا «سيصبح الرئيس رئيسا للسلطة التنفيذية.
أما رئيس الوزراء فسيصبح الآلة العملانية للسلطة التنفيذية. سيعمل مع الرئيس ومن اجله».

من هو بينالي يلدريم؟

يلدريم (60 عاماً) ينحدر من إحدى المحافظات شمال شرق تركيا، متزوج وله ثلاثة أبناء، ويجيد عدد من اللغات حيث تخرج من كلية العلوم البحرية والسفن في جامعة إسطنبول التقنية وحاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه.
أصبح نائباً في البرلمان عن الحزب الحاكم لعدة دورات، وأقحمه أردوغان لخوض غمار الانتخابات النيابية عن مدينة إزمير التي تعتبر أقوى معاقل المعارضة، لكنه لم ينجح في حسم منصب رئيس البلدية في المدينة.
تدرج في العديد من المناصب في مجاله قبل أن يتولى مديرية النقل البحري في إسطنبول ويحقق نجاحاً كبيراً في إدارتها، ومن ثم ساهم في بناء العديد من المشاريع القومية الكبيرة في عهد العدالة والتنمية ومنها الطرف والجسور الكبرى، وخط مترو مرمراي ونفق أوراسيا اللذان يمران من أسفل مضيق البوسفور والجسر الثالث الذي افتتح قبل أسابيع قليلة، طوال فترة توليه منصب وزير المواصلات.
ويقول مقربون من أردوغان إن يلدريم كان المرشح الأساسي لخلافته في قيادة الحزب في أغسطس/آب 2015 لكن العديد من الحسابات الداخلية دفعت أردوغان للقبول بداود أوغلو، وها هو اليوم يعود لتولي المنصب.

يلدريم المرشح الوحيد لرئاسة «العدالة والتنمية» والحكومة التركية… تعهد بـ«الانسجام» مع أردوغان

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مهند العراق:

    الم يكن اوغلو مقربا من اردوغان ايضا؟ ام ان يلدريم اكثر قربا؟ سنرى في المستقبل ماسيحصل! والآن السؤال كم من أقارب الرئيس سيكونون في الوزارة الجديدة ؟!!!

إشترك في قائمتنا البريدية