يلدرم خلفاً لداود أوغلو: دعا لدستور جديد وشدد على أهمية النظام الرئاسي

حجم الخط
0

إسطنبول ـ «القدس العربي»: انتخب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، رسمياً الأحد، وزير المواصلات والنائب عن مدينة إزمير بن علي يلدريم رئيساً عاماً للحزب، ليتولى بذلك منصب رئيس الوزراء خلفاً لأحمد داود أوغلو الذي قال في المؤتمر الاستثنائي إنه «مؤتمر وفاء وليس وداع».
ومن المتوقع أن يقدم داود أوغلو خلال الساعات المقبلة استقالته من رئاسة الوزراء، على أن يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتكليف يلدريم بتشكيل حكومة جديدة، تقول وسائل إعلام تركية إنها ربما ترى النور خلال أيام قليلة جداً في مسعى لإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد.
وحصل يلدريم الصديق المقرب والوفي لأردوغان والذي كان مرشحاً وحيداً توافقياً لقيادة الحزب على 1405 من أصل 1411 صوت ليكون بذلك ثالث رئيس فعلي للحزب بعد أردوغان وداود أوغلو، كما جرى انتخاب لجنة مركزية جديدة للحزب شهدت تغيير قرابة 25 من أعضائها من أصل 50 في تحول كبير سيظهر على سياسات الحزب خلال الفترة المقبلة.
وفي كلمته قبل بدء التصويت، سعى يلدريم جاهداً لتأكيد الولاء التام لأردوغان والعمل على تنفيذ رؤيته للمرحلة المقبلة فيما يتعلق بكتابة دستور جديد للبلاد وتحويل نظام الحكم إلى «رئاسي» واتخاذ مواقف أكثر حدة من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مواصلة الحرب بقوة ضد حزب العمال الكردستاني، وجماعة غولن «الكيان الموازي».
وقال يلدريم: «الرئيس أردوغان، يحمل على عاتقه مسؤولية ملايين المواطنين، وعلينا إضفاء الصبغة القانونية على هذا الواقع الفعلي، من خلال صياغة دستور جديد والانتقال بالحكم من النظام البرلماني إلى الرئاسي»، متعهداً بالسير على خُطى مؤسس الحزب ورئيس الجمهورية الحالي، أردوغان، في إدارة الحزب، مشيدًا بإنجازاته على الصعيدين الداخلي والخارجي، بحسب قوله، وخاطب أردوغان: «دعوتكم دعوتنا وطريقكم هو طريقنا».
وأضاف: «لن نتهاون في التعامل مع الكيانات الموازية، والعصابات الانفصالية، لن يكون هناك مكان للخونة في هذا البلد، وليعلم الجميع أنّه لا توجد في تركيا سوى دولة واحدة، هي الجمهورية التركية، ولن نسمح لأحد بمقارعتها»، مشدداً على استمرار العمليات العسكرية ضدّ التنظيمات الإرهابية بكافة أشكالها.
وفيما يخص الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، دعا يلدريم، إلى إزالة الغموض الذي يشوب هذه المسألة، لافتاً إلى أنّ «الوقت قد حان لكي يعلن الأوروبيون عن مواقفهم الحقيقية تجاه هذه القضية».
من جهته، شدد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو على أن المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية هو «مؤتمر وفاء وليس مؤتمر وداع»، على حد تعبيره، قائلاً: «نتخلى عن مواقعنا ولكن لا نتخلى عن فكرتنا ومبادئنا، العدالة والتنمية ليس حزب أشخاص بل حزب مبادئ لا يتخلى عنها».
داود أوغلو وفي مسعى لتأكيد تماسك الحزب وعدم وجود خلافات، قال: «هذا المؤتمر ليس مؤتمر وداع بل مؤتمر وفاء. حرصنا دائما على وحدة حركتنا وحزبنا وسنحرص عليها للنهاية»، مضيفاً: «أشعر بانزعاجكم من الحاجة إلى عقد مثل هذا المؤتمر بعد أشهر قليلة من فوز انتخابي كبير، لكن ثقوا أن الحاجة استدعت ذلك لمصلحة الحزب».
وشدّد على أن «العدالة والتنمية لم يكن يومًا حزب فصيل أو زمرة معيّنة، ولن يكون كذلك إطلاقًا، بل كان دائمًا حزبًا للشعب بكافة أطيافه، وحزب تركيا بكاملها، وسيواصل طريقه على هذا النحو، إلى ما لا نهاية»، لافتاً إلى أن «الحقيقة الوحيدة وراء قراري بتسليم المهام، وعقد المؤتمر العام للحزب بعد 6 أشهر من حصولنا على 49.5٪ من الأصوات (في الانتخابات المبكرة)، ودعم 24 مليون ناخب، هي القيمة والأهمية التي أوليها لوحدة حزبنا وتكاتفه، وقلقي من لحاق الضرر بحركة العدالة والتنمية».
وفي رسالة بعث بها أردوغان، إلى المؤتمر، قال الرئيس التركي إن «صلتي العاطفية بأعضاء حزب العدالة والتنمية باقية ومستمرة، حتى وإن انقطعت صلتي القانونية بالحزب، منذ أدائي اليمين الدستورية رئيسًا للبلاد»، معرباً عن ثقته في أنّ «المرحلة القادمة ستكون وسيلة لإزالة التضارب الحاصل في التعاون بين رئاسة الجمهورية والكوادر السياسية، بشأن محاولة إيجاد نظام إداري جديد وتغيير الدستور الحالي»، في إشارة منه إلى تغيير نظام الحكم في البلاد، من برلماني إلى رئاسي.
وعن المؤتمر الاستثنائي للحزب الحاكم، قال أردوغان «اعتبره من أهم مظاهر النضج السياسي في تاريخنا المعاصر، وأتمنى أنّ يتكلل بالنجاح»، مؤكداً أن «هناك مسؤوليات كبيرة ستقع على عاتق الرئيس الجديد، بخصوص تحقيق الأهداف المنشودة لعام 2023، وتجاوز الأزمات الإقليمية والدولية الراهنة».
وشارك في المؤتمر قرابة 6 آلاف شخص وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها السلطات في العاصمة، وسط أجواء حماسية لأنصار الحزب الذي يسيطر على حكم البلاد منذ عام 2003.
وفي في مؤتمر عام استثنائي وصف بأنه «تاريخي» حضره 6 آلاف شخص، ودع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو رئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم وسط مشاعر مختلطة غلبتها الدموع، في حين فقد الرئيس الجديد للحزب بن علي يلدريم صوته أثناء خطابه بالمؤتمر الذي كان الحاضر الأقوى في كل مفاصله هو الرئيس رجب طيب أردوغان على الرغم من غيابه.
فمنذ الدقائق الأولى لانطلاق المؤتمر الذي عقد في العاصمة أنقرة طغت صور أردوغان مؤسس الحزب ورئيسه السابق على جميع جنبات القاعة، في حين لم تتوقف الأهازيج والأغاني التي تمجد فيه عن التردد، رغم عدم تواجده امتثالاً للدستور التركي الذي أجبره على ترك رئاسة الحزب إبان توليه منصب رئاسة الجمهورية في آب/أغسطس عام 2014.
وفي لفتة لمدى الاحترام والتأثير الذي ما زال يتمتع فيه الزعيم الأقوى في البلاد داخل الحزب، وقف جميع الحضور بلا استثناء عن المقاعد من أجل الاستماع إلى كلمة أردوغان التي أرسلها مكتوبة للمؤتمر، وقال فيها: «صلتي العاطفية بأعضاء حزب العدالة والتنمية باقية ومستمرة، حتى وإن انقطعت صلتي القانونية بالحزب، منذ أدائي اليمين الدستورية رئيسًا للبلاد».
وفي مشهد آخر، بدا الحزن واضحاً على وجوه شريحة واسعة من أنصار الحزب وهم يودعون رئيسه أحمد داود أوغلو، وغلبت الدموع عدد كبير من الحضور أثناء إلقاء زعيم الحزب تحية الوداع رغم تأكيده استمرار العمل في صفوف الحزب خلال الفترة المقبلة، حيث عمد منظمو المؤتمر على إظهار تماسك الحزب وقوته من خلال منح داود أوغلو نفس المستوى من التقدير الذي كان يتمتع فيه قبيل إعلانه عن المؤتمر العام الاستثنائي وتأكيده على نيته بعدم الترشح للاستمرار في قيادة الحزب.
أما وزير المواصلات والنائب عن مدينة إزمير بن علي يلدرم الرئيس الجديد للحزب بأغلبية ساحقة من أصوات المشاركين، واجه مشكلة كبيرة في إكمال خطابه وعاش لحظات صعبة بسبب إرهاق كبير عانت منه أحباله الصوتية وصولاً لفقدانه القدرة على مواصلة خطابه الحماسي الأمر الذي اضطره لاختصاره وإكماله بصعوبة، وقالت وسائل إعلام تركية إن سارة زوجة داود أوغلو أوصت له بخلطة خاصة (مشروب) ساعدته على إكمال الخطاب.
المؤتمر الذي عقد في ظل إجراءات أمنية مشددة، تولاها خمسة آلاف و800 شرطي تركي عملية حفظ الأمن في محيط الصالة الرياضية التي تستضيف الفعالية، دُعي إليه ممثلي جميع دول العالم الممثلة في تركيا، عدا 5 دول امتنع الحزب عن توجيه الدعوات إليها، وهي سوريا، وإسرائيل، ومصر، وبنغلاديش، وروسيا.
ولم تُدع إسرائيل بسبب الخلافات وقطع العلاقات معها بعد الهجوم الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة وقتل 10 ناشطين أتراك، بينما لم تدع روسيا بسبب تدهور العلاقات بعد إسقاط الطائرة الروسية على الحدود مع سوريا، ومصر بسبب الخلافات على الانقلاب العسكري، وسوريا لتدهور العلاقات مع نظام الأسد، وأخيراً بنغلادش التي سحبت تركيا سفيرها منها قبل أيام بعد إعدام السلطات البنغالية زعيم الجماعة الإسلامية في البلاد مطيع عبد الرحمن نظامي.
كما كان لافتاً عدم حضور الرئيس التركي السابق عبد الله غُل أحد أبرز مؤسسي الحزب الذي واجه خلافات سابقة مع الرئيس أردوغان وقيادات أخرى من الحزب، لكنه وجه رسالة مكتوبة للمجتمعين، وفي الوقت الذي دعا فيه العدالة والتنمية جميع الأحزاب التركية امتنع عن دعوة حزب الشعوب الديمقراطي الكردي لاتهامه بالترويج لحزب العمال الكردستاني المصنع إرهابياً.
وبدا داود أوغلو في خطابه الوداعي أمام المؤتمر قوياً ولجأ للخطاب الحماسي والنبرة المرتفعة وحاول التأكيد على أن خروجه كان حفاظاً على وحدة الحزب، مع الإشارة إلى حجم الإنجازات التي حققها طوال فترة توليه رئاسة الوزراء وأنه لم يخرج بسبب أي فشل أو تقصير، متجنباً الاسترسال في الحديث عن أردوغان الذي كانت الخلافات معه سبباً في خروجه من قيادة الحزب والحكومة.
في المقابل سعى الرئيس الجديد للحزب في جميع أجزاء خطابه على تأكيد الولاء لأردوغان والانسجام معه، قائلاً: «طريق أردوغان هو طريقنا ودعوته هي دعوتنا»، وذلك قبل إعلانه بشكل واضح وتعهده بالعمل على كتابة دستور جديد للبلاد وتحويل نظام الحكم إلى رئاسي، تلبيةً لرغبة أردوغان.
وقالت وسائل إعلام تركية إن يلدرم ينوي عقد الاجتماع الأول لمجلس الوزراء، عقب تكليفه بتشكيل الحكومة من أردوغان، في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة.

يلدرم خلفاً لداود أوغلو: دعا لدستور جديد وشدد على أهمية النظام الرئاسي

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية