هل فتح إيمانويل ماكرون عهدا جديدا من العلاقات بين الجزائر وفرنسا؟

وهو لا يزال مترشحا في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، كان إيمانويل ماكرون قد اعتمد على خطابته المعهودة ليترك بعد زيارته إلى الجزائر أثرا لم يستطع أحد أن يقف منه موقف الحياد. وكان من حق المحللين أن يعتقدوا ان عبارة «جريمة ضد الإنسانية» التي وصف بها الرئيس الفرنسي حقبة الاستعمار الفرنسي في الجزائر فاتحة عهد جديد من العلاقات يراد بها إلغاء نقاط سوداء أساسية من تاريخ محتقن تعقبه سلسلة متذبذبة من فترات الدفء والفتور جسده فيما جسده توظيف سياسي استغل ضبابية الموقف من الاستعمار التي باتت تجوب مسار تاريخ فرنسا المعاصر.
إيمانويل ماكرون شاب ومن هذا المنطلق أراد أن ينخرط في معسكر من يطوون صفحات الماضي المعقد ليكتبوا صفحة جديدة تحكمها تحديات الغد التي لا بد لقيادي براغماتي أن يضعها في مقدمة أجندة سياسته الخارجية.
وعلى رأس هذه الأخيرة، وكما هو منطقي، تهيمن الشراكة الاقتصادية، وفي الظروف التي نعيشها يحتل أيضا السياق الأمني نصيبا وافرا من المسألة.  
أما وقد بدا لعدد من المراقبين أن هذا المشهد الذي رتب له إيمانويل ماكرون؛ وبالرغم من الانتقادات اللاذعة التي لاقاها، خاصة ممن نشأ وترعرع من الفرنسيين على أرض جزائر الاستعمار، أما وقد بدا أن ماكرون أراد فتح الطريق فعلا أمام عهد جديد من العلاقات كان سيدشنه في حال وصوله إلى سدة الرئاسة، أصبحت الصحافة الفرنسية تردد في شبه إجماع أن ماكرون، بعد انتخابه رئيسا «أدار ظهره للجزائر» وسط سلسلة متعاقبة من الزيارات المبرمجة عربيا هذا الشهر إلى المغرب وتونس ودول الخليج.
كان الرهان قائما على ما يمكن أن يجنيه الطرفان من أرباح مشتركة، منها، فضلا عن تكثيف الشراكات الاقتصادية، تعزيز التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب وأيضا رسم استراتيجية مشتركة لضبط الهجرة. كان الرهان مبنيا على سيناريو طبيعي كلاسيكي يعتمد على نقاط قوة سياسية خارجية يراد لها أن تكون فاعلة. سيناريو بدا محكما إذن غاية الاحكام. فما الذي أحبطه؟
هل يتوقف الأمر عند «مقاطعة فرنسية ظرفية للنظام الجزائري» حسب ما يورده البعض معللين تشخيصهم بدعوة مبطنة توجهها فرنسا إلى الرئيس الجزائري حتى يترك سدة الحكم نظرا لتدهور حالته الصحية؟
أم الموضوع أشمل وأعمق فيضرب جذوره في قالب تعليلي هو أقرب إلى الثابت منه إلى المتحول؟ بعبارة أخرى، هل تسلل، في نهاية المطاف، إلى تفكير «إلى الأمام» المفترض فيه أن يمضي بجميع الملفات قدما، بما فيها أكثر ملفات السياسية الخارجية الفرنسية حساسية، الجمود نفسه الذي استكن في الوعي الجماعي الدبلوماسي الفرنسي منذ ما يقارب الخمسة عقود بخصوص الملف الجزائري؟
نعم فترة الاستعمار الفرنسي في الجزائر لا تزال ماثلة في الأذهان ويصاحبها ما حملته من مواقف دموية لم يستطع التقارب بين البلدين تضميد جراحها. فمنذ عبارة «فهمتكم» التي لم يصرح الجنرال دي غول فيها أبدا بمن «فهم» بالضبط، إلى رد نقولا ساركوزي على اقتراح إقامة «معاهدة صداقة بين فرنسا والجزائر» أن «الصداقة لا تحتاج إلى معاهدة» مرورا بعبارة «الجريمة ضد الإنسانية» لماكرون المترشح والتي أتبعها بـ»أحبكم» وجهها إلى «أقدام السود»، وأيضا مرورا بـ»فرنسا لم تعتذر بعد» على لسان الرئيس الجزائري، أفرزت مقاربة القيادات لماض مشترك معقد. 
 دوامة من المزايدات الكلامية لا أول لها ولا آخر. ولم يعد السؤال كيف الخروج منها بقدر ما أصبح كيف نؤسس مقاربة عملية لشراكة جزائرية فرنسية تواكب عصرها، إذن، تعيد تاريخا مضى إلى ماضيه وتكتب لتاريخ المستقبل مستقبله. لتأسيس هذا التاريخ الجديد نملك كلمة سحرية، وقد ذكرناها في هذا المقال، انها «الجيل الجديد»، وهي كلمة المرور إلى بناء التقارب الفرنسي الجزائري المنتظر في القرن الحادي والعشرين. انه تقارب لا بد ان يصبح تنفيذه من أبرز ركائز سياسة ماكرون الخارجية إذا أراد لها فعلا أن تكون سياسة جديدة ترمي بالاسطوانات المشروخة إلى مزبلة التاريخ. 

هل فتح إيمانويل ماكرون عهدا جديدا من العلاقات بين الجزائر وفرنسا؟

بيار لوي ريمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول خالد من فرنسا:

    قبل أن يصف ماكرون الإرث الاستعماري الثقيل اتجاه كل المستعمرات. ..يجب على الجنرالات تصفية ملف العشرية السوداء حيث قتل و شر نصف مليون مواطن تحت مسميات الإرهاب. ..و تكلموا من هدا العآر تحت مسمى المصالحة ولماذا التهديد من جديد من خلال برنامج. .حتى لا ننسى

  2. يقول عبد المجيد- المغرب:

    النظام العسكري في الجزائر يكره فرنسا إلى درجة المقت ويحبها إلى درجة الهيام والتوله يكرهها لأن سياستها في المغرب العربي خاصة وفي مناطق أخرى لا تروق له ويحبها لأنه يعشق الأراضي ( الموروثة) عن الاستعمار وهو في هذا التناقض أو الفصام كالذي يرى أن الذئب حرام ويرى أن إدامه حلال. ولكن ما معنى هذا؟ معناه أن نظام العسكر في الجزائر ليست له مواقف مبدئية من فرنسا ولا من غيرها فحكاية الاعتذار عن فترة الاستعمار وجرائمه التي يلوح بها في كل مرة، هي فقط ورقة موسمية للا بتزاز، تخرج عندما تتخذ فرنسا مواقف لا تلائم الطموحات الجزائرية ، وخاصة في قضية الصحراء المغربية. وقد رأينا كيف تم الاحتفاء بإمانويل ماكرون عندما زار الجزائر في إبان حملته الانتخابية، وصوره السياسيون والصحافيون الجزائريون على أنه صديق الجزائر الكبير وصديق الجزائر معناها عندهم أنه سيغير موقف فرنسا من الصحراء المغربية، ويدير ظهره للمغرب ولكن ما إن انتخب حتى أدار ظهره للجزائر لا للمغرب ودليل ذلك أنه اختار أن يزور المغرب- عكس رؤساء فرنسا الآخرين إن لم أكن مخطئا- ولم يزر الحزائر حتى الآن، ربما بسبب الغموض الذي يكتنف الوضع في البلاد جراء الغياب الفعلي لبوتفليقة وربما كذلك لأن ماكرون إنسان عملي ويريد الاشتغال ولا يرى أن الجزائر مؤهلة على الأقل الآن للتعاون في الميدان الاقتصادي ومكافحة الإرهاب وقد تجلى ذلك في غياب الجزائر أو تغييبها عن اجتماع الدول الإفريقية التي ناقشت برعاية فرنسا الوضع في الساحل والصحراء. وأعتقد أن ماكرون هو أكثر رؤساء فرنسا الذين فهموا كيف يفكر العسكر الحاكم في الجزائر ولذلك طيب خواطرهم بكلمة عن الاستعمار ابتهجوا واحتفلوا بها وقال لهم : إنني أحبكم وتركهم وانصرف للعمل والتعاون مع دول الأخرى.

  3. يقول Dinars:

    ” إيل فا سى فار فوتر ُ كما قالها ضد أفراد من شعب فرنسا في ” كوريز ” جنوب فرنسا. لولا الجزائر ما استمر وجود فرنسا. الجزائريون منبوذون، بقوادهم وبمعارضهم ، لدى فرنسا إلى الأبد ما لم يفصلوا الجزائر عن فرنسا. لو حدث وتحرر الجزائر تحررا حقيقيا منذ ستينيات القرن الماضي لعززت في فرنسا حينها مكانها بين بلدان العالم الثالث.
    قوة الجزائر امتصتها فرنسا.

  4. يقول المغربي المغرب:

    بغض النظر عن التاريخ المطبوخ فرنسيا..والذي حوله اتباع فرنسا الرسميين عسكرا ومدنيين..وبعض السدج المقلدين…الى نصوص مقدسة لاتقبل التعديل او التغيير..ولا حتى التاويل خارج التفسير المتكلس الذي ربط بها …، فان الحقيقة التاريخية الماثلة عند كل ذي عقل..هي ان فرنسا عندما دخلت الى الجزاءر وانتزعتها من نفوذ الدولة العثمانية..لم تكن لديها نية الخروج منها باي شكل من الاشكال وفي اي مرحلة من المراحل…،ولذلك عملت على تكريس مجموعة من التوجهات في الميدان العسكري والاجتماعي والاقتصادي والثقافي…ومنها على سبيل المثال التوسع في اراضي الدول المجاورة..واصلاح وتطوير الملكيات الزراعية التي اصبحت تمثل احتياطيا استراتيجيا للامن الغذاءي للفرنسيين..،وتشكيل نخب اجتماعية مرتبطة ثقافيا ولغويا ومصلحيا بفرنسا ولا ترى سواها …، واستثمار الموارد المعدنية باعتبارها ملكا للفرنسيين..ولا يحق لغيرهم الاستفادة منها حتى ولو كانوا من اهل الارض…،وعندما قرر ديغول منح الجزاءريين ما سمي بالاستقلال فانه لم يحذ عن منظور فرنسا التقليدي والاستراتيجي في هذا المجال..ولكنه عمل فقط على تغيير بعض قواعد اللعبة من حيث التفاصيل والصور المشهدية…،وذلك بسبب الخساءر التي سببها المجاهدون الحقيقيون للمستعمرين من امثال عبان رمضان ومحمد بوضياف وبومهيدي..ولطفي وشعباني.وجميلة بوحيرد…الخ..وليس ادعياء الجهاد الذين كانوا ينتظرون فرصة الانقضاض بالتنسيق مع فرنسا ، وايضا بسبب تغير استراتيجية الاستعمار عموما من مباشر الى غير مباشر..في اغلب الدول المستعمرة.!!!!.،ومن هنا فان تفسير ما حصل في الجزاءر من تلك الفترة والى اليوم يجب ان يرتكز على هذا الاساس المحوري او القاعدي..ومؤداه الحقيقي انه لم يكن هنا استقلال ولاهم يحزنون..وان مقدرات الجزاءر الاقتصادية والبترولية… والزراعية قبل تدميرها من طرف بومدين…هي لخدمة الوضع الاقتصادي الفرنسي وتنشيط اذرعه العملاقة وهي الشركات العابرة للقرات…، وان النخب الاجتماعية والثقافية المفرنسة تدين بالولاء المطلق لباريس في السراء والضراء وترى وجودها ومستقبل ابناءها واحفادها هناك…وان قيادات العسكر هي الحارس الامين على تلك المصالح وهذا هو دورها الاساسي وهي مستعدة للقيام به بكل الوساءل واقصاها اذا لزم الامر…وعلى العموم فقد قتلت فرنسا مليونين من الشهداء الابرار في الجزاءر ..منهم نصف مليون بيد هؤلاء.

  5. يقول Sammy:

    إلي الأخ المغربي لتوضيح الامور ديغول لم يعطي الإستقلال ، الجزائر هيمن اخدته بالحديد والنار وقدمت الشهداء والتضحيات
    والحقيقة التاريخية التي يتهرب منها المخزن ان الجزائر هي التي أعطت الإستقلال للمغرب وكل الدول الإفريقية التي كانت محتلة من طرف فرنسا فقوة الشعب الجزائري ( جيش ا لتحرير) ارغم فرنسا
    علي اجلاء كل الجيوش من المستعمرات للحفاض علي الجزائر ولكن عزم الجزائر علي تركيع المستعمر واخد الحرية فلو لم تخرج فرنسا من الجزائر لكانت سقطت فرنسا .الجزائر قامت باسقاط اربع حكومات متتالية
    نتمني من المغرب ان يشكر الجزائر علي تحريره و تستطيع التحقق فهناك فرنسيين وافارقة وحتي إخوة تونسيون من السياسيين من يتبث هدا الكلام فعليك الدخول إلي اليوتيوب وتصفح الحقيقة
    وشكرا

  6. يقول عبد المجيد- المغرب:

    نعم أخي المغربي ما قاله سامي صحيح استقلال المغرب كان هبة من الجزائر فحسب الكثير من المؤرخين الذي عاشوا قبل انقراض الديناصورات فإن فرنسا عرضت على الجزائر التفاوض بشأن استقلالها وذلك مباشرة بعد احتلالها في القرن التاسع عشر لكن الجزائر رفضت قائلة لا بد أن أدخل في سبات عميق عميق لمدة 132 سنة إلى أن تفرض الحماية على المغرب لأحرره وأحرر إفريقيا كلها وأنال رضى الله ورضى الجميع وهناك مصادر أخرى تقول إن الجزائر هي التي كانت تحتل فرنسا وليس العكس وحجتهم في ذلك أن الجزائر كانت إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس حتى قبل وجود الإنسان على الأرض وأدرك شهر زاد الصباح،..

  7. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    و لِم نسكت على القول المباح … يا اخي عبد المجيد؟
    .
    قول الحقيقة كما اعرف هي فريضة عين على ما اعتقد، و اراها فرض كفياية على هوايا عند بعض الاخوة.
    .
    يا اخوتي، اخي عبد المجيد و اخي المغربي، لقد كتبت تعليقا لم يكتب له النشر، احاول من خلاله تحليل عجزي عن فهم بعض
    اطروحات الاخوة الكرام. هل فاتني شيئ من التاريخ؟ هل هناك منطق آخر لا اعرفه و انا كنت اضنني الى وقت قريب
    جهبد في المنطق العلمي؟ كتبت تعليقا … ربما فقدت فيه توازني مع خط تحرير الجريدة، لكن، مرات اريد فعلا ان اصرخ
    قائلا لبعض الاخوة، و من قلبي، افيقوا رحمكم الله … لن تقوم قائمة لمن لم يضع نضارة رامبو جانبا و ليرى الواقع … كما هو …
    .
    و تفاجأت شهرزاد حين قيل لها ان الشمس اختراع بلد مجاور للمغرب و رات ان خيالها المعطاء هو مجرد نقطة من بحر خيال
    قصاصين آخرين… فادرك شهرزاد الصباح …

إشترك في قائمتنا البريدية