منذُ 1963 لحد الآن!

حجم الخط
1

صخبٌ في الشوارع
قتلى على أبوابِ المستشفى
وجوهُ الممرضاتِ شاحبةٌ
تتحركُ مسرعةً بين الردهات
ملَّ الجرحى رائحةَ الديتول
قِطعُ الشاشِ متناثرةٌ في الممرات:
أعشاباً مُلوثةً برائحة الموت
وتحت أشجار اليوكالبتوز
قتلَ (الحرس القومي) داخل حمود
تاركينَ رائحةَ الدمِ على وجوهِ الناسِ المذهولة
هكذا ..
ورغمَ الحصافةِ التي يتمتعُ بها الجميع
وادعاءاتِ الفطنةِ والتنبوءِ
والخيالِ الفسيح!
لكنَّ أحداً لم يفهم شيئاً مُحدّداً
لا في النومِ ولا في اليقظة
لا داخلَ المُستشفى ولا خارجَها
لا في البيوت ولا في البساتين !

* * *

هل انتصرَ البعثيونَ على الحياة حقاً؟
لقد سحلوا العراقَ مطعوناً في شوارع الموت
تاركين حلبَ تصرخُ وسطَ الخرائب
هل انتصر علينا أولادُ الغربان هؤلاء؟
انها خديعةٌ موجعةٌ حقاً!

* * *

وفي صيف 1964
اكتـُشِفت مقبرةٌ جماعيةٌ خارجَ (الديوانية)
معلمةٌ وأربعةُ رجالٍ قُتلوا رمياً بالرصاص..
كنا جمهرةً من أهالي الضحايا
نحث السير لاهثينَ باتجاه المستشفى ذاتِها
جمهرةً يلمُّ بعضُها بعضاً خوفَ الانفراط
متلفتين خائفين
لا نعرفُ ماذا نقول
وماذا علينا أن نفعل!
لم نر المعلمةَ والرجالَ المقتولين
رأينا جمهرةً أخرى هناك
رؤوساً تشرئبُ حول شباك المشرحة
وعبر ذلك الشباك الواسع
رأينا على منضدةٍ طويلةٍ موحشةٍ
أكوامَ عظامٍ مُتربة
شهقت أشجارُ اليوكالبتوزِ واشرأبت
فقد أصابنا الخرسُ من كثرة الوجع

* * *

أسئلةٌ تسّاقطُ مع أوراقِ المفكرة
وهذا اليومُ هو الأربعاءُ على وجهِ الدقة
ـ فالحرب على وشك الوقوع –
كُلُّهم أرادُوهُ أن يتوقفَ
أن لا يسقط من المفكرة
أن يستمرَ لسنةٍ أو أكثر
كي يفهموا بالضبط
ما الذي يُريدُهُ منهم
هذا النسرُ الكبيرُ الأعمى
الذي يرفرفُ على أبوابِ المستشفى!

شاعر عراقي

كريم عبد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د محمد شهاب أحمد / بريطانيا:

    وماذا يجري منذ ٢٠٠٣ و لِحدّ الآن ؟!….
    فتح الغزاةُ العراقَ فتحاً غير ُ مبين …وجعلوا البلادَ بطولها وعرضها ساحة للجريمة ، وأنتم شعراء العراق لا زلتم سكاري من مشهد إسقاط ما دعوتوه الصنم ، وقد كان حقاً صنمَ أنتم خلقتوه!….

إشترك في قائمتنا البريدية