محللون أتراك لـ«القدس العربي»: حزب أتاتورك مؤسس الجمهورية تحول لـ«حزب العلويين»

حجم الخط
8

إسطنبول ـ «القدس العربي»: أجمع محللون سياسيون أتراك على أن حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية تحول إلى حزب «العلويين الأتراك» على حد تعبيرهم، موضحين أن مجلس الحزب الجديد الذي انتخب قبل أيام ضم أغلبية كبيرة من العلويين والمتشددين من اليسار والأكراد.
واعتبر المحللون في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي» أن زعيم الحزب كمال كليتشدار أوغلو ـ علوي كردي ـ هو الذي عمل على ذلك منذ ترؤسه قيادة الحزب قبل أكثر من 10 سنوات وصولاً لإقحام أغلبية علوية في قيادته، مشددين على أن هذه السياسية أثرت سلباً على شعبية الحزب الذي لم يتمكن من رفع نسبة أصواته رغم تراجع حزب العدالة والتنمية الحاكم في السنوات الأخيرة.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية تثبت عدد العلويين في مجلس الحزب الجديد أو في تشكيلة البرلمان التركي الأخير ـ القانون التركي والهوية الشخصية لا تبين مذهب المواطن ـ إلا أن المحللين أجمعوا على أن العلويين باتوا يسيطرون على معظم مقاعد مجلس الحزب بفضل سياسات «كليتشدار أوغلو».
الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول أوضح في تصريحات خاصة لـ»القدس العربي» أن العلويين بات لديهم 42 عضواً من أصل 52 في مجلس حزب الشعب الجمهوري إضافة لعضو مسيحي وكرديين، قائلاً: «عندما أنظر في صورة حزب الشعب الجمهوري بعد مؤتمره العام وإعادة تشكيل مجلس الحزب يجوز لنا القول إن هذا الحزب بات حزب العلويين الأتراك بامتياز».
والسبت، انتخب أعضاء الحزب «كليجدار أوغلو» لرئاسة الحزب مجددا، وذلك في مؤتمره الاعتيادي الـ35 الذي عقد في العاصمة أنقرة، بعد حصوله على 990 صوتا من أصل ألف و238 صوتا في انتخابات رئاسة الحزب، لكن دراسة أجراها أحد المراكز البحثية عقب انتخابات قيادة الحزب الأخيرة قبل أيام، قال فيها 54٪ من أنصار الحزب إنهم مستاءون من انتخاب كلتشدار أوغلو مجدداً لرئاسة الحزب ومن تركيبة المجلس الجديد.
وحزب الشعب الجمهوري أنشئ على يد مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، عام 1923، ويعد أكبر حزب معارض في تركيا في الوقت الراهن، ويشغل 134 مقعدا من أصل 550 من إجمالي مقاعد البرلمان التركي.
يقول زاهد غول: «حزب أتاتورك كان يمثل النخبة العلمانية وجناح اليسار وكان دائماً حليف الانقلابات العسكرية الأربعة التي حدثت في البلاد وبعد أن كان أكبر الرابحين من هذه الانقلابات تحول لأكبر الخاسرين»، مضيفاً: «لكن الحزب الآن في عهد زعيمه كليتشدار أوغلو بات يحاول تقديم خطاب مقتصر على العلويين وبالتالي تحول الحزب إلى علوي».
واعتبر زاهد غول أن الحزب فقد الأمل في الوصول إلى السلطة وبدلاً من محاولة الخروج من الأزمة والاعتراف بالأخطاء سعى زعيمه منذ ترؤسه إلى تحويله لـ«حزب علوي» من خلال زيادة عدد القياديين فيه من هذه الطائفة، وبالتالي تحول إلى «حزب طائفي»، على حد وصفه.
وفي ظل عدم وجود إحصاءات رسمية، تقدر بعض الجهات الرسمية نسبة العلويين في تركيا بين 10 إلى 15٪ من عدد سكان البلاد الـ77 مليون نسمة، لكن جهات مقربة من العلويين تقدر نسبتهم بين 15 إلى 20٪ من عدد السكان.
وكان العلويون عموما في معسكر اليسار بسبب انحيازهم التاريخي إلى حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك لضمان العلمانية التي حمت وضعهم بوصفهم أقلية رغم محاولات هذا الحزب تحويل قاعدة ولائهم إلى قاعدة طبقية، وفي المقابل اتخذ اليمين التركي المبادرة في تعبئة السنة ضد العلويين على أساس معاداة الشيوعية والعلمانية.
وفي أحد خطاباته قبل قرابة العامين، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحزب بأنه «حركة علوية» في حين قال نواب من حزب العدالة والتنمية الحاكم إن حزب الشعب الجمهوري سيحول اسمه إلى «الحزب العلوي» وهو ما نفاه نواب في الشعب الجمهوري آنذاك واعتبروا أن «هذه الاتهامات تهدف إلى إظهار الحزب أنه حزب أقلية».
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي التركي اوكتاي يلماز أن حزب الشعب الجمهوري يشهد منذ تولي كلتشدار أوغلو رئاسته توجهاً واضحاً نحو العلوية واليسار المتطرف، وتقارب مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي اتهمه بأنه «الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني الإرهابي».
وقال يلماز في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «الانتخابات الأخيرة وتشكيلة المجلس الجديد للحزب تكشف بوضوح الانفتاح الواضح للحزب على العلويين والأكراد واليسار المتطرف»، مضيفاً: «الحزب الذي أسس الجمهورية كان علمانياً مركزياً معتدلاً ولكن بعد مجيء كليتشدار أوغلو تباعد الحزب عن المركز واقترب أكثر من الأطراف المتشددة».
ولفت يلماز إلى أن هناك تقاربا تاريخيا بين الحزب والعلويون بسبب الأفكار العلمانية حيث كان ولا يزال العلويين يشكلون حاضنة شعبية للحزب ويصوتون له في جميع الانتخابات «لكنه بالفترة الأخيرة تحول الحزب من اليسار المعتدل إلى اليسار المتشدد».
وشدد يلماز على أن هذه السياسية أضرت بالحزب وانعكست عليه سلبياً، قائلاً: «في السنوات العشرة الأخيرة لم يتقدم الحزب في أي انتخابات على الرغم من تراجع حزب العدالة والتنمية الحاكم»، واستبعد أن يكون لعلاقة الحزب بالنظام السوري دور في هذه التغيرات لكن ذكر بأن قيادات الحزب يؤيدون نظام الأسد وينتقدون الحكومة التركية على مواقفها الداعمة للثورة السورية ولاستضافتها للاجئين السوريين.
الصحافي والمحلل السياسي محمد اون ألمش رأى أنه من الصعب جداً تحديد أرقام حول نسبة العلويين في قيادة حزب الشعب الجمهوري لأن الأعضاء لا يكشفون عن توجهاتهم وطوائفهم، لكنه لفت إلى أن المؤشرات تدلل على أن نسبة العلويين في قيادة الحزب تتزايد.
وقال اون ألمش في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «العلويون في تركيا لديهم مشكلة مع الإسلام والإسلاميين والمسألة لها أبعاد تاريخية، وحزب الشعب الجمهوري يحاول رفع نسبة العلويين الموجودين في صفه لعدم حصول شق في صف الحزب أثناء عدائه لحزب العدالة والتنمية، لأنه في حال اختيار قوميين أتراك فإنهم بالتأكيد سيقفون مع حزب العدالة والتنمية في الوقت الراهن أمام العمال الكردستاني وأمام روسيا وهو ما لا يريده حزب الشعب الجمهوري وزعيمه».
وأضاف: «يجب أن يقرأ هذا الأمر في إطار قيام نائب من الحزب بالخروج على قناة روسيا اليوم القناة الروسية الرسمية وإدلاءه بتصريحات ضد تركيا تبين وقوفه مع روسيا وخيانته لوطنه، إلى جانب قيام نائب آخر بالقول عن حزب العمال الكردستاني أنهم شهداء الأسبوع الماضي».
وخلال الأحداث الداخلية التي شهدتها البلاد في السنوات الماضية، تزايد تصدر الطائفة العلوية للاحتجاجات ضد حكومة العدالة والتنمية والرئيس اردوغان المنتمى للطائفة السنية، في الوقت الذي تتزايد فيه التخوفات من انعكاس حالة الاحتقان الطائفي في الإقليم وسوريا بشكل خاص على الاستقرار السياسي والاجتماعي في تركيا.
وسعى أردوغان لتغيير مجموعة من القوانين لصالح العلويين ضمن ما يعرف بحزمة الإصلاحات الديمقراطية في تركيا تتضمن تحسين القوانين التي تسمح بحرية العبادة والمشاركة السياسية للعلويين، حيث يطالب زعماء الطائفة العلوية بتركيا الحكومة بالاعتراف الرسمي بدور العبادة الخاصة بهم ودعمها على غرار الرعاية التي تقدمها للمساجد والكنائس ومعابد اليهود في تركيا.
ويرى مراقبون أن؛ التغيرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة في السنوات الأخيرة والصراعات المسلحة التي أخذت الطابع الطائفي في دول الجوار التركي وخاصة العراق وسوريا التي تمتمد حدودها مع تركيا بطول 900 كيلو متر؛ ساعدت بتعزيز بروز «الطائفية» في المشهد السياسي وانعكست على الأحداث في الداخل التركي.

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ألا يشتم من هذا الخبر تغلغل المخابرات السورية بتركيا
    ولكن من المنطق والطبيعي أن ينحصر هذا الحزب في معظمه على العلويين
    فالصحوة الإسلامية بتركيا أرجعت السنة الأتراك وحتى الأكراد لدينهم
    ولهذا نجد أن الإسلاميين الأكراد ينتخبون حزب العدالة والتنمية
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول مراقب.المانيا:

    تركيا ترتكب خطأ فادحا في سوريا من خلال دعم المعارضة السورية المسلحة .الموقف الحبادي كان أفضل .لأن بصراحة بلدان المشرق يتألف نسيجها من فسيفساء هش.تلعب فيه عوامل كثيرة منها القومي.السياسي .المذهبي وحتى الجغرافي والاقتصادي.المثل اللبناني يقول ( لا تهزه فهو واقف على شوار.اي على الحافة ).نتمنى الخير لكل شعوب وبلدان المنطقة والبلد الإسلامي الكبير تركيا.

  3. يقول mercury:

    لو لم يكن حزب أردوغان ونظام حكمه عنصريا و طائفيا لما حصلت ردت فعل كهذه و سبق أن رأينا ذلك في أنضمام شيعة لبنان العلماتيين الى الاحزاب القومية (البعث و القومي السوري) قبل تأسيس حركة أمل وبعدها حزب الله.

  4. يقول سامح // الأردن:

    * اذا كان ( حزب العلويين ) هذا دوره محصور في الشأن الداخلي التركي ماشي
    من حقه وينتقد سياسات حكومته كما يشاء .
    * أماّ اذا كان مؤيدا للطاغية بشار وزمرته فلا خير فيه وسحقا له .
    سلام

  5. يقول فيصل:

    من الطبيعي ان بلتف العلويين حول الجمهوريين خاصة ان اردوغان يحرض عليهم منذ بدء الازمة السورية. اتاتورك اوصى شعبة ان يبتعدوا عن الثقافة العربية القبلية العنصرية, لكن الخليفة المغروم بثقافة العرب الكارثية اعاد التفريقات لتركيا. مسكين ايها الشعب التركي, مصطفى كمال ادخلكم الى الحداثة واردوغان يعيدكم للبداوة

  6. يقول د. راشد - المانيا:

    نعم إنها الصحوة الاسلامية في تركيا واصطفاف أعداء الإسلام ضدها
    حزب الشعب التركي منذ عقد من الزمن أصبح حزب العلويين بامتياز بتحريض ودعم إسرائيلي فللأخيرة رصيد كبير في هذا الحزب تحديدا وقد ضم هذا الحزب أيضا بقايا الشيوعيين الأتراك والعلمانيون الاتراك وهم في حلف ضد السلطان أردوغان

  7. يقول محمد منصور....فلسطين:

    الشعبية المتنامية لحزب العدالة والتنمية تجعل أحزاب العارضة تعاني من القدرة على تبرير خطابها في ظل النجاحات التي تحققها تركيا بقيادة اردوغان ،ولهذا تتجه هذه الأحزاب للبحث عن انصار لها بين الأقليات الأثنية والمذهبية.

  8. يقول د. اثير الشيخلي - العراق:

    احسد البعض على جرأة الجهل او التجاهل التي يمتلكها، الشعب التركي ينتخب في 12 استحقاق انتخابي متتالي بشفافية عالية ، حزب العدالة و التنمية و زعمائه و على رأسهم الطيب اوردغان ، ثم يأتي من يتهم كل هؤلاء الناخبين بالعنصرية و الطائفية من خلال اتهام من انتخبوهم و مثلوهم في كل هذه الإستحقاقات و حققوا انجازات اقتصادية في فترة قياسية اشبه ما تكون بالمعجزة ، بهذه التهم المضحكة ، خاصة ان اكثر من 90% من الشعب التركي ينتمون الى ملة واحدة ، هي ملة الغالبية من قادة هذا الحزب الحاكم ، ثم يأتي من يقول بكل بجاحة انها طائفية!

    ثم يأتي آخر ، ليستخدم تورية مضحكة ، ليسمي ثقافة الإسلام العالمية العظيمة ، بأنها ثقافة العرب تحديداً و من ثم ليسميها لاحقاً انها بداوة ! في اسلوب بات مكشوفاً في جهالته و فجاجته و خطله و استغفاله للآخرين !
    بالمناسبة ، الأخ الأعظم ، كمال اتاتورك وفق تسمية دائرة المعارف الماسونية للمومأ اليه ، حول تركيا من امبراطورية عظمى الى مجرد دولة منكفأة على نفسها ، منبتة الصلة بتأريخها و دينها و ثقافتها ، و ترفل بالفساد و المفسدين و تقودها طغمة عسكرية معروف اصولها و انتمائها ، و هي اكبر المعادين لمبادئ العلمانية الحقة رغم ادعائهم اياها ، لكنها في الحقيقة علمانية متوحشة اقرب الى الألحاد ، قادت تركية الى ان تكون اسوء الدول اقتصاداً و اعلاها تضخماً و احقرها عملة ، قبل ان ييسر الله لها هذا الرجل و حزبه الذي قادها الى سلم المجد من جديد ، فيأتي من يتهمه بالبداوة ، و الإسلام الذي هو وعاء و مرجعية هذا الرجل وثفافته هو العدو الأول للبداوة و قيمها!

    الحمدلله على نعمتي العقل و الدين.

إشترك في قائمتنا البريدية