سواكن السودانية: مدينة الأساطير وجن سليمان

حجم الخط
2

«القدس العربي»: ثمة شعور بالأسى العميق ينتاب القلوب مع أول نظرة على أطلال مدينة سواكن، تلك العروس التي كانت ترفل في ذوقها المعماري الراقي وسحر اطلالتها على ساحل البحر الأحمر، تلك الحضارة التي انتهت الى ركام مهمل ومنسي لا أحد يلقي له اي بال، بل ان بعضهم من العارفين ببواطن الأمور في المنطقة يتحدثون عن ان الجهات الحكومية وبدلا من ترميم المدينة التاريخية أخذوا صخورها التاريخية المتساقطة إهمالا للإستفادة منها في رصف بعض الموانىء الجديدة ليكتبوا بذلك أكبر انتهاك لتاريخ سوداني وإنساني فريد لا مثيل له. وكانت بقية البنايات العتيقة خرت منهارة بحزن ووجع على بعض تاريخها الذي انتزعوه من الأرض المالحة ليلقوا به في طرف الساحل لبناء رصيف جديد، وهو المشهد ذاته الذي صوره الشاعر السوداني مبارك المغربي والذي عمل ضابطا في سجن سواكن قبل عشرات السنين فأحزنه موت الحضارة أو فلنقل إنتحارها البطيء فسطر قصيدته «ذكرى سواكن»، وجاء فيها:
حي الطلول البالية واسكب دموعك غالية
هذي سواكن قد بدت مثل العروس الباكية
إني وقفت على البِلى أرثي الذرا المتداعية
هل من جديد مشرق يحيي الرفات الفانية؟
ويعيد مجداً قد مضى إذا العزائم ماضية
فاذكر على مـر الزمان شعور نفس وافية
لـو يفتـدى ذاك التراث فـديته بحيـاتية
ومن بعده أتى المخرج السوداني حسين شريف ليقدم فيلمه «انتزاع الكهرمان: ويقدم مشهدا إبداعيا عبر السينما عن تلك الجزيرة وتاريخها وأساطيرها المروية.
أساطير الجن تمشي في شوارع الجزيرة
سواكن مدينة تقع في شمال شرق السودان، على الساحل الغربي للبحر الأحمر وعلى ارتفاع 66 مترا فوق سطح البحر. وتبعد عن العاصمة الخرطوم حوالي 642 كيلومترا وتضم منطقة أثرية تاريخية. وقد بنيت المدينة القديمة فوق جزيرة مرجانية وتحولت منازلها إلى آثار وأطلال خلال حقب من السنين المتتالية حتى أصبحت مدينة أطلال. ذلك ماتطالعه في ما يكتب عن المدينة، أما على واقع الأرض فتلك الأطلال والحجارة المعطونة برطوبة مياه البحر المالحة تسرد في ليلها ونهارها لأمواج البحر المتكسرة على صخور ساحلها الصخري وكان تلك الحجارة التي شهدت تاريخا مجيدا تبحث في ملح البحرعن ما يداوي جرح إهمالها.
تحكي روايات متعددة عن أصل اسم سواكن، فمن ناحية اللغة هو لفظ أقرب إلى السكنى بمعنى الإقامة، أو السكون، إلا أن هناك افتراضات أخرى منها ما ذهب إليه الكاتب المصري الشاطر البصيلي الذى ذكر أن اللفظ سواكن من أصل مصري قديم وهو «شواخن» وهو اسم لمملكة إسلامية في الحبشة في سنة 1285م. وحسب رأيه فإن سبب تحول كلمة «شواخن» إلى شواكن أو سواكن، يعود إلى خلو لغات البجا من حرف الخاء، والذي غالباً ما يقلب إلى كاف أو هاء في بعض لهجاتها. وهناك من يعتقد بأن الإسم عربي الأصل ومشتق من كلمة «السوق». وثمة رواية أخرى تستند على أساطير قديمة تقول أن سواكن مشتقة من لفظ «سجون» التي حرفت بمرور الزمن وأصبحت سواجن ثم سواكن، وعرفت بهذا الإسم لأن الموقع كان سجناً يضم الخارجين عن القانون والمجرمين وان الملك سليمان كان يستخدمه لذلك الغرض حيث كان يرسل إليه كل جان عاص.
غير ان مؤلف كتاب «تاريخ سواكن والبحر الأحمر» محمد صالح ضرار كان قد أضاف المزيد عن تلك الاسطورة حيث أورد وهو الباحث المتخصص في تاريخ المنطقة، بأن تاريخها قد شابته الأساطير والخرافة والبعض ينسبه إلى الجن. ويقول أن أحد ملوك الحبشة قد أهدى سبعين جارية الى النبي سليمان، فاستراحت السفن في طريقها من مصوع إلى القدس في منطقة سواكن، واستطابت الإقامة فيها فواطأ السواكنيون (أو الجن كما يزعمون أولئك الجواري) ثم وصلن القدس وظهرت عليهن آثار الحمل وعرف سيدنا سليمان بالأمر وأمر بردهن إلى سواكن وأن يقمن بها نهائيًا، واندمجن مع ذريتهن بأهل الجزيرة. وأمر سيدنا سليمان أن تكون سواكن سجنًا للمجرمين. غير ان الرواية التي تعود بالاسم الى الأسطورة وعوالم الجن هي المتداولة بين الأهالي الذين يقيمون هناك وكذلك الروايات الشعبية حتى لزوار الجزيرة المهجورة ويتجلى ذلك بقصصهم التي لا تنتهي عن قطط سواكن الضخمة، التي تسكن البنايات المهدمة. وتزدحم الروايات الشعبية اليومية بسواكن عن قطط مسحورة غير ان ذلك لم يلغ مداعبات أطفال الأسر الزائرة للجزيرة للعب معها ومداعبتها وهي ملاطفة تتوقف بشكل صارم ان حاول أحد الأطفال ملاحقة القطط الى داخل البنايات فيتم منعه خشية من بيوت الجن تلك كما يقولون.
والملاحظ هنا ان بعض بائعي الشعاب المرجانية في الجزيرة يروجون لتلك الأساطير بين الزوار ربما ليكسبوا وجودهم هناك معنى اسطوريا مرتبطا بتلك الأساطير مستفيدين من الصمت المحيط بالجزيرة وهو ما يضفي عليها مشهدا من الرهبة يتماشى مع تلك الأساطير. ومن جهته كان البروفيسور محمد عبد الله قد مضى في حديث لصحيفة سودانية مقدما تحليلا علميا عن سبب اختلاف قطط سواكن عن غيرها. وقال ما خلاصته ان قطط سواكن حجمها كبير وتعيش في «الخرابات» والأنقاض، وجزء منها جاء مع المراكب والسفن، وانها دائمًا تعيش بالقرب من البحر، وتعتمد في غذائها على الكائنات البحريَّة، لذلك جسمها مليء بالفسفور والمغذِّيات البحرية، وانها – قطط سواكن – أقدر على المعيشة في هذه المناطق من القطط الأخرى. و برر كبر حجمها الذي يحكى بانه يرجع لعدم توفر الإضاءة. وأضاف «أذكر في العام 1963 عندما كنا هناك، كنا نرى القطط في الليل أكبر من حجمها الطبيعي بثلاث مرات تقريباً. والقطط هناك أليفة وتجلس بجانب الناس، والحقيقة هذا الحجم الكبير له ارتباط بالخيال أكثر من الواقع، وان الناس بقدر الإمكان يحاولون عدم الدخول مع هذه القطط في مشكلة، وهي بطبيعتها عرفت هذه الحقيقة وعادة ما تلكز رواد المطاعم لتحثهم على منحها الطعام إذا لم يفعلوا من تلقاء أنفسهم».

تاريخ مجيد لمدينة مهملة

ووفقا للموسوعة الحرة واعتمادا على مجموعة من المراجع التاريخية فانه لا يعرف تاريخ محدد تأسست فيه سواكن، ولكن الكثير من الشواهد تدل على أن الجزيرة كانت مأهولة منذ تاريخ موغل في القدم، حيث يشير بعض المؤرخين إلى تزامن اكتشاف سواكن مع النشاط البحري والتجاري الذي مارسه اليونانيون والبطالسة إبّان العهد البطلمي. كما يعتقد بأن قدماء المصريين منذ عهد الأسرة الخامسة كانوا يمرون عبر سواكن ويستخدمونها كمحطة في طريقهم إلى بلاد بونت (الصومال الحالية) لجلب الذهب واللبان. وخلال القرن الثامن الميلادي ورد اسم سواكن لأول مرة في مؤلفات الرحالة وعلماء الجغرافيا والتاريخ العرب كمدينة مر عبرها بعض أفراد أسرة بني أمية المتجهين إلى مصر هرباً من العباسيين بعد مقتل الخليفة الأموي مروان بن محمد سنة 750 ميلادية. فقد ذكر المقريزي «في كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار» بأن ثمة «طريقا من النيل إلى سواكن وباضع ودهلك وغيرها نجا منه بنو أمية الهاربين»، وهذا يعني أن سواكن عاصرت كلاً من مدينتي باضع وعيذاب خلال فترة امتدت إلى خمسة قرون. وتؤكد مراجع أخرى عربية قديمة على أن سواكن استقبلت أفواجاً من الأسر العربية خلال القرنين التاسع والعاشر والحادي عشر بغرض الاستقرار فيها. ويبدو أنها ظلت ومنذ بداية الهجرات العربية وحتى سنة 1255 قرية صغيرة تقطنها جماعات من الهمج تقوم بنشاط بحري محدود. ووفقاً للمقريزى وابن سليم الأسواني فإن سواكن كانت مرتبطة بمراكز تجميع التجارة على النيل وكانت تشكل منفذا بحرياً للدويلات المسيحية في السودان وكان يمر عبرها الحجاج المسيحيون في طريقهم إلى (بيت المقدس حتى أوائل القرن السادس عشر الميلادي)، وقد ورد اسم سواكن في كتابات الهمداني في القرن العاشر، الذي أشار إلى وجود بلدة قديمة نشأت كمستوطنة صغيرة للبجا ثم توسعت بعدما تم التخلي عن ميناء باضع (مصوع في إريتريا الحالية) في جنوبها.
وفي سنة 1264، تعرضت سواكن لهجوم من قبل المماليك عندما أثار أحد حكامها غضب السلطان المملوكي بيبرس باستيلائه على بضائع تجار لقوا حتفهم في البحر في مكان قريب من المدينة وكانوا رعايا للسلطان بيبرس الذي أرسل حملة تأديبية ضد أمير سواكن علاء الدين بقيادة حاكم قوص المصري تدعمه 50 سفينة من عيذاب، فاضطر الأسبعاني للهرب، وبعد الدمار الذي تعرضت له عيذاب على يد السلطان المملوكي استقبلت سواكن العيذابيين الذين نزحوا إليها لاستئناف حياتهم في خدمة التجارة والملاحة فوصلت إليها السفن التجارية الكبيرة من الهند والصين، وأصبحت سواكن ميناء السودان الأول وازدهرت. إلا أن تلك الحال قد تغيّرت بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، وقد غزا السلطان العثماني سليم الأول مدينة سواكن في سنة 1517 بعد احتلال قصير من قبل الفونج، وأصبحت المدينة مقراً لحاكم مديرية الحبشة العثمانية، والتي شملت مدن حرقيقو ومصوع في إريتريا الحالية. وفي عهد السلطان سليم العثماني ضمت سواكن لولاية الحجاز العثمانية، إلا أن المدينة تدهورت تدهوراً كبيراً تحت ظل الحكم العثماني بسبب سياسة التضييق التي مارسها العثمانيون فيما بعد على التجار الأوروبيين للحد من نشاطهم التجاري عبر طريق البحر الأحمر في محاولة لمحاربة الأطماع الأوروبية في المنطقة. وفي سنة 1540، حدث خلاف بين قائد الإسطول البرتغالي استيفانو دا جاما وحاكم سواكن وكانت السفن البرتغالية في طريقها من جيب جوا البرتغالي بالهند إلى خليج السويس بغرض مهاجمته والاستيلاء عليه، وعندما وصلت إلى سواكن أحدثت دمارا على بنايات المدينة ونهبتها، الأمر الذي أثار غضب العثمانيين فإصطدموا مع البرتغاليين.
وفي عام 1629 ، أصبحت سواكن قاعدة عسكرية للحملة العثمانية على اليمن، ثم دخلت مرحلة جديدة في تاريخها ولم تعترف الأمبراطورية العثمانية بحق محمد علي في ضم سواكن إلى ملكه، وقامت بتأجيرها له مقابل مبلغ مالي يدفعه سنوياً. وبعد وفاة محمد علي سنة 1849 عادت للدولة العثمانية، وفي عهد الخديوي إسماعيل ضمت سواكن للسودان الإنكليزي المصري بعد أن تعهد الخديوي إسماعيل بدفع مبلغ مالي لوالي جدة مقابل تنازل السلطان العثماني عنها. وفي 1865 تنازلت السلطة العثمانية رسمياً عن سواكن مقابل جزية سنوية، وازداد عدد سكان المدينة من البجا والعرب وغيرهم من التجار القادمين من مختلف أنحاء الدولة العثمانية ومصر واليونان واليمن وأرمينيا والهند. وبحلول القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي وجد الرحالة السويسري يوهان لودفيغ بوركهارت الذي زار المدينة بأن ثلثي المنازل كانت في خراب، وفي عهد الحكم الثنائي الانكليزي المصري على السودان اتخذ اللورد كتشنر من سواكن مقراً لقواته ونجا من الحصار الطويل الذي فرضته جيوش المهدية بقيادة الأمير عثمان دقنة، بعد نجاح حملة استرداد السودان في سنة 1899. وكان البريطانيون قد شرعوا في دراسة فكرة تشييد ميناء بحري جديد في السودان بعد أن أشار الحاكم الإنكليزي لشرق السودان إلى عدم ملاءمة سواكن لاستقبال السفن الكبيرة واقترح البحث عن موقع آخر على الساحل السوداني. وقد تراجع دور سواكن كميناء تجاري بحري لحساب بورتسودان بعد أن هجرها معظم سكانها إلى المدينة الجديدة.

مباني سواكن القديمة

معظم البنايات في سواكن كانت تتكون من طابقين، أو ثلاثة طوابق بجدران رأسية ولها شرفات بارزة ونوافذ بابية مغلقة مزخرفة. وكانت البنايات مشيدة بالأحجار المرجانية المطلية بالجير الأبيض، ويضم البيت ديوانا واسعا يستخدم كغرفة استقبال كما يوجد جناح خاص بالنساء، ويمكن تقسيم معظم المباني من ناحية النمط المعماري إلى فئتين أولاها المباني التي شيدت قبل عام 1860 والمستمد نمط معمارها من الذي كان السائد في مدينة جدة وهو أسلوب تركي، أما الثانية فهي المباني المستوحاة من الطراز المملوكي المصري وقد أضيفت إليها لاحقا لمسات من المعمار الكولونيالي البريطاني، وكانت المباني البيضاء العالية مشيدة على طراز المعماري الحضري حيث المربعات السكنية المفصولة بشوارع ضيقة وباحات صغيرة. وقد بلغ عدد البيوت التي تتكون من ثلاثة أو أربعة طوابق في القرن التاسع عشر حوالي 200 بيت منها بيت الباشا الأقدم تاريخاً ويقع في وسط المدينة ويعود تاريخه إلى عام 1518 وهو مقر أول حاكم تركي لسواكن ولا يوجد له أي أثر وسط أطلال المدينة اليوم. وقد زار سواكن كثير من الرحالة عبر تاريخها بدءا بابن بطوطة 1324، والكثير من الرحالة الأوروبيين مثل صامويل بيكر والدكتور جنكر واسترجو سياد ليمنر، ولقد زارها الكثير من القادة والزعماء عبر تاريخها، منهم خديوي مصر عباس حلمي الثاني، واللورد اللنبي والكثير من قادة الغرب.
متحف هداب…واليونسكو .. بعض أمل
ويشار الى أن منظمة اليونسكو كانت قد قررت وضع سواكن في السجل العالمي للتراث الإنساني. وقد تداول الإعلام السوداني خلال الأعوام القليلة الماضية حديثا عن مشروع ترميم المدينة التاريخية بتمويل تركي غير ان حال المدينة ظل على ماهو عليه، وهنا تجب الإشارة الى جهد شعبي لحفظ ذلك التراث يقوم به محمد نور هداب أحد أعيان سواكن، إذ بادر قبل سنوات الى إنشاء متحف صغير فيها ضم اليه مقتنيات تاريخية تحكي عن سواكن في عصور مختلفة كما ضم اليه مقتنيات مختلفة للامير عثمان دقنة ابرز قادة الثورة المهدية، كما ان أحد فناني شرق السودان وهو أدريس الأمير كان قد تغنى بأغنية شعبية يحفظ من خلالها تاريخ المدينة العريقة تحمل مشاعر الحسرة على إهمالها وهجرانها .. وعلى بساطة كلماتها الا انها تمثل مسحة مواساة لتاريخ مجيد بات مجرد حجارة وقصص:
صب دمعي وأنا قلبي ساكن
حـار فراقك نار يـا سواكن
الجبـابرة الهـبت تـثور
بقيادة دقنة الجسور يا سواكن
آثارك في كل حين يا سواكن
ذكرى دايمة للخالدين يا سواكن
لما أصابك جور السنين يا سواكن
هجرنا العش الأمين يا سواكن

انور عوض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الشيمتء صابر علي ساكنة من مصر:

    عجبني المقال جدا
    كان والدي الله يرحمه بيحكيلي عن كون عائلتنا من أصول سودانية من قبيلة في السودان (سواكن) و كان اصدقائنا من السودان يؤكدون ذلك
    يا ليت مشروع ترميم المدينة ينجح ..

  2. يقول محمد قول ارتيقة ليبيا:

    الأرتيقة والإمارة[عدل]
    كان علم الدين بن أحمد (باسوفير) بن علي بن عبد الله الداعي أول أمير من الأرتيقة على سواكن وذلك بأمر من الظاهر بيبرس البندقداري عام 664 هـ بعزل الأمير البلوي آنذاك وتعيين علم الدين عليها فحكمها خمسون عاما فدانت البلاد لحكم هذه الجماعة من أهل السلطة والقضاء والتجارة. وكانت هناك علاقة صداقة بين شريف مكة محمد نجم الدين أبي نمي الأول وأمير سواكن علم الدين وختمت هذه العلاقة بالمصاهرة فقد تزوج شريف مكة أبونمي من ابنة صديقه أمير سواكن علم الدين وأنجب من هذه الزيجة زيد الأصغر بن أبي نمي.ولكن زيد هذا عاش في كنف جده لأمه علم الدين في سواكن وقد ذكره النسابة ابن عنبة المتوفي عام 828 هـ في كتابه (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب) حيث قال ((عز الدين زيد الأصغر بن أبي نمي ملك سواكن وكانت لجده لأمه وهي من بني الغمر بن الحسن المثنى)).

    ثم بعد ذلك صدر أمر من السلطان المملوكي بتعيين زيد الأصغر بن أبي نمي حاكما على سواكن عام 719 هـ فحكمها عامين ثم ذهب إلى العراق وأصبح نقيب الطالبيين هناك ودفن بالنجف.

    عادت الإمارة مرة أخرى لقبيلة بلي القضاعية بعد زيد بن أبي نمي لفترة ثم عادت مرة أخرى للأرتيقة بقيادة عبد الله بوش الأرتيقي.

    بعد رجوع الإمارة للأرتيقة حكموا سواكن قرونا متواصلة حتى أيام الاستعمار البريطاني الذي حارب الأرتيقة لوقوفهم ودعمهم للثورة المهدية وتأيديهم للمجاهد عثمان دقنة, فقام الإنجليز بإلغاء الإمارة فأصبحت عمودية ثم قام المستعمر ببناء مدينة بورتسودان عام 1905ميلادي وقطع السكة الحديد عن سواكن وتوصيلها ببورتسودان واعتماد بورتسودان كميناء رئيسي للسودان فهجرت سواكن وأصبحت مدينة أشباح.

إشترك في قائمتنا البريدية