تزود الاردن بالغاز الاسرائيلي.. ضرورة اقتصادية وسط محاربة سياسية

حجم الخط
2

عمان – «القدس العربي»: تضاربت آراء النخب السياسية والاقتصادية الاردنية، حول إمكانية تزود الاردن من الغاز الاسرائيلي لتعويض وايقاف الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد المحلي جراء انقطاع الغاز المصري والتي ستصل بحسب توقعات رسمية مع نهاية العام الجاري 2014 الى ما يقارب 1.400 مليار دينار، وبخسارة تراكمية نحو 4.7 مليار دينار.
بيان شركة الكهرباء الوطنية الاردنية، كان التعليق الأول للجرس، إذ تحدث عن توقيع اتفاقية تزود المملكة بالغاز من حقل «لوثيان» الاسرائيلي لمدة 15 عاما، وبقيمة 15 مليار دولار؛ ما أثار حفيظة التكتلات النيابية والسياسية المناهضة للتطبيع مع «العدو الصهيوني» غير عابئين بإلحاح الحكومة الاردنية المستمر على الجدوى الاقتصادية للاتفاقية «في ظل توقف تدفق الغاز المصري للاردن».
الحكومة تصف الإتفاقية بـ»الخيار الأمثل في الوقت الحاضر»، خصوصا وأن تفصيلات الخسائر التي تتكبدها خزينة الدولة الاردنية من جراء إنقطاع الغاز المصري المستمر تقدر بـ3.5 مليون دينار يوميا، وفي المقابل يستهلك الاردن ما مقداره 4 آلاف طن من الوقود الثقيل والديزل لتوليد الطــاقة الكهربائية التي يحتاجها.
وجاء في بيان شركة الكهرباء انها وقعت اتفاقية مع شركة نوبل إنرجي الأمريكية وبرعاية أمريكية وبقيمة بلغت نحو 15 مليار دولار لبحث إمكانية تزويد محطات توليد الكهرباء من الغاز المكتشف في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط، علماً بأن الشركة الأمريكية وقعت قبل ذلك رسائل نوايا مشابهة مع شركتين في مصر، كما وقعت اتفاقيتين لبيع الغاز الطبيعي مع شركتي البوتاس والبرومين والسلطة الوطنية الفلسطينية.
وجاء الرد الحكومي حول امكانية التزود من الغاز الاسرائيلي على لسان وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور محمد حامد، بكون الاتفاقية «خطاب نوايا» غير ملزمة للطرفين، وأن العمل جار على إبرام اتفاقية تزويد شركة الكهرباء الوطنية الأردنية بالغاز الطبيعي من إسرائيل عبر شركة «نوبيل إنرجي» الأمريكية، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الجاري.
وزير الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية الدكتور محمد المومني أكد خلال مؤتمر صحافي بخصوص استيراد الغاز الاسرائيلي قال :»الجميع يعلم اننا دولة نحاول تقليل الفاتورة النفطية، نحن معنيون بأن نشتري الغاز الطبيعي من كافـــة مصادره وتعاقدنا مع شركة تستخرج النفط والغاز بما فيها منطقة المتوسط» .
مختصون افترضوا كون الإتفاقية وقعت تحت بند «خطاب نوايا غير ملزم» للطرفين قد يقع أساسا في إطار «التلويح» لاستقطاب عروض تزويد من دول الخليج التي لم تشرع لتعويض المملكة أو بمساعدتها في السياق النفطي.
وأجمعوا على أن اعتماد خيار اإستيراد الغاز من إسرائيل كمصدر للطاقة في المملكة أسوأ الخيارات، بحيث أن استيراد هذا الغاز سيعيد الأردن إلى تجربة اعتماد الغاز المصري مصدرا وحيدا للطاقة، اذا لم يتم تنفيذ مشاريع الطاقة الأخرى التي تكون كفيلة برفد احتياجات المملكة من مصادر متعددة الأشكال.
ومن ناحية سياسية، طالب 40 نائبا من الحكومة الاردنية بمنع شركة الكهرباء من توقيع اتفاقية لاستيراد مادة الغاز من إسرائيل.
وطالب حزب جبهة العمل الاسلامي، «أبرز أحزاب المعارضة في الاردن» بعدم تمرير اتفاقية محتملة لشراء الغاز الاسرائيلي، مؤكدا رفضه لهذه الاتفاقية التي من شأنها دعم اقتصاد اسرائيل، مشيرا بحسب بيان نشر على موقعه الالكتروني «إننا في حزب جبهة العمل الإسلامي ندين ونرفض أي اتفاقية من شأنها أن تدعم اقتصاد العدو الصهيوني، وتساهم في استمراره في قتل أهلنا في فلسطين وتعمل على إطالة أمد احتلاله البغيض».
أما رئيس لجنة الطاقة النيابية جمال قموه، فقد قال في تصريحات صحافية إن العرب هم من دفعوا الأردن لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، لعدم شعورهم بأعباء المملكة الاقتصادية.
وبين أن البلدان العربية لم تشعر بوضع الاردن والعبء الكبير الذي يحمله، وخاصة مع تذبذب امدادات الغاز الطبيعي من مصر للأردن منذ كانون الثاني/يناير 2011، الأمر الذي دفع بالحكومة للإتجاه لاسرائيل موضحا انه على الجانب الشخصي ضد «التطبيع» وغير موافق على هذا الإتجاه والخيار.
يشار الى ان مجلس الوزراء الأردني، وافق منتصف الشهر الماضي، على توصية لجنة التنمية الاقتصادية، والداعية إلى إمكانية تزويد الأردن بالغاز الطبيعي من حقل الغاز المكتشف في المياه الفلسطينية «غزة مارين» بالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية بهذا الشأن. ويملك الفلسطينيون حصة في حقل «غزة مارين»، الواقع على بعد 35 كم من سواحل قطاع غزة، والمكتشف نهاية تسعينيات القرن الماضي، إلا أنه حتى الآن لم يتم استخراج أي كميات منه.
وكانت مصر تزود الاردن بكميات تتراوح بين 70 الى 100 مليون قدم مكعب يوميا، وفي بعض الأيام كان التزويد يتوقف تماما، في الوقت الذي ينص الإتفاق المبرم بين الاردن ومصر بأن تكون الكميات 253 مليون قدم مكعب يوميا.
وبدأ الاردن يواجه مشكلة انقطاع الغاز في 2011 ولم يتزود بأي كميات من الغاز الطبيعي المصري المستخدم لغايات توليد الطاقة الكهربائية، بسبب الأوضاع والظروف التي تعيشها مصر.
والجدير بالذكر أن السلطة الفلسطينية سبقت الاردن، بتوقيع اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل لمدة 20 عاما مقبلة بلغت قيمتها الإجمالية 1.2 مليار دولار، مطلع العام الجاري، وبكمية تتجاوز 4.75 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Visitor:

    وهكذا نفهم سبب الأعتداءات المتكررة على خط الغاز المصري الذي يغذي الأردن والذي غالبا تلصق التهمة لمتشددين اسلاميين أما الحقيقة فهي أن اسرائيل وراء ذلك. الم يقل بن غوريون يوما: بعد قيام دولة اسرائيل سوف نبيع الهواء للعرب.

  2. يقول Hassan:

    الأردن اختار أن يكون ضعيفا. لا يخرج أحدهم ويقول إن الأردن له مزايا على كل المحيطين به فآوى من آوى من عرب لم ينصفهم الدهر أو تخاذلوا مع تخاذل الأردن الذي كان عليه أن يدبر لنفسه ولا يدبر له من يطلق عليهم الإم بأنهم المانحون الذين يقضلون مصالحهم على مصالح الأردن. لماذا لا تزود السعودية مثلا الأردن بالغاز وبالنفط؟

إشترك في قائمتنا البريدية