الحكايةُ وأجراسُ الحكاية

حجم الخط
0

ليست خيانة ُ الملكة، ولا غوايةُ الحُبِّ
لا وهجُ العرشِ الذي يُعمي الأبصار
ولا السيوفُ التي أكلَها الصدأ
بل ذلك الشيطانُ السفيه
الذي كسرَ جرّة الماء
حين كُـنّا نتلظى من العطش
لاهثينَ من سرابٍ إلى سراب
٭ ٭ ٭
عيونُ الذئابِ تلمعُ في الغابة
وبردُ الليل يُوجعُ الضلوع
حفيفُ الأشباحِ وقَهقهاتُها المخيفة
لقد انزلقنا إلى الجحيم
ليس بسببِ الخديعةِ أو الكفر
لكنَّ أحجارَ النسيانِ بعثرتنا مرّةً أُخرى
فقد نسينا المَلكَ يموت وحيداً
مطعوناً وعطشانَ
بينما الشيطانُ يُهشّموا جرةَ الماءِ
على حدود العراق
فلا تَـنحْ يا هاملت ولا تندم
ماذا ينفعُ النواحُ عبر شاشاتِ العالم
أو في هذه الغابةِ المسكونةِ بالذئاب
لا تترك لصوتِكِ أن يعلوَ في هذا الصمتِ الموحش
ولا حتى في صخبِ المتفرجينَ
وهم يغادرونَ المسرحَ دون أن يعرفوا إلى أين
فقد أُسدلتِ الستائرُ يا هاملت
ولم يبق خلفَ الكواليسِ
سوى السيوفِ المتكسّرةِ والأقنعةِ الملطخةِ بالدماء
فماذا تنفعُ العِبارةُ
إن اتسعَتْ الرؤية أو ضاقت
فها هي دباباتُ الشياطين وجنودُ الرذيلة
وخناجرُ البدو الملثمين
ولُحى الخونةِ الملطخةِ بالأوحال
ألا تراهم يغلقون أبوابَ بغدادَ
كأنها حانةٌ مشبوهة
يغلقونَ أبوابَ بغدادَ بعدَ أن طردونا جميعاً
هكذا انزلقنا إلى الجحيم
حين تركنا قتلانا في العراء
بينما الشيطانُ يقهقُهُ
وهو يَكسرُ جرّةَ الحقِ على ركبتيه
٭ ٭ ٭
ليست خيانةُ الملكةِ يا هاملت
بل غفلةُ المُخرجِ ونومُ الممثلين
فقد سُرقت الحكاية ُ وأجراسُ الحكاية
فاستيقظت كرومُ العنبِ والعصافيرُ
وسطَ حشدٍ من الثعالب والدجالين
لقد خسرنا كلَّ شيءٍ تقريباً
ولكن.. لا تنح يا هاملت ولا تندم
لا تقل شيئاً
بوسعِكَ أن تبقى صامتاً طوال الليل
لن تنشقَّ الكلماتُ عن حكمةٍ أو نجومٍ أو صراخ
أنتبه لذلك الملاك.. تأمّلهُ جيداً
كيفَ يخطو من خلفِ الأشباحِ
هارباً هو الآخرُ وسطَ هذا الهدوءِ المريب
٭ ٭ ٭
المطرُ يهمي، يسّاقطُ على البيوتِ الخالية
على القتلى في العراء
على وجهِ بغدادَ وبساتين بغداد
على الحقيقةِ التي كسّروا أقدامها
كي تسقطَ عن العرش
كي تبقى مهزومةً طوال التاريخ
انتبه لبغدادَ يا هاملت
كيفَ ترنو إلينا ونحنُ نَهربُ خائفين
حاملينَ رؤوسَنا المقطوعة
تاركينَ العراقَ لدباباتِ الاحتلال
لثعالبِ إيرانَ.. لخناجرِ البدوِ الزنخين
لوجوهِ الخونةِ وكراسيهم الملطخةِ بالعار
٭ ٭ ٭
أنتَ ضيفُ العراقِ إذن، جئتنا وحيداً مستفهماً
كي تُــقـلِّـبَ أوراقَ الليلِ وكلامَ المنجمين
مرحى لك يا هاملت، مرحى لك
وحيداً مُتوّجـاً بنجومِ سومرَ ورياحين بابل
مرحى لك وحيداً في شوارع بغداد
يرعاكَ هُدهدُ سليمان
ها أنتَ تكتشفُ ما فعلتهُ بنا المخابراتُ الدولية
وجلاوزةُ إيران، انظر أيها الأوروبيُ الجميل
أيها الفتى الدانماركيُ المخذول
يا من حَملتَ جروحَ الدنيا في قلبك الصغير
لم يكن وجودُك في بغدادَ صدفةً
بل هي إرادةُ الآلهة، استيقظ إذن يا هاملت
وقلّبْ أحجارَ الشطرنجِ بقدميك العاريتين
أو اطلقْ عليها النارَ من مسدسِ شاعرٍ خائنٍ
أو رئيسِ حكومةٍ كذّابٍ سَلّمَ أساورَ بغدادَ للقوادين
كي يُصبحَ صاحبَ عقارات في لندن
انظر لهؤلاءِ المتدينينَ السفلةِ:
الطبيبِ والأستاذِ الجامعيَ وقوّادِ السياسة
والمُعمّمِ الرخيصِ والشاعر والأقطاعيِ النتن
لقد زينوا مهرةَ النبيِّ محمد.. حنّوا جبهتَها
وسلّموا قيادها إلى الشركات الأمنية
انظر إلى كسرةِ الخبزِ المرّة
كيف دسّوها في فم العراق
وهو يسعلُ من شدّةِ الألم
إنهم يقهقهون في زوايا مجلس النواب
وهو يقهقهُ من شدّةِ الألم
أفرح إذن يا هاملت واهذ كما تشاء
اجمع النجومَ والغيومَ وبعثرها بقدميك العاريتين
تجوّل كما تشاء، فلا اشباحَ هنا ولا بشر
هنا الكَذبُ والعمائمُ الرخيصة
وتأمل أيضاً ما فعلَهُ بنا البعثيون السَفَلة
لقد باعوا أنفسهم للشيطان
هشّموا رأس العراق وكسّروا ضلوع سوريا
لقد هَشّموا كلَّ شيءٍ يا هاملت
كي تبقى الحقيقةُ تحتَ الأنقاض
لقد خدعونا أبناءُ الكلبةِ هؤلاء وأولئك
كانت خديعةً كما ترى يا هاملت
لكنَّها أسوأُ من خديعةِ عمّكَ الملعون
أسوأُ بكثيرٍ يا هاملت ..

٭ شاعر عراقي

الحكايةُ وأجراسُ الحكاية

كريم عبد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية