الإعلام البريطاني يتبنى الرواية الإسرائيلية لكنه ضد قتل الأطفال

حجم الخط
1

لندن -«القدس العربي»: تورطت العديد من وسائل الإعلام في بريطانيا في تبني الرواية الإسرائيلية للحرب في قطاع غزة، ربما بقصد أو بغير قصد، لتظهر التغطيات بصورة غير متوازنة ولا محايدة خلافاً للمعايير المهنية المتعارف عليها في العالم، خاصة في بريطانيا التي تحرص وسائل الإعلام فيها على الظهور بشكل محايد لا يتبنى موقفاً على حساب آخر.
ورغم أن الكثير من وسائل الإعلام البريطانية تبنت الرواية الاسرائيلية في أكثر من واقعة، إلا أن غالبية الصحف ومحطات التلفزيون وقفت ضد المجازر الاسرائيلية التي استهدفت المدنيين والأطفال، وبدا ذلك الموقف واضحاً في افتتاحيات الصحف التي دعت الى وقف فوري للعدوان الاسرائيلي على غزة.
وبحسب متابعة حثيثة أجرتها «القدس العربي» لتغطيات الإعلام البريطاني يظهر أن وسائل إعلام متعددة تورطت بالإنحياز للرواية الاسرائيلية في بعض الأحداث التي كانت محل خلاف، أو تبادل الاسرائيليون والفلسطينيون الإتهامات بشأنها، مثل الهدنة الإنسانية التي يتهم كل طرف الآخر بانتهاكها.
وجاء عنوان جريدة «التايمز» على موقعها الالكتروني يوم الأحد الماضي «صاروخ لحركة حماس ينهي يوم الهدنة» وذلك في مساء اليوم الذي كان قد شهد هدنة إنسانية لمدة عشر ساعات، وهي التي يقول الفلسطينيون إن الاسرائيليين انتهكوها، وإنهم عاودوا القصف في ساعتها على التاسعة، أي قبل أكثر من ساعة على انتهائها.
ولم تلتفت الصحيفة البريطانية في موقعها الذي يعتبر من بين الأهم والأكثر زيارة في بريطانيا، الى الرواية الفلسطينية التي تؤكد بأن الاسرائيليين هم الذين انتهكوا الهدنة وأنهوها بشكل مفاجئ، وذلك يوم الأحد الماضي السابع والعشرين من تموز/ يوليو 2014.

احتجاج ضد «بي بي سي»

ويرى الكثير من الفلسطينيين المقيمين في بريطانيا، والمتضامنين العرب والأجانب معهم، أن هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية «بي بي سي» تورطت هي الأخرى في تغطية غير متوازنة للعدوان الإسرائيلي على غزة، وتركت الرواية الاسرائيلية للحرب هي التي ترجح كفتها، كما منحت للمتحدثين الإسرائيليين مساحة للتعبير عن مواقفهم تتفوق على الفلسطينيين، بما في ذلك قناة «بي بي سي» العربية، كما يقول الكثيرون.
ونظم مناهضون للعدوان الاسرائيلي على غزة، ومتضامنون مع الشعب الفلسطيني احتجاجاً كبيراً أمام مقر الإذاعة في وسط لندن، وذلك يوم 15 تموز/ يوليو 2014، أي بعد نحو أسبوع واحد على بدء الحرب الاسرائيلية، وقبل بدء الاسرائيليين توغلهم البري.
وطالب المعتصمون هيئة الإذاعة البريطانية بالتزام الحياد واحترام معايير المهنية والموضوعية في تغطيتها للعدوان الإسرائيلي على غزة وعدم السماح بتبرير أعمال القتل الجماعي التي تستهدف المدنيين والأطفال، وعدم تجاهل الرواية الفلسطينية لما يجري والتي تأكد عبر العديد من الأمثلة أنها أكثر مصداقية ودقة مما يتحدث به الاسرائيليون. وقال رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا زياد العالول في تصريحات خاصة لــ«القدس العربي» إن الإنحياز في بعض وسائل الاعلام البريطانية، ومنها «بي بي سي» كان واضحاً في الأيام الأولى للحرب، مشيراً الى أن كثيرا من القنوات والصحف تبنت الرواية الاسرائيلية وانزلقت الى تبرير العدوان الذي تبين على الفور أنه يستهدف أطفالاً ومدنيين ومنشآت عامة، وتوسع ليتضمن إرتكاب جرائم حرب، مثل قصف المستشفيات والمدارس والمنازل الآمنة.
وأشار الى أن الإعتصام الذي دعت له العديد من المنظمات في بريطانيا أمام «بي بي سي» جاء من أجل تنبيههم الى عدم التورط في الترويج للعدوان الإسرائيلي وتوفير مساحة للرأي الآخر والرواية الأخرى، وترك الحكم الأخير للمشاهد والمستمع ليتخذ قراره إما بتأييد أو معارضة قتل الأطفال الفلسطينيين في غزة.
وبحسب العالول فان «بي بي سي» والكثير من وسائل الإعلام الأخرى في بريطانيا عدلت من سياساتها في التغطية بصورة واضحة خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد الإرتفاع الكبير في أعداد الشهداء الأطفال، وبعد أن تأكد كذب الرواية الإسرائيلية في أكثر من موقعة، وربما كان آخرها وأوضحها عملية «ناحال عوز» التي نشر الفلسطينيون تسجيل فيديو لها يمثل دليلاً كافياً على أن الرواية الاسرائيلية بشأنها كانت كاذبة. يشار الى أنه توجد في بريطانيا مئات الصحف والمجلات والمطبوعات الدورية، إضافة الى عشرات الإذاعات ومحطات التلفزيون التي تبث على مدار الساعة، فيما يتمتع الإعلام البريطاني بمناخ من الحرية لا يتوفر في أي مكان آخر من العالم، ويعتبر مصدراً مهماً للأخبار بالنسبة للعديد من وسائل الإعلام الأخرى في الخارج بما يمنحه في النهاية أهمية استثنائية عن غيره.

محمد عايش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول kastro- jordan:

    قولو لهم لقد كفرنا بحقوق انسانكم وقانونكم الدولي ومجلس امنكم واعلامكم المتشدق بالحياد …كل ذلك كذب اخترعتموه للانتقائية فهاجمتم العراق وسوريا وافغانستان بحجة انقاذ الانسانية وقتلتم الانسان الفلسطيني بصمتكم تبا لكم ولهيئاتكم المزعومة

إشترك في قائمتنا البريدية