الأردني زياد أبو لبن: احترام المثقف ودوره التنويري يدفع بالمشهد إلى الأمام

زياد أبو لبن ناقد محترف ساهم في تشكيل المشهد النقدي الأردني والعربي، وقاص مبدع، له أكثر من عشرين كتاباً أكثرها في النقد، وله مؤلفات في القصة القصيرة وفي أدب الأطفال، وما زال يواظب على كتابة القصة والنقد؛ في هذا الحوار يتحدث عن تطلعاته ورؤاه حيال مستقبل الثقافة والمثقفين في الأردن، وتحديداً ذاك العمل النقابي المؤسساتي الذي يطال ظروف الكاتب، من ناحية حياته ومعيشته ومعيشة أبنائه، إضافة إلى ظروف النشر، وتوزيع الكتاب والمشاركة الداخلية والخارجية في المؤتمرات والندوا،ت وغيرها من المفاصل الحيوية في حياة الكاتب الأردني؛ يتناول أيضا موضوعات تصبّ جميعها على دور المفكر العربي والثقافة العربية، والدور الذي يمكن أن يؤديه الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في الحالة العربية الراهنة إزاء ما يواجه الأمة العربية من تحديات وتطورات سياسية متلاحقة. وحول مسائل أخرى كثيرة:

■ منذ تسلمك رئاسة رابطة الكتاب الأردنيين في ايلول/ سبتمبر الماضي تطورت الفعاليات بشكل ملحوظ، كيف تقيم التجربة حتى الآن، وما هي تصوراتك لتفاعل الرابطة مع المجتمع المحلي مستقبلاً؟
□ أخذ مسار الرابطة يتحول بشكل ملحوظ ومفاجئ بعد أن ذهبت الرابطة في سنوات خلت إلى مسار سياسي له طابع إقصاء الآخر، وتغليب السياسة على الفعل الثقافي، مما ضاق ذرعاً بالهيئة العامة، فكانت النتيجة فوز كتلة كاملة في الانتخابات التي جرت في أيلول/ سبتمبر السنة الماضية، بتحالف تيارين ألا وهما التيار الثقافي الديمقراطي والتيار القومي، ما دفع بالمغرضين والحاقدين للوقوف في وجه الإدارة الجديدة للرابطة، وإثارة الشكوك والاتهامات المجانية التي لا تستند إلى حقيقة، وإنما تستند إلى حقد دفين وهزيمة تاريخية في العمل النقابي في الأردن، وهؤلاء دفعوا بعض المغفلين للتشهير بالإدارة الجديدة في المواقع الإلكترونية والصحف اليومية، ومن جانب آخر زاد عدد الفعاليات في الرابطة كما زاد الجمهور النوعي، ولا يكاد يمضي يوم إلا وهناك محاضرة أو ندوة أو تكريم للأعضاء، رغم شح مصادر الدعم المالي، بل الرابطة تعيش في ضائقة مالية، رغم ذلك نتحرك في مساحة كبيرة من العمل الثقافي والإنجاز الذي يحقق للأعضاء مكاسب جديدة، هناك تواصل فعال مع الهيئات الثقافية والنقابات المهنية والمؤسسات الثقافية والمدارس والجامعات، كي نبني تشاركية حقيقية على أساس النهوض بالعمل الثقافي، ولدينا سعي للإعلان عن جوائز إبداعية وتفعيلها بحيادية عالية، وأولها جائزة بهجت أبو غربية، وهناك جوائز أخرى تشتغل اللجان على آليات عملها، كما أن هناك تحضيرات لمؤتمر السرد ومهرجان الشعر العربي الذي يصاحب فعاليات مهرجان جرش في الصيف المقبل، وسنفتح الباب أمام الأعضاء لدعم طباعة مخطوطاتهم، وغيرها من مشاريع يتم دراستها لتخرج إلى حيز التنفيذ خلال هذا العام.
■ كيف تصف لنا المشهد الأدبي في الأردن؟ وما هي تطلعاتك ورؤاك حيال مستقبل الثقافة والمثقفين في الأردن؟ وهل لرابطة الكتاب الأردنيين من دور فاعل في إثراء المشهد الثقافي العربي؟!
□ هناك تفاعل حقيقي بين الرابطة كإدارة وأعضائها- الآن- من أجل الدفع بالمشهد الأدبي والثقافي إلى الأمام وأخذ مساره الطبيعي، ونحن جئنا للرابطة لكي نعمل، وهذا العمل تكليف وأمانة نحرص على أن نكون في المكان الصحيح، وإن مستقبل الثقافة مربوط بمنظومة واحدة تبدأ من الأسرة والمدرسة مروراً بالإعلام والجامعات ومؤسسات المجتمع المحلي، هذه المنظومة إذا أحسنت أداءها نهضت الثقافة وتقدمت، وأصبحنا نتحدث عن مستقبل مبشر بالعطاء وسط ضبابية المشهد الآن، واحترام المثقف ودوره التنويري يدفع بالمشهد الثقافي إلى الأمام، ووضعه في منزلة تليق به، ولو قدّم للمثقف والثقافة أيضاً ربع ما يُقدم لأهل الفن والغناء وأهل الرياضة، لكان الوطن العربي بخير، وأن يكون في سُلّم أولويات الحكومات العربية الثقافة والمثقفين لما وجدنا هذه الفتن تعصف في الوطن العربي شمالاً ويميناً، وما يتصدر المشهد من جماعات ظلامية وتكفيرية باسم الإسلام، وما وجدنا أنظمة ديكتاتورية مستبدة منذ عشرات السنين، وما وجدنا دول العالم تتكالب علينا فنحتكم لأمرها، في تبعية ضلالية كي نحمي كياناتنا الصغيرة، ونفوز بالغنيمة!
■ ماذا عن الأصوات التي تخرج من وقت لآخر للحديث عن قضايا فساد مالي وإداري في رابطة الكتاب الأردنيين؟
□ هناك أشخاص وجهات مغرضة تدفع بالرابطة للدخول في أزمة وصرفها عن عملها بالنهوض في المشهد الثقافي الحقيقي، وتحقيق مكاسب لأعضائها، الذين لم يستطيعوا أن يحققوا للأعضاء تلك المكاسب في الدورات السابقة، فبدأت الاتهامات توجه قبل الانتخابات بأيام قليلة كي يكسبوا المعركة الانتخابية حسب تعبيرهم، باعتبار التنافس الانتخابي الشريف معركة! هذا هو خطابهم المأزوم الذي يفتقد لأدنى الموضوعية، فدخلوا الانتخابات على أساس أنهم قسموا الرابطة إلى قسمين تحت شعارات سياسية فضفاضة لا تخدم الا مصالحهم الخاصة، وتنحاز للسلطة لا للشعب والدولة، فتمسكوا بشعارات ساقطة، فهناك فلسطين، فتحرير فلسطين لا يحتاج للالتفاف والتدوير، واستمرت حملات التشويه والاتهامات بالفساد المالي، وفي النهاية نحتكم للقضاء العادل، أما الفساد الإداري فأذكّرهم بعشرات بل مئات الذين قُبلوا أعضاء في الرابطة على أساس انتخابي، وذلك في الدورات الثلاث السابقة، وأصبحوا حمولة زائدة، ولهم الحق القانوني في العضوية، من هو المسؤول عن هؤلاء؟ وهناك الكثير الكثير تعلمه الهيئة العامة، وما زلوا يتحدثون عن الفساد؟ وكما قلت في حديث سابق: أوراقنا مفتوحة أمام من لديهم حرص على الرابطة، ونحن لا نخبئ شيئاً، وإنما نعمل في العلن وأمام الجميع، وبكل مسؤولية، وعلى المغرضين أن يتخلصوا من أحقادهم التي ملأت قلوبهم بالسواد، وها هي الرابطة في عهد جديد تحقق إنجازات للأعضاء، وستحقق من دون أن تلتفت للوراء.
■شاركتم مؤخراً في اجتماعات الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب المنعقدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، برأيك، ما الدور الذي يمكن أن يؤديه الاتحاد في الحالة العربية الراهنة؟
□ إن الأحداث العربية السياسية متسارعة ومتقلبة مما يعني أن الاتحاد العام لا يستطيع لوحده عمل شيء، فإنما تكاتف العمل بين الاتحاد والنقابات العربية قد يحرك الساكن، وهو في المحصلة له دور تنويري من خلال البرامج، أما على مستوى الثقافة فأمامه معضلات قائمة من خلال هذا التشظي العربي وانقطاع امتداد الجسور بين أقطار الوطن العربي، وانقسام النخب الثقافية في مسائل وطنية من جانب وقومية من جانب آخر، فالاتحاد قائم من سنوات طويلة وأنا أتساءل ماذا قدّم؟ أقول قدمَّ الشيء القليل لما يتطلع إليه المثقف العربي في ظل ظروف قاهرة وأنظمة تفرض سلطتها بالقوة والعنف، بل هناك اضطهاد جسدي ونفسي يُمارسُ ضد مثقفين وكتّاب تحت ذرائع مختلفة باسم الدين مرة وباسم السياسة مرّات كثيرة.
■ تتطلعون في الهيئة الإدارية إلى تحقيق شخصية اعتبارية للكاتب الأردني ليتسنّى له أن يفرض حضوره في الوجدان الرسمي والشعبي، فكيف يمكن تحقيق هذه الشخصية على أرض الواقع؟ وماذا ستقدم الرابطة مستقبلاً لتخفيف معاناة الكاتب الأردني على كافة الصعد؟ هل لك ان توضح لنا برنامجكم في هذا الأطار؟
□ هناك برامج كثيرة نسعى لتحقيقها، وهناك مكتسبات من حق عضو الرابطة الحصول عليها، فما زال نشر الكتاب عقبة تواجه الكتاب والتأمين الصحي والسكن والنشر في المجلات والمشاركة الداخلية والخارجية في المؤتمرات والندوات وغيرها، منذ تولينا قيادة الرابطة وجدنا أمامنا تراكمات دورات سابقة رفعت الشعارات الفضفاضة، من دون أن تقدم بعض ما طرحته في برامجها الانتخابية، وانشغلت في الشعارات السياسية، وحولّت الرابطة لحزب سياسي، وأصبحت الثقافة حلما من أحلام المثقفين، لهذا اندفعنا في العمل الثقافي من دون النظر للخلف، لكن بعض هؤلاء من الحرس القديم يضعون العصي بالدواليب، ويعملون على إفشالنا، ويعرقلون النهوض بالرابطة تحت اتهامات وتخوين اعتادوا عليها، لأن العقلية التي ينطلقون منها عقلية واحدة تقصي الآخر، ولا تريد أن تسمع إلا صوتها فقط.
نسعى جاهدين لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أجل الكاتب الأردني، ورغم مضي أربعة أشهر على بداية عملنا فهناك ارتياح واسع لدى الكتاب والأدباء الأردنيين ورضى على أداء الهيئة الإدارية الجديدة.

نضال القاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية