أيحق لي أن أكتب قصيدةً عن البصرة؟!

حجم الخط
8

كيف لي أن أكونَ خفيفاً لأطير مع الطيور
كي أصل عسل البرحي* في أعالي النخيل
فأشربُ من رحيقِ الريحان
حتى تسكرَ روحي وتهتزَّ دفوفي
فأرقص فَرحاً وحدي في البستان
كي أعرفَ طعمَ البصرة..!

* * *

هل يحق لي أن أكتب قصيدةً عن البصرة؟
البصرةُ التي أُحبُّها كثيراً
البصرةُ التي لن يسقطَ نداها عن أزهاري
مهما هزّتني الريح
البصرةُ التي تضربُ جذورُها عميقاً
في أرض الكلام
وترنُّ في بساتينها أجراسُ الكلام
فيستيقظ الجاحظ
كي يُوقظَ العصافيرَ والأنهارَ وجذورَ النخيل

البصرة التي لم يتمكن منها القتلة
ولصوص الدواب
أتذلُّها عمائمُ مسلولةٌ
مبعثرةٌ في بُرك التاريخ المتعفنة؟
أيغتصبُها رعاةُ المهانة؟
ويسرقُ أساورَها المجلس الأعلى للغربان؟

جرحُ البصرةِ على قميصي
لذلكَ يوجعني الكلام ..
جرحُ البصرةِ في قدمي
لذلك أعرجُ وأنا أحث السير إليها

جرحُ البصرةِ في روحي وأنا أغني:
البصرة زهر الرمان
البصرة وردة
البصرةُ أحلى بستان
في هذا العالم

* * *

البصرةُ التي حملتنا على كتفيها
ترفعُنا دائماً إلى أعلى
كأطفالٍ موشكينَ على الطيران
تـتـشبثُ بنا ونتشبثُ بها
كي لا نفلت من بين يديها
لكننا طرنا فعلاً فطارت معنا
سحنا في السماوات السبع
والأرضين السبع ..
لكننا في النهاية عدنا إلى البصرة ..

* * *

كيفَ لي أن أكتبَ قصيدةً عن البصرة؟
مدينةٌ مجروحةٌ تغرقُ في قطرة ندى
بينما تسبحُ في داخلِها أنهارٌ وبساتينُ
وشعوبٌ تأتي وأخرى تختفي في بحر الزمان
كيفَ لي أن أكتبَ قصيدةً عن البصرة
يقرأُها حقلُ الريحانِ فيتسعُ
يقرأُها الصفصافُ فيطير؟

* البرحي من أنواع التمر.

شاعر عراقي ـ لندن

كريم عبد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول زيد التميمي / العراق / بابل:

    الله الله .. عشت وعاشت يدك

  2. يقول د محمد شهاب أحمد / بريطانيا:

    جرح البصرة ، من جراح العراق
    و أيضاً تبكي على أهلها في باقي العراق ، بعد أن أستطاعت أن تحصن روحها من الفتنة التي جاء بها الغزاة و أعوانهم
    لا زال أهلنا في البصرة متحابينَ متعايشينَ
    كما كانوا لمئات السنين ، بالرغم من محاولات المجرمين
    نعم ، إكتب عن البصرة ، و بفخرٍ….فالبصرة ” لم يتمكن منها القتلة “…..الذين باعوا بوابات الوطن الحصينة على أعتاب الفنادق، ودخلوا غير ظافرين …..ولسان حالهم ” مالي إذا الوخز أدماها و مزّقها ….لا الجلد جلدي ، و لا السربال سربالي ”
    غير أن البصرة خيبت آمالهم !

  3. يقول نسيمة حرة - الجزائر:

    لم يزلزني حدث كالذي صار بالعراق!!!!!!

  4. يقول الكروي داود النرويج:

    ذكرتنا بالبرحي يا أستاذ كريم
    كان الخليج يعيش على خيرات البصرة
    وكان ماء الشرب بالكويت يأتي بالسفن من شط العرب

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  5. يقول د محمد شهاب أحمد / بريطانيا:

    قرأتُ القصيدةَ أكثر من مرة ، و في كل مرةٍ أستمتع أكثر ، فإسمح لي أيها المبدع ، إبن مدينتي ، أن أُدندن بكلماتها ، متجاوزاً بفعل الحنين
    ” كيف لي أن أكون خفيفاً كطيرٍ من الطيور
    لألعق ، و ألطع دبس بلادي في أعالي النخيل !”

    الدبس لمن لا يعرفه هو عصير التمر المركز ، و في لبنان هناك دبس الخروب ، و أيضاً دبس العنب و الرمان

  6. يقول زينب عدنان عبيد:

    آلله آلله عاشت ايدك

  7. يقول فـاطمـة طه:

    مـن أعظم مــا قيلَ في بصرتنا

  8. يقول نور:

    الله الله جدا جميل

إشترك في قائمتنا البريدية