أسوان: عروس النيل وبوابة مصر نحو عمق القارة الأفريقية

حجم الخط
1

أسوان هي بوابة المحروسة من جهة الجنوب، وهي حلقة الوصل بين شطري وادي النيل شماله وجنوبه. وهي آخر محافظات صعيد مصر، اسماها المصريون القدماء «سونو» وتعني السوق، وحرف الأغريق ذلك الاسم الى «سين» ثم أطلق عليها الأقباط «سوان» الى أن جاء العرب في القرن السادس الميلادي فنطقوها «أسوان».

موقعها

تقع محافظة أسوان جنوب جمهورية مصر العربية وتحدها من الشمال محافظة قنا ومن الجنوب جمهورية السودان وشرقا محافظة البحر الأحمر وغربا محافظة الوادي الجديد. وتقع مدينة أسوان المحافظة على الشاطئ الشرقي للنيل، جزء منها على السهل الذي يحف النيل والآخر على التلال التي تمثل حافة الهضبة الصحراوية الشرقية. وترتفع المدينة حوالي 85 مترا فوق سطح البحر وتبعد 879 كم مربعا عن القاهرة ومساحة المحافظة 34608كم مربعا.

التاريخ والأهمية

نهر النيل من المصادر التي تعطي أسوان أهمية مضافة حيث انه مصدر أساسي لجذب الزوار والسائحين نظرا لروعته وصفاء مياهه العذبة ومناظره الطبيعية والأماكن السياحية الواقعة على ضفافه .
وتعد أسوان من أهم المناطق التي تحتوي على أشهر آثار العالم . كما انها تربط مصر بالسودان وتعتبر بوابة مصر الى عمق القارة الأفريقية.
بدأت أهمية أسوان قديما حيث كانت تمثل الحدود الجنوبية للبلاد. كما كانت مركز تجمع الجيوش في العصور الوسطى. كما لعبت دورا حاسما في محاربة الهكسوس وحازت جزيرة فيلة (موطن الإلهة ايزيس)على إهتمام كبير من جانب البطالمة فقاموا بإكمال معبدها الكبير. وانشأ الرومان العديد من المعابد على الطراز الفرعوني وذلك للتقرب من المصريين. وعندما أصبحت المسيحية الدين الرسمي للبلاد في القرن الخامس الميلادي تحولت معظم معابد الفراعنة الى كنائس فكانت جزيرة فيلة مركزا لأحد الاسقفيات ما أدى الى انتشار المسيحية جنوبا في اتجاه بلاد النوبة في مصر والسودان. وعند ظهور الإسلام وانتشاره ازدهرت أسوان في القرن العاشر الميلادي فكانت تبحر منها السفن الى الحجاز واليمن والهند . كما كانت مركزا ثقافيا هاما في القرن السادس والسابع الهجري . وانشأ فيها محمد علي أول مدرسة حربية عام 1837م .
من أهم مناطقها الأثرية:

المتحف النوبي

تم إنشاء المتحف عام 1997، ويقع في منطقة أثرية من أجمل مناطق اسوان حيث يحتل ربوة عالية بجوار مقياس النيل ويتميز تصميمه المعماري بالطراز النوبي الذي استوحاه المصممون من المقابر الفرعونية، وحصل على جائزة أجمل مبنى معماري في العالم عام 2001.
يحتوي المتحف على خمسة آلاف قطعة أثرية تمثل مراحل تطور الحضارة المصرية والتراث النوبي . وهناك 68 قطعة فريدة من التماثيل الكبيرة واللوحات الأثرية مختلفة الأحجام، ولعل من أندرها هيكل عظمي لإنسان عمره 200 ألف سنة كان قد عثر عليه سنة 1982 في منطقة ادكوباتية في أسوان.

قبة أبو الهوا

أطلق عليها «قبة أبو الهوا» اقتباسا من قبة (الشيخ علي ابو الهوا) الموجودة في أعلى الجبل. وتقع على منحدرات التلال التي تشكل ضفة النيل الغربية في أسوان في مواجهة الطرف الشمالي الغربي لجزيرة ألفتين وهي محفورة في الصخر في نصف ارتفاع الجبل وتشرف على النيل من موقع يتيح للناظر فيها بانوراما رائعة لمدينة أسوان. وتضم مقابر حكام الإقليم الأول وكبار الكهنة والموظفين.
وتم العثور على العديد من التوابيت وغرف الدفن في هذا المكان حيث من المرجح أنه اعيد استخدام المقابر في تلك الفترة كمدفن. ومن أهمها مقابر (ميخو وسابني) كما أنها تعطي فكرة عن الطراز المعماري للمقابر وكذلك الألقاب والوظائف التي تقلدها حكام الجنوب. وأوضحت النقوش التي كتبت على جدران هذه المقابر الدور الذي قاموا به في حماية البلاد.

معبد بيت الوالي

وهو معبد منحوت في الصخر بين المعابد الخمسة التي بناها رمسيس الثاني في النوبة ويحتوي على فناء وقاعة للأعمدة ومقصورة مزخرفة بالنقوش والنصوص متعددة الألوان وفيه أيضا مشاهد حربية تمثل الملك في ميدان القتال.
ومن المعابد الصغيرة الموجودة في النوبة القديمة معبد الدكة ـ معبد عمدا ـ الدار ـ بنوت ـ منطقة السبوع وعمدا ـ آثار ابراهيم ـ المعركة ـ مقبرة ابو عودة ـ ابو سمبل الكبير ـ وابو سمبل الصغير.

المسلة الناقصة

هي مسلة ضخمة لم يكتمل قطعها ويبلغ طولها حوالي 41 مترا تقريبا وطول ضلع القاعدة حوالي 4 أمتار ووزنها حوالي 117 طنا وترجع أهميتها لكونها توضح أساليب قطع المسلات القديمة كما توضح مدى الجهد والوسائل التي كان يلجأ اليها المصريون القدماء في سبيل نحت هذه المسلات.
معابد فيلة
يرجع اسم فيلة أو فيلاي الى اللغة اليونانية التي تعني «الحبيبة» أو «الحبيبات» أما الاسم العربي لها فهو «أنس الوجود» نسبة لأسطورة أنس الوجود في قصص ألف ليلة وليلة. أما الاسم المصري القديم والقبطي فهو «بيلاك» و»بيلاخ» ويعني الحد أو النهاية لأنها كانت آخر حدود مصر في جهة الجنوب. ومجموعة العبادة كرست الى الآلهة إيزيس غير أن الجزيرة احتوت على معابد لحتحور وغيرها.

جزيرة النباتات

واحدة من أقدم جزر النيل تقع في وسطه بالقرب من جزيرة الفنين وتعد معرضا طبيعيا للنباتات وأشجار المناطق الحارة والمدارية، وتعتبر متحفا حيا للنباتات والحيوانات فيوجد فيها ما يزيد عن 500 نوع من النباتات بين الزينة بألوانها الرائعة الى النخيل بانواعه والأشجار الاستوائية من مختلف البقاع ما جعلها مهيأة لاستقبال الطيور الاستوائية بلا دعوة كالبلبل والهدهد والعصفور الدوري غير ان ادارة الجزيرة احتفظت بالطاووس الأبيض والهندي والنسانيس في أقفاص.

مسجد الطابية

يعد من الآثار المهمة في أسوان ومن أشهر المساجد التاريخية. يشهد دائما العديد من الاحتفالات العربية وعلى رأسها صلاة عيدي الفطر والأضحى المبارك. وترجع التسمية الى المنطقة التي أقيم بها. وقد تم بناء المسجد كما يقول حسن محمد حبر كبير مفتشي الآثار الاسلامية لاسوان في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتم افتتاحه في عهد أنور السادات. وقد بني فوق ربوة عالية على الطراز المملوكي ويتمتع بجمال زخارفه من الداخل والخارج وله مئذنتان عاليتان ويبلغ عدد أعمدته 24 عمودا دائريا و8 دعامات ترتكز عليها عقود تشبه حدوة الفرس.

دير الأنبا هدرا

يقع في الضفة الغربية من نيل أسوان خلف قبر اغاخان ومباني الدير شبه متكاملة عدا معظم أسقف الكنائس وبعض الحجرات.
ويسمى دير الأنبا سمعان أبها وانشىء قبل القرن السادس الميلادي وأعيد ترميمه في القرن العاشر الميلادي وهو من أهم الأديرة القبطية التي لها تاريخ بعيد وفيه الكثير من الرهبان. ونجد النقوش والرسوم الجميلة القديمة ماثلة على جدرانه ومعظمها تمثل صور السيد المسيح والقديسين.
وسمي بأسم القديس سمعان اباهدرا حيث كان الناس يرونه يحمل قدرا يملؤه ماء (سمعان ابو قدرة) وقد حظي الدير باهتمام مطرانية اسوان وأصبحت الى جواره مبان جديدة لاستقبال الضيوف والزوار.

معبد أبو سمبل الكبير

وخصص هذا المعبد لعبادة الإلهة رع حور أخت إله الشمس المشرقة. وتحتوي واجهته على اربعة تماثيل ضخمة للملك رمسيس الثاني جالسا على عرشه مرتديا التاج المزدوج لمصر العليا والسفلى تتوسطها بوابة المعبد. ومن المعجزات الفلكية التي تحدث في هذا المعبد سقوط أشعة الشمس لتشرق على هذه التماثيل مرتين كل عام، الأولى في 22 شباط/فبراير بمناسبة جلوسه والثانية في 22 تشرين الاول/اكتوبر بمناسبة ذكرى مولده.

حتحور – معبد ابو سمبل الصغير

يطلق عليه اسم معبد»حتحور» إله الحب والموسيقى ولقد بناه رمسيس الثاني تخليدا لزوجته( نفرتاري). ويتميز هذا المعبد بروعة نقوشه وتصاميمه ووضوح ألوانه رغم ان حجمه صغير مقارنة بالمعبد الكبير، وهو عبارة عن قاعتين وفي نهاية المعبد يوجد قدس الأقداس وكان به تمثال للإلهة حتحور على شكل بقرة وتمثال لرمسيس الثاني وفي واجهة المعبد توجد 6 تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني وهناك تمثالان لنفرتاري.

العلاج بالدفن في الرمال

سخونة شمسها وجوها الجاف وانخفاض نسبة الرطوبة منحت أسوان مناخا مثاليا لعلاج العديد من أمراض الروماتيزم والإلتهاب الشعبي والربو. وهو ماجعلها واحدة من أهم مزارات الإستشفاء في العالم. فتوافد اليها الكثير من طالبي العلاج من كافة البلدان ومن أشهر الشخصيات أغاخان الثالث والسلطان محمد شاه الحسيني (اواغا خان- الإمام الثامن والأربعين للمسلمين الاسماعيليين) بعد أن فشل في علاجه أعظم الأطباء من آلام الروماتيزم فنصحه معارفه بالذهاب الى أسوان فجاء اليها فى شتاء 1954 بصحبة زوجته البيجوم وهو يتحرك بكرسي ليبدأ رحلة العلاج عن طريق الدفن يوميا ثلاث ساعات في رمالها الساخنة وبعد أسبوع من العلاج عاود المشي من جديد وتحسنت صحته فأتخذ أسوان مشتاه السنوي وأقام مع زوجته في فيللا على النيل وأوصى بان يدفن هناك عند وفاته وهو ماحدث عام 1959 وظلت البيجوم زوجته من يومها تذهب الى مقبرته وتضع عليها يوميا وردة حمراء في كأس فضي في تمام الساعة التاسعة صباحا حتى توفيت ودفنت بجواره. وما زالت حرفة العلاج بالدفن في الرمال يتقنها النوبيون في قرى غرب النيل بين شهري اذار/مارس وتشرين الأول/أكتوبر.

مارينا الراهب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول canada:

    شكرا مارينا على المعلومات المفيده

إشترك في قائمتنا البريدية