يوم 9 أيلول انتخابات في الأردن في مناخ «الطوفان»: كيف تتسلل البرامج للخطاب؟

بسام البدارين
حجم الخط
0

الانتخابات المقبلة في غاية الأهمية لأنها الأولى التي ستجري بعد اعتماد وثيقة تحديث المنظومة السياسية كاستراتيجية عمل طويلة الأمد وبعد تغيير قانون الانتخاب.

عمان ـ «القدس العربي»: عمليا فاجأت دوائر القرار الأردنية كل الأوساط الحزبية المهتمة بتأجيل الانتخابات بأن الوضع الإقليمي وخصوصا في تطورات الملف الاقتصادي ليس عنصرا مباشرا في التأجيل بقدر ما بقي وبعد الأمر الملكي الأربعاء الماضي بإجراء الانتخابات عنصرا مساندا للمضي قدما وعدم التأجيل.

لا أحد يمكنه التكهن بنتائج وتداعيات انتخابات في الأردن في ظل استمرار معركة طوفان الأقصى.
لكن حسم مسألة التوقيت في إجراء الانتخابات يوم 9 من شهر ايلول/سبتمبر المقبل ضرورة ملحة لحسم كل المقاربات المرتبطة بترتيب الوضع الداخلي عموما بما في ذلك قياس مقدار نجاح وتسلل الخطوة الأولى في برنامج تحديث المنظومة السياسية وسط قناعة شخصيات متعددة من بينها طبعا رئيس الهيئة المستقلة موسى المعايطة الذي سبق وأن أصر في نقاش مع «القدس العربي» على أن المسيرة ينبغي أن تمضي.
ينظر سياسيون كثر في جوار ومحيط دوائر القرار إلى أن الانتخابات المقبلة في غاية الأهمية لأنها الأولى التي ستجري بعد اعتماد وثيقة تحديث المنظومة السياسية كاستراتيجية عمل طويلة الأمد وبعد تغيير قانون الانتخاب.
بمعنى ان انتخابات 2024 محطة اختبار أساسية لمسار التحديث برمته خلافا لأنها الأولى التي ستشهد انبثاق أول تجربة في سياق البرلمان الحزبي.
الانتخابات المقبلة هي الأولى التي تنظم في الأردن على أساس وجود 41 مقعدا من أصل 130 في مجلس النواب مخصصة تماما وحصرا للأحزاب السياسية وبقية المقاعد بالتأكيد مخصصة فرعيا عبر قوائم في دوائر انتخابية أعيد حجمها وشكلها ومضمونها ما يجعل الأحزاب أيضا حسب القطب البرلماني خليل عطية وكما فهمت منه «القدس العربي» قادرة على المزاحمة في الدوائر الفرعية.
يتوقع خبراء أردنيون بأن قوى المجتمع التقليدي التي تهتم بالانتخابات قد تحصل على 50 في المئة على الأقل من مقاعد الدوائر الفرعية وعددها 90 مقعدا وذلك عبر تحالفات اجتماعية أو مناطقية البصمة.
لكن الأحزاب الكبيرة النافذة قد تزاحم وبقوة على النصف الثاني من المقاعد إذا ما تمكنت من بناء قوائم انتخابية صغيرة بطريقة مدروسة وفي إطار تحالفات اجتماعية حزبية أيضا، الأمر الذي يشكل اختبارا وطنيا حقيقيا لنوايا الاتجاه نحو التنمية السياسية لكنه يشكل برأي عضو مجلس النواب يزن شديفات أيضا مقاربة على شكل تحدي ليس لخيارات الناس والمواطنين في الاقتراع ولكن لمستوى إقناع ومصداقية وبرامج الأحزاب السياسية التي تتوفر لها الآن قاعدة عريضة لاحتلال موقع متقدم في سلطة التشريع. القيادي في حزب الميثاق أبرز أحزاب الوسط محمد الحجوج والذي يصفه الأمين العام الدكتور محمد المومني بانه «حزب محافظ» أبلغ «القدس العربي» بأن الفرصة متاحة لكي تثبت الأحزاب السياسية للشعب الأردني جدوى وإنتاجية برامجها.
يقدر الحجوج بأن الأحزاب بعد الكوتا المتمثلة بـ 41 مقعدا لا يوجد ما يمنعها من اقتناص نصف عدد مقاعد الدوائر الفرعية المحلية أو ثلثها على الأقل بمعنى أن كلمة الأحزاب السياسية تحت قبة البرلمان قد تكون مؤثرة وقابلة للتدريج في مسار التحديث خصوصا وأن القانون ينص على توسيع حصة الأحزاب في الانتخابات اللاحقة لتلك التي تجري أو يفترض أن تجري قبل نهاية العام 2024.
في انتخابات 2028 وفقا للخريطة الموضوعة مسبقا يفترض أن تصل حصة الأحزاب إلى 50 ثم 75 وصولا إلى 100 في المئة.
ذلك التدريج كان مقصودا حتى ينتهي المشهد بعد 10 سنوات على الأقل ببرلمان حزبي تماما ولاحقا بتشكيل حكومة أغلبية برلمانية.
لكن التحديات ليست سهلة في اتمام هذا التدرج، فأحزاب الوسط لا تبدو بعد جاهزة لكنها قد تتعلم من الممارسة والتجربة لاحقا. والسلطات التي كانت تميل إلى هندسة الانتخابات فرض عليها المسار ايقاعات مختلفة أو جديدة أكثر انضباطا، ونصوص القوانين تؤدي إلى تجريم التدخل في الانتخابات الآن من قبل الموظف العمومي، والتيار الإسلامي وهو الإطار الحزبي الأكثر خبرة في الاشتباك الانتخابي مولع بربط كل الأمور بمعركة طوفان الأقصى.
فوق ذلك تداعيات الإقليم تفرض ايقاعها على السلطات المرجعية وعلى منظومة الأولويات السيادية وتحدياتها والمعنى هنا أن أول تجربة انتخابية في عهد مسار المنظومة السياسية في البلاد على أهميتها لا تجد بيئة إقليمية سياسية مواتية لإجراء الاستحقاق في ظروف ملائمة لأن صخب الإقليم والقضية الفلسطينية فرض ايقاعاته حقا بكل الاتجاهات.
والخلاصة في الاستنتاج السياسي المحلي أن عقد تلك الانتخابات محطة في غاية الأهمية لكن الوضع الإقليمي وضع ضاغط بحيوية ملموسة وجاهزية الأحزاب عموما فيها شكوك وتعقيدات، والنصائح توالت من سياسيين كبار لدوائر القرار بتأجيل الانتخابات، لكن بالمقابل الهيئة المستقلة المعنية جاهزة تماما والقرار اتخذ وأحزاب الوسط على الأقل تختبر امكاناتها وتخاطب الميدان.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية