ويكيليكس: استجواب أمني سعودي للسنوسي في نواكشوط وتقديم “هدايا” لمسؤولين وأهتمام بعلاقات موريتانيا والمغرب

حجم الخط
0

نواكشوط  ـ “القدس العربي”ـ عبدالله مولود: وجد الموريتانيون وهم يجتازون، في الأيام الأولى من شهر رمضان، مرحلة فتور وفراغ مادة دسمة للمطالعة والاستكشاف والتحليل المقارنة، في تجاويف عدد كبير من البرقيات والتقارير الدسمة التي تبودلت في سراديب الديبلوماسية بين السفارة السعودية في نواكشوط ووزارة الخارجية والتي سربها مؤخرا موقع “ويكيلكس”.

فقد شرع الجميع في قراءة هذه الوثائق بنهم شديد حيث وجد فيها البعض تفسيرا لأحداث كانت غامضة، فيما وجد البعض الآخر فيها طرافة واطلاعا على خفايا كثيرة، ومكنت هذه الوثائق الجميع من الاطلاع على الطريقة التي تسير بها الخارجية السعودية ملفات السياسة والأمن والديبلوماسية.

ولعل الحكومة الموريتانية قد وجدت في هذه الوثائق ما يجعلها تفهم طرق تعامل السعوديين مع الملفات المتعلقة بها.

وكان موقع “ويكليكس” قد أعلن الجمعة الماضية عن نشره لأكثر من 70 ألف وثيقة هي الدفعة الأولى من نصف مليون وثيقة موجودة بحوزته، وتحتوي على مراسلات بين وزارة الخارجية السعودية وسفاراتها حول العالم.

استجواب أمني سعودي للسنوسي

ومن أبرز القضايا التي كشفت عنها الوثائق المسربة والتي لم يعلن عنها من قبل والتي ستحرج حكومة نواكشوط، موافقة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز على قدوم بعثة أمنية سعودية لاستجواب عبد الله السنوسي مدير المخابرات الليبي الأسبق الذي اعتقله الأمن الموريتاني ليل 16 إلى 17 أيار/مايو 2012 بمطار نواكشوط لدى وصوله آتياً من المغرب، قبل أن تسلمه موريتانيا للسلطات الليبية يوم 5 أيلول/سبتمبر 2012.

ففد كتب السفير السعودي السابق في نواكشوط عبدالعزيز الجابري في برقية عاجلة لسعود الفيصل أنه “قابل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز وأعرب له عن شكر حكومة المملكة العربية السعودية على موافقته على مشاركة فريق أمني للتحقيق مع السنوسي، مجددا ترحيبه بالوفد الأمني السعودي واستعدادهم للتعاون الكامل معه”.

وكشفت برقية مسربة أخرى موجهة من سعود الفيصل للملك عبدالله عن معلومات تتعلق بالسنوسي واردة من السفارة في المغرب مفادها أن “السلطات المغربية لم تتعرف على السنوسي أثناء مكوثه في المغرب لأن هويته كانت مزورة، وأن السلطات المغربية قامت بعد إعلان موريتانيا القبض على السنوسي بالاستفسار من السلطات الموريتانية عن الهوية التي كان يحملها السنوسي”.

وأشار الفيصل إلى “أن سبب طلب المغرب من السنوسي مغادرة البلاد وعدم القبض عليه هو تجنب الحرج الذي وقعت فيه موريتانيا بشأن التجاذب بين تسليمه لليبيا أو المحكمة الجنائية الدولية أو فرنسا”.

ومن بين الأمور التي استجوب السعوديون حولها عد الله السنوسي، حسب مصادر مطلعة، قضية اختفاء الإمام موسى الصدر، والخطة التي كان العقيد معمر القذافي يعدها لاغتيال الملك عبدالله.

العلاقات المغربية الموريتانية

ومن بين الوثائق المسربة عدة برقيات تبودلت تؤكد أن الحكومة السعودية تنظر لملف العلاقات السعودية الموريتانية من النافذة المغربية، فكل ما لا يوافق المملكة المغربية في هذا الشأن يتجنبه السعوديون والعكس بالعكس.

وكان المثال على ذلك ما نقله سعود الفيصل للملك عبدالله، حول تشاور السفير السعودي في نواكشوط مع نظيره المغربي بخصوص دعوة سعودية لوفد من وزارة الدفاع الموريتانية برئاسة الجنرال محمد ولد الغزواني الرجل الثاني في النظام الموريتاني.

فقد رحب السفير المغربي بهذه الدعوة، حسب برقية من سعود الفيصل للملك عبدالله، ووصفها بأنها “خطوة ممتازة” وأن “المغاربة يريدون ذلك وأنهم قدموا مساعدات عسكرية لموريتانيا تمثل في سيارات ومعدات خفيفة تقديرأ لدور رئيس هيئة الأركان الموريتاني والذي يحظى بقبول وتقدير من الحكومة المغربية”.

ومع أن المغاربة شجعوا السعوديين على توطيد تعاونهم مع موريتانيا فقد تحدثت برقيات لاحقة عن فتور شديد في العلاقات الموريتانية المغربية، وهذا ما جعل السعوديين يتشاورون على أعلى مستوى للمضي في قرارهم المتعلق بتطوير علاقتهم مع موريتانيا، لكن مع “توضيح موقف المملكة من هذا التقارب وإفهام الإخوة المغاربة أن هذا التقارب يصب في مصلحة المملكة المغربية أيضا للحد من الانتشار الشيعي في شمال وشمال غربي القارة الأفريقية”.

وطالبت برقية من السفارة السعودية في الرباط “بالتريث حيال توجيه الدعوة لتطوير التعاون العسكري بين السعودية وموريتانيا، مبررة ذلك بعدم ارتياح الجانب المغربي لأي تعاون من هذا النوع نظرأ لدخوله في حسابات المعادلة العسكرية التي تعتبر ذات حساسية بالغة بالنسبة للمغرب لتعلقها بقضية الصحراء، وتضيف السفارة بأنه ليس من المناسب توجيه الدعوة أو زيادة التعاون العسكري السعودي مع الجانب الموريتاني في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات المغربية الموريتانية جمودأ وتوترأ ملحوظا”.

هدايا أو رشى سعودية

وكشفت برقيات مسربة عن إيفاد بعثة أمنية سعودية إلى موريتانيا ومالي والنيجر لجمع المعلومات عن المتهم أزباي بويه أحد منفدي الاعتداء المسلح الذي تعرض له أواخر كانون الاول/ديسمبر 2009، ستة مواطنين سعوديين كانوا في رحلة صيد بمنطقة صحراوية تبعد مسافة 150 كيلو مترا عن عاصمة النيجر.

والمحرج في هذه البرقيات هو الموافقة “على صرف عهدة مالية قدرها 100 ألف ريال سعودي لرئيس البعثة الأمنية السعودية الوزير مفوض عبدالرحمن بن غرمان الشهري لشراء “هدايا” للمسؤولين في حكومات كل من موريتانيا ومالي والنيجر.

انشغال سعودي بالنشاط الإيراني

وقد أظهرت برقيات وتقارير مسربة انشغال السفير السعودي في نواكشوط سعود الجابري بالنشاط الشيعي في موريتانيا ومتابعته للتمدد الإيراني.

فقد طالب السفير في برقيات زكاها سعود الفيصل ورفعها للملك عبدالله بالاهتمام بتوثيق التعاون المالي والاقتصادي مع موريتانيا، لأن عدم ذلك “يعطي فرصة أكبر للتوغل الإيراني في موريتانيا مع تنامي يأس وإحباط الموريتانيين من التوجه إلى أشقائهم العرب كبديل لإيران التي سوف تستغل هذا الظرف أسوأ استغلال”.

قضية الخمسين مليون دولار

وحسب البرقيات المسربة، قدم السفير السعودي السابق في نواكشوط خدمة جليلة لنظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز حيث ضغط على حكومة بلاده للتغاضي عن الطريقة التي صرفت بها مساعدة مالية قدرها خمسون مليون دولار أمريكي كانت السعودية قد قدمتها لموريتانيا عام 2007.

فقد أثار صرف هذه المساعدة جدلا كبيرا في موريتانيا حيث أكدت أوساط المعارضة والصحافة الاستقصائية المعارضة أن هذا المبلغ صرف خارج الميزانية ولم يعرض على البرلمان وأنه قد وجه لحسابات أخرى، فيما أكدت الحكومة أن المبلع صرف بطرق سليمة لا لبس فيها.

ومع أنه كان من اللازم أن تستفسر الحكومة السعودية عن هذا المبلغ وعن ما أثير حوله من جدل، فقد صدر أمر رسمي سعودي يمنع “فتح الموضوع أو التطرق إليه من قبل أي جهة في المملكة حيث ان المبلغ هو هبة من المملكة لموريتانيا لصرفه على ما منح من أجله وهي شارعة في ذلك لاسيما وأن موريتانيا تسعى لكسب ود المملكة وتتطلع لمساندتها على كافة الأصعدة والمجالات والمملكة يهمها استتباب الأمن والاستقرار وتنمية علاقاتها مع دولة موريتانيا الشقيقة”.

ونقل السفير السعودي في نواكشوط عن وزيرة الشؤون الخارجية والتعاون الناها بنت حمدي ولد مكناس تأكيدها بأن المبلغ موجود في البنك المركزي الموريتاني ولم يصرف منه إلا جزء بسيط في حدود أربعة ملايين دولار صرفت في الأوجه المخصصة لها، وأن الحكومة الموريتانية قامت مؤخرا بتدعيم قدراتها الأمنية باستحداث وحدات متخصصة لأمن الطرق وأخرى لمكافحة الإرهاب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية