وكالة الأنباء الجزائرية تشنّ هجوماً حاداً على سيدة أعمال انتقدت حالة “الجمود الاقتصادي” في البلاد- (فيديو وتغريدات)

حجم الخط
0

الجزائر- “القدس العربي”:

 فجّرت الرسالة التي وجهتْها رئيسة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية سعيدة نغزة إلى الرئيس عبد المجيد تبون لمطالبته برفع العراقيل على الاستثمار، غضب وكالة الأنباء الجزائرية، التي تعبّر في العادة عن التوجه الرسمي للسلطة.

وكتبت الوكالة مقالاً لقي تفاعلاً واسعاً، جاء فيه أن “نغزة خطّت نصاً بائداً ومتنكراً لكل الإصلاحات التي بادرت بها البلاد، منذ سنة 2020، من أجل تصويب مالية الدولة، تجنباً للوقوع بين أيدي صندوق النقد الدولي، والتي ساهمت في تعزيز الإنتاج الوطني لبلوغ قيمة 13 مليار دولار من الصادرات خارج المحروقات في آفاق 2024/2023”.

واتهم المقال سعيدة نغزة بأنها “نصبت من نفسها ناطقاً رسمياً باسم مصالح تزعم أنها هي من تحارب مصالح النظام القديم، أو بالأحرى مصالح “العصابة” (رجال الأعمال النافذين فترة الرئيس بوتفليقة) التي تفنّنت في سرقة أموال الشعب، والمطالبة بالحق في الحصول على أملاك في الخارج بواسطة تحويلات غير قانونية نابعة من نفس الأموال المحصلة من تضخيم الفواتير”.

واعتبرت الوكالة أن “هذه الرسالة التي تحن للنظام القديم تنبض بنوايا مؤلفيها الحقيقيين، من خلال سعيهم للإبقاء على الركود، كما أنها توضح في ذات الوقت عدم دراية مؤلفيها التام بالتحولات العميقة التي تشهدها الجزائر”. وأضافت، بأسلوب يقلّل من أهمية هذه السيدة، بالقول إن  “المتعاملين الاقتصاديين، ومسيري الدولة كلهم يعرفون هذه الشخصية وقلة صيتها، وكذا ميولها إلى كل أمر أجنبي ودولي”.

وبدا أن أكثر ما أغضب في رسالة نغزة دعوتها لإعادة تفعيل الثلاثية، وهو الاجتماع الشهير الذي كان يعقد بين الحكومة والنقابات وأرباب العمل، لرسم التوجه الاقتصادي في فترة الرئيس السابق. ووصفت وكالة الأنباء اجتماع الثلاثية بأنه لم يكن سوى مسرح لتمزيق الاقتصاد الوطني والمؤسسات العمومية وأداة لاختلاس وبيع المؤسسات العمومية، في وقت كانت تصفها نغزة سنة 2016 “بالتجربة الرائعة في مجال الحوار والحماية الاجتماعية”، وهي الآن تدعو، بل تطالب بعودتها، في حين أن الجزائر، حسب الوكالة، اختارت طريقاً، وتتجه نحو البروز الاقتصادي.

وفي رسالتها التي أثارت كل هذا الهجوم، انتقدت نغزة سياسة التضييق على الاستيراد، واتهمت الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية باعتماد معايير غامضة في منح رخص الاستيراد، وطالبت الرئيس عبد المجيد تبون بالتحقيق في الأمر. كما قالت إن “ما يحدث في الواقع يخالف تعليمات الرئيس، الذي أكد على منح تراخيص تشغيل مؤقتة للمصانع (التي تعاني من مشاكل إدارية او مع القضاء) ريثما يتم تسوية أوضاعها، لكن ما نجده في الواقع، حسبها، هو أن القرار السهل هو قرار إغلاق المصنع، دون مراعاة حالة البضائع القابلة للتلف، ولا مبرّرات المشغل، الذي يعاني الكثير منه من جميع أنواع الأمراض المزمنة”.

وخاطبت الرئيس بالقول إن “كثيرين عبّروا عن ندمهم لقضاء حياتهم في بناء المصانع، والاستثمار في مشاريع جديرة بالاهتمام توظف مئات العمال، لينتهي بهم الأمر تحت رحمة أصغر بيروقراطي، في الوقت الذي يواصل فيه العاملون في القطاع غير الرسمي أنشطتهم خارج كل هذه الضغوط في رأسمال قدرتموه بــ 91 مليار دولار (الكتلة المالية المتداولة في السوق السوداء)”.

 ونقلت نغزة في رسالتها امتعاض المزارعين من عدم تسليمهم رخص استصلاح الأراضي واستغلالها، وقالت إن أصحاب غرف التبريد باتوا يخشون استقبال الغلة بسبب خوفهم من قانون المضاربة الذي يسلّط عقوبات قصوى على من يكدّسون السلع بغرض رفع أسعارها في السوق، متوقعة بناء على ذلك أن تعرف البلاد موجة غلاء جديدة.

وبعد الهجوم عليها، عادت نغزة لترد مرة ثانية، معتبرة أن قراءة وكالة الأنباء لرسالتها كانت من منظور جد ضيق، وأنها تحليل ساذج وسطحي، يفتقر للاحترافية في التعامل مع الأفكار. كما اتهمت الوكالة بانتهاج أسلوب الكذب والشعبوية وتزوير الحقائق والأحداث التاريخية، بخصوص حنينها للفترة السابقة، قائلة إنها كانت لوحدها في مواجهة منظومة الفساد وعصابة الحكم خارج الأطر القانونية.

وأبرزت أن “الرسالة الموجهة للرئيس فرضها علينا الواجبُ الوطني والخوف على المصلحة العليا للوطن على أمن واستقرار بلادنا، وليس السعي لمكاسب خاصة أو منفعة ذاتية”، مشيرة إلى أن “ما كتبته كان من واجب الإخلاص لله والوفاء للوطن والصدق مع المسؤول الأول للبلاد، وليس الكذب عليه وخداعه، لأننا وجدنا فيه الرجل الصادق في نواياه الملتزم بتنفيذ ما وعد به”، على حد تعبيرها.

وكانت سعيدة نغزة قد التقت الرئيس عبد المجيد تبون، منذ فترة، في إطار اللقاءات التشاورية التي كان يجريها مع الفاعلين في الساحة السياسية والاقتصادية. واشتهرت هذه السيدة، خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس بوتفليقة، بدخولها في مواجهة مع علي حداد، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، والذي كان شديد النفوذ، بحكم قربه من  السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل.

ويكشف هذا السجال الفرق بين نظرتين؛ ترى الأولى أن الجزائر حققت تقدماً في سياق تحرير المبادرة الاقتصادية مع اعتماد قوانين الاستثمار والسعي لتنويع الصادرات خارج المحروقات، وبين من يرى أنه، خلافاً للصورة المقدمة، لا تزال البيروقراطية الثقيلة تكبّل الاستثمار، حيث سبق لسياسيين، مثل رئيس حركة “مجتمع السلم”، أن تحدّثوا في هذا الشأن عن وجود لوبيات معرقلة لا تزال تسعى للهيمنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية