وسط مذابح الحرب .. سوريا تستعد لإعادة انتخاب الأسد

حجم الخط
34

دمشق  ـ رويتر ـ بعد صراع طاحن على مدى ثلاث سنوات وبعد دمار أحياء بأكملها ونزوح أعداد غفيرة من السكان بسبب الانتفاضة على حكمه .. يستعد بشار الأسد بهدوء لإعادة انتخابه.

لم يعلن الرئيس السوري بعد إن كان سيرشح نفسه لفترة رئاسة ثالثة في تحد للمحتجين ومقاتلي المعارضة والخصوم الغربيين الذين يطالبونه بالرحيل .. لكن في المناطق التي تسيطر عليها الدولة من العاصمة دمشق تبدو الاستعدادات لترشحه جلية لا تخطئها العين.

فالتجمعات العامة أصبحت محافل لحث الرئيس على ترشيح نفسه رغم الحرب الأهلية التي أودت بحياة ما يزيد عن 140 ألف شخص وقسمت البلاد وقضت على أي فرصة لإجراء انتخابات ذات مصداقية.

وتنظم السلطات مجددا مظاهرات تأييد للأسد الذي يتهمه معارضوه بارتكاب مذابح في حق المدنيين. كما تشجع أصحاب المتاجر على إظهار تأييدهم من خلال طلاء الواجهات بألوان العلم السوري.

يعبر البعض عن ولائه بمظاهر عامة تنم عن شعور وطني بينما يدعو آخرون صراحة الرئيس البالغ من العمر 48 عاما لإعلان ترشحه في الانتخابات المقرر إجراؤها بحلول يوليو تموز.

قبل 18 شهرا فقط بدا أن قبضة الأسد على العاصمة تضعف مع كسب المعارضين أرضا حول دمشق. ومنذ ذلك الحين عززت قواته سيطرتها بوسط سوريا. ولا يزال مقاتلو المعارضة يصرون على رحيله كشرط لإبرام أي اتفاق سلام لكنهم فقدوا قوة الدفع العسكرية التي تتيح لهم إملاء شروط.

وفي تجمع عقد بجنوب دمشق الشهر الماضي لتكريم ضحايا الصراع حولت كلمات المسؤولين المحليين ورجال الدين الحدث إلى منبر سياسي.

وبعد تسليم الهدايا للأرامل والثكالى في حي السيدة زينب الذي كان في قلب هجوم مضاد شنته قوات الأسد على مقاتلي المعارضة انقلب الأمر إلى مطالبة باستمرار حكم الأسد لفترة ثالثة.

استعاد الشيخ الشيعي السيد فادي برهان كلمات للأسد قال فيها إنه إذا كان هناك طلب شعبي له بالترشح فسيترشح وإنه لن يتخلى أبدا عن واجبه الوطني.

وتابع الشيخ قائلا إنه لهذا يغتنم فرصة هذا الجمع الكبير ليطلب منه ترشيح نفسه لفترة انتخابية أخرى.

وهلل الحضور وأغلبهم من مؤيدي للاسد.

مظاهرات في الشوارع

ويتكرر المشهد في مختلف الأحياء الخاضعة لسيطرة الحكومة في العاصمة مثل الأحياء التي يعيش فيها أسر رجال القوات المسلحة وكثيرون منهم من الطائفة العلوية الشيعية.

وظهر في الشوارع من جديد متظاهرون يرفعون صور الأسد ويلوحون بأعلام عليها صورة وجهه وإن كانت أعدادهم أقل من الآلاف الذين خرجوا في عام 2011 عندما حاولت السلطات الرد على احتجاجات ضخمة مناهضة لحكم الأسد اجتاحت البلاد.

وتنقل حافلات تلاميذ المدارس للمشاركة في المسيرات ما يثير انزعاج الآباء والأمهات الذين يشكون أنهم لم يتلقوا إخطارا مسبقا بأن أبناءهم سيشاركون في المظاهرات.

وقالت والدة تلميذ عمره 11 عاما “يضعونهم في حافلة وينقلونهم إلى مسيرة خلال الحصة الأخيرة من اليوم دون إخطارنا…رغم ما يمكن أن ينطوي عليه ذلك من خطورة شديدة.”

وأضافت “إذا أخطرونا فهم يعرفون أن معظم الآباء لن يرسلوا أبناءهم للمدرسة في ذلك اليوم.”

ويبدو أن هذه التعبئة تهدف إلى تدعيم ما تؤكده الحكومة من أن المواطنين يريدون أن يخوض الأسد الانتخابات.

ويقول وزير الاعلام عمران الزعبي إن قرار الترشح قرار شخصي يرجع للأسد نفسه لكنه يؤكد أن الشارع السوري سيضغط على الرئيس لخوض الانتخابات.

وتفتح التعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها في استفتاء قبل عامين الباب للمرة الأولى لخوض مرشحين منافسين الانتخابات أمام الأسد إذا استطاعوا الحصول على تأييد 35 عضوا من البرلمان المؤيد للأسد.

وهذه هي المرة الأولى منذ أربعة عقود من الناحية النظرية على الاقل التي سيتاح فيها للسوريين الاختيار من بين أكثر من مرشح بعد أن كان الخيار الوحيد أمامهم الإجابة بالموافقة أو الرفض بعد ترشيح البرلمان للاسد ومن قبله والده الرئيس الراحل حافظ الأسد.

وقال منذر أقبيق مستشار أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني المعارض إن سوريا لم تشهد انتخابات حقيقية منذ تولى حزب البعث السلطة عام 1963 وإن أي انتخابات تجري في ظل الظروف الحالية ستكون مهزلة.

وقال أقبيق لرويترز في تركيا “إذا كان يريد انتخابات فسيقيم مسرحا بمعارضة منظمة. وأي مرشح جاد من المعارضة سيقتل على الفور إذا كان داخل سوريا. فمن يجرؤ على الترشح أمام الأسد؟”

وأجرى الائتلاف جولتين من المحادثات لم تسفرا عن نتائج في جنيف مع مفاوضي الحكومة السورية. وتقول المعارضة والمبعوث الدولي إنه يجب أن تعالج المفاوضات مسألة هيئة الحكم الانتقالي وهي عبارة يرى خصوم الأسد أن المقصود بها رحيله عن السلطة.

لكن المسؤولين السوريين استبعدوا تماما احتمال أن يسلم السلطة.

انتخابات مستحيلة؟

وردا على التعبئة المؤيدة للأسد بدأت على الانترنت حملة في الاسبوع الماضي لترشيح زعيم المعارضة معاذ الخطيب الذي يحظى بشعبية وسرعان ما اجتذبت تأييد عشرات الالاف.

ونشر سوريون داخل مناطق محاصرة خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة ومؤيدون من مناطق بعيدة مثل استراليا وأوكرانيا صورا لانفسهم يحملون بطاقات تأييد للخطيب الذي كان خطيبا للجامع الأموي في دمشق.

ورحب الخطيب المقيم حاليا في قطر بالحملة على الانترنت لكنه كرر صدى اعتراض أقبيق على اجراء الانتخابات وسط الحرب الأهلية وتحت إشراف حكومة الأسد.

وقال على صفحته على فيسبوك إنه لن يعطي أي انتخابات يجريها النظام شرعية أو غطاء لان النظام لا يهدف إلا للحفاظ على وجوده.

ويبدو إجراء الانتخابات مستحيلا في ظل وجود 2.4 مليون لاجيء سوري في دول مجاورة ونزوح ملايين غيرهم داخل سوريا وعدم سيطرة الأسد على شمال سوريا وشرقها.

حتى في دمشق نفسها لا تصدق سوى قلة أن الانتخابات ستجري.

وقال مواطن سوري متوسط العمر يدعى سمير خلال غداء مع أصهاره عندما اتجه الحديث إلى السياسة “سمعت أن الانتخابات ستؤجل عاما أو عامين بسبب الوضع.”

وقالت مصففة شعر وهي تتولى تصفيف شعر زبونة في زيارة منزلية “الدستور الجديد يحدد عدد الفترات بفترتين وهو أمضى فترتين فكيف سيترشح مرة أخرى.”

وفي معضمية الشام الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة ردد أحد معارضي الأسد رأيا شائعا فقال “الأسد سيعلن ترشيحه ليلة الانتخابات وسيفوز بالطبع لان الناس في المناطق الموالية فقط هم الذي سيستطيعون الادلاء بأصواتهم ثم يقول ’آه انظروا. الشعب يريدني’.”

ألوان العلم

وفي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في دمشق بدأ كثيرون يشعرون بالضغط لابداء التأييد.

وعلى دراجات نارية يدور أعضاء في لجان شعبية من المدنيين الذين جندتهم الحكومة وسلحتهم على أصحاب المتاجر مطالبينهم بطلاء الأبواب بألوان العلم السوري.

وقال صاحب متجر في حي ركن الدين وهو من أحياء الطبقة الوسطى “طلبوا مني ومن محال أخرى في شارعي أن أرسم العلم على الفور.” وقيل له أن المخالفة الأولى ستكلفه غرامة قيمتها 5000 ليرة (30 دولارا).

أما المخالفة الثانية فتقود صاحبها إلى السجن.

وقال “طليت ألوان العلم في نفس اليوم. فلا أريد مشاكل.”

وفي أحياءأرقى مثل الشعلان حيث تميل السلطات لعدم إصدار أوامر مباشرة لاصحاب المتاجر والشركات فإن ضغط الأنداد له فعاليته.

فقد قال صاحب متجر “منذ أسبوعين جئت للعمل ووجدت جيراني رسموا العلم أثناء الليل. فقت برسم العلم أيضا. لا أحد يجرؤ أن يكون الشريك المخالف.”

ومن أغرب مظاهر تأييد الأسد طواف سيارتين من نوع هامر طليتا بألوان العلم السوري حول المدينة أحيانا في ساعات متأخرة والموسيقى تنطلق منهما بصوت عال تتبعهما مجموعة من السيارات تطلق أبواقها.

بل إن سيدة ألبست كلبها الصغير من نوع شيواوا ملابس مموهة كالزي العسكري وخشي البعض أن تستاء السلطات من هذا التصرف.

لكن السيدة قالت “لا تقلقوا. عبرت به من عدة نقاط تفتيش وقد أحبوه.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ليث الحسيني العلواني... بريطانيا:

    اذا الشعب يريده وينتخبه ليش لآ…؟
    دمقراطيه…

  2. يقول ربى - فلسطين:

    فرصة أخيرة يطلبها الطاغية ” الأسد ” ليصلح ما أفسده خلال عقد من الزمن ، لما لا يأخذ فرصة رابعة وخامسة وعاشرة إذا كان صاحب نية صالحة ؟؟ ولتذهب الدماء والاشلاء وليبقى هو ع عرش محمي بالحراب والقتل !! .
    وكيف سينظر ما تبقى من أطفال سوريا في وجه هذا السفاح ؟؟ وهم يتذكرون كل حين رفاقهم وأهلهم الذين قضوا بالبراميل المتفجرة .
    كيف الناس سينظرون له من ما تبقى منهم ع قيد الحياة في سوريا والمشردين في أصقاع الأرض ؟؟ من بعد ما أهلك الحرث والنسل فقط ليبقى من أجل المقاومة والممانعة … هزلت يا الطاغية ” الأسد ” أنت ومن أعان في تدمير سوريا وتشريد أهلها .

  3. يقول S as:

    Assad 100%♡♡♡♡♡♡♡

  4. يقول Ahmad Omar:

    الله معك يا دكتور بشار يا حبيب الشعب. سوريا كانت في احلى عز قبل مجيء التتار الجدد (التكفيريين والارهابيين). ان شاء الله ستعود سوريا الى عزّها بقيادة الأسد ابن الأسد وبسواعد الجيش العربي السوري وحلفائه. لا تعملوا انتخابات ولا ما يحزنون لأن الامريكان ومن يلف لفهم، وهم كثيرون، لا يعترفوا بأنتخابات لا تعجبهم نتائجها.

  5. يقول سامح // الامارات:

    لماذا دائما نهرب من الصراحة والحقيقة …ونلف وندور ف حلقة مفرغة …؟؟؟!!!
    * الطاغية ( بشار ) قرار بقائه من عدمه بيد ( ايران وروسيا ) …؟؟؟
    ** وسيبقى ع ( الكرسي ) اللعين …المشؤوم …الملطخ بدماء الأبرياء
    ما دامت ( ايران وروسيا ) …لم تتخذ قرارا ( عكس ذلك ) .
    * هذا هو الواقع والصورة الحقيقية …للإنتخابات الرئاسية ( المسخرة )
    ف سوريا ( الجريح ) …ف سوريا ( الحزين ) …ف سوريا ( المظلوم ) .
    شكرا .

    1. يقول سلمان الغامدي:

      ﻳﺎﻋﻤﻲ ﻃﻴﺮ.

  6. يقول احمد..سوريا:

    اذا لم تسنحي فاصنع ماشئت

  7. يقول يحي:

    الله معك يا بشار . تحية معطرة للجيش العربي السوري .

  8. يقول Sabr/London:

    بشار الاسد طاغيه ودكتاتور ولكنه رمزالوحده السوريه ان ذهب بشار ستذهب سوريه الى الابد كما العراق وليبيا.

    1. يقول Alshammari:

      فعلا كلامك ١٠٠٪ دقيق ،،،، اذا ذهب بشار فستتقاتل عشرات الفصائل المسلحة في سوريا وستصبح سوريا حمام دم مئات المرات أكبر من ليبيا والعراق ،،،وإذ تقتل السنة والشيعه في العراق اليوم ففي سوريا ستقاتل كل الأديان والطوائف السورية والأجنبية وحتى الإسرائيلية واستغرق سوريا في حمام دم مرعب لم يشهد التاريخ مثله

    2. يقول احمد:

      حسبنا الله ونعم الوكيل على من طغى وتجبر

  9. يقول تخبط:

    أهل دمشق كلهم يرفضون بشار الأسد و يرفضون ترشحه .لكنهم جميعا مجبرون على الذهاب للانتخابات و طبعا كتابة نعم ,,لا احد يجرؤ ان يكتب لا,,,,إن فروع المخابرات بالمرصاد ,,لكننا و إن كنا سكتب نعم ,,,لكننا و الله ندعو على بشار و ذريته في طثيير م لأوقات ,,,إنسان دموي همه فقط الكرسي ,,,سرقوا بلدنا و دمروها

  10. يقول غياث احمد:

    يكفي فخرا لبشار الاسد انه ضد تقسيم سوريا

    الذين لا يريدون بشار الاسد هل عندكم بديل يريد الخير لسوريا ليس تابعا ليس عميلا

    ليس خائتا

    ان من ةشارك في هذه الحرب القذرة على سوريا جميعهم قاتلون

    اين البديل اين البديل

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية