وسام الصغيّر لـ«القدس العربي»: رشّحنا عصام الشابي للرئاسة للتصدي لمحاولة سعيّد «إزاحة» منافسيه في الانتخابات

حسن سلمان
حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي»: قال وسام الصغيّر، الناطق باسم الحزب الجمهوري في تونس، إن ترشيح الأمين العام للحزب، عصام الشابي، للانتخابات الرئاسية يندرج في إطار التصدي لما اعتبرها محاولة الرئيس قيس سعيد “إزاحة” المنافسين له في الانتخابات الرئاسية المقبلة عبر إصدار بطاقات اعتقال ضدهم.
وكان الحزب الجمهوري أعلن أخيراً ترشيح أمينه العام عصام الشابي، المعتقل في إطار قضية “التآمر على أمن الدولة” للانتخابات الرئاسية المقبلة، كما أعلنت أكثر من مئة شخصية سياسية دعمها لهذا الترشح.
وقال وسام الصغير، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “قرار الرئيس قيس سعيد إصدار بطاقة جلب بحق أحد المترشحين (في إشارة لمنذر الزنايدي) أحدث حالة من الارتباك لدى جزء كبير من النخبة السياسية، والهدف من ترشيح الشابي هو كسر حاجز الخوف لدى كل من يفكر بالترشح للرئاسة، والتصدي لمحاولة قيس سعيد إخلاء الساحة وتعبيد الطريق أمامه للعودة للرئاسة، كما أن هذا الترشيح يندرج في إطار المبادرة التي أعلن عنها المحامي العياشي الهمامي والمتعلقة بدعوة المعارضة للتوافق حول مرشح واحد ينافس سعيد في الانتخابات”.
وكان بعض المراقبين “شككوا” بإمكانية قبول الرئيس سعيد بنتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة في حال نجاح شخصية من المعارضة، مستندين إلى تأكيده في وقت سابق أنه لن يسلم تونس لمن “لا وطنية لهم”.
وعلق الصغير على ذلك بقوله: “كل المؤشرات تقول إن سعيد يتعامل مع الدولة كمتاع شخصي، حيث سقطت لديه كل مفاهيم دولة القانون والعدل والمؤسسات، وانتقلت المحاكمات من قصر العدالة إلى قصر قرطاج، حيث بدأ سعيد بإصدار أحكامه ضد الموقوفين رغم عدم إدانتهم حتى الآن من قبل القضاء، بل إنه يعتبر من يبرِّئهم شريكاً لهم!”.
واستدرك بقوله: “لكن هذا لا يعني أننا سنقف مكتوفي الأيدي تجاه هذا الأمر، ويجب التعامل معه بكثير من الإصرار والتضحية ومحاولة إيقاف هذا الانحدار الخطير الذي تعيشه تونس”. وحول إمكانية عودة الاستقطاب الثنائي بين “التجمعيين” (نسبة إلى نظام بن علي) والإسلاميين خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال الصغير: “لو كان هذا الاستقطاب مبنياً على رؤى فكرية وبرامج ومشاريع ذات مضامين فلا ضير فيه، ولكنه -للأسف- قائم على الأسلوب المعتاد كالمناكفة والتشويه واستهداف الحياة الخاصة وسبر الآراء المفبرك وتجييش المجموعات التي تشكلت في السابق كالتجمعيين والإسلاميين وغيرهم، وهذا غير مقبول”.
وأضاف: “على القوى الديموقراطية والاجتماعية والتقدمية التونسية -والتي تؤمن بقيم العدل والفصل بين السلطات وترفض المزايدات الشعبية- تشكيل قوة سياسية ثالثة لها وزن وعمق مجتمعي قادر على أداء دور في تغيير الواقع نحو الأفضل، وعدم ترك البلاد رهينة لهذين المشروعين (التجمعيون والإسلاميون) اللذين قوضا العملية السياسية في البلاد”. وعلق الصغير على “تغير” موقف هيئة المحامين من معتقلي قضية التآمر، وتقدمها بطلب للإفراج عن عدد منهم، بالقول: “هناك العديد من الهيئات التي ساندت مسار 25 تموز/ يوليو وعلقت عليه آمالاً كبيرة، لكن مع مرور الوقت تبدل موقفها كلياً تجاهه، بعدما أدركت حقيقته. ومن هذه الهيئات عمادة المحامين، والتي نثمن موقفها الإيجابي الأخير، ونأمل تكريسه في استرجاع قطاع المحاماة لمكانته النضالية والحقوقية، ونرجو ألا يكون موقف العمادة الأخير مجرد تكتيك في تعاملها مع السلطة بعد رفض جملة المطالب القطاعية التي تقدمت بها ولم تتم تلبيتها”.
وكان الاجتماع الأخير الذي استضافه قصر قرطاج وجميع الرئيس سعيد بنظيريه الجزائري والليبي أثار انقساماً واسعاً في تونس، حيث رأى البعض أنه محطة أولى نحو تفعيل الاتحاد المغاربي، فيما اعتبر آخرون أنه مقدمه لـ”وأده”.
وعلق الصغير بالقول: “إذا نظرنا بشكل واقعي وموضوعي -وليس بروتوكولي دبلوماسي- فإن اتحاد المغرب العربي انتهى منذ 1994 (بعد تفجيرات مراكش) حتى إن العاهل المغربي قال في 2017 إن هذا الجهاز (الاتحاد) أصبح في عداد الماضي، يعني لم يعد له أي دور في الفعل الإقليمي. والاجتماع الأخير قد يكون مقدمة لتشكيل قطب جديد قد يؤدي دوراً مهماً وربما فرصة لإيجاد قوة قادرة على تشكيل ثقل تجاه الغرب في منطقة تعيش تغيرات كبرى، وخاصة أن المغرب اختار محوراً آخر منذ أن أعلن قرار التطبيع مع إسرائيل، أي أنه اختار محور عدد من دول الخليج، وله الحق في ذلك”. وأثارت الزيارات المكثفة لرئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني (أربع زيارات خلال عام واحد) وأعضاء من حكومتها إلى تونس مخاوف حول محاولة روما ممارسة “ضغوط” على تونس لدفعها للقبول بتوطين المهاجرين غير النظاميين فيها.
وعلق الصغير بالقول: “الجميع يعلم أن ميلوني المنتمية إلى اليمين الإيطالي المتطرّف هي أحد رموز الفاشية الأوروبية. ووجب القول إن التحالفات الموضوعية تحصل بين المجموعات التي تتشابه في الطرح والبرنامج، وأعتقد أن القارئ يعي جيداً ما أقوله”.
وأضاف: “لا أعتقد أن ميلوني تقوم بعمل خيري في تونس، فالعلاقات الدبلوماسية بين الدول تقوم على المصالح، وميلوني تبحث عن موقع متقدم في صراعها مع إيمانويل ماكرون داخل الاتحاد الأوروبي، وهي تريد أداء دور ريادي في المنطقة وإعادة إيطاليا للصدارة. وتريد القول إنها المسؤولة رقم واحد في الاتحاد الأوروبي عن إيقاف معضلة الهجرة غير النظامية”. واستدرك بالقول: “لكن -في المقابل- ماذا ستستفيد تونس من هذه الزيارات، سوى القليل من الفتات المالي مقابل حماية حدود أوروبا من المهاجرين؟ ولماذا لم يتطرق الرئيس قيس سعيد في لقاءاته مع ميلوني إلى الانتهاكات التي ترتكبها السلطات الإيطالية بحق المهاجرين التونسيين، فضلاً عن قيامها بترحيل المئات منهم شهرياً، في مخالفة كبرى للمواثيق والاتفاقيات الدولية؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية