بعد اتهامات بمعاداة السامية في “مهرجان برلين السينمائي”.. مطالب بإقالة وزيرة الثقافة.. والسفير الإسرائيلي يطالب بتوضيحات

علاء جمعة
حجم الخط
0

برلين- “القدس العربي”:

أثار الحفل الختامي لمهرجان برلين السينمائي موجة من الغضب، مع إثارة اتهامات بمعاداة السامية. وفي حين انبرت الصحف والاعلام الألماني الشعبوي بتضخيم الادعاءات والمطالبة بإقالة المسؤولين ومحاسبتهم ومطالبة وزيرة الثقافة بالاستقالة، تساءلت الصحف الأكثر رصانة عن حقيقة ما حدث، وماهية ردود الفعل للسياسيين الألمان، مطالبين المستشار الألماني أولاف شولتس بالتدخل وإصدار تصريح يوضح نظرته العامة لما جرى.

بعد حفل توزيع جوائز “برليناله” مساء السبت ، ظهرت ادعاءات بمعاداة السامية في أعقاب التصريحات حول الحرب بين إسرائيل وغزة. وانتقد السفير الإسرائيلي رون بروسور بشدة “المشهد الثقافي الألماني” .

وكانت من أبرز انتقادات السفير الإسرائيلي عندما صعد المخرج الأمريكي التجريبي بن راسل على خشبة المسرح مرتديًا الكوفية الفلسطينية، منتقدا الإبادة الجماعية وتصرفات إسرائيل في قطاع غزة ، في حين لاقى خطابه استحسان وتصفيق الجمهور.

كما تم تداول صور لعضوة لجنة التحكيم  الفرنسية فيرينا بارافيل  وهي تعلق ورقة على ظهرها كتب عليها بأحرف كبيرة واضحة  “وقف إطلاق النار الآن!” وذلك في حفل اختتام برليناله. وقام العديد من العاملين على خشبة المسرح بارتداء شارات مماثلة. وبحسب السفير الإسرائيلي، فإن الجميع ذكر غزة، ولم يذكر الفائزون بالجائزة هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

وطالت الاتهامات ادعاءات ضد المخرج الفلسطيني باسل عدرا بفيلمه (لا أرض أخرى). حيث دعا عدرا ألمانيا إلى التوقف عن تزويد إسرائيل بالأسلحة. ودعا زميله الإسرائيلي يوفال أبراهام إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الاحتلال.

كيف تصرفت إدارة المهرجان؟

في بداية الحفل، أوضحت مارييت ريسنبيك، المديرة المشاركة لمهرجان برلين، أنه لا يوجد مكان في مهرجان الأفلام “برليناله” لخطاب الكراهية ومعاداة السامية ومعاداة المسلمين وأي شكل من أشكال التمييز. ووصفت حرب غزة بأنها “كارثة إنسانية”. كما قالت: “إننا ندعو حماس إلى إطلاق سراح الرهائن على الفور، وندعو إسرائيل إلى بذل كل ما في وسعها لحماية السكان المدنيين في غزة وضمان إمكانية استعادة السلام الدائم في المنطقة. القتال يجب أن يتوقف”.

وبحسب مجلة شبيغل الألمانية، فقد أوضح منظمو المهرجان السينمائي، أن التصريحات التي أدلى بها الفائزون بالجوائز هي آراء مستقلة وفردية و”لا تعكس بأي حال من الأحوال موقف المهرجان”. وقالت في بيان إنهم “طالما ظلوا ضمن الحدود القانونية، فكان لا بد من قبولهم”.

المطالبة بإقالة وزيرة الثقافة

صحيفة بيلد الألمانية، حمّلت وزيرة الثقافة كلوديا روت، المسؤولية، ولفتت إلى دعوى مقدمة ضدها في البرلمان من البرلمانية غيتا كونيما، حيث حملت الدعوى ادعاءات خطيرة ضد روت، معتبرة ما حصل فضيحة سياسية جاءت نتيجة تقاعس الوزيرة الألمانية.

وقالت بيلد: “تتولى وزيرة الدولة للثقافة كلوديا روت (68 عاما، حزب الخضر) مسؤولية الفن والثقافة في ألمانيا منذ ديسمبر 2021، ولكن تحت رعايتها، تحولت الأحداث الثقافية المهمة إلى كوارث!”. وأضافت بيلد: “لنذكر أولا فضيحة كراهية اليهود في معرض “دوكومنتا” الفني في عام 2022 والذي حمل لوحات معادية للسامية. والآن حفل توزيع الجوائز في برليناله 2024، حيث ألقى أعضاء لجنة التحكيم وصانعو الأفلام خطابات متحيزة مناهضة لإسرائيل، وشوّهوا الدولة اليهودية والتزموا الصمت بشأن حماس”.

وقالت الصحيفة: “الوزيرة روت غير مناسبة للعمل كممثل للثقافة الألمانية. إذا كانت لا ترغب في إلحاق المزيد من الضرر بهذا المنصب فعليها الاستقالة”.

وبحسب “بيلد” فإن مناصري فلسطين يحظون بدعم الوزيرة، حيث تم تعيين الكاميروني بونافنتورا سوه بيجينغ نديكونغ (47 عاما) رئيسا لبيت الثقافات العالمية في برلين (HKW)، على الرغم من أنه دعا مرارا إلى “تحرير فلسطين”، وعندما سئلت كلوديا روت عن ذلك قالت: “يجب أن يتم الحكم عليه بالدرجة الأولى على إنجازه الفني”.

ماذا حدث على إنستغرام؟

نشر محرر صحيفة “فيلت” الألمانية فريدريش شندلر، لقطات قيل إنها ظهرت على حساب مسابقة “بانوراما” في برلين، وتظهر صورة حصان على شاطئ البحر تحمل شعار “فلسطين حرة من النهر إلى البحر”.

وقال شندلر، إن المهرجان حمل شعارات لنصرة غزة وإنهاء إرهاب الدولة الذي تموله ألمانيا. وبعد وقت قصير، لم يعد من الممكن العثور على المشاركات.

وفي حينه، هدد وزير العدل الألماني ماركو بوشمان بالملاحقة الجنائية في أعقاب التعليقات المؤيدة للفلسطينيين في مهرجان برلين السينمائي في نهاية الأسبوع.

وأوضح في تصريح لمجموعة فونكه الإعلامية الألمانية، أن استخدام شعار “فلسطين حرة من النهر إلى البحر” على سبيل المثال، يمكن تفسيره على أنه تغاضٍ عن جرائم القتل التي ارتُكبت في إسرائيل كجزء من هجمات حماس في أكتوبر 2023. مؤكدا أن القانون الجنائي مجهز جيدا لمعاقبة التصريحات المعادية للسامية.

ونأى منظمو “برلين السينمائي” بالمهرجان عن المنشور الذي تمت إزالته قائلين إن الحساب تعرض للاختراق. وأنهم لا يحملون أية مسؤولية نتيجة ما حدث.

ردود الفعل الرسمية

في المقابل، أكدت وزيرة الثقافة كلوديا روت، اهتمامها بما حدث في مهرجان برلين السينمائي، وخاصة أحداث الحفل الختامي، وقالت إنها ستحقق في الأمر. وأضافت أنه “ينبغي دراسة ما حدث والتحقيق في هذه الادعاءات، بيد أننا نريد أن نعرف هل نريد هذا المهرجان ليكون مكانا للتنوع ووجهات النظر المختلفة والحوار أم لا”.

وقالت الوزيرة إنها تريد ضمان أن يكون المهرجان في المستقبل خاليا من الكراهية للجميع، لليهود وللمسلمين أيضا، وأضافت: “لا يجب أن يكون المهرجان منصة لمعاداة السامية ولا معاداة المسلمين وأيضا أي نوع من الكراهية”.

وتقوم الحكومة الاتحادية الألمانية بتمويل مهرجان برلين السينمائي “برليناله” من خلال تمويل بقيمة 12.6 مليون يورو، من مفوض الحكومة الفيدرالية للثقافة والإعلام.

من جهته، كتب عمدة برلين كاي فيغنر (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي) عن الحادث على منصة إكس: “ما حدث في برليناله كان لا يطاق”. وأوضح أن “معاداة السامية ليس لها مكان في برلين، وهذا ينطبق أيضا على المشهد الفني”. وأضاف: “أتوقع من الإدارة الجديدة لبرليناله أن تضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث مرة أخرى”.

شولتس يدين

بعد الجدل الكبير، أدان المستشار الألماني أولاف شولتس التصريحات التي تنتقد إسرائيل في “برليناله”. وقالت نائبة المتحدثة باسم الحكومة، كريستيان هوفمان في برلين، إن شولتس يوافق على أنه “لا يمكن السماح بمثل هذا الموقف الأحادي. ومن المهم في أي نقاش حول هذا الموضوع، أن نأخذ في الاعتبار الأسباب التي أدت إلى هذا التصعيد المتجدد للصراع، وبالتحديد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023” وفق قولها.

المخرج الأمريكي بن راسل والمخرج الفرنسي غيوم كايلو وجاي جوردان وسيرفان ديكلي خلال توزيع جوائز برليناله 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية