وزير الخارجية الإيراني يفتتح قنصلية بلاده الجديدة في دمشق

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: بعد نحو أسبوع على هجوم الأول من أبريل/ نيسان الذي استهدف فيه سلاح جو الاحتلال الإسرائيلي مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وأودى بحياة القائد في فيلق القدس العميد محمد رضا زاهدي، وعدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى سوريا الإثنين، على رأس وفد سياسي وبرلماني من أجل افتتاح مبنى الجديد للقسم القنصلي في السفارة الإيرانية في دمشق.
والإثنين الماضي، شنت إسرائيل غارة على القسم القنصلي في سفارة إيران في دمشق وسوّته بالأرض، وقتلت 5 ضباط في الحرس الثوري، بينهم قائد العمليات العسكرية الإيرانية في سوريا ولبنان العميد محمد رضا زاهدي، ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي، في تصعيد هو الأخطر من نوعه في سجل الضربات المتبادلة بين الطرفين.
وكالة النظام الرسمية “سانا” نشرت، أمس الإثنين، صوراً من افتتاح المبنى الجديد للقسم القنصلي بحضور وزير الخارجية فيصل المقداد ونظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.
وأجرى عبد اللهيان لقاء مع وزير الخارجية فيصل المقداد، وقال عبد اللهيان في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري فيصل المقداد إن “الكيان الصهيوني سيعاقب وسيتلقى الرد اللازم” على هجومه على مبنى القنصلية الإيرانية. وتابع أن الاستهداف الإسرائيلي “تجاوز خطير (…) وأن الأيام المقبلة ستكون أياماً صعبة للكيان الصهيوني”. وأكد أن بلاده تعتبر “أمن سوريا أمنها”، مضيفاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في رمقه الأخير.
وتبع اللقاء مع المقداد لقاءً آخراً مع الرئيس السوري بشار الأسد بحثا خلاله “سبل دعم الشعب الفلسطيني” دولياً في ظل التغيرات الكبيرة في المواقف الدولية تجاه ما يحصل في غزة، كما بحثا العلاقات الثنائية بين سوريا وإيران والتنسيق المستمر بين البلدين في مختلف القضايا الثنائية والدولية، بحسب بيان رئاسي.
الأكاديمي والمحلل السياسي الإيراني د. حسن هاشميان، ترجم في تصريح لـ “القدس العربي” السرعة في افتتاح مبنى جديد للقسم القنصلي الإيراني في دمشق – وهو قسم معني بتقديم خدمات السفر للعسكريين وعناصر الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني، وفق المتحدث – بأنه يأتي في سياق حرص طهران على الحفاظ مستوى حضورها العسكري في دمشق.
ويوفر الوجود العسكري الإيراني في سوريا فرصة لإيران من أجل تعزيز حضورها وتمددها على المستويات المختلفة، لكنه في الوقت نفسه يجعل من القادة العسكريين والمواقع التابعة لها مرمى للهجمات الإسرائيلية المتكررة.
وقال هاشميان إن “افتتاح القنصلية بهذه السرعة يدل على أن هناك خلافاً شديداً بين النظام السوري والإيراني حول حضور العسكريين الإيرانيين ومستوى هذا الحضور في سوريا”.
وأبدى المتحدث عن اعتقاده أن “هذه الحركة من إيران تدل على مخاوف إيران من مطالبة سوريا لها بتقليل مستوى الحضور العسكري الإيراني، وهذا مطلب مدعوم من روسيا، ولذلك إيران استعجلت حتى تضع النظامين السوري والروسي أمام الأمر الواقع”.
وأضاف المتحدث: “القنصلية الإيرانية لا تقدم خدماتها للناس العاديين المدنيين، ولا يتردد إليها زوار إيرانيين بقصد السفر إلى إيران أو العكس، إنما يقتصر عمل القنصلية على تقديم خدمات السفر للعسكريين وعناصر الحرس والمرتزقة التابعين للميليشيات الإيرانية. معتبراً أن “هذه السرعة في افتتاح مبنى جديد للقنصلية يعني إصرار إيران في تردد عناصرهم وميليشيات الحرس الثوري وقياداته إلى سوريا”.
كما يحمل افتتاح مبنى القنصلية بهذه السرعة وجهاً آخر، وفق المتحدث، “حيث يوجه النظام الإيراني رسالة إلى إسرائيل والمنطقة، بأنه على الرغم من مهاجمة إسرائيل للقنصلية، فإن إيران لن ترد بشكل مباشر، ولدى إيران الاستعدادات الكاملة لتبديل هذه القنصلية وهو نوع من المقاربة للرد الإيراني على إسرائيل”.
وقال: “إيران تتملص من الرد، وهي لن ترد على إسرائيل بصورة مباشرة كما يتوقع البعض بأنه في هذه المرحلة وفي هذه الحملة الإسرائيلية هناك استحقاق للرد الإيراني على إسرائيل، إنما افتتاح القنصلية هو الرد الإيراني، حيث تأتي بهذه الخطوة لتقول إننا عوضنا القنصلية ولا شيء يدفعنا على الرد المباشر على أعمال إسرائيل بالرغم من كل التصريحات التي سمعناها”.
وفي أعقاب الهجمة الإسرائيلية الأعنف التي أدت إلى مقتل خمسة من كبار قيادات الحرس الثوري الإيراني، تعهد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بالانتقام. وقال إن “النظام الصهيوني سيعاقب على أيدي رجالنا الشجعان. وسنجعله يندم على هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي ارتكبها”. كما قال المستشار السياسي لخامنئي علي شمخاني، في منشور على موقع إكس، إن الولايات المتحدة “تظل مسؤولة بشكل مباشر، سواء كانت على علم بنية تنفيذ هذا الهجوم أم لا”.
وكانت وكالة “ارنا” الإيرانية أفادت أن وزير الخارجية عبد اللهيان وصل، في إطار جولة إقليمية بدأها من سلطنة عمان حيث التقى نظيره العماني بدر بن حمد البوسعيدي، وأكد من مسقط خلال مؤتمر صحافي مشترك، أن بلاده تجري مشاورات مع سلطنة عُمان، موضحاً أن الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق فتح صفحة جديدة من إثارة الحروب وتوسيع نطاق الحرب في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك اتفاقاً بين الجانبين على ضرورة وقف الحرب والإبادة في غزة فوراً.
وخلال لقائه رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، في العاصمة العُمانية مسقط، أعلن وزير الخارجية الإيراني أن الاعتداء الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق “كان باستخدام طائرة وصواريخ أميركية الصنع”، مشدداً على أن “طهران ستردّ وتعاقب المجرمين”، كاشفاً أنها ستتخذ إجراءات قانونية ودولية ضمن إطار المقررات الدولية.
وغادر وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان مسقط متوجهاً إلى دمشق، الإثنين، على رأس وفد سياسي وبرلماني للقاء مسؤولين سوريين رفيعي المستوى.
وفي السياق، نقلت وكالة “فرانس رس” عن مصدر مقرّب من حزب الله، أمس الاثنين، بأن القيادي العسكري الإيراني محمد رضا زاهدي الذي قُتل في الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، كان عضوًا في مجلس شورى الحزب.
واللواء محمد رضا زاهدي هو القيادي العسكري الإيراني الأبرز الذي يتم استهدافه منذ اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس والذي اغتيل بضربة جوية أميركية في بغداد في كانون الثاني/يناير 2020. وكان زاهدي العضو الوحيد غير اللبناني في مجلس شورى حزب الله، حسبما قال المصدر.
ويضمّ مجلس شورى حزب الله وهو الهيئة التي تتخذ القرارات في التنظيم الشيعي اللبناني الذي أنشئ في العام 1982، سبعة أعضاء بالإضافة إلى الأمين العام للحزب حسن نصرالله، حسب المصدر. وكان زاهدي كذلك أحد القادة البارزين في فيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية