واشنطن بوست: عدم حل ونزع سلاح الجنجويد قاد إلى الأزمة الحالية.. ومخاوف من إبادة جديدة في دار فور

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

حذرت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها من إبادة جديدة تتخمر في منطقة دار فور بالسودان مقترحة بعض الخيارات لمنع حدوثها.
فالقتال المندلع في السودان منذ منتصف نيسان/ إبريل بين الجنرالين المتحاربين في الخرطوم، امتد إلى إقليم دار فور ويهدد بإعادة إشعال عمليات التطهير العرقي الوحشية التي جرت قبل 20 عاما والتي خلفت ما يقدر من 300 ألف قتيل.
ويجب على الولايات المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية وجيران السودان في إفريقيا والشرق الأوسط التدخل سريعا، واستخدام كل ما لديهم من نفوذ لمنع النزاع الذي بلا معنى ومنع تحوله إلى إبادة.
وقالت إن “السرعة، ضرورية، إن لم تكن متأخرة، فالتقارير القادمة في الأيام الماضية تتحدث عن قتل جماعي واغتصاب واختطاف وتهجير قسري للمدنيين. وقتل أكثر من 1000 مدني في الجنينة ومدن وبلدات أخرى في دار فور حسب بعض التقارير”.

إن السرعة ضرورية، فالتقارير القادمة في الأيام الماضية تتحدث عن قتل جماعي واغتصاب واختطاف وتهجير قسري للمدنيين. وقتل أكثر من 1000 مدني في الجنينة ومدن وبلدات أخرى في دار فور.

وكانت الضحية الأبرز هو حاكم ولاية غرب دار فور خميس أبكر، الذي اختطف ثم قتل بعدما قدم مقابلة مع قناة تملكها السعودية وشجب وحمّل واحدا من المتقاتلين، قوات الدعم السريع، مسؤولية استهداف المدنيين بناء على هويتهم العرقية. وكشف شريط فيديو عن رجال بزي قوات الدعم السريع وهم يحتجزون الحاكم قبل قتله، لكن المسؤولين في الدعم السريع نفوا أي علاقة وأن القتلة هم خارجون عن القانون ويعتقلون مقاتليهم.

وتعلق الصحيفة أن منطقة دار فور أصبحت محورا لكارثة إنسانية، حيث لم يعد لدى المدنيين ما يكفي من طعام ولا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات وحُرقت مخيمات النازحين ونُهبت المخازن وانتشرت الجثث في الشوارع.
وتذكر الصحيفة أن حرب دار فور الأولى في عام 2003 اعتبرت أول إبادة في القرن الواحد والعشرين، وذلك عندما أرسل الجيش السوداني ميليشيات الجنجويد العربية لقمع انتفاضة ضد نظام التمييز. وكان الجنجويد يهاجمون وهم على ظهور الخيول أو الجمال أو في سيارات لاند كروزر وقاموا بحملة تطهير عرقي حرقوا فيها القرى ونهبوا ودمروا المحاصيل واغتصبوا النساء وقتلوا المدنيين. وكان الطيران السوداني يدعم الجنجويد في غالب الأحيان، وتبع هجومهم هجمات برية وغارات جوية، واعتبرها وزير الخارجية الأمريكي كولن باول “إبادة” عام 2004.

إن حرب دار فور الأولى في عام 2003 اعتبرت أول إبادة في القرن الـ21، عندما أرسل الجيش السوداني ميليشيات الجنجويد العربية لقمع انتفاضة ضد نظام التمييز. فكانوا يهاجمون وهم على ظهور الخيول أو الجمال أو في سيارات لاند كروزر وقاموا بحملة تطهير عرقي حرقوا فيها القرى ونهبوا ودمروا المحاصيل واغتصبوا النساء وقتلوا المدنيين.

وكانت الأزمة أول امتحان للاتحاد الإفريقي وشعاره “حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية”، ولكنه فشل بكل المعايير كما فشل اليوم. ولدى الاتحاد الإفريقي قوة تدخل سريع، لكنه تردد بالتدخل في شؤون البلد بدون قرار من مجلس الأمن. ووجهت محكمة الجنايات الدولية اتهامات إلى الرئيس عمر البشير وعدد من المساعدين له، ما جعله أول رئيس دولة توجه إليه تهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. لكن الاتحاد الإفريقي نصح الدول الأعضاء بتجاهل الاتهام، حيث زعم بعض قادة إفريقيا أن المحكمة متحيزة وتستهدف الأفارقة أولا.
وأدى غياب المحاسبة والملاحقة من العقاب وعدم احترام الاتحاد للقانون الدولي لفتح الباب أمام الجرائم التي ارتكبت في دار فور.

وفي عام 2013 تحولت الجنجويد إلى قوات الدعم السريع تحت الجيش السوداني. وبعد اعتقال البشير، دخل قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، حميدتي، في شراكة لتقاسم السلطة مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الزعيم الحالي للدولة. وكان حميدتي سابقا، مقاتلا ناشطا في الجنجويد بدار فور. وبناء على الاتفاق الذي رعاه المجتمع الدولي، كان على حميدتي دمج قواته شبه العسكرية في الجيش لكنه لم يلتزم، ومن هنا بدأت المواجهة مع البرهان في نيسان/إبريل.
واستمر القتال بدون توقف، باستثناء اتفاقيات وقف إطلاق للنار متقطعة. وقتل الآلاف من الأشخاص في أنحاء البلاد وشرد أكثر من مليون شخص حسب أرقام الأمم المتحدة. وترى الصحيفة أن الفشل في حل ميليشيات الجنجويد في البداية، ثم جلب أفرادها إلى حكومة تقاسم السلطة بدلا من نزع سلاحهم، هو ما قاد إلى الأزمة الحالية.

إن الفشل في حل ميليشيات الجنجويد في البداية، ثم جلب أفرادها إلى حكومة تقاسم السلطة بدلا من نزع سلاحهم، هو ما قاد إلى الأزمة الحالية.

وهناك الكثير من اللوم الموزع على الجميع والدول الخارجية التي طالما تدخلت في شؤون السودان. فالمجموعة العسكرية الروسية، فاغنر، ذكرت عدة تقارير أنها تقوم بمساعدة قوات الدعم السريع وتسيطر على مناجم الذهب وتهربه، ما يمنح القوات خطا مستقلا لتمويل الحرب.

ومن جانبها رحبت الصين بالرئيس السابق عمر البشر الملاحق من الجنائية الدولية، في بيجين، وصافحه الرئيس شي جينبينغ كـ “صديق قديم”.
وتعلق الصحيفة أن العالم أقسم أنه لن يسمح بإبادة جديدة بعد كمبوديا ورواندا والبوسنة وراكين في ميانمار، لكن التحركات القليلة التي اتخذت كانت متأخرة. واليوم نشاهد حدوث هذا مرة أخرى، وما سيصبح إبادة جديدة، والسؤال عن وجود تحرك وقائي غير التصريحات التي تعبر عن القلق والشجب.

وهناك فكرة تتعرض للنقاش في المحكمة الجنائية الدولية وهي فتح حالات جرائم حرب جديدة للجرائم التي تتكشف في دار فور. وعلى الأمين العام للأمم المتحدة التحرك واتخاذ إجراءات قوية بدءا من الإعلان عن حالة الطوارئ. وهناك حاجة إلى ممر إنساني لكي تمر منه الإمدادات الغذائية والطبية الضرورية إلى المدنيين العالقين وسط القتال. وعلى دول السودان المؤثرة وبخاصة السعودية ومصر ممارسة ضغط واستخدام النفوذ لإخضاع الجنرالين المتحاربين. والوقت يمر سريعا للشعب السوداني ولدار فور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية