هل يركز أولاف شولتس في سياسته تجاه أوكرانيا على الحفاظ على سلطته فقط؟

علاء جمعة
حجم الخط
0

نهج شولتس في سياسته تجاه أوكرانيا يتأثر بعوامل متعددة، بما في ذلك مصلحة البلاد، والتحالفات الدولية، والتطورات السياسية والأمنية في المنطقة.

برلين ـ «القدس العربي»: هذا هو السؤال الذي طرحته مجلة «شتيرن» الألمانية بعد أن استبعد شولتس فكرة إرسال قوات برية إلى أوكرانيا.

وكانت المعارضة المحافظة الألمانية أقد أخفقت مجدداً في تمرير قرار برلماني يطالب برلين بتزويد أوكرانيا بصواريخ تاوروس بعيدة المدى، بعدما صوتت أغلبية من النواب ضد ذلك. وشارك 687 نائباً في التصويت، حيث عارض المقترح 494 نائباً، وأيده 188 وامتنع خمسة نواب عن التصويت. ويشار إلى أن الكتلة البرلمانية المؤلفة من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي لديها 197 نائباً في البرلمان.
ويرى خبراء أن نهج أولاف شولتس في سياسته تجاه أوكرانيا يتأثر بعوامل متعددة، بما في ذلك مصلحة البلاد، والتحالفات الدولية، والتطورات السياسية والأمنية في المنطقة. ويعتبر أمن ألمانيا وسلامتها واستقرار أوروبا أولويات أساسية لحكومة شولتس، وقد يتخذ القرارات بناءً على هذه الأولويات.
ويتميز نظام تاوروس بمداه الطويل الذي يصل إلى 500 كيلومتر، كما أنه يتمتع بدقة عالية. ومن شأن هذا النظام تدمير مخازن الذخيرة الروسية ومراكز القيادة التي تخضع للحماية والبنية التحتية المهمة للحرب خلف خط المواجهة.
ويقول معارضو إرسال نظام تاوروس إنه من الممكن أن يؤدي ذلك لتصاعد الصراع وجر ألمانيا إلى الحرب.
ويبدو أن المستشار الألماني وحزبه SPD يستجيبون لهذه الإشارات، حيث تحدث رئيس كتلة الحزب الاشتراكي رولف ميتزينيتش فجأة عن «تجميد» حرب أوكرانيا، وأخيراً قام غيرهارد شرودر بإشادة بسياسة شولتس تجاه أوكرانيا، وهذا يعتبر تقديراً كبيراً نظراً للصداقة التي تربط بين شرودر وفلاديمير بوتين. ويعتبر شولتس أن معارضته لإرسال قوات برية وكذلك صواريخ تاوروس سوف يجعل أمن ألمانيا مهددا، وهو ما لن تتحمله ألمانيا ضمن الظروف الحالية.
وحسب «شتيرن» فإن الشيء المشترك بين شرودر وشولتس هو أنهما يستمدان تأييداً لرفضهما لسياسة الحرب الألمانية من مواقفهما السابقة في المسائل الخارجية.
وبات من غير الواضح ما إذا كان المستشار شولتس قد يحاول نسخ حملة الانتخابات التي نفذها المستشار السابق شرودر بنجاح عام 2002 والذي أظهر نفسه بها كمستشار يسعى للسلام، حيث وقف أمام سياسة الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص حرب العراق.
ويعزى هذا الشك أيضاً إلى اتهامات لشولتس وجهها سياسيون مفادها أن المستشار لديه خوف من الحرب بيد أنه يستفيد من هذا ا لأمر لأغراض سياسية، ويعني ذلك أن المستشار قد يتشبث بالسلطة ويضحي بأوكرانيا إذا لزم الأمر، مبررا الأمر بدوافع تكتيكية يظهر هذا الاهتمام الزائد بالدوافع التكتيكية بسبب تعقيد القضايا الأخرى.
وكانت الكتلة البرلمانية المؤلفة من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي قد حشدت الجهود في البرلمان لصالح مساعدة أوكرانيا من خلال تزويدها بهذه الصواريخ. وقال نائب رئيس الكتلة يوهان دافيد فاديبول إن هناك حاجة لهذه الإرادة والوضوح في دعم أوكرانيا. وأضاف موجهاً كلامه للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي له شولتس: «لم يؤد حذرهم المزعوم إلا لتفاقم عدوان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا مرة تلو الأخرى. وهذه هي النتيجة».
وكانت أنيسكا بروغر نائبة رئيس كتلة الخضر البرلمانية قد أعلنت أن الخضر، الذين يشكلون ائتلافا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر لن يصوتوا لصالح مقترح الكتلة البرلمانية المؤلفة من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، ولكنها قالت إنها كانت تؤيد مطلب الكتلة.
وعلى عكس الشريك الائتلافي الأكبر، فإن حزبي الديمقراطي الحر والخضر كانا يؤيدان تزويد أوكرانيا بنظام الصواريخ منذ أشهر. في حين قال شولتس إنه يمكن فقط نشر الصواريخ بمشاركة الجنود الألمان، ما قد يزيد من خطورة دفع ألمانيا إلى الحرب في أوكرانيا.
ودافع زعيم المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي رولف مويتسينيتش عن معارضة شولتس لتزويد أوكرانيا بنظام الصواريخ. وقال إن أوقات التغير مثل الآن ليست مناسبة «للمقامرين السياسيين».
وقال شولتس في مقابلة مع الإعلام الألماني «إنه سلاح بعيد المدى للغاية، وما يفعله البريطانيون والفرنسيون من استهداف ودعم الاستهداف لا يمكن القيام به في ألمانيا».
وأضاف «من وجهة نظري، سيكون الأمر غير مسؤول إذا شاركنا بالطريقة نفسها في إدارة استهداف» هذه الصواريخ، محذراً من خطر أن تجد ألمانيا نفسها «متورطة بطريقة ما في الحرب» مباشرة.
وتابع «لا يجب بأي حال ولا بأي مكان أن يرتبط الجنود الألمان بالأهداف التي تحققها هذه الأنظمة» موضحًا أن ذلك يتعلق أيضًا بمشاركة جنود ألمان موجودين في أراضيهم الوطنية. وأكد أن «ما تفعله دول أخرى لديها تقاليد ومؤسسات دستورية أخرى، هو أمر لا يمكننا القيام به بنفس القدر».
كما أعرب المستشار الألماني عن «انزعاجه الشديد» حيال «التوازن المفقود» بين ما هو مطلوب بحق في الوقت الراهن والنقاش حول هذا النظام بالذات، وقال في معرض رده على موضوع صواريخ تاوروس: «ما تفتقر إليه أوكرانيا هو الذخيرة بكافة الأطوال والمسافات، وليس بالضرورة هذا الشيء من ألمانيا».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية