هل من جواب للسؤال الصعب «كم حدا قتلت؟»

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت – «القدس العربي»: «الحرب بسبب العدوان الصهيوني على غزة بعد طوفان الأقصى». وثائقي عن الحرب الأهلية اللبنانية، التي بدأت شرارتها في 13 نيسان/أبريل 1975، استعان بأرشيف الحرب المتراكم من صور. واعتمد على حوارات مع مقاتلين سابقين ينتمون للأحزاب اللبنانية التي شاركت في القتال. إلى حوار مع الزميل المصور والشاهد بعدسته على الحرب ربيع مغربي، الذي رحل عن عالمنا قبل خروج الفيلم إلى العرض.
تميز الفيلم بعدم ذكره أسماء شخصية لمن حاورهم. عرفنا انتماءات بعضهم الحزبية من خلال أقوالهم. أما المقاتل الفلسطيني السابق فحمل هويته في لهجته وفي أسئلته عن وطنه وعلمه ورئيس دولته، والتي بقيت دون جواب. وبالطبع كانت بعض الوجوه معروفة كما أسعد شفتري وهو من أول التائبين وأشجع المقاتلين القدامى بالاعتراف.
حطت الحرب أوزارها وكان معظم أبطال فيلم «اعترافات الحرب» في عمر الشباب. عبروا جميعهم هذه المرحلة إلى الكهولة، وكانت التوبة أو نقد الذات، جزءاً من مسلكهم لتحقيق الحد الممكن من السلام الداخلي. بدأ الفيلم باعتراف أحدهم بأن الحرب الأهلية من أسوأ ما يعيشه البشر، وأنتهى بسؤال عن «بكرا»، هو تأكيد بأن الخسارة لا توصف. وإنجاز الحرب الوحيد آلاف المفقودين والضحايا والمعوقين، والمقابر الجماعية.
عرّفنا وثائقي «اعترافات الحرب» إلى بطولات نعتبرها وهمية نحن البعيدون عنها، فيما وجدها من عايشوها أمراً غاية في الأهمية. المراهق الذي بالكاد كان قادراً على حمل البندقية، والآخر الذي قاد الدبابة قبل السيارة لأنه كان في عمر الطفولة. والشاب الفلسطيني الذي كان تائهاً دون وطن وهوية، ومنطوياً على نفسه من التنمّر، وجد في السلاح قوة، وطريقاً نحو وطنه المحتل.
على جبهة الأمومة وما تعنيه من حنان ورقة وتسامح قدّم الفيلم مثالين. في حين وجدت صبية تشجيعاً من والدتها لحمل السلاح «إذا نحنا ما حمينا لبنان مين بيحمي»؟ وجد مقاتل في الأمومة نبعاً من التسامح، فعفا عن مقاتل من الطرف الثاني بمجرد أن قال له «دخيلك ما تقتلني أمي ناطرتني». والدة العدو تساوت في المشاعر مع والدته، وليس قوة السلاح.
السؤال الأصعب الذي ترك مقاتلي الحرب الأهلية يبتلعون ريقهم ويتروون في الإجابة، «بتعرف كم حدا قتلت؟». بعد صمت صرحوا.. أما الاستنتاج البليغ فهو: «الفكرة قتلت الكثير».
جمع الفيلم مقاتلين من جهات مختلفة. كانوا أربعة في «البلد» وقريباً من «الهوليداي إن»، الذي كان يشعر أحدهم حياله بهول الفوارق الاجتماعية في لبنان قبل الحرب. تجولوا معاً في امكنة حولتها الحرب إلى أنقاض، ودفنت اعادة البناء كل تاريخها. هؤلاء الأربعة اجتمعوا على قناعة بدور الكبار في تغذية الحروب الأهلية والحروب على صعيد العالم، فالشعوب الفقيرة وقود لأسلحة الدول العظمى.
وشكل حضور مجموعة من قدامى المقاتلين في جولات على المدارس للحديث عن سيئات الحرب الأهلية، مظهراً ايجابياً في حياتهم. مظهر قد يأخذ بهم إلى درب السلام، ويترك البعض يقلعون عن العنف، إن لاح لهم في حروب مقبلة.
«اعترافات الحرب» فيلم وثائقي من إخراج شون طومسون، وإنتاج مشترك بين الأمريكي جيروم غاري واللبنانية دونيز جبور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية