هل ثلاثة جنيهات كافية لمنع الحروب؟

ثلاثُ طلقاتٍ موجهة إلى الفاشية والأبوية

يمثل كتاب «ثلاثة جنيهات» لفرجينيا وولف امتداداً لكتاب «غرفة تخص المرء وحده» ومناقشة لزوايا أخرى تتعلق بوضعية المرأة في المجتمعات الأوروبية تسهم في تطوير دور النساء الحضاري والمدني، ويُبعد المجتمعات عن البربرية والوحشية. هنا، يرتبط الكتاب بطروحات الاستعمار ومناهضة الاستعمار، وفكرة إنشاء المستعمرات. وفيه تربط بين الفاشية والأبوية، وتتساءل عن جدوى تعليم الرجال المثقفين وصرف هذه المبالغ الطائلة على المؤسسات الأكاديمية مثل كامبريدج وأكسفورد، اللتين تختصرهما إلى (أوكسبردج).
اهتمت وولف في رواياتها بفكرة الفضاء العام الذي تحدث عنه هابرماس في كتابه، موظفة هذه الرؤية في رواياتها وكتاباتها النقدية. في روايتها «الليل والنهار» 1919، احتوت رؤية وولف الإيجابية فكرة الفضاء العام الذي يجمع النساء والرجال معاً. كما ناقشت فكرة مشاركة النساء في الفضاء العام، الذي ظهر أيضاً بقوة في روايتيها «السيدة دالواي» و»أورلاندو» فكانت تندب عجز النساء المناهض للفضاء العام، في حين قدم كتابها «ثلاثة جنيهات» توظيفاً مهماً للفضاء العام، مبينةً دور النساء المهمش في الفضاء العام، وإمكان تحويله إلى دور مهم ومؤثر في وقف الحروب وإحلال السلم محله.
بدأت وولف بنفسها كي تكون مؤثرة في الفضاء العام، وتكون معروفة فيه أيضاً، تخلت عن الكتابة في «الغارديان» والتحقت بصحيفة «التايمز». كتبت مراجعات قصيرة بين عامَي 1912- 1918، فكتبت (240) مقالة من مقالاتها التي تبلغ تقريباً (600) مقالة، ما يقارب ربع مليون كلمة. في ذلك الوقت الذي عرفها الجمهور فيه من خلال روايتها «رحلة الخروج».
في الوقت الذي كتبت فيه لـ»التايمز» كان ت. س. إليوت أيضاً يكتب للصحيفة ذاتها، وذكر ذلك في رسالة إلى أمه قائلاً، إنها أفضل الأماكن المتاحة في عالم النقد الأدبي. كانت فرجينيا المرأة الوحيدة التي تكتب فيها لمدة طويلة. كتبت عن كتاب مهمين مثل توماس هاردي وجوزيف كونراد. (Ferland 2005)كما توضح أنها أثناء كتابتها في صحيفة «التايمز»TlS، لم يعلم أحد اسمها، لكن صوتها ورأيها كانا جزءاً من المركز في عالم لندن الأدبي. وفي زمن مبكر من مهنتها ككاتبة، كانت على وعي بأهمية أن تجعل صوتها مسموعاً لتيار الهيمنة الذكورية، محاولة تغطية أصوات النساء المفقودة.
يبين عالم الاجتماع الألماني يورغان هابرماس أن الفضاء العام في إنكلترا، في القرن الثامن عشر، ظهر من خلال الصحف والمقاهي، المكان الذي كانت تُقرأ وتُناقش فيه الجرائد. لكن هذا الفضاء البورجوازي الليبرالي، الذي يحتفي به ليسلي ستيفن، والد فرجينيا، قائلاً، إن بريطانيا أصبحت أرض الكلام الحر، كان منقوصاً بإقصاء النساء، ما يوضح المفارقة في أن مكانة المرأة في وطن الحرية، تختلف عن مكانة الرجل في بلد الحرية.

في حين يصف هابرماس الكلام عن نقاش نقدي عقلاني ترسمه وولف بأنه أثر والتزام. تركز وولف في «ثلاثة جنيهات» وفي روايتها «السنوات» على موضوعات مهمة مثل المال والأسرة والنظام الأبوي والتعليم والمستوى العقلي، وتفتح نقاشاً حول قدرة النساء على المشاركة في الفضاء العام. تسأل فرجينيا وولف، في كتابها القيم والجدلي، واحداً من أهم الأسئلة الجدلية: كيف تستطيع المرأة أن تمنع الحرب في ظل تزايد وانتشار الفاشية في أوروبا؟ وتناقش كلاً من الحرب والسلم، وأهمية مواجهة الحرب من خلال تعليم وعمل النساء. ترى وولف أن النساء حينما يرتبطنَ بأعمال ومهن وأجور ثابتة في فترة السلم، فسيخسرنَ هذه الوضعيات المستقرة وقت الحروب، وهذا سيدفع النساء إلى محاربة الحرب ومواجهتها ورفضها، وإقناع إخوتهن وأزواجهن من الرجال المتعلمين لمواجهة الحرب ورفضها. من خلال تسليطها الضوء على عامل تعليم المرأة، تركز وولف على دور المجتمع في مقاومة الحرب ونشر حالة السلم.

منذ البداية، تقوض الرواية هذا التاريخ الذكوري الذي بُني على الدم واستعمار الشعوب، والنساء آخرهم، في هذه الإمبراطورية العظيمة التي لا تغيب عن أطرافها الشمس. تنطلق في الرواية صورة بريطانيا العظمى، وتسجل تفاصيل الحياة الإنكليزية، مقارنة إياها بالشعوب الأخرى، متأثرة بمعجم والدها ليسلي ستيفن «معجم السير الوطنية» وتجربة زوجها ليونارد وولف عندما كان يعمل في سيلان قبل استقالته.

يمثل كتاب «ثلاثة جنيهات» لفرجينيا وولف امتداداً لكتاب «غرفة تخص المرء وحده» ومناقشة لزوايا أخرى تتعلق بوضعية المرأة في المجتمعات الأوروبية تسهم في تطوير دور النساء الحضاري والمدني، ويُبعد المجتمعات عن البربرية والوحشية.

الأنا البريطانية

تناقش الرواية صورة الأنا والآخر من منظور إمبريالي. تبرز وولف قوة وعظمة الإمبراطورية البريطانية، مواجهة إياها بالآخر، مثل صورة روسيا وتركيا، وتناقش تصورات كل ثقافة مع الثقافة الأخرى، وهذه النظرة محكومة بطبيعة العلاقات الفوقية والدونية، فوقية الإنكليزي ودونية التركي والغجر. كما تقدم الرواية تصورات وانطباعات مختلفة لكل من الفرق، وكيف تنظر إحداها إلى الأخرى. مثلاً، تنظر جماعة الغجر إلى أورلندو بأنها لا تقوم بالمهام المنوطة بها، مثل بقية النساء، فيما هي تقارن أسلوب حياتهن بأسلوب حياتها: يعيشون في الطبيعة والبساطة، في حين هي تملك قصراً بعدد كبير من الغرف، ومعرفة واطلاعاً واسعين، «الفنون والعلوم تتحلى بالتنوع الذي يحرك فضوله على نحو عميق». (الرواية)
وها هي ذي تنطلق في خطوة أبعد، في «ثلاثة جنيهات» مسائلة المؤسسة الذكورية التربوية، رابطة علاقة المؤسسات التعليمية التربوية على نحو مفصلي بالحرب. إن كانت قد تساءلت في أعمال سابقة عن غياب المرأة الأدبي، فهي في هذا العمل تنطلق نحو الخطوة الأبعد، لتقوض النظام التعليمي القائم بأكمله، متأثرة بأكثر من أمر. أول هذه المؤثرات هو تأثرها بالناشطة جوزفين بتلر، إذ قرأت لها قبل إنجاز الكتاب. الأمر الثاني، حزنها على وفاة أصدقائها قبل إنجازها الكتاب. (Madden, 2006)
مثلما توضح إلين باريت، في دراستها المعنونة بـ»أهمية ثلاثة جنيهات في القرن الحادي والعشرين» فإن فرجينيا وولف بتركيزها على نساء الطبقة المتوسطة، تشير إلى بنات الرجال المتعلمين. كما توضح نومي بلاك أن فرجينيا وولف لم تقدم كنسوية أن كتاب «ثلاثة جنيهات» أفضل وأوضح تمثيل للنسوية، لكنه أيضاً يقدم تحليلاً نظرياً معقداً للرابط بين السلم والنسوية (باريت). هنا، نجد وولف توضح العلاقة بين المؤسسات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية الأبوية وأثرها المفصلي في إنتاج الحروب.

يعالج الكتاب فكرة الحرب وآلية منع الحرب من وجهة نظر نسوية، تضع فيه الرجل كمشارك للحوار أو مادة لمساءلة دور الرجل في الإسهام في الحروب. تبدأ كتابها بالإشارة إلى رسالة جاءتها من قارئ مفترض، مبينة أن ثلاث سنوات تُعد مدة طويلة جداً للإجابة عن سؤال القارئ: كيف نمنع الحرب؟ وفي اقتباس مهم لها، تبين أن كل شيء كان في صالح الرجال، يقولون إن الله إلى جانبهم، والطبيعة كانت إلى جانبهم، والقانون والملكية أيضاً إلى جانبهم. حتى إنشاء الكليات، كان لخدمة الرجال فقط. الرجال وحدهم هم المسموح لهم، قانوناً، أن يستفيدوا من كل هذه المزايا. فمثلاً، في حديثها إلى السارد المفترض في ذهنها، تخاطبه بأن الرجال درسوا في المدارس العامة مدة خمسة أو ستة قرون، فيما النساء درسنَ مدة ستين عاماً حسب، ثم تدرس وتقارن بين الأموال الضخمة التي وُضعت لتعليم الرجال من أولاد الإنكليز وتعليم بنات الرجال المتعلمين. كما تحلل النقاط المشتركة بينها وبين المتلقي، في المستوى المعيشي، محددة أن الانتماء إلى الطبقة المثقفة هو الأمر الجامع المشترك بينهما، لكن تبين أن الفرق يكمن في نظام التعليم أساساً، الذي منع النساء من التعليم، وأعطى الرجال الدعم الكامل في التعليم والمؤسسات التعليمية، مبينة منذ البداية أن العلاقة بين الأنظمة البطريركية والحرب علاقة وثيقة، محللة العلاقة المفصلية بينهما. وهي تشير إلى أن الخلل يجري في قضية التعليم، بحيث تُدفع المبالغ الطائلة للرجال، فيما تظهر المنح لتعليم النساء، وإن وُجدت فهي أقل بأضعاف مضاعفة مما يُدفع لتعليم الرجال. تنطلق من قصتها الشخصية، وتبين ما كان يُدفع من الأموال الطائلة لأجل تعليم إخوتها. أما هي، فتم دفع تكاليف تعليمها اللغة الألمانية فقط، مبينة: «لا أدري إن كنتُ قد ذكرتُ لك سابقاً أن السماح لي بتعلم اللغة الألمانية كان كُل ما حصلت عليه من تعليم مدفوع الأجر في حياتي. في حين أُنفق ألفا جنيهٍ في سبيل تعليم أخي، وما أزال آمل ألَا تكون قد ذهبت سدى». وهي هنا تثير قضية تركيز الأسر على دعم تعليم الأولاد دون النساء، مبينة أن الأسر النبيلة دفعت الأموال الطائلة لأجل تعليم الرجال منذ القرن الثالث عشر، من مثل أسرة باستون وأسرة بندينس إلى بقية الأُسر المتعلمة، موضحة أن الأمر لم يكن فقط قضية تعليم، إنما أيضاً قضية مكان لتنمية القدرات الاجتماعية والجسدية، عبر التواصل مع الأصدقاء والحوار والنقاش الذي ينمي الفكر والمعرفة، واللعب المشترك الذي ينمي قدرات الجسد.
في خضم مقارنتها بين النساء والرجال، تبين وولف أيضاً أن التكلفة التي تُدفع لأجل تعليم النساء مقارنة بما يُصرف على تعليم الرجال لا تذكر في الخمسمئة عام الماضية، إذ شكل دخل جامعة أكسفورد مبلغاً قدره 435.656 جنيهاً إسترلينياً، عام (1933- 1934) أما جامعة كامبريدج فبلغ دخلها 212.000 جنيه إسترليني عام (1930). إن عملية الإقصاء، هنا، تطال حضور المرأة الكلي على نحو كامل، فتبين أن النساء كن مقصيات تماماً من هذا المشهد التربوي، حتى في أماكن التعليم، يُنظر إليهن كمشاهدات خارجيات لا يملكنَ حق رؤية المشهد من الداخل كمشاركات، وهذا ما جعلها تقول لقارئها، مذكرة إياه بالمباني، «إنها تذكركم بذكرياتكم في التعليم، وحضور قاعات الدرس، لكن نحن مجرد مشاهدات في الخارج، لا نملك ذكريات خاصة في هذه الأماكن». وتسلط وولف الضوء على وضعية المجتمع وغربة النساء وقلة تأثيرهن في المجتمع، فأثرهن لن يكون مباشراً، بل دائماً ما سيكون غير مباشر. كما تشير وولف إلى أمر شديد الخطورة هنا، وهو أن تعليم النساء لم يكن من أجل التعليم، بل كان من أجل إعداد النساء للزواج والمنزل وإدارة شؤون الأسرة، وهذا يعني طبيعة فهم وتصور المجتمع في تلك الأزمنة لتعليم النساء: «ما الغاية والهدف من هذه السنوات، ومن هذا التعليم؟ الزواج طبعاً. «المسألة ليست مسألة ما إذا كنا يجب أن نتزوج أو لا، بل ببساطة مَن يجب أن نتزوج» سألت إحداهن. من أجل الزواج كانت تنمي عقلها. وبهدف الزواج، كانت تعزف على البيانو، لكن لا يُسمح لها بالانضمام إلى الأوركسترا؛ كانت ترسم مشاهد منزلية بريئة، لكن لم يُسمح لها بدراسة رسم العراة؛ كان يُسمح لها بقراءة هذا الكتاب، ولا يُسمح لها بقراءة ذاك، وتُعجب به وتتحدث عنه». كذلك تبين (Alice Staveley) أن وولف طرحت في «الغرفة» مسألة المال والغرفة، لكنها بانطلاقة بلاغية مختلفة تفترض أن النساء قادرات على استخدام قوتهن الاقتصادية لمنع الحرب. وافتتحت الكتاب بعبارات غريبة وإجابة مؤجلة عن سؤال يطرح نفسه منذ ثلاثة أعوام. ومن الواضح أنها تربط بين الاحتراف بوصفه صانعاً للمال والشهية المتسارعة للحرب. (Alice Staveley, Marketing Virginia Woolf). وتنتقد هنا دور النساء اللاتي كن ينصحنَ بأن يصطدنَ رجالاً جيدين، بدلاً من اقتناص فرصة جيدة في التعليم الجامعي، ويجهزنَ أنفسهن للزواج وتربية الأطفال.

تسيطر نساء الطبقة المتوسطة على تفكير وولف، لذلك هي دائمة المقارنة بينهن ونساء الطبقة العاملة، والنبيلات، بحيث ترى أن نساء الطبقة العاملة إذا امتنعنَ عن العمل، فإنهن سوف يمنعنَ الحرب، لأنهن لا يمددن الحرب بالأسلحة والوقود الكافي لها.

تختصر وولف المسألة وتضع أمام قارئها المفترض ثلاثة أسباب تقود الرجال إلى الحرب، قائلة: هنا نجد على الفور أن ثلاثة أسباب تدفع أبناءَ جنسك إلى القتال؛ وهي أن الحرب لديهم مهنة، ومصدرٌ للسعادة والإثارة، وهي أيضاً وسيلة لإظهار صفات الرجولة، التي دونها ينهار جنس الرجال». يبدو هنا أن الأدب الإنساني يشترك مع النساء في مناهضة الحروب، مستندة هنا إلى رأي الشاعر ويلفريد أوين، مشيرةً إلى قصاصات ملاحظاته التي وضعها، ولم يستطع كتابتها بسبب وفاته: «عدم شرعية الأسلحة… وحشية الحرب.. عدم جدوى الحرب.. الوحشية الرهيبة للحرب.. حماقة الحرب».

نساء الطبقة المتعلمة والطبقة العاملة

تسيطر نساء الطبقة المتوسطة على تفكير وولف، لذلك هي دائمة المقارنة بينهن ونساء الطبقة العاملة، والنبيلات، بحيث ترى أن نساء الطبقة العاملة إذا امتنعنَ عن العمل، فإنهن سوف يمنعنَ الحرب، لأنهن لا يمددن الحرب بالأسلحة والوقود الكافي لها، حتى نساء الأسر النبيلة في إمكانهن إقناع الدبلوماسيين والسياسيين بالعدول عن الحرب، في حين نساء الطبقة المتوسطة لا يمكنهن ذلك. تبين ذلك حين قالت نساء الطبقة العاملة: «إن ذهبتم إلى الحرب، فسنرفض صنع الذخيرة أو المساعدة في إنتاج السلع، فستزداد جدياً صعوبة شن الحرب. إنما، إن نفذت بناتُ الرجال المتعلمين جميعُهن إضراباً عن العمل غداً، فلا شيء مهماً يمكن أن يُحْرجَ المجتمع، سواء على نطاق الحياة العادية، أم حتى في مسألة شن الحرب. طبقتنا هي الأضعف بين الطبقات كلها في الدولة، وليس لدينا سلاح نفرض به إرادتنا». لقد تغيرت كلمة «التأثير» بعد ذلك، وأصبحت ابنة الرجل المتعلم تتمتع الآن بتأثير مختلف عن أي تأثير كانت تمارسه من قبل. تتكشف دلالة العنوان الرمزية هنا، ثلاثة جنيهات، في الإشارة إلى أنها بدلاً من صرف هذه المبالغ الطائلة على مؤسسات تعليمية ساعدت في صنع الحروب، ولم تقف ضدها، فإنها ستأخذ ثلاثة جنيهات لدعم السلم في المجتمع ووقف الحروب، ويجب ألا يدخل جنيه واحد في بناء هذه المؤسسات التعليمية، وفق المنظومة الفكرية القديمة التي تولدت عنها الحروب وويلات الشعوب. بدلاً من ذلك، تنادي وولف بأن يُدفع هذا الجنيه لأجل مواد إحراق هذه المباني التي نشأت على القيم الذكورية على نحو كامل، قائلة: «خذي هذا الجنيه واحرقي به الكلية عن بكرة أبيها. أضرمي النار في مظاهر النفَاق القديمة، ودعي لهيبَ المباني المحترقة يخيف العنادل، ويصبغ أشجار الصفصاف باللون القرمزي، ودعي بنات الرجال المتعلمين يرقصنَ حول النار، ويضعنَ حفنةً فوق حفنةٍ من أوراق الأشجار الميتة فوق ألسنة النار المشتعلة، ودعي أمهاتهن يلوحنَ من النوافذ العلوية، ويصحنَ «دعنَها تشتعل! دعنَها تشتعل! لأننا سئمنا هذا التعليم!». بعد أن دفعت جنيهاً لهدم الكلية والتعليم الذي صنع الحروب، وأسهم في إقصاء النساء، تدفع الجنيه الثاني ثم الثالث للمجتمع الذي يمنع الحرب، والمعادي للحرب، وتختار طريقها الأبدي، مواجهة الحرب العبثية بالانتحار، معلنةً موقفها من الوجود.

كاتبة كويتية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية