هل انتهت قصة الحب بين صلاح وليفربول؟

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: أثار أسطورة ليفربول محمد صلاح، ضجة على نطاق واسع سواء في وسائل الإعلام أو كوكب «السوشيال ميديا»، بعد ما وُصف بالمنظر الحزين والمثير للاكتئاب مع مدربه الألماني يورغن كلوب، قبل مشاركته كبديل في مباراة عطلة نهاية الأسبوع الماضي أمام وستهام يونايتد، التي جمعتهما على الملعب «الأولمبي» في لندن وانتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين لمثلهما، ومعها تبخرت فرص الريدز أكثر من أي وقت مضى في منافسة آرسنال ومانشستر سيتي على لقب الدوري الإنكليزي الممتاز، وفي نفس الوقت، تجددت الشكوك والإشاعات حول مستقبل الفرعون مع الريدز، وسط عاصفة جديدة من التقارير والأخبار التي تتحدث عن انتقاله المحتمل إلى أحد أندية الدوري السعودي أو تحدث مفاجأة مدوية وينتقل إلى أحد كبار القارة العجوز قبل بدء العد التنازلي لموسمه الأخير في قلعة «الآنفيلد»، وفي تقريرنا هذا، دعونا نطلق العنان لأنفسنا ونتوقع معا السيناريو المحتمل لمستقبل المو في موسم 2024-2025.

أسطورة الزمان

لا يُخفى على أحد، أن ليفربول تعرض لضغوط كثيرة، من أجل عدم بيع صلاح والاحتفاظ به في سوق الانتقالات الصيفية الماضية، بعد العروض المالية الضخمة التي انهالت على الأيقونة من قبل أندية دوري روشن السعودي، لدرجة أنها تخطت حاجز الـ100 والـ150 مليون جنيه إسترليني في آخر ساعات الميركاتو السعودي في سبتمبر/ أيلول الماضي، مع ذلك رفضت الإدارة بطلب من المدرب الألماني، كل الإغراءات السعودية، وذلك لصعوبة العثور على بديل بنفس الكفاءة والجودة في آخر أيام الميركاتو، إلى جانب استحالة التفريط في الهداف التاريخي للنادي على مستوى البريميرليغ بعد إغلاق النافذة الصيفية في أوروبا، وسرعان ما أثبت صلاح أن النادي كان على صواب، بالإبقاء عليه في موسم كلوب الأخير، بحفاظه على نسخته البراقة التي رسمها لنفسه منذ قدومه من روما في صيف 2017، باعتباره اللاعب الأكثر تأثيرا في نتائج الفريق وأهدافه، بتوقيعه على ما مجموعه 24 هدفا بالإضافة إلى 12 تمريرة حاسمة، قبل أن تتبدل الأوضاع من النقيض إلى النقيض، منذ اللحظة التي سافر فيها إلى ساحل العاج، من أجل الدفاع عن منتخب بلاده في بطولة أمم أفريقيا 2023، حيث تعرض لانتكاسة على مستوى أوتار الركبة، على إثرها ظل خارج حسابات المدرب حتى بداية فصل الربيع، وفجأة بدا وكأنه تخطى مرحلة الذروة، أو على أقل تقدير، ظهر بمستوى أقل مما كان عليه في بداية الموسم، حيث كان أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت الجماهير تطمح في المنافسة على الرباعية، تارة بغياب التوفيق عنه في بعض الفرص السهلة، وتارة أخرى في استبداله في الشوط الثاني، إلى أن وصل به الحال للجلوس على مقاعد البدلاء في مباريات حاسمة وفارقة في فرص الفريق في المنافسة على لقب البريميرليغ كما حدث وكان سببا في اللقطة الصادمة أمام «المطارق».

شكوك واستثمار

بعد التراجع الملموس في أداء صلاح على المستوى الفردي منذ عودته من الإصابة، بدأنا نلاحظ الشكوك حول إمكانية وصوله إلى قمة مستواه ومعدلاته البدنية العالية التي كان عليها في السنوات الماضية وحتى النصف الأول من الموسم الجاري، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام الصحف والمواقع الرياضية لإثارة الجدل والقيل والقال حول مستقبله مع النادي، حتى بعد تسريب وصية المدرب الجديد، بضرورة الإبقاء على صلاح حتى لو تعقدت مفاوضات تجديد عقده، ليكون «عراّب» مشروع فترة ما بعد كلوب، لكن بنظرة واقعية على وضع ليفربول وتاريخ إدارته الحالية في التعامل مع النجوم الكبار، سنجد أن فرضية استمراره واحتمال خسارته بدون مقابل، أبعد ما يكون عن السياسة التي تتبعها الإدارة الأمريكية المستحوذة على النادي، خاصة وأنها ستكون الفرصة الأخيرة المتاحة لبيع صلاح مقابل رسوم باهظة، منها لتمويل صفقة بديله، الذي في الغالب سيأتي بميزانية كبيرة، إلى جانب حاجة مشروع المدرب الجديد المحتمل آرني سلوت إلى دماء جديدة في بعض المراكز، في مقدمتها لاعب من الطراز العالمي في مركز لاعب الوسط رقم (6)، إلى جانب الشكوك المزعجة حول مستقبل الأوروغواني داروين نونييز، مع زيادة الأصوات التي تطالب النادي بالتخلص منه في أقرب مناسبة، بعد سلسلة عروضه الكارثية في الأسابيع القليلة الماضية، وغيرها من الاستثمارات أو الصفقات الحيوية التي يحتاجها ليفربول، بنفس الطريقة التي أعاد بها استثمار أموال صفقة بيع فيليب كوتينيو إلى برشلونة، بالتوقيع أولا مع المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك، لحل صداع هشاشة مركز قلب الدفاع، وبعده بستة أشهر جاء الحارس البرازيلي أليسون، ليعطي هذه الإضافة الكبيرة لمركز حراسة المرمى، بعد سنوات مع المعاناة مع أنصاف مواهب في هذا المركز الحساس، والآن لا يوجد سوى صلاح، الذي بإمكانه إنعاش الخزينة بأكثر من 150 مليون جنيه إسترليني، في حال عاد صندوق الاستثمار السعودي بعرض آخر مماثل أو أقل بقليل من عروض صيف 2023 الفلكية.
يبقى خيار بقاء صلاح، ممكنا وواردا، وبالطبع هذا أمر مفهوم بالنسبة للمدرب الجديد، الذي يعي جيدا أن لاعبه المصري، هو الرجل الأكثر موثوقية في الثلث الأخير من الملعب، ويأتي بعده بمسافة كبيرة دييغو جوتا، لكنه سيئ الحظ لكثرة إصاباته ومعاناته من أجل الحفاظ على لياقته البدنية لأطول فترة ممكنة، أما بقية الأفراد في الثلث الأخير من الملعب، فلا يختلفون كثيرا عن بعضهم بعضا، ما بين ضعف شخصية نونييز ورعونته القاتلة أمام المرمى، ولغز البحث عن أفضل مركز لخاكبو، وبالمثل لويس دياز، الذي يثبت من مباراة لأخرى، أنه بعيد كل البعد عن حدة وإيجابية طيب الذكر ساديو ماني، وهذا يعني، أن الإدارة قد توافق على طلب المدرب الجديد وتبقي على صلاح لفترة أطول، لكن هذا سيتطلب التوصل إلى اتفاق جديد لتأمين مستقبله في الجزء الأحمر لمدينة نهر الميرسيسايد إلى ما بعد 2025، وبنسبة كبيرة سيحصل على راتب أعلى من أجره الأسبوع الحالي الذي يزيد على 350 ألف جنيه إسترليني، لضمان عدم رحيله بموجب قانون بوسمان في صيف العام القادم، والاحتفاظ بحق الاستثمار فيه وبيعه إذا أراد إنهاء مسيرته الاحترافية في مكان آخر.
أو قد يتحول في المستقبل إلى لاعب ذو تأثير مزعزع للاستقرار في «الآنفيلد»، إذا افترضنا جدلا، أن ردة فعله في «الأولمبي»، هي مؤشر أو علامه لسلوكه أو ما سيكون عليه في خريف مسيرته الاحترافية، حين تتراجع معدلاته البدنية أكثر بحكم التقدم في السن، ويصبح مضطراً للجلوس على مقاعد البدلاء إما لإراحته من ضغط المباريات أو بهدف التناوب وإعطاء فرصة للجيل القادم، أو قد يكون ما فعله في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، مجرد لحظات انفعالية، أو بسبب انزعاجه من جلوس على مقاعد البدلاء للاعبين شباب مثل هارفي إيليوت وخاكبو في مباراة مهمة كهذه، لكن في كل الأحوال، اتفق القريب قبل الغريم، على أن صلاح أخطأ في حق مدربه، ولا مفر من الاعتذار، على الأقل ليودع شريك رحلة النجاح يورغن كلوب بطريقة تتناسب مع حجم النجاح المشترك بينهما، ثم بعد ذلك يأتي موعد التفكير في مستقبله، سواء بالإبقاء عليه لموسم آخر لمساعدة المدرب الجديد على تجاوز موسمه الأول الصعب بعد كلوب، أو إرساله إلى جنة اللاعبين الجديدة في الشرق الأوسط بأعلى عائد مادي، لإعادة هيكلة الفريق بصفقات محورية في المرحلة القادمة، أو قد تحدث المفاجأة التي يروج لها الإعلام الإسباني في الأيام والساعات القليلة الماضية حول إمكانية انتقاله إلى برشلونة هذا الصيف، رغم الضائقة المالية التي يمر بها البلوغرانا منذ حقبة الرئيس السابق ماريا بارتوميو، الذي ورط النادي في ديون طائلة بين 2015 و2020، والسؤال الآن لك عزيزي القارئ: ما هو توقعك لمستقبل صلاح بعد صدامه الحزين مع كلوب؟ وهل ترى أنه من الأفضل أن يختم مسيرته الأسطورية في أوروبا مع ليفربول أم هي نهاية قصة الحب المتبادلة بين الملك المصري ومشجعي الريدز؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية