هكذا علقت الـ”غارديان” البريطانية على القمع الإسرائيلي لمظاهرات غزة السلمية

حجم الخط
0

لندن ـ “القدس العربي” ـ إبراهيم درويش:

حذرت صحيفة “غارديان” في افتتاحيتها من أن استخدام إسرائيل القوة ضد المتظاهرين في قطاع غزة سيؤثر على موقع إسرائيل الدولي ويضعف ديمقراطيتها في الداخل. وأشارت إلى تغريدة المبعوث الأممي للسلام في الشرق الاوسط نيكولاي مالادينوف التي قالت فيها: “كيف يساعد قتل طفل في غزة على تحقيق السلام؟ لا يساعد ولكنه يغذي غضباً ويؤدي لقتل آخر”.

وتعلق الصحيفة أن المبعوث الدولي محق في التعبير عن غضبه، وكتب تغريدته بعد مقتل حدث فلسطيني برصاص قناصة إسرائيليين أطلقوا النار على رأسه وهو يتظاهر بشكل سلمي قرب السياج الحدودي. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد رفصت تحقيقاً ولكنها وافقت بعد دعوة المجتمع الدولي الجيش الإسرائيلي “التوقف عن قتل الأطفال”. وتقول إن استخدام الرصاص الحي هو إهانة، ولكنه متوافق مع المواقف الوحشية تجاه الفلسطينيين التي أصبحت عادية و”طبيعية” لدى الساسة الإسرائيليين. فخطف حياة عشرات من الفلسطينيين وتشويه 1700 خلال الأسابيع الأربعة الماضية هو تعبير عن الطريقة التي تفكر بها إسرائيل وأنه ثمن مقبول مقابل استمرار السيطرة على القطاع، فقد تم قتل صحافي وإطلاق النار على سيارة إسعاف. وتضيف أن الضرب المروع للسكان لا يهدف فقط لحماية السياج الحدودي ولكن لتركيع السكان وهو ما يرفضونه. وتصف الصحيفة الاحتجاجات الأخيرة بأنها حملة شعبية لا عنفية تهدف لتذكير العالم بأن حق الفلسطينيين الذين شردت عائلاتهم أثناء إنشاء دولة إسرائيل بالعودة لا يمكن التنازل عنه.

وبدأت الفكرة من صفحة على الفيسبوك للصحافي أحمد أبو ارتيمة والذي تساءل عما سيحدث لو قام آلاف من الفلسطينيين في غزة، ومعظهم من اللاجئين وأبنائهم، بالزحف السلمي وحاولوا الوصول إلى أراضي أجدادهم. وربما كان هذا تفكيراً مثالياً لكنه ليس تفكيراً لا معنى له. فمن لا يفضل اقتراح أبو ارتيمة عن إمكانية تعايش الفلسطينيين والإسرائيليين جنباً إلى جنباً كمواطنين متساوين على العيش في كراهية وعنف متواصل؟ وتقول الصحيفة إن التمسك بالحلم لا القبول بكابوس اليوم هو الدافع، فأبو ارتيمة يشترك في موقفه مع الرئيس الإسرائيلي الداعي لمستقبل أفضل. ومع أن أفكار أبو ارتيمة بعيدة الاحتمال وتم تطبيقها – رغم ما تقوله إسرائيل – من ان حماس قامت باختطافها. إلا أن الحكم عليها مفتوح ومرتبط بالمدى الذي تتسامح فيه حماس مع الإحتجاجات السلمية. وتقوم الإحتجاجات على فكرة الزخم حتى 15 أيار (مايو) عندما يتذكر الفلسطينيون النكبة. وبعد عقد من الحصار الإقتصادي الذي فرضته إسرائيل ومصر وثلاث حروب صغيرة تقف غزة على حافة الكارثة. فبحلول 2020 ستكون غير صالحة للسكن. فالقطاع هو طنجرة ضغط تنتظر ساعة الانفجار. ولسوء الحظ ترى الحكومة المتطرفة مكاسب في كل هذا حيث يرى الآخرون خسائر. فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي تلاحقه الفضائح حصل من ترامب على اعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل رغم وقوعها تحت القانون الدولي. فيما قررت الولايات المتحدة قطع الميزانية المخصصة لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وها هو يحاول الآن استهداف حق الفلسطينيين بالعودة. وتصرف كهذا يشحذ من عزيمة الفلسطينيين للكفاح. وكان من المفترض حل هذه القضايا من خلال المحادثات إلا أن نتنياهو انتهز الفرصة التي قدمها له غرور ترامب بشأن تأمين “صفقة القرن” للاستفادة منها لصالحه، وستكون المكاسب هذه عابرة. وتختم الصحيفة بالقول إن تركيع الفلسطينيين يضعف الموقف الإسرائيلي في العالم ويدمر ديمقراطيتها في الداخل. وسياساتها حافلة بالتعصب ضد العرب. وكلما أصبحت إسرائيل غنية كلما أصبح حل الأزمة الفلسطينية مثيرا للمشاكل. وتصبح المعضلة أكثر تعقيدا كلما زاد عدد الفلسطينين في الأرض المقدسة وتساوى مع اليهود. ولا يمكن لإسرائيل السيطرة على كل الأرض بين نهر الأردن والبحر المتوسط وكذا الحفاظ على هويتها اليهودية والبقاء ديمقراطية. ومن مصلحة إسرائيل الإعتراف أن الفلسطينيين بحاجة إلى دولة كالإسرائيليين. وإلا فالخيار هوية واحدة يصبح فيها اليهود تدريجياً أقلية، نظام تمييز عنصري أو احتلال دائم. وفهمت ممثلة هوليوود ناتلي بورتمان المنعطف الخطير الذي تسير عليه إسرائيل وسيكون من الأحسن لو فهم قادتها ما فهمته بورتمان.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية