نازحون في المدينة يفككون خيامهم استعداداً لتهجير جديد

بهاء طباسي
حجم الخط
0

غزة – «القدس العربي»: حالة من القلق والخوف تنتاب النازحين في مدينة رفح، إثر تهديد الاحتلال بالاجتياح البري للمدينة الحدودية الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة. تهديدات دفعت بعض النازحين إلى فك خيامهم، تمهيداً لبدء موجة جديدة من النزوح إلى مدينة خان يونس، خاصة مع تحريك جيش الاحتلال عمليات العسكرية من شمال ووسط القطاع إلى جنوبه.
وأفادت إذاعة “كان ريشيت بيت” العبرية، التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، بأن إسرائيل ستوسّع ما يُسمى “المنطقة الإنسانية” في قطاع غزة، ضمن استعدادات غزو رفح.
وحسب الإذاعة فإن “المنطقة الإنسانية” الجديدة التي سيقيمها الاحتلال في قطاع غزة ستكون أكبر بكثير من تلك الموجودة في منطقة مواصي خان يونس، موضحة أن تلك المنطقة ستمتد على مساحة تبدأ من المواصي جنوباً على طول الشريط الساحلي حتى أطراف بلدة النصيرات التي تتوسط الشريط.
ووفقًا للإعلام الاسرائيلي ستصل القدرة الاستيعابية للنازحين في “المنطقة الإنسانية” الجديدة إلى مليون نازح، حيث جرى بناء خمسة مستشفيات ميدانية في هذه المنطقة بالإضافة إلى المستشفيات الدائمة العاملة هناك، فيما لم تتضح بعد طبيعة العملية العسكرية لجيش الاحتلال في رفح، كونها بدأت بالفعل حرب الإبادة والتهجير من رفح، من خلال قصفها اليومي للمنطقة وارتكاب مجازر فيها.
وكان جيش الاحتلال قد انسحب من مدينة خان يونس بعد أن تكبد خسائر فادحة على يد المقاومة هناك، وقد جند في الأيام الأخيرة لواءي احتياط ليحلا مكان القوات الموجودة عند الممر الذي يقسم قطاع غزة إلى جنوب وشمال، تمهيدا لتجهيز لواء “ناحل” ولواء “المدرعات 401” للعملية العسكرية البرية في رفح.
الأنباء المتواترة هنا وهناك عن غزو رفح، والحديث عن “منطقة إنسانية” للنازحين في منطقة المواصي، دفعت الكثير من النازحين في رفح، إلى التفكير في نقل خيامهم إلى مواصي خان يونس، خاصة بعد استهداف طائرات الاحتلال أرضاً زراعية جنوب مدينة رفح بالقرب من خيام النازحين على حدود قطاع غزة مع الأراضي المصرية، وهو حدث يتكرر باستمرار.
جيهان القاضي، نازحة إلى مدينة رفح، حثت زوجها على فك خيمة العائلة المكونة من 6 أفراد، تمهيداً للانتقال إلى منطقة مواصي في خان يونس بعد انسحاب جيش الاحتلال من هناك.
وتقول “القدس العربي”: “الأسرة تنوي النزوح الرابع من رفح خوفاً من أن تتحول تهديدات جيش الاحتلال بالاقتحام البري لمخيمات رفح إلى حقيقة”، إذ ترى أن الخروج من رفح مبكراً قد يقيهم شر قصف الاحتلال.
وتوضح النازحة الأربعينية أن أسرتها لم تتلق إخطاراً بالإخلاء من قبل جيش الاحتلال، لكنهم يخشون على حياتهم من بطش آلة الحرب الإسرائيلية: “سمعنا أنهم انسحبوا من منطقة المواصي، لذلك، ننوي الرحيل إليها، ونتمنى من الله ألا تعود قوات الاحتلال إلى خان يونس”.
وتشير في الوقت نفسه إلى عدم وجود مكان آمن في قطاع غزة “قبل يوم واحد قصفت طائرات الاحتلال بيوت آمنين في رفح، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى”.
شيء آخر يدفع جيهان وعائلتها إلى الفرار من رفح، وهو صوت الطائرات الزنانة التي يستخدمها جيش الاحتلال في التجسس على عناصر المقاومة الفلسطينية “صوت الزنانة يمنعنا من النوم ليلاً، ويصيب أطفالي بالخوف الشديد، أما في خان يونس فليست هناك زنانات”.
وتتمنى النازحة الفلسطينية مساندة القادة العرب لأهل غزة، لأنها “تشعر بالخذلان الشديد من قبلهم”.

النزوح الثامن

أما المواطن الفلسطيني محمد رضوان فهو يخطط للنزوح الثامن داخل قطاع غزة بعد أن استقر مؤقتا في مدينة رفح، التقيناه يفك خيمته قبل الرحيل إلى منطقة مواصي خان يونس، ويتمنى من الله أن تنتهي الحرب، كي يعود إلى موطنه الأصلي في خان يونس.
ويقول لـ “القدس العربي”: “هذا ثامن نزوح لي. يكفي هذا الدمار. لقد دُمرت خان يونس، والآن سيدمرون رفح. ليس لنا مكان نرحل إليه بعد ذلك”.
ما دفع النازح الأربعيني إلى حزم حقائبه وفك خيمة، للخروج من رفح، هو القصف المستمر على المدينة الحدودية الواقعة أقصى جنوب قطاع غزة، إذ يعتبر أن الغارات المستمرة على رفح إيذان ببدء عملية عسكرية برية لجيش الاحتلال، حيث يقيمون الآن: كل ساعة طائرات الاحتلال يقصفون خيمة أو منزلا في رفح. هم يجبروننا على النزوح، هذا يكفي. حاصروا مليونا ونصف نازح في منطقة صغيرة، والآن يخططون لاستهدافها”.
ويناشد المواطن الفلسطيني قادة الدول العربية بمساندة الشعب الفلسطيني وأهل غزة، من خلال الضغط على دولة الاحتلال من أجل إنهاء الحرب على قطاع غزة: “أوقفوا الحرب يا عرب، وفروا لنا منطقة آمنة، أنقذوا الأطفال من الموت، لا تغضوا الطرف عن مشاهد الأطفال المقطعين إلى أشلاء”.
ويتابع: “أين أنتم يا عرب! الطفل أصبح يحمل أخيه الشهيد ويدفنه في جورة من التراب دون شاهد أو بلاط”.
النزوح الكارثي
وفي دلالة واضحة على حالة اليأس التي أصابت أهالي قطاع غزة، يطالب معاذ عبدو، الاحتلال بالرحيل عن أرض غزة أو إبادة الغزيين إبادة جماعية. وهو بذلك يوصل رسالة إلى الدول العربية والأجنبية والمجتمع الدولي بأن “الشعب الفلسطيني شعب مناضل، يحب الكرامة والحياة، ويكره الإذلال، عمرنا ما رضينا بالإذلال، ولسنا شعب يمكن الضحك عليه بكوبونات المساعدات، لسنا سلعة تُباع وتشترى”.

إلى أين أنزح؟

ويرفض النازح الثلاثيني أن يبقى رهن إشارة النزوح من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أو جيش الاحتلال. ويقول: “نزحت من مدينة غزة ليس خوفاً من الاحتلال، ولكن خوفاً على أطفالي من الموت جوعاً”.
ويضيف لـ “القدس العربي” إنه نزح إلى خان يونس، استجابة لمزاعم الاحتلال بأنها مدينة آمنة، ثم بعد شهر أُجبر على النزوح إلى رفح: “بعد رفح، إلى أين أنزح؟!”.
ويعتبر المواطن الفلسطيني أن النزوح إلى خان يونس أكبر كارثة بعد أن دمر الاحتلال المدينة، التي أصبحت خالية من البيوت وتهالكت بنيتها التحتية وافتقرت إلى مقومات الحياة، متسائلاً: “من أين ستدخل المساعدات الإنسانية إلى خان يونس ومعبر رفح سيغلق في حال اقتحام رفح؟”. مضيفاً: “الشعب الفلسطيني أصبح جسداً بلا روح، ويعاني الموت على قيد الحياة”.
ويتفق معه علي يعقوب، النازح من بيت حانون، ويعيش في خيمة من النايلون “انعدام الأمان في رفح مثل سائر مدن غزة، لا توجد منطقة هنا اسمها أمان. رفح التي أجبرونا على النزوح إليها من أجل الأمان أصبحت أخطر منطقة في القطاع، القصف يتواصل فيها كل دقيقة”.
ويبحث أيضاً عصام يعقوب، النازح من خيم جباليا عن منطقة آمنة في غزة، بعدما أصبحت رفح كذلك مهددة بالاجتياح البري: “نحن نريد حاجة واحدة فقط، منطقة فيها أمان نقيم فيها من أجل الأطفال والكبار والشيوخ. يا عالم انظروا إلى أهل غزة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية