«مونو بوز» عرض مسرحي يدق باب العمر الثاني للنساء بعيداً عن العائلة

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت ـ «القدس العربي»:بدعم من جرعة كوميدية حاولت الممثلة والمخرجة بيتي توتل أن تعقد صلحاً مع المرحلة الثانية من عمرها، حيث يرشح الماء من جسدها من حين لآخر و»بصير طوف مثل الطرقات عنّا».
في «مونو بوز» كتبت بيتي توتل حال النساء والأمهات. وإذ بمتلازمة الدخول إلى العمر الثاني من حياتهنّ، وتراكم المسؤوليات العائلية على كاهلهنّ، يقودهن للإحساس بالإقتراب من الإنفجار الداخلي. لكنّ توتل قررت الإنتقال إلى مكان بعيد في محاولة للتحقيق «بّوز» وتفادي الإنفجار وسط المجموعة العائلية.
خاتمة المرحلة الحيوية لجسد المرأة منتظرة بتوجس أحياناً، وبهدوء أحياناً أخرى. منتظرة تماماً كما تنتظر الأمهات بلوغ بناتهن في عمر المراهقة. بين فرحة الإنتظار الأول، والتوجس من الإنتظار الثاني، المسافة بعيدة. إنها لعبة هورمونات تتصاعد وتهبط، والمرمى القريب هو ملعب العائلة.
تسرد، دون كلل حال النساء حين يكنّ في عمر الربيع. أمهات مضحيات، وعاملات منتجات. ومتفانيات في انجاز كافة المهام. غذاء وتدريس، واعداد الملابس والنظافة وووو. للصبر حدود، والثورة آتية بكل تأكيد. فجأة تقع الواقعة، وتختفي المرأة من حياة عائلتها في منزل جبلي منعزل عن العالم، ويصمت هاتفها.
في وحدتها تستحضر عدّتها من مشروبات روحية وغيرها من رغبات دفينة، وتدور حول نفسها مستدعية جناحيها. تراقص ملابس داخلية ذات ألوان الحارة. تُعبّر عن رغبات عاطفية افتقدتها في غمرة تنفيذ قرارها بأن تكون «ستاند أب» في حياة عائلتها. تتنكّر لواقعها ما قبل الثورة. لن تكون آلة بعد اليوم. وفي مشهد رمزي نجحت في التعبير عن غيرتها حين كررت الحديث عن شرشف السرير المغسول والمُثبت بالملاقط، لكنه لا يخسر حريته بالطيران.
أصابت في عرضها الجديد أكثر من هدف معاً. ومع تلك الأهداف بدا «مونو بوز» تفصيلا كبيراً وليس ثانوياً. الهاتف الخلوي، أول تلك الأهداف، حيث سجّلت في مرماه اصابات مُحقة. رمته في كرسي الحمام. وقذفته بعيداً عنها من نافذة المنزل، ورفعت ساقين متشابكين احدهما بمظهر رسمي جوارب سوداء وأظافر ملونة. والآخر يستعد لمهمات التنظيف، العصا رفيقة يدها اليُسرى مع الكف البلاستيكي. إنه بوستر المسرحية الناجح بالمعايير الفنية والرمزية معاً.
شكّل الخلوي جزءاً لافتاً من العرض، نطق برسائل صوتية. رسائل صادقة بلسان من يضيق ذرعاً بحضوره. «من حق المشترك أن لا يكون بالخدمة». كان للهاتف الخلوي حضوره المدروس ولغته التقنية الخاصة في العرض، وكأنه الممثل الثالث.
فيما سجّلت السينوغرافيا حضوراً منطقياً. إذ يقول المسرح إننا بمواجهة منزل قروي في بلدة بحمدون. في حين فشل صاحب المطعم «أبو خالد» وهو الممثل الدكتور جاك مخباط في تحقيق الإنتماء للمكان وأهله في نطقه. ظلّ مدينياً كلياً.
طرقت بيتي توتل موضوعاً حيوياً من حياتها وحياة جميع النساء. وصل للجمهور بمشاعر صادقة، فتفاعل معه. مع العلم أن العرض يلقى إقبالاً من النساء. على جبهة النص كان متاحاً لتوتل ككاتبة متمرسة أن تختصر منه القليل، سيما المشاهد التي وقفت فيها تخاطب الجمهور وجهاً لوجه.
«مونو بوز» عرض متواصل على خشبة مسرح دوّار الشمس ـ بيروت الطيونة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية