موسوعة شهداء الحركة الإسلامية في العصر الحديث :

حجم الخط
0

موسوعة شهداء الحركة الإسلامية في العصر الحديث :

المودودي قرأ معالم في الطريق لسيد قطب في ليلة واحدة وقال: كأني أنا الذي ألفتهحسن البنا مزيج من السلفية والصوفية.. وعبد الله عزام عراب الجهاد الأفغاني وفتحي الشقاقي مجاهد ومخطط رصينموسوعة شهداء الحركة الإسلامية في العصر الحديث :منتصر حمادةخدمة توثيقية كبيرة يقدمها توفيق يوسف الواعي من خلال عمله الهام موسوعة شهداء الحركة الإسلامية في العصر الحديث ، والصادر هذا العام عن دار التوزيع والنشر الإسلامية بالقاهرة. والكاتب عن حياة الشهداء، كما يشير المؤلف في التمهيد، يحس أنه يُسَطِّر أفضل ما دون، وأنبل ما كَتَب، وأعظم ما قرئ، وأجل ما ذكر، لأنهم أغلي الناس، وأخلص البشر، وأصدق الخلق، لهم عبق الفردوس، وروائح الجنان، وأريج الحور العين .بالطبع، فإن مروجي خطاب المادية الجدلية والتفسير المادي الصرف لأحداث التاريخ والداعين إلي حتمية تطليق التراث، واستبعاد الغيب في الحياة المعيشية.. إلخ، سيجدون صعوبات جمة في استيعاب مقاصد هذا الكلام.والحق أن الكتاب يصدر في وقته، وفي عز فترة حرجة علي راهن ومستقبل ما يُصطلح عليه بالصحوة الإسلامية، في تفرعاتها الثلاثة: الدعوية والسياسية والجهادية. ويكفي إلقاء نظرة علي واقع الحركات الإسلامية في الدول العربية علي الخصوص، لنتيقن أن ضيف هذا العرض يحيلنا علي ماضٍ مشرق، لا تخجل بعض التيارات من المتاجرة برأسماله الرمزي اليوم حيث اختلطت الأوراق، واشتبكت الحسابات، وتعددت الأطماع.. باسم الإسلام.رجال مبادئ لا رجال مناصبلا نُوجه هذا الكلام للسياسيين العلمانيين والاشتراكيين والليبراليين.. وإنما نُوجهه تحديدا للإسلاميين المعنيين بالانخراط في العمل السياسي الشرعي، تحت إمرة سلطة زمنية حاكمة في الدول العربية والإسلامية أو منخرطين فيما يصطلح عليه اللعبة السياسية، وليس اللعبة الاستشهادية، لأن مع الاستشهاد، الأمر ليس بالهزل، وليس منصبا أو زعامة أو سفريات لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام بصفته دين سلم وتسامح ورحمة ، والصورة الأمثل للإسلاميين المعتدلين بصفتهم الحمل الوديع الذي يعرب عن استعداده للتحالف والتماهي المُقرِف مع مخططات الإدارة الأمريكية والإدارات العربية والإسلامية في حربها المفتوحة ضد الجهاديين الذين يرفضون اختزال الإسلام في فتاوي الحيض والنفاس.يري المؤلف أن استشهاد الشيخ أحمد ياسين جَسَّدَ نموذجا صارخا علي أن هذه الأمة ما زالت قادرة علي إخراج الأبطال، وضرب الأمثلة في الكفاح تحت أقسي الظروف والأحوال، فبالرغم من أزمة الإفلاس العسكري، والعهر السياسي والنفاق الاجتماعي، يبقي الإيمان هو الأقوي، فرجل علي كرسي متحرك وبأطراف مشلولة يدوخ أعتي الدول، ولكنها كرسي رجل بفكره وإيمانه قد ملأ الدنيا بعطائه، وأضاء شعلة الجهاد بصموده.لنتأمل مسار شهيد يحمل إسم صباح عبد الغني من سورية، وعمره لم يبلغ اثني عشر عاما، تعلق قلبه بالدفاع عن فلسطين، وازداد تعلقه حينما رأي أخاه يتطوع للجهاد في فلسطين، فهرب من بيت والده في دمشق، والتحق بقيادة الجهاد في بيت المقدس، لولا أن هذه الأخيرة رفضت السماح له بالمشاركة نظرا لصغر سنه ـ بيت القصيد ـ فأعادته إلي أبيه في مدينة دمشق.كان الطفل شغوفا بالجهاد، فعاد إلي القدس مرة ثانية مصرا علي المشاركة في الأعمال الجهادية، مثبتا جدارته، عندما التحق بفرق التدمير، وقد ساهم بخفة حركته وسرعته وذكائه، في تفجير الألغام والقنابل في العمارات والأحياء اليهودية، وقد توفي علي إثر إصابته بجراح خطيرة في عملية تمت في الحي اليهودي المُسَمي ميشورم في القدس، عندما كان في طريق العودة إلي مربضه، فاصطدم بمقاتلين يهود، فرموه بالرصاص.العمليات الاستشهادية.. القنبلة الذكية بغض النظر ممن اقتبس الفلسطينيون أسلوب العمليات الاستشهادية، سواء من اللبنانيين أو من نمور التاميل في سريلانكا أو من غيرهم، فإنهم طوروا هذا الأسلوب فأصبحت العمليات الاستشهادية السلاح الأبرز في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية.ونظرا لاعتماد القوي الفلسطينية بشكل كبير وأساسي في مقاومتهم علي هذه العمليات، فقد اعتبر العديد من المراقبين أن هذا السلام بدأ يؤسس لمرحلة مهمة من النضال الفلسطيني ويُعتبر في الوقت نفسه تغييرا في البنية الاستراتيجية للقوي الفلسطينية ليتماشي مع ما هو متاح من أساليب المقاومة. وقد استشهد المؤلف في هذا المقام بتقييم صادر عن الدكتور نعومي بدهستور الذي أعد دراسة مفصلة عن العمليات الاستشهادية، عندما وصفها بأنها القنبلة الذكية التي تستطيع أن تختار التوقيت اللازم للانفجار، الأمر الذي يجعلها سلاحا نموذجيا تلجأ إليه قوي المقاومة الفلسطينية.من المعطيات الأخري الخاصة بهذه العمليات، إشارة المؤلف إلي سبق التنظيمات الإسلامية الفلسطينية في اللجوء لهذه العمليات كأسلوب للمقاومة في العام الثاني من عمر الانتفاضة وحتي نهاية عام 2001، فقد كان 61 % من منفذي العمليات الاستشهادية من أعضاء حركة حماس و الجهاد الإسلامي ، كما انضمت إليها في عام 2002 حركتا فتح بجناحها العسكري كتائب شهداء الأقصي ، عندما قامت بعمليتين استشهاديتين، و الجبهة الشعبية التي قامت بعملية استشهادية واحدة.من الملاحظات الأخري، كون العمليات الاستشهادية لم تقتصر علي فئة معينة من الشباب الفلسطيني، إذ أسهم في تنفيذها شباب من فئات مختلفة، وحسب ما جاء في دراسة بدهستور، فإننا نجد بين الذين نفذوا تلك العمليات 153 استشهاديا من الضفة الغربية، و54 من غزة و6 من القدس الشرقية، واثنين من الأردن وواحداً من فلسطين 48. وعن المستوي التعليمي لمنفذي العمليات، توضح الدراسة أن 53 من منفذيها يحملون مؤهلا علميا عاليا و58 يحملون مؤهلا جامعيا و42 لم يلتحقوا بالتعليم الجامعي، في حين تفاوتت أعمار منفذي العمليات الاستشهادية فمنهم 103 شهداء من الفئة العمرية 17 ـ 23 سنة وثلاثة من الفئة العمرية من 30 ـ 48 سنة.كما لم تنحصر العمليات الاستشهادية علي إسهام الذكور، ففي تطور جديد اتبعته القوي الفلسطينية قامت ثلاث فتيات فلسطينيات بتنفيذ عمليات عسكرية في العام الثاني للانتفاضة.وتأتي العمليات الاستشهادية في المرتبة الأولي من بين كافة أشكال المقاومة من حيث إيقاعها بأكبر عدد من القتلي الإسرائيليين، ففي شهادة رئيس قسم العمليات بالجيش العبري الجنرال إيلي أميتاي أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، ذكر أنه علي الرغم من أن عدد العمليات الاستشهادية آخذ في التقلص مقارنة مع العمليات الفدائية الأخري فإنها أكثر وسيلة تودي بحياة الإسرائيليين من حيث العدد، فحسب الإحصاءات الإسرائيلية فإن العمليات الاستشهادية تشكل 6% من مجمل العمليات الفدائية، ومن أصل 630 قتيلا إسرائيليا سقطوا منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية فإن 455 (75%) قتلوا من جراء العمليات الاستشهادية، كما أن 84% من الجرحي الإسرائيليين أصيبوا في تلك العمليات.علي الرغم من الحملة الضارية التي شنها الجيش الإسرائيلي ضد المقاومة الفلسطينية بكافة قواها فإنها تمكنت من ضرب العمق الإسرائيلي بعمليات نوعية ناجحة. فالعمليات الاستشهادية كانت أكثر عددا في العام الثاني من عمر الانتفاضة رغم حالة الحصار التي ضربت علي الأراضي الفلسطينية في أعقاب حملة السور الواقي مما أدي إلي إصابة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالصدمة إذ اعتقدت بعد عملية السور الواقي واعتقالها عددا من القيادات الفلسطينية واغتيال عدد آخر أنها قد تمكنت من وقف العمليات الاستشهادية لأشهر طويلة قبل استئنافها من جديد، لكن ذلك لم يحدث، فقد تمكنت القوي الفلسطينية من ترميم بناها العسكرية بسرعة واستعادة عافيتها لتنفيذ المزيد من العمليات.وقد يعود النجاح الصهيوني في ملاحقة العديد من قادة المقاومة الفلسطينية وعناصرها الي طرق رصد وتعقب تعتمد علي تقنية الاتصالات. فمثلا قتل الصهيونيون خلال انتفاضة الأقصي 383 قياديا حتي تموز (يوليوز) 2003، وذلك بعد تعقب وملاحقة طويلة ميزها غالبا استخدام التعقب التقني للوصول إلي المصنفين بأنهم مطلوبون. وقد توقف المؤلف عند أهم ميزات التقنية التي لجأ إليها الكيان الصهيوني في هذا الصدد، فيما يتعلق أساسا بالتعامل مع الهاتف المحمول واللاسلكي والهاتف العادي والبريد الإلكتروني وخدمات الأقمار الصناعية وطائرات التجسس، إضافة طبعا إلي أجهزة التعقب (bugs).النقلة النوعية.. اختراق أماكن حساسةيتوقف المؤلف في تمهيد الموسوعة مع مجموعة من المؤشرات التي تثبت التطور النوعي في المقاومة الفلسطينية.وضمن العمليات النوعية، استهداف المقاومة الفلسطينية في شهر أيار (مايو) 2005 من تفجير إحدي شاحنات الغاز في أكبر مجمع للغاز في مدينة تل أبيب، كما شهد العام الثاني من عمر الانتفاضة الفلسطينية تمكن حركة حماس من تطوير صواريخ القسام 2 ليصبح مداها عشرة كيلومترات وتصل إلي قلب الأراضي المحتلة عام 1948، ولم يقتصر الأمر علي إطلاق الصواريخ تجاه التجمعات الإسرائيلية، فقد أصبحت عمليات اقتحام المستوطنات الإسرائيلية أمرا عاديا لدي قوي المقاومة، حيث تمكنت في عمليات الاقتحام التي نفذتها من إيقاع عدد لا بأس به من القتلي وهو ما بات يهدد المستوطنين الإسرائيليين ليس فقط علي الطرق المؤدية إلي المستوطنات بل في داخلها.وليس أدل علي التطور النوعي الذي وصلت إليه المقاومة الفلسطينية من مقارنة أعداد الشهداء الفلسطينيين مع أعداد القتلي من الجانب الإسرائيلي، ففي الأشهر الستة الأولي من عمر الانتفاضة كان معدل القـــتلي الفلسطــــينيين 5.1 مقابل قتـــيل إسرائيلي واحد، في حــــين بلغت تلك النسبة 7.1 في الجانب الفلسطيني مقابل قتــــيلين إسرائيليين وهـــو معــــدل لم تصل إليه تلك النسبة حتي في الحروب العربية الإسرائيلية.دروس من الشهداء.. لمن يهمهم الأمرأحصي المؤلف مجموعة دروس يقدمها الشهداء إجمالا، وفي مقدمتهم شهداء المقاومة الفلسطينية، ونتوقف بدورنا عند بعض من هذه الدلالات/الدروس:ـ هناك أولا إشارة المؤلف إلي أن الشهيد باستشهاده قد حقق أمنية كان يطلبها لنفسه من ربه، كما يطلبها كل مجاهد مخلص.ـ أن كثرة الشهداء لن تُضعِف من المقاومة كما يتوهم البعض، لأن المحنة تبقي القاسم المشترك بين كتائب القسام و سرايا القدس و كتائب شهداء الأقصي و كتائب الشهيد أبو علي مصطفي ومناضلي الجبهة الشعبية وكل أبناء فلسطين.ـ كون إسرائيل طغت واستكبرت في الأرض وأن الإدارة الأمريكية شريكة في المسؤولية في الجرائم التي ترتكبها الدولة العبرية.ـ أنه لا أمل في مسيرة السلام لأن كل راصد للأحداث بإنصاف يستيقن أن إسرائيل لا تريد سلاما حقيقيا ولا تعترف إلا بمنطق القوة ولا تفهم إلا لغة الحديد.ـ درس آخر يهم المسلمين عامة هذه المرة: علي الأمة الإسلامية واجب نحو أرض الإسراء والمعراج، ونحو القدس الشريف ونحو المسجد الأقصي، من منطلق أن الأقصي ليس ملك الفلسطينيين وحدهم، حتي يكلفوا بالدفاع عنه دون سائر الأمة.ـ هناك درس آخر موجه إلي كل الأحرار والشرفاء في العالم، هؤلاء الذين خرجوا بالملايين في مسيرات غاضبة علي الحرب في العراق، يتحدون الإدارة الأمريكية وحلفاءها. فهؤلاء الشرفاء، والإضافة للمؤلف دائما، مطالبون بأن يعلنوا سخطهم علي الجرائم الصهيونية الشنيعة.تحفل الموسوعة بأسماء المئات من الشهداء في المنطقة العربية عموما، وقد بدا واضحا أن أغلب الشهداء الواردة أسماؤهم في الموسوعة ينتمون إلي مختلف أطياف المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع سرد لبعض شهداء التيار الإخواني في مصر، وسوف نتوقف عند بعض هذه الأسماء الوازنة.حسن البنا.. مُلهِم الحركات الإسلاميةيمكن اعتبار حسن البنا مزيجا متميزا من الفكر السلفي والروحانية الصوفية، فقد كان تجسيدا فريدا للروحاني الصوفي، والعالم المسلم، والقائد الحركي الذي امتلك قدرة نادرة علي تحريك الجماهير، من خلال ترجمة المبادئ العقدية والفكر السلفي إلي عمل جماهيري.ولد البنا في المحمودية عام 1906 وقضي بها سنوات عمره الأولي، ويلاحظ المؤلف أن مقومات الزعامة والقيادة بدت متوافرة لديه منذ الصغر، حتي أنه عندما تألفت جمعية الأخلاق الأدبية في مدرسة الرشاد الإعدادية، وقع اختيار زملائه عليه ليكون رئيسا لمجلس إدارة الجمعية.حصل علي دبلوم العلوم العليا سنة 1927، وكان أول دفعته، وعُيّن معلما بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية الأميرية. وفي آذار (مارس) سنة 1928، زار البنا من وصفهم المؤلف الإخوة الستة ، وهم حافظ عبد الحميد وأحمد الحصري وفؤاد ابراهيم وعبد الرحمن حسب الله وإسماعيل عز وزكي المغربي، وهم من الذين تأثروا بالدروس والمحاضرات التي كان يُلقيها، وكانت آخر إحدي هذه الدروس المُمَهِّدة لتأسيس أول فصيل إسلامي حركي في القرن العشرين، وجاء فيها بالحرف: وفقنا الله إلي عمل صالح، يُرضي الله، وينفع الناس، وعلينا العمل، وعلي الله النجاح، فلنُبَايع الله علي أن نكون لدعوة الإسلام جُندا، ففيها حياة الوطن وعزة الأمة ، وكانت بيعة جسدت ولادة الإخوان المسلمين .أولي الشهيد حسن البنا قضية فلسطين اهتماما خاصا، واعتبرها قضية العالم الإسلامي بأسره ، وأكد دوما علي أن الإنكليز واليهود لن يفهموا إلا لغة واحدة، هي لغة الثورة والقوة والدم . وكان من تَبِعات تبني هذه الرؤية، أن اتخذت الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين قرارا في 6/5/1948 ينص علي إعلان الجهاد المقدس ضد اليهودية المعتدية، وأرسل البنا كتائب المجاهدين من الإخوان إلي فلسطين في حرب 1948.بقية الحكاية معروفة، وحسبنا الاستشهاد بالذي صدر عن أسد الريف المغربي، الأمير المجاهد عبد الكريم الخطابي في معرض نعي استشهاد حسن البنا: ويح مصر وإخوتي أهل مصر مما يستقبلون ما اقترفوا، فقد سفكوا دم وليّ من أولياء الله! تري أين يكون الأولياء إن لم يكن منهم، بل في غرتهم، حسن البنا الذي لم يكن في المسلمين مثله .عمر المختار.. أسد الصحراء إننا نقاتل، لأننا علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتي نطرد الغزاة أو نموت نحن، وليس لنا أن نختار غير ذلك، إنا لله وإنا إليه راجعون .مقولة توجز فكر الشهداء عموما، وشهيد ليبيا، أسد الصحراء، عمر المختار، والذي اعتلي أعواد المشنقة في 16 أيلول (سبتمبر) 1931 بعد جهاد طويل دام قرابة الثلاثين عاما، حارب فيها الفرنسيين في مملكة كانم وواداي في نيجيريا والسودان، وحارب الإنكليز في مصر، قبل أن يقضي بقية عمره في قتال الإيطاليين في ليبيا.قالت عنه صحيفة التايمز في اليوم التالي لإعدامه تحت عنوان نصر إيطالي : من المحتمل جدا أن مصيره سيشل مقاومة بقية الثوار، والمختار الذي لم يقبل أي منحة مالية من إيطاليا، وأنفق كل ما عنده في سبيل الجهاد وعاش علي ما كان يقدمه له أتباعه، واعتبر الاتفاقيات مع الكفار مجرد قصاصات ورق، كان محل إعجاب لحماسته وإخلاصه الديني، كما كان مرموقا لشجاعته وإقدامه .كان عمر المختار واسع الأفق عالما بواقعه، مُدرِكا لما يجري حوله ومُتابِعا له، وقد كان ذلك أكبر عون له علي صحة مواقفه وقوته التي فرضت الاحترام من أعدائه قبل أصدقائه، وما أعظم أن يجتمع الإيمان والفقه بالواقع، وما أقبح أن يفترقا، وتجلي ذلك جليا في إدراكه لعدم جدوي المفاوضات السياسية والمهادنات مع الحكومة الإيطالية التي وقع فيها كثير من قادة الجهاد الليبي، وتجلي أيضا في اعتماده علي الإمكانات المتوفرة لديه، وعدم التجائه إلي الشرق أو الغرب طلبا للعون السياسي أو المادي.عبد الله عزام.. عراب الأفغان العرب مهم جدا التوقف عند شخصية عبد الله عزام، ويكفي أن نعلم بأنه أحد الآباء الروحيين للجهاديين الحاليين، وفي مقدمتهم الجهاديون المحسوبون علي تنظيم القاعدة ، وهو المُلَقب بـ عراب الأفغان العرب ، و المرشد الروحي لأسامة بن لادن، حتي أن المؤلف يصفه بـ العالم الشجاع والمجاهد الجسور والداعية المصلح أمير المجاهدين العرب في أفغانستان ، وحسنا فعل الكاتب عندما عزز شهادته بثلاث صور تؤرخ لحضور عبد الله عزام في أفغانستان، ومنها صورة له مع حكمتيار، دون سواه، الذي أعلن يوم الخميس 4/5/2006، عما سُمي بتأييده وبيعته لتنظيم القاعدة .بعد تنقل عبد الله عزام بين فلسطين والأردن ومصر والسعودية، سوف يرحل للعمل في الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد بباكستان ثم قدم استقالته منها قبل أن يتفرغ للجهاد في أفغانستان، وهو الجهاد الذي يخجل أغلب المعلقين العرب اليوم من التطرق إليه، ونخص بالذكر جماعة عرب البيت الأبيض ، كما وصفهم طارق علي.دور مهم تبناه عبد الله عزام في مسيرة الجهاد الأفغاني، حيث تولي منصب أمير مكتب خدمات المجاهدين في أفغانستان، إذ كان حلقة اتصال بين المجاهدين الأفغان والمؤيدين لهم في البلدان العربية، كما أشرف علي عمليات واسعة لتقديم الخدمات والمساعدات المختلفة من تعليمية وصحية وعسكرية للمجاهدين، كما أسس مجلة رسالة الجهاد لتكون منبرا إعلاميا شهريا يتكفل باستعراض أخبار المجاهدين وكذلك نشرة لهيب المعركة ، (تذكروا أن إحدي أهم المجلات الناطقة باسم جهاديي اليوم في الجزيرة العربية تحمل اسم صوت الجهاد )، مُساهما بالتالي في تدوين وقائع الجهاد الأفغاني، كما عمل علي التوفيق بين المجاهدين وتوحيد صفوفهم متعاونا في ذلك مع دعاة الإخوان المسلمين أمثال الشهيد محمد كمال الدين السنانيري والدكتور أحمد الملط ومصطفي مشهور ومحمد عبد الرحمن خليفة والشيخ سعيد حوي وغيرهم.فتحي الشقاقي مؤسس الجهاد الإسلامي من مواليد 1951 في قرية الزرنزفة إحدي قري يافا بفلسطين، كان يميل للفكر الناصري منذ كان عمره 15 عاما، قبل أن تتطور الأمور بفعل هزيمة 1967، وخاصة بعد أن أهداه أحد رفاقه كتاب معالم في الطريق ، فاتجه نحو الفكر الإسلامي، والتحق بالحركة الإسلامية في فلسطين، وفي نهاية السبعينيات أَسَّسَ مع عدد من إخوانه حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، واعتبر مُؤسِّسا وزعيما للتيار الإسلامي الثوري في فلسطين. أراد الشقاقي بتأسيسه لحركة الجهاد أن يكون حلقة من حلقات الكفاح الوطني المسلح لعبد القادر الجزائري والأفغاني وعمر المختار وعز الدين القسام الذي عشقه حتي اتخذ من اسم عز الدين الفارس اسما حركيا له حتي يكون كالقسام في المنهج وكالفارس للوطن.قال عنه راشد الغنوشي: عرفته صُلبا، عنيدا، متواضعا، مثقفا، متعمقا في الأدب والفلسفة، أشد ما أعجبني فيه هذا المزيج من التكوين الذي جمع إلي شخصه المجاهد الذي يقض مضاجع جنرالات الجيش الذي لا يقهر، وشخصية المخطط الرصين الذي يغوص كما يؤكد عارفوه في كل جزئيات عمله بحثا وتمحيصا يتحمل مسؤولية كاملة، جمع إلي ذلك شخصية المثقف الإسلامي المعاصر الواقعي المعتدل، وهو مزيج نادر بين النماذج الجهادية التي حملت راية الجهاد في عصرنا .سيد قطب.. معالم ضد الجاهلية وُلد صاحب الظلال سيد قطب إبراهيم في قرية موشة التابعة لمحافظة أسيوط في صعيد مصر عام 1906، عمل في الصحافة منذ شبابه ونشر مقالات في الأهرام والرسالة والثقافة، وأصدر مجلتي العالم العربي و الفكر الجديد ، قبل أن يترأس جريدة الإخوان المسلمون الأسبوعية عام 1953، وهي السنة التي انتسب فيها إلي الإخوان المسلمين رسميا. وكان للمفارقة يري في الإنكليز وعملائهم وأعوانهم من رجال القصر والحكومات المتعاقبة ورجال الأحزاب والإقطاع وكبار التجار السبب في تخلف مصر.لم تصدر عن سيد قطب أحكام شرعية علي الناس، ولم يقل بتكفير الناس، كانت عقيدته السلف الصالح، وفكره سلفياً خالياً من الشوائب، كما ركَّزّ في أعماله حول مسألة الحاكمية و الولاء ، وتحدث عن الجاهلية المعاصرة وتقوم علي عدم إخلاص المجتمع عبوديته لله وحده .ولأن التاريخ يكاد يعيد نفسه، نقرأ لسيد قطب أن الإسلام الذي يريده الأمريكان وحلفاؤهم في الشرق الأوسط، ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار، وليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان .. إنهم يريدون إسلاما أمريكانيا، يُستفتي في نواقض الوضوء، ولكنه لا يُستفتي في أوضاع المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية .كان يروي كيف أنه لاحظ الفرحة التي عمَّت الولايات المتحدة حين سماعهم بمقتل حسن البنا، حيث خرجوا يرقصون ويغنون ويتبادلون التهاني، وحين تساءل عن الأمر قيل له: إن أخطر عدو للغرب وأمريكا قد قتل بمصر، وهو حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين.قال عنه علال الفاسي، الزعيم المغربي: ما كان الله لينصر حربا يقودها قاتل سيد قطب . وروي الشيخ خليل الحامدي، سكرتير المودودي، في عام 1966 بمكة المكرمة، وفي فندق شبرا، دخل شاب عربي مسلم علي الأستاذ المودودي وقدم له كتاب معالم في الطريق لمؤلفه سيد قطب، وقرأه الأستاذ المودودي في ليلة واحدة، وفي الصباح قال: كأني أنا الذي ألفت هذا الكتاب ، مُبدِيا دهشته من التقارب الفكري بينه وبين سيد قطب الذي أعدم قبل بزوغ فجر يوم الاثنين 29/8/1966.ہ كاتب من المغربتوفيق يوسف الواعي: موسوعة شهداء الحركة الإسلامية في العصر الحديث: إيمان، بطولات، كفاح، استشهاد . خمسة مجلدات. 2574 صفحة. دار التوزيع والنشر الإسلامية. القاهرة. الطبعة الأولي 2006.7

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية