موريتانيا تشكو تدفق المهاجرين.. واتفاقها مع الأوروبيين يثير حرب بيانات

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط- “القدس العربي”: اشتكت موريتانيا أمام الدورة الحادية والأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب، المنعقدة بتونس، من تزايد مستمر لأعداد المهاجرين المتدفقين إلى أراضيها بشكل غير مسبوق، فارّين من دُولهم، خوفاً على أرْواحِهم وممتلكاتهم، وبحثاً عن حياة أفضل.

وأكد وزير الداخلية الموريتاني محمد أحمد ولد محمد الأمين، في مداخلة أمام الدورة، أن مخيم “امبرّه” في الجنوب الشرقي الموريتاني، الذي دخل عقده الثاني، يؤوي أكثر من 150 ألفاً من اللاجئين الماليين، بالإضافة إلى مراكز إيواء في المدن الكبرى، مثل نواكشوط ونواذيبو، وبعض المدن الأخرى، حيث اللاجئون يعدّون بالآلاف”.

وقال: “تُواجه موريتانيا أمواجاً من المهاجرين غير الشرعيين، الوافدين من دول جنــوب الصحراء والحالــمين بحياةٍ أفضـــلَ في أوروبا، وتُشكّل الظاهرةُ تحدّياً كبيرا، مع تفاقُمِ الاضطرابات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقـــة، ورغم أن بلادَنا ليست بلدَ مَصْدر ولا بلد وِجْهة، فقد أصبحتْ بلداً متضرراً من هذه الظاهرة، التي تتعامل السلطاتُ معها بحزم، لكن مواجهَتها تتطلبُ تعبئةَ الكثير من الموارد المادية والبشرية”.

وقال: “لذا أودّ منكم، أن تأخذوا علماً بحجم تكاليف العملية التي نتحمّلها في مجال مكافحة الهجرة غير الشــــرعية باتجاه أوروبا، إضـــافةً إلى إيـــواء اللاجـــئين الماليين، فالجمـــهورية الإســـلامية الموريــتانية، تتحملُ، بمــعونةٍ من شــركائـــــــها في التنــــمية، تكلفةً مالية ولوجستيةً باهـــظة، على غرار أشـــقائها في المغرب العربي، وينبغي أن يناسب اهتمامنا البالغ بتعزيز الأمن والاستقـرار في البـلاد، و فـي المنطقـــة والعالم العربي، جسامة التحديات التي نُواجِهُها يومياً، وخاصة تلك المرتبطة بالأوضاع في دول الساحل وجنوب الصحراء، تعزيزاً للتعاون العربي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة”.

ويأتي عرض وزير الداخلية الموريتاني لحالة اللاجئين في وقت تستعد فيه الحكومة الموريتانية، مضطرة حسب قولها، لإبرام اتفاق مثير للجدل، مع الاتحاد الأوروبي، يوم السابع مارس/آذار المقبل.

وقد قوبل هذا الاتفاق بانتقادات واسعة، كما أشعل حرب بيانات بين حزب الإنصاف الحاكم، وأحزاب المعارضة، حيث حذر منه بيان صادر عن أحزاب التحالف الشعبي التقدمي، والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة، وحزب الصواب، والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية، والجبهة الجمهورية من أجل الوحدة والديمقراطية، والجبهة من أجل التغيير، وموريتانيا إلى الأمام.

وأكد البيان أن “أحزاب المعارضة أجمعت على خطورة اتفاق الحكومة الموريتانية مع الاتحاد الأوربي بخصوص استقبال وإيواء المهاجرين، لما يمثله من خطر على الأمن القومي الوطني وتأثيره المباشر على تغيير التركيبة الديمغرافية للبلد، وتهديد قيمه الدينية والثقافية، ومستقبل أجياله، والضغط على موارده الاقتصادية المحدودة، ومساهمته في انتشار الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، مقابل مبالغ زهيدة سيكون مصيرها مصير موارد البلد الهائلة التي ذهبت الى جيوب المفسدين”.

وطالبت الأحزاب المعارضة “الحكومةَ بالتوقف فوراً عن إبرام الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، خدمة لمصالح موريتانيا العليا”، داعية “الشعب الموريتاني إلى الوقوف الحازم صفاً واحداً لمنع توقيع هذا الاتفاق”.

وسارعَ حزب الإنصاف للرد على أحزاب المعارضة، فأكد، في بيان، أن “الهجرة ظاهرة طبيعية وقديمة في المنطقة؛ ونحن في حزب الإنصاف، نرفض أي مزايدة على رئيس الجمهورية وجهازه التنفيذي في الحرص على صون الحوزة الترابية لهذا الوطن، وهوية شعبه، وأمنه واستقراره، وصون موارده، والعيش الكريم لمواطنيه”.

وأكد حزب “الإنصاف” أنه “لم يتم حتى الآن توقيع أي اتفاق جديد مع أي جهة في مجال الهجرة”، مشدداً “ثقته في أن أيّ اتفاق مستقبلي لن يتضمن أية بنود تخرج عن إطار الاتفاقيات الدولية التي تضبط شروط تنقل الأشخاص بين الدول”.

وزاد: “نذكر أن ما تم التوصل إليه من تفاهم مع الاتحاد الأوروبي والمملكة الإسبانية مؤخراً، كشركاء للبلد، تضمنه بيان مشترك تم نشره علناً، وهو ليس سوى نجاح جديد في حشد موارد أوروبية مخصصة لدعم تسيير الهجرة، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدان، ظلت بلادنا لفترة طويلة تفوت فرصة الاستفادة منها، مقارنة مع الدول ذات الوضعية المشابهة”.

ويضيف حزب “الإنصاف”: “نرى أنه كان من الأجدر تثمينه بدل مغالطة الرأي العام بشائعات تفتقد السند، فالحصول على الموارد المذكورة لا يخضع لأي شروط، ولا يلزم بلادنا بالقيام بأي نشاط يرتبط بتنظيم الهجرة خارج ما كانت تقوم به بمحض إرادتها، وانطلاقاً من محض مصلحتها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية