منظمات حقوقية تطالب السلطات المصرية بوضع تشريع يجرم التعذيب

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة- “القدس العربي”: طالبت منظمات وحملات حقوقية، في بيان أصدرته أمس الإثنين، السلطات المصرية، بوضع تشريع يجرم التعذيب.

وقالت المنظمات، في بيان، إن التعذيب “جريمة لا تقع فقط بحق الذين يقع عليهم الانتهاك، ولكنها تمس أمن المجتمع ككل وتجعل روح الخوف وعدم الشعور بالأمان هي المسيطرة على التعاملات بين الأنظمة ومواطنيها، ما يفقد الأنظمة دورها في حماية أمن المجتمع، وينزع عنها صفة الشرعية باعتبارها تعمدت عدم التقيد بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بمنع التعذيب وتجريمه”.

وتضمنت قائمة المنظمات الموقعة على البيان كلا من الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، ولجنة العدالة، وحملة حقهم، ومنصة نحن نسجل.

وأضافت المنظمات في بيانها أنه رغم كل التشريعات والمواثيق الدولية والمحلية التي تدين التعذيب وتعاقب مرتكبه، إلا أن الوضع داخل مراكز ومقار الاحتجاز في مصر يؤكد على أن التعذيب ليس مجرد ظاهرة ناتجة عن تصرفات فردية، ولكنها ظاهرة ممنهجة مرتبطة ببقاء النظام والدفاع عنه.

وزادت: سياسة الإفلات من العقاب التي أدمنتها السلطات المصرية أكدت على منهجية التعذيب، حيث لا يوجد رادع لمن يرتكب التعذيب ضد أي مواطن، وخصوصًا من ينتمون إلى هيئات وجهات معارضة لآراء النظام.

ولفتت إلى ما أبدته لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في تقريرها حول مراجعة ملف مصر، الذي صدر الشهر الماضي، من قلق اتجاه الاستخدام المنهجي للتعذيب على أيدي الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في مصر، وأن التعذيب وسوء المعاملة منتشران في أماكن الحرمان من الحرية، وأن هذه الأفعال تمارس على نطاق واسع من قبل الشرطة وأجهزة أمن الدولة أثناء مراحل التوقيف والاستجواب والتحقيق.

كما تناول البيان تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حالة حقوق الإنسان في مصر لعام 2020، الذي ذكر أن التعذيب شائع في أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية، وأن الإفلات من العقاب يشكل ظاهرة خطيرة بين قوات الأمن.

ويؤيد كل ذلك أيضًا، التقرير الذي أصدرته مؤسسة “لجنة العدالة” حول الانتهاكات التي رصدتها طوال العام 2022، والتي كان للتعذيب فيها نسبة لا بأس بها، حيث تم رصد 48 انتهاكًا ضمن التعذيب داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر خلال 2022.

ودعت المنظمات، السلطات المصرية إلى وضع تشريع يتلاءم مع متطلبات مصر الدولية وفقًا للعهود والمواثيق التي وقعت عليها، وأهمها اتفاقية مناهضة التعذيب، ويتعامل مع الثغرات والعوار القانوني الموجود بقانون العقوبات الحالي والذي لا يعالج ظاهرة التعذيب قانونيًا.

كما دعت الحملات والمنظمات الموقعة على البيان السلطات المصرية للانضمام للبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والذي يسمح لخبراء دوليين مستقلين بإجراء زيارات دورية لأماكن الاحتجاز بغرض تقييم ظروف الاحتجاز، وتقديم التوصيات من أجل تحسينها.

وطالبت المنظمات السلطات في مصر بوقف سياسة الإفلات من العقاب، وذلك عن طريق تحديد التعذيب كجريمة تقتضي فصل الموظف العام المحكوم عليه بجناية التعذيب، وعدم عودته للعمل مرة أخرى.

جاء البيان في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، الذي يوافق 26 يونيو/ حزيران من كل عام، حيث دخلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة – وهي إحدى الأدوات الرئيسية في مكافحة التعذيب – حيز التنفيذ في عام 1987، واليوم توجد 173 دولة طرفًا في هذه الاتفاقية.

وفي مصر، مثل دستور 2014، وهو الدستور الأحدث في مصر، تقدمًا تجاه فرض مجال للحماية القانونية في حق الأفراد في عدم التعرض للتعذيب، إذ جاءت المادة (52) لتعتبر أن “التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم”، على عكس الدساتير السابقة، فقد أفرد دستور 2014 مادة مستقلة للتعذيب واعتبرها جريمة لا تسقط بالتقادم.

إضافة إلى ذلك، أتاحت المادة رقم (99) في الدستور الحق في الادعاء المباشر في أي جرائم تتضمن الاعتداء على الحقوق والحريات الشخصية. ونصت على أن “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمتضرر إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر. وتكفل الدولة تعويضا عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء، وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذه الحقوق، وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منضمًا إلى المتضرى بناء على طلبه، وذلك كله على الوجه المبين بالقانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية