منظمات حقوقية تدعو الأمم المتحدة إلى تبني قرار بشأن أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في مصر

تامر هنداوي
حجم الخط
1

القاهرة- “القدس العربي”: توالت ردود الفعل على رسالة السجناء التي رصدت الانتهاكات وتصاعد معاناة المئات من المعتقلين في سجن بدر للإصلاح والتأهيل، التي تحدثت عن إقدام عن المعتقلين على الانتحار، فيما دعت منظمات حقوقية في رسالة مفتوحة للأمم المتحدة لتبني قرار بشأن أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في مصر.

وكانت رسالة مسربة حملت توقيع “معتقلي سجن بدر 3.. قطاعات 1 ، 2، 3، 4 “، تحدثت عن 3 محاولات انتحار شهدها السجن نتيجة الانتهاكات، إضافة إلى تنظيم عدد من السجناء، بينهم محمد بديع، مرشد جماعة “الإخوان المسلمين” إضراباً شاملاً.

تدمير نفسي

الإجراءات القمعية من أجل إلحاق أكبر قدر ممكن من تدمير المعتقلين نفسياً ومعنوياً أصبح واضحاً بعد إقدام أحد المعتقلين على الانتحار، ومحاولة معتقلين آخرين الانتحار، ونقلهما للعلاج في مستشفى السجن، هرباً من المعاناة المستمرة لسنوات بلا حدود، بحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان (منظمة حقوقية مستقلة).

الشبكة اعتبرت، في تقرير حمل عنوان “الحصار.. التدمير النفسي الممنهج داخل السجون بلا حدود”، أن محاولات الانتحار جاءت نتيجة طبيعية ومنطقية لكارثية ملف حقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات المصرية، سواء التنفيذية، ممثلة في وزارة الداخلية المصرية، أو النيابة العامة أو السلطة القضائية، التي تتوافق جميعاً على انتهاك حقوق المعتقلين، والإصرار على حرمانهم من أدنى معايير المحاكمات العادلة.

ورصدت الشبكة، في تقريرها، العوامل النفسية للمعتقل السياسي والسجين الجنائي على حد سواء، بعدما بات المعتقلون محاصرين بالكثير من إجراءات غير دستورية أو قانونية أو إنسانية، وكان من أبرزها منع الزيارات عن معتقلين لسنوات لمدد طويلة وصلت في بعض الأحيان إلى 7 سنوات، انقطعت خلالها أخبارهم كلياً عن ذويهم وعن العالم الخارجي.

وتابعت الشبكة أنّ الأوضاع الإنسانية التي يعاني منها المئات من المعتقلين بسجن بدر 3 كارثية وبالغة السوء، في ظل الحصار المميت المستمر لسنوات، حيث بدأت الإجراءت القمعية في سجن العقرب 1 واستمرت بنفس الوتيرة والمنهجية، والتي تفرضها السلطات المصرية على المعتقلين السياسيين.

ورصدت الشبكة المصرية، من خلال تقريرها، الانعكاسات والآثار النفسية السلبية الخطيرة لهذه الانتهاكات على المعتقلين، وقدمت من خلال آراء المختصين رصداً وتحليلاً للعوامل النفسية التي من شأنها دفع المعتقل إلى إنهاء حياته، كما قدمت تفسيراً لإقدام العديد من السجناء على نفس الفعل لإنهاء معاناتهم المتواصلة، كما حدث مؤخراً في سجن بدر 3.

ودعت الشبكة الجميع لتحمل مسؤولياتهم الدستورية والقانونية والإنسانية، سواء المسؤولين المصريين أو المجتمع الدولي، للوقوف صفاً واحداً أمام الانتهاكات الخطيرة لحقوق السجناء، وتوحيد الجهود لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومنح المعتقلين حقوقهم المشروعة بموجب الدستور والقانون، وانهاء هذا الملف الكارثي والمستمر لسنوات.

أهالي المعتقلين

وأثارت الرسالة مخاوف أهالي المعتقلين، وقال عمر عزت على صفحته على الفيسبوك: “بلغنا أن عوض نعمان، زوج شقيقتي قطع شرايينه، ونقل إلى مستشفى السجن، ولا نستطيع الاطمئنان عليه، ولم نتمكن من زياره منذ 6 سنوات”.

وأضاف: “عوض مهندس، وكان رجل أعمال ناجحاً، وكان رئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا على مستوى مصر، ومحبوس منذ عام 2016، في قضية حدثت وقائعها بعد اعتقاله بـ 5 أيام”.

وزاد: “لا نعرف ما العمل حتى نحاول أن ننقذ عوض، الذي يضيع عمره بين 4 جدران، لكي يخرج ويعيش من ابنته التي كبرت دون أن تراه”.

وختم: “فقدت الأمل في تكون هذه البلد وطناً، ولو لم يساعدنا أحد على الأقل اتركونا نعيش”.

تفاقم الأزمة

ودعت منظمات غير حكومية، في رسالة مفتوحة للأمم المتحدة، على هامش فعاليات الجلسة الـ 52 لمجلس حقوق الإنسان، وفي أعقاب مؤتمر المناخ، إلى تبني قرار بشأن أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في مصر.

وتضمنت قائمة المنظمات الموقعة على الرسالة كلاً من منظمة العفو الدولية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وكرامة– المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب، والشبكة الأورو-متوسطية للحقوق، الخدمة الدولية لحقوق الإنسان.

وطالبت المنظمات مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بتبني قرار بشأن أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في مصر، محذرًة من أن الممارسات القمعية والإفلات من العقاب يقوضا الجهود المبذولة لمحاربة الفساد وعدم المساواة والدمار البيئي وغياب العدالة الاجتماعية.

جيرمي سميث، مدير مكتب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في جنيف، قال إن النظام العسكري للرئيس السيسي لا يدخر جهدًا لضمان مصادرة الانتقادات الموجهة لحكمه القمعي وقبضته الحديدية، وذلك بدلاً من اتخاذ خطوات جادة لضمان الإصلاح الحقيقي. هذا النهج سيؤدي لكارثة.

الفساد والمحسوبية

في الآونة الاخيرة، أعرب عدد من خبراء الاقتصاد عن مخاوفهم المتزايدة من أن مصر على شفا (هاوية) اقتصادية، بسبب تفشي الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة الحكومية. كما سبق وحذر خبراء أمميون من تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر.

رسالة المنظمات للأمم المتحدة تطرقت أيضاً إلى تصاعد الحملة الوحشية بحق المجتمع المدني، بما في ذلك أثناء قمة المناخ، وعلى مرأى ومسمع من كل العالم. هذا بالإضافة إلى اعتقال عشرات الآلاف، بينهم مئات المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء ومعارضون سياسيون وصحافيون، ومواصلة ممارسات الإخفاء القسري والتعذيب بشكل ممنهج.

ولفتت الرسالة إلى القضية المعروفة للناشط الديمقراطي والمدون المصري البريطاني علاء عبد الفتاح نموذجًا للحبس التعسفي. إذ يقضي علاء حاليًا عقوبة السجن لمدة خمس سنوات بتهمة “نشر أخبار كاذبة”، فضلاً عن اتهامات أخرى تتعلق بالإرهاب. وبشأن قضيته وآخرين، أرسل خبراء الأمم المتحدة 6 رسائل للحكومة المصرية، أعربوا فيها عن مخاوفهم العميقة إزاء مثل هذه الاعتقالات المتكررة، والاحتجاز التعسفي، والأحكام الغيابية، وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز في سجن طرة، والحبس الاحتياطي المطول قبل المحاكمة.

سناء سيف، شقيقة علاء عبد الفتاح، تقول: «حرية عشرات الآلاف من السجناء المصريين، بمن فيهم أخي، تعتمد على اتخاذ هيئات دولية مثل مجلس حقوق الإنسان إجراءات ملموسة. إذ يجب على الحكومات التي تؤمن بحقوق الإنسان أن تقود تحركاً جاداً يضمن توقف الأمم المتحدة عن غض الطرف عن القمع الوحشي».

المنظمات أكدت أن الإجراءات السابقة للمجلس كان لها تأثيرها المباشر والواضح، إذ لعبت دورًا حاسمًا في تأمين الإفراج عن بعض السجناء السياسيين. وتسبب الضغط الدولي في إصدار الحكومة المصرية إستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، ولكن الحكومة المصرية فشلت في تنفيذ معظم الإجراءات والوعود والالتزامات التي قطعتها بشأن تحسين وحماية حقوق الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    وماذا عن أزمة حقوق الإنسان في دويلة الباطل إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين التي تقتل الفلسطينيين وتهدم منازلهم هذي عقود وعقود ???????????????

إشترك في قائمتنا البريدية