مفاجآت الشراكة بين البرلمان والحكومة الأردنية: تغيب جميع الوزراء ولم تقدم أي ‘خطة تنفيذية’.. تحالفات النسور ‘تتصدع’ والمبادرة قد تلجأ ‘للقصر’

عمان ‘القدس العربي’ إكتشف أعضاء المبادرة النيابية الأردنية نهاية الأسبوع الماضي بان طاقم وزارة الصحة ‘نسي تماما الموضوع’ المتعلق بالإتفاق مسبقا على ‘موعد’ مشترك لوضع خطة تنفيذية وسقفا زمنيا بخصوص ملف متفق عليه وبتوجيهات رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور.
المبادرة وهي إطار برلماني واسع وفاعل كانت قد إتفقت مع وزير الصحة الدكتور علي حياصات على مناقشة رؤية مشتركة للقضايا المتعلقة بالقطاع الصحي بعد الإتفاق مباشرة مع مكتب رئيس الوزراء على جلسات خاصة برعاية وزارة شؤون البرلمان لمناقشة تفاصيل التطوير المشترك.
بعد إنتهاء المهلة المحددة سلفا بموجب تعليمات رئيس الحكومة طلب الوزير حياصات المشغول بعشرات المشاكل وأبرزها ‘كورونا’ وإحتمالية عبورها من السعودية ‘تأجيل’ جلسة مقررة لمدة أسبوع، وافقت المبادرة وعند الإستحقاق الزمني الجديد لم يحضر طاقم الصحة ولم يعتذر وبدا ان المسألة وكأنها لم تكن.
شكل الأمر ‘صدمة’ عند اوساط المبادرة التي ساهم أعضاؤها مرتين على الأقل بالتصويت في إنقاذ موازنة حكومة الرئيس النسور.
سبب الصدمة لا يتعلق بغياب وزارة الصحة عن موعد مقرر بل بعدم إلتزام أي وزير ومن كل الحكومة بما أتفق عليه مع النسور شخصيا في إطار مبادرة ‘الشراكة’ البرلمانية الحكومية التي دعمها بل وأمر بها القصر الملكي.
بالنسبة لمنسق المبادرة البرلماني المؤثر الدكتور مصطفى حمارنة المسألة كانت أشبه بنتائج إمتحانات الثانوية العامة في بعض مدارس الحكومة حيث ‘لم ينجح أحد’.
رغم الحصول على ضوء أخضر سياسي من مؤسسة القصر الملكي لإسناد برنامج مشاركة بين السلطتين والإتفاق لاحقا مع رئيس الوزراء شخصيا وتكليف وزير شؤون البرلمان الدكتور خالد كلالده بترتيب إجتماعات ثنائية تحت يافطة وضع خطة تنفيذية ثم سقف زمني، بعد كل ذلك تبين للحمارنة ورفاقه كما علمت ‘القدس العربي’ بأنه ‘لم يأت أحد’.
خلال مدة الشهر المتفق عليه لم تتقدم ولا وزارة واحدة بالمطلوب منها لأهم وأعرض إطار برلماني.
يعكس ذلك ‘خيبة سياسية وإدارية’ مضاعفة فكرتها أن هذه الوزارات إما أنها تتجاهل تماما ومع سبق الإصرار والترصد ما إلتزم به رئيس الحكومة مع تيار برلماني فاعل ومتحرك وديناميكي لا يكتفي بإستعراض المشكلات، بل يعمل على وضع حلول لها أو ان هذه الوزارات في الواقع ‘لا يوجد فيها’ من يستطيع فعليا وضع ‘خطة تنفيذية مع سقف زمني’.
الإتجاه الثاني يبدو مرجحا خصوصا في ظل حالة الطرد المركزية لكل كفاءة حقيقية في جهاز الإدارة الأردني.
لكن في قياسات رئيس المبادرة النائب المخضرم سعد هايل سرور ورفاقه وعددهم يقترب من 37 نائبا ما يحصل من تجاهل أو إنفلات قد يؤدي لتآكل سمعة المبادرة إداريا وسياسيا وشعبيا .
رموز المبادرة بسبب تحالفهم الميداني مع حكومة النسور وتصويتهم لها في المفاصل يشعرون الآن بانهم برسم ‘الخطر السياسي’، خصوصا وان النسور وفي المؤتمر الصحافي الذي تضمن الإعلان عن وثائق المبادرة وبرامجها إلتزم بوضع خطة تنفيذ وسقف زمني مع الحكومة خلال أربعة أسابيع.

الأسئلة المحرجة تطرح الآن على أعضاء المبادرة وفي توقيت حساس مرتبط بالتحضيرات للدورة العادية القادمة للبرلمان: لماذا تتحالفون مع الحكومة وهي تتجاهلكم؟
لا يوجد عمليا إجابة مقنعة على سؤال من هذا النوع في إطار العمل البرلماني، خصوصا وأن المبادرة نجحت في تمييز نفسها كأول حالة في البرلمان الأردني تعمل بروح الفريق ولا تبحث عن إمتيازات فردية او شخصية أو شعبية وتتقدم بمبادرات مفصلة تطال كل القطاعات من الصحة للتعليم للطاقة للإصلاح السياسي وللتطوير الإداري والسياحي.
عدم وجود إجابة ينتج كمية لا بأس بها من الإحباط عند قاعدة المبادرة خارج وداخل مؤسسة البرلمان ولا يقف عند حدود ‘تهديد’ برنامج الشراكة الذي امر به الملك عبدلله الثاني شخصيا برسالة مكتوبة وبعشرات المداخلات مع كتل ومكاتب البرلمان.
أغلب التقدير أن القاعدة الأساسية المناصرة للنسور في مجلس النواب ‘تتململ’ الآن بعد التجميد العملي للإلتزامات المتعلقة بوضع خطة تنفيذية مشتركة مع سقف زمني. خيارات المبادرة في ظل الواقع تبدو ‘ضيقة ‘ نسبيا في الجانب السياسي فليس من الصعب حسب المراقبين ‘التحشيد’ ضد وزارة النسور داخل مجلس النواب رغم الكفاءة التي يظهرها الرجل في إدارة كل الملفات والمسارات.
الحمارنة تحديدا يسجل ‘خيبة أمل’ كبرى كما يوضح لـ’القدس العربي’ فعلى مدار أكثر من ستة أشهر ‘عملنا’ على تحضير أوراق العمل البرامجية خطوة بخطوة مع المسؤولين في الصف الأول والثاني بالجهاز الإداري وأصبحنا أصدقاء.
المبادرة على الأرجح وهي الحليف الأصلب للنسور تحت القبة ستناقش خيبة الأمل تلك منتصف الأسبوع الحالي وفي حال عدم حصول إستدراكات سريعة من الواضح أن حلقات الضغط الدستورية المتاحة قد تستخدم برلمانيا بما يؤدي وفي توقيت حرج لإعادة إنتاج خارطة تحالفات الحكومة البرلمانية.
عمليا الآن لا يوجد ما يمنع المبادرة وغيرها من اللعب بورقة ‘سحب الشرعية’ عن حكومة النسور، ذلك بسيط للغاية ويمكن عبر اللجوء للقصر الملكي والتمهيد لفكرة تدشين الدورة المقبلة للبرلمان بدون الشكل الحالي للحكومة أو حتى بوزارة جديدة أو مختلفة.

بسام البدارين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية