محلل بريطاني: السويد تحقق مكاسب للناتو لكن تأخر ضمها يثير تساؤلات صعبة

حجم الخط
0

لندن: تعزز عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي (الناتو) علاقة أصبحت بشكل تدريجي أكثر قوة منذ نهاية الحرب الباردة. وبينما استغرقت الموافقة على عضوية السويد في الناتو وقتا أطول قليلا من جارتها فنلندا، فإن مدى ملائمتها للانضمام للحلف لم يمثل على الإطلاق أي مشكلة لمعظم أعضاء الحلف.

وقال المحلل السياسي البريطاني البروفيسور أندور دورمان المتخصص في شؤون الأمن الدولي في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس “المعهد الملكي للشؤون الدولية” البريطاني، إنه مع موافقة المجر أخيرا على انضمام السويد لحلف الناتو، تقدم الدولة الاسكندنافية خمسة مكاسب مهمة للحلف.

وقال دورمان إن أول هذه المكاسب الخمسة هو أنه يتعين أن ترسل الرمزية السياسية لانضمام دولتين محايدتين بقوة، السويد وفنلندا، إلى حلف الناتو رسالة مهمة للدول التي لم تحدد بعد موقفها بشأن الغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا. وتمتلك الدولتان خبرة طويلة في إدارة علاقتهما مع روسيا مع الحفاظ على استقلالهما القوي.

واعتبر دورمان أن التخلي عن الحياد والانضمام إلى الناتو بسبب أفعال روسيا يعد تغييرا مهما في سياستهما الخارجية، وانضمام السويد يعني أنه لا يمكن أن يزعم الكرملين وحلفاؤه أن القرار الفنلندي كان حدثا فرديا.

ورأى دورمان الحاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة برمنجهام البريطانية وسبق له التدريس فيها، إن المكسب الثاني هو أنه مع سعي القيادة العسكرية للناتو إلى تطوير خطط دفاعية للأعضاء الشرقيين في الحلف تستهدف الردع، وإذا لزم الأمر، الدفاع عن هذه الدول في مواجهة أي عمل روسي، تجلب السويد معها خبرة وفهم كبيرين لكيفية مواجهة رغبة روسيا في السيطرة الكاملة على الدول المجاورة لها.

والمكسب الثالث هو أنه على عكس العديد من الدول التي انضمت إلى الناتو منذ نهاية الحرب الباردة، احتفظت السويد بقوات مسلحة تتميز بقدرات عالية، وتمتلك قدرا كبيرا من التكنولوجيا الحديثة، ومن بينها، مقاتلات الجيل الرابع من طراز “غريبن” المزودة بصواريخ جو-جو من طراز “ميتيور” ودبابات قتالية من طراز “ليوبارد 2” وغواصات هجومية من طراز “غوتلاند” التي تعمل بنظام دفع مستقل عن الهواء.

احتفظت السويد بقوات مسلحة تتميز بقدرات عالية وتمتلك قدرا كبيرا من التكنولوجيا الحديثة

أما المكسب الرابع، فهو أن الموقع الجغرافي للسويد يجعلها جزءا أساسيا من أي خطط دفاعية للناتو. ويعني موقعها أنها يمكن أن تخدم كطريق عبور بري لتعزيز كل من النرويج وفنلندا، مع السماح أيضا للناتو بالسيطرة بدرجة كبيرة على بحر البلطيق في أي نزاع محتمل مع روسيا. وهذا يوفر خيار تعزيز بحري بديل لدول البلطيق غير الحدود البرية الضعيفة بين بولندا وليتوانيا والتي تقع في نطاق المدفعية في منطقة كالينينغراد التي تسيطر عليها روسيا وفي بيلاروس.

والمكسب الخامس هو أنه مع تطلع الأعضاء الأخرين في حلف الناتو لإعادة التسلح لردع أي عدوان روسي جديد، سوف تمثل القاعدة الصناعية الدفاعية الشاملة ذات القدرات العالية في السويد إضافة كبيرة للناتو. وتعد الحرب الروسية ضد أوكرانيا بمثابة تذكير بحجم استخدام الذخيرة وقطع الغيار في أي حرب كبرى بين دولتين.

ورأى البروفيسور دورمان أنه على الرغم من هذه المكاسب، يسلط التأخير المرتبط بطريق السويد نحو الحصول على عضوية حلف الناتو، أيضا الضوء على خمسة مجالات تثير القلق.

أولا، تسلط معارضة تركيا ومماطلة المجر إلى حد ما في قضية منح السويد عضوية الناتو الضوء على فجوة واحدة على الأقل داخل حلف الناتو: وهي أنه ليس كل أعضاء الناتو ينظرون إلى روسيا على أنها تشكل التهديد الأمني الرئيسي. في الحالتين، تم الزج بعضوية السويد في قضايا داخلية أوسع وأصبحت تمثل تذكيرا بأن التهديد الذي تشكله روسيا إما لا يحتل بالنسبة لبعض الأعضاء الأولوية القصوى أو أنه يمثل فرصة للتفاوض من أجل الحصول على تنازلات من أعضاء الناتو في مجالات أخرى.

ثانيا، تعد عملية الانضمام المطولة تذكيرا بأن حلف الناتو كمنظمة، يتطلب الموافقة بالإجماع من أجل تمرير القرارات المهمة. وهذه بمثابة نقطة قوة وأيضا نقطة ضعف. والأمر المهم للغاية، هو أن ضمان المادة الخامسة- التي تنص على الدفاع الجماعي- ربما لا تكون بنفس القوة كما زعم الكثيرون في السابق، خاصة إذا فاز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفترة رئاسية ثانية.

ثالثا، يعني التوتر الدائم بين الاتحاد الأوروبي وتركيا أن ترتيب “برلين بلس”، والذي يستطيع بموجبه الاتحاد الأوروبي الوصول إلى القدرات والبنية التحتية العسكرية للناتو، هو في الحقيقة ترتيب ميت، حيث أنه من المؤكد أن تركيا ستعترض على مثل هذا الاقتراح.

رابعا، تسلط المخاوف التركية بشأن الأكراد الذين يعيشون في السويد والغضب الذي اجتاح أجزاء من العالم الإسلامي بسبب حرق القرآن في السويد الضوء على التأثير المحتمل لمجموعات مصالح الأقليات على الحلف الأوسع. وهذا تذكير بأنه في حين أن حلف الناتو هو حلف دول، فإن السياسات الخارجية والدفاعية الفردية لهذه الدول يمكن أن تتأثر بدرجة كبيرة بأفعال جماعات صغيرة لا تعكس بالضرورة آراء السكان في الحلف ككل. إن استجابة تركيا لأفعال داخل السويد يمكن فقط أن تشجع مثل هذه المجموعات من خلال تسليط الضوء على التأثير المحتمل الذي يمكن أن تحققه.

وخامسا وأخيرا، يتناقض العرض السريع من حلف الناتو لمنح العضوية لكل من السويد وفنلندا بشكل صارخ مع المماطلة بشأن العضوية المحتملة لكل من أوكرانيا وجورجيا. وبالنسبة لجورجيا، بشكل خاص، هذا يشير إلى أنهما عرضة لتدخل روسي جديد في شؤونهما الداخلية.

واختتم دورمان تقريره بالقول إنه في حين أن عضوية السويد في الناتو ستقوي الحلف، فإن التأخير المرتبط بالموافقة عليها وعملية التصديق يسلطان الضوء على العديد من المخاوف الحقيقية بشأن مصداقية الناتو. على المدى القصير، سيرغب الحلف في إكمال العمل على الاستعداد للدفاع عن أعضائه الشرقيين. وعلى المدى الطويل، فإن السؤال المهم الذي يحتاج للإجابة يتعلق بأن يكون هناك دور أكبر لحلف الناتو في العالم: فهل هو مجرد الضامن لأمن أوروبا أم أنه حجر الأساس للدفاع الأوسع عن الغرب والنظام الدولي الليبرالي؟.

(د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية