مثقفون وناشطون عرب وفلسطينيون يعترضون على تعريف لمعاداة السامية لـ”حماية إسرائيل”

إبراهيم درويش
حجم الخط
3

لندن- “القدس العربي”:

في رسالة وقعها 122 أكاديميا وصحافيا ومثقفا فلسطينيا وعربيا نشرتها صحيفة “الغارديان” عبروا فيها عن قلقهم من تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست (IHRA) لمعاداة السامية وطريقة تطبيقه والتعامل معه في عدد من الدول الأوروبية وشمال أمريكا.

وقالوا إن الحكومة الإسرائيلية قامت في السنوات الأخيرة باستخدام التعريف كأداة لنزع الشرعية عن القضية الفلسطينية وإسكات المدافعين عن الحقوق الفلسطينية.

وحذروا من أن “حرف المعركة الضرورية ضد معاداة السامية لخدمة أجندة كهذه يهدد بالحط من قيمة هذا الكفاح وبالتالي تشويهه وإضعافه”.

الحكومة الإسرائيلية قامت في السنوات الأخيرة باستخدام التعريف كأداة لنزع الشرعية عن القضية الفلسطينية وإسكات المدافعين عن الحقوق الفلسطينية.

وجاء في الرسالة أنه “من الضروري فضح ومواجهة معاداة السامية. ومهما كان مظهره فيجب عدم التسامح مع العداء ضد اليهود كيهود في أي مكان في العالم. فمعاداة السامية تتمظهر من خلال التعميمات والنمطيات عن اليهود، خاصة قوة المال والسلطة إلى جانب نظريات المؤامرة وإنكار الهولوكوست”.

و”نرى أنه من الضروري والشرعي مكافحة هذه المواقف. كما ونعتقد أن دروس الهولوكوست وغيره من الإبادات في العصر الحديث يجب أن تكون جزءا من تعليم الأجيال الجديدة وضد كل أشكال التحيزات العرقية والكراهية”. و”لكن، يجب اتخاذ نهج مبدئي لمكافحة معاداة السامية وإلا تقوض الغرض منها”.

وجاء في الرسالة أن الأمثلة التي يقدمها تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست تخلط ما بين اليهودية والصهيونية، و”يفترض أن كل اليهود هم صهاينة وأن دولة إسرائيل في وضعها الحالي تجسد حق تقرير المصير لكل اليهود” و”نحن نختلف بشدة مع هذا، فيجب عدم تحويل مكافحة معاداة السامية إلى حيلة لنزع الشرعية عن القتال ضد اضطهاد الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم واستمرار احتلال أرضهم”.

وحدد الموقعون سلسلة من المبادئ الضرورية لهذا الفهم.

أولا: يجب استخدام معاداة السامية ضمن إطار القانون الدولي وحقوق الإنسان. ويجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من قتال كل أشكال العنصرية ومعاداة الأجانب بما في ذلك الإسلاموفوبيا والعنصرية الموجهة ضد العرب والفلسطينيين. ويجب أن يكون هدف هذا الكفاح ضمان الحرية والتحرر لكل الجماعات المضطهدة. ومن المثير للقلق عندما يتم توجيه (التعريف) للدفاع عن دولة مفترسة ومضطهدة.

ثانيا: هناك اختلاف كبير بين الظروف التي تم فيها استهداف اليهود واضطهادهم وقمعهم كأقلية من أنظمة معادية للسامية أو جماعات، وبين الظرف الذي تم فيه تطبيق حق تقرير الشعب اليهودي في فلسطين/ إسرائيل على شكل دولة توسعية وبصبغة عرقية ومناطقية واحدة. وفي وضعها الحالي تقوم دولة إسرائيل على اقتلاع غالبية السكان الأصليين الفلسطينيين والتي يشير إليها العرب بالنكبة وتقوم على قهر السكان الأصليين الذين لا يزالون يعيشون على أراضي فلسطين التاريخية إما كمواطنين من الدرجة الثانية أو كمحتلين وحرمانهم من حق تقرير مصيرهم.

ثالثا: تم استخدام تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست والإجراءات القانونية التي تبنتها عدة دول وفي معظم الحالات ضد جماعات اليسار أو حركة تحقيق العدالة لفلسطين (BDS) وتهميش التهديد الحقيقي على اليهود والنابع من الحركات القومية المتطرفة البيضاء في أوروبا والولايات المتحدة. وتصوير حركة العدالة لفلسطين هو تشويه صارخ لحركة سلمية بالأساس للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

رابعا: إن بيان تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست والذي يشمل على مثال عن معاداة السامية وهو أن “إنكار حق اليهود في تقرير مصيرهم من خلال الزعم أن وجود دولة إسرائيل هي مسعى عنصري” هو نشاز. فلم يهتم معدو التعريف بالنظر إلى أن دولة إسرائيل الحالية ينظر إليها حسب القانون الدولي كقوة محتلة منذ نصف قرن، وهو أمر تعترف به الدول والحكومات التي تلتزم بتعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست. ولا يهتم معدو البيان بالنظر إلى أن هذا الحق لخلق غالبية يهودية يشمل على تطهير عرقي أو فيما إن كان يجب موازنته مع حقوق الشعب الفلسطيني. وأكثر من هذا فالتعريف يحمل ملامح اعتبار كل الرؤى غير الصهيونية كمعادية للسامية مثل الدعوة لدولة أحادية القومية والحقوق المتساوية للمواطنين في دولة علمانية. فالدعم الحقيقي لتقرير مصير شعب لا يمكنه تجاهل حق الأمة الفلسطينية ولا أية أمة.

خامسا: نعتقد أن حق تقرير المصير يجب ألا يشتمل على اقتلاع شعب آخر أو منعه من إدارة أرضه أو محاولة تأمين الغالبية في داخل الدولة. ومطلب الفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم التي شرد منها آباؤهم وأجدادهم يجب الا ينظر إليه كمعاداة للسامية. وكون هذه المطالب تتسبب بقلق بين الإسرائيليين لا يعني أنها غير عادلة أو أنها معادية للسامية. وهذا حق يضمنه القانون الدولي كما يجسده قرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948.

نعتقد أن حق تقرير المصير يجب ألا يشتمل على اقتلاع شعب آخر أو منعه من إدارة أرضه

سادسا: رمي كل من يعتبر وجود دولة إسرائيل كعمل عنصري وعلى الرغم من التمييز الدستوي والمؤسساتي بأنه معاد للسامية هو بمثابة منح إسرائيل حصانة مطلقة. وبناء عليه يمكن أن تهجر إسرائيل الفلسطينيين أو تجردهم من جنسيتهم أو تحرمهم من حق التصويت وتظل مع ذلك محصنة من تهمة العنصرية. ومن هنا فتعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست والطريقة التي يطبق فيها يمنع أي نقاش لإسرائيل كدولة قائمة على التمييز الديني والعرقي. وهو ما يتعارض مع العدالة الأساسية وأعراف حقوق الإنسان والقانون الدولي.

سابعا: نعتقد أن العدالة تقتضي دعما كاملا لحق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، بما في ذلك نهاية الاحتلال المعترف به دوليا لأراضيهم ووضعية اللادولة وحرمان اللاجئين الفلسطينيين. وقمع الحقوق الفلسطينية في تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست يكشف عن موقف يدعو لتأكيد التميز اليهودي في فلسطين بدلا من حقوق اليهود والتفوق اليهودي على الفلسطينيين بدلا من سلامة اليهود. ونعتقد أن قيم حقوق الإنسان وحقوق الأفراد والمعركة ضد معاداة السامية تمضي جنبا إلى جنب بالكفاح نيابة عن الشعوب المستضعفة والجماعات من أجل الكرامة والمساواة والتحرر.

ومن الموقعين على الرسالة، المخرج سمير عبد الله ونادية أبو الحاج من جامعة كولومبيا ورشيد الخالدي، جامعة كولومبيا وليلى أبو لغد، جامعة كولومبيا وبشير أبو منة، جامعة كينت والناشطة نادية عيساوي، والناقد صبحي حديدي والروائي سنان انطون والبرفسور طلال أسد، جامعة كولومبيا وعزيز العظمة، الجامعة المركزية الأوروبية، النمسا وعبدالله باعبود ، عمان ونادية بغدادي، الجامعة الأوروبية المركزية وزينب البحراني، جامعة كولومبيا ورنا بركات، جامعة بير زيت وبشير بشير، الجامعة الإسرائيلية المفتوحة والروائي طاهر بن جلون والناقد محمد برادة وأمل بشارة، جامعة تافتس. وغيرهم من فلسطين وفرنسا وبريطانيا وكندا ومصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عادل:

    لماذا يحتكر اليهود السامية أوليس العرب بساميين؟

  2. يقول السامية الصهيونية الإرهابية:

    الربط بين السامية وبين الإعتراف بإبادة اليهود تزيف وهرطقة سياسية وعلي من يدعي السامية أن يتخلق بمبادئها وقيمها الإنسانية لا أن يعيد ما عاناه إبان الإبادة علي شعوب هم أسمي ممن يدعون السامية

    فالصهيونية واليهودية اليمينية وداعميهم من غرب وشرق أبعد ما يكونوا ساميين بل هم أصل الإرهاب العالمي

  3. يقول سلام:

    ما هو بحاجة الى اعادة تعريف هو الصهيونية التي لم تعد مجرد حلم،، بل اضحت مشروع ’’ الدولة اليهودية’’ الارهابي الذي يطبق على الارض عبر الابادة الجماعية والتطهير العرقي اليومي والممنهج بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة ودون توقف,, بل بوتيرة متسارعة,,,,, نحن اليوم لسنا في وقت انكار ’’ الهولوكوست الالمانية’’ ابان الحرب العالمية ، وانما في وقت اظهار النفاق العالمي في تعاميه عن الهولوكوست المنظمة ضد الشعب الفلسطيني,,,اقامة المشروع الصهيوني في فلسطين لا يمكن ان يقوم الا عبر ’’ هولوكوست ابادية ضد شعب باكمله’’ هذا ما كانت تعيه بريطانيا عند وعد بلفور،، وهذا ما كانت تعيه هي واقطاب الحلف المنتصر في الحرب العالمية عند تحويل فلسطين المحتلة الى مسلخ على مذبح المشروع الصهيوني,,,,,, المسؤولية القانونية والاخلاقية تقع على كل هذه الاطراف ، لانها هي من سلح وشرعن وقدم الغطاءات على جميع المستويات لاقامة و ’’ انجاح’’ !! المشروع الصهيوني,, هذا النجاح الذي يترجم على ارض الواقع بالتطهير الانساني والمعماري لمحو اي اثر على ارض فلسطين,,,, الصهينة والتهويد ليسا غير ارهاب دولي منظم يهدف الى ابادة الشعب الفلسطيني واقامة قاعدة عسكرية صهيونية حية في قلب الوطن العربي.

إشترك في قائمتنا البريدية