ماكرون في واشنطن.. هل توثر “صداقته” مع ترامب على موقف البيت الأبيض من الاتفاق النووي الإيراني؟ 

حجم الخط
0

 باريس-” القدس العربي”- آدم جابر :

يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين 23 إبريل/نيسان الجاري، زيارة للولايات المتحدة الأمريكية، تستمر ثلاثة أيام، وتقول باريس إن هدفها الأول هو “مواصلة وتعزيز” العلاقة بين رئيسي البلدين.
يستهل إيمانويل ماكرون هذه الزيارة التي تقررت إثر زيارة ترامب لباريس في 14 تموز/يوليو الماضي، بعشاء خاص، مساء الاثنين، يجمع الزعيمين وزوجتيهما في ماونت فرنون، المقر التاريخي لجورج واشنطن. على أن يجري الرئيسان محادثات، يوم الثلاثاء، في البيت الأبيض ثم يتوجه ماكرون بعدها إلى مقر الخارجية حيث يتناول الغداء على مائدة نائب الرئيس مايك بنس ويحضر حفلا عسكريا في مقبرة ارلينغتون، يعقبه عشاء دولة في البيت الأبيض. كما سيلقي الرئيس الفرنسي، يوم الأربعاء، كلمة بالإنكليزية أمام الكونغرس الأمريكي من المفترض أن تستمر نحو 30 دقيقة ويتناول فيها “القيم” والديموقراطية، ثم يلتقي بعد الظهر طلابا في جامعة جورج واشنطن قبل أن يغادر عائدا إلى باريس التي تشهد، يوم الخميس، مؤتمرا دوليا حول مكافحة تمويل الإرهاب.
ويطغى على زيارة الرئيس الفرنسي عدة ملفات  خلافية أبرزها،  النزاع التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول مسألة  اعفاء دول الاتحاد من الرسوم الجمركية على الصلب والذي تنتهي مدته في فاتح مايو/أيار القادم. وكذلك موضوع اتفاقية باريس التاريخية حول المناخ التي أعلن ترامب انسحاب بلاده منها. غير أن ملف الاتفاق حول برنامج إيران النووي والذي سيقر ترامب في 12 من مايو/أيار القادم ما إذا كان سينسحب منه أم لا مع ترجيحه للفرضية الأولى، يبقى في طليعة المواضيع الخلافية بين الزعيمين.

هل يمكن للعلاقة الشخصية بين ماكرون وترامب التأثير على موقف البيت الأبيض من الاتفاق النووي الإيراني ؟ 
يرى مراقبون أن إيمانويل ماكرون، خلافا لغيره، من رؤساء الدول الموقعة على الاتفاق حول برنامج إيران النووي،(الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين من جهة،  وإيران من جهة أخرى)، يتمتع بعلاقة “صداقة’” مع ترامب، قد تساعده في إقناعه بالتراجع عن موضوع الانسحاب من الاتفاق حول برنامج إيران النووي، الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات شاقة استمرت سنوات، بهدف منع إيران من امتلاك القنبلة النووية، والذي تشدد الدول الأخرى الموقعة عليه على تمسكها به، باعتبار أن طهران تحترم حتى الآن بنوده ، غير أنه، في الجهة المقابلة، ثمة من يذكر أن ’”صداقة” المعلنة لماكرون وترامب لم تمنع الأخير من إعلان انسحاب بلاده من اتفاقية باريس التاريخية حول المناخ، رغم أن الرئيس الفرنسي ظل يحاول إقناعه بالعدول عن الخطوة حتى اللحظة الأخيرة. خاصة أن ترامب الذي هاجم اتفاقية باريس المناخية خلال حملته الانتخابية، دأب أيضا منذ ترشحه للانتخابات إلى انتقاد الاتفاق حول برنامج إيران النووي، الذي اعتبره “أسوأ” اتفاق وقعتها الولايات المتحدة’’، وتعهد بــ”تمزيفه” في حالة أصبح رئيسا.
ورغم أن قصر الإليزيه أبدا “حذرا شديدا” حيال فرص إقناع ماكرون لسيد البيت الأبيض، التي تبدو بحسبه غير مشجعة، إلا أن محيط الرئيس الفرنسي يؤكد أن ترامب لم يتخذ بعد قرارا نهائيا بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من مغبة أن ” إذا انسحب ترامب من الاتفاق، فإنه لا يمكن استبعاد ان تفعل إيران نفس الشيء”. وتعتبر أوساط الرئيس ماكرون أن ثمة فرصة، وإن كانت ضئيلة،  يجب استغلالها عبر معرفة كيفية تقديم توصيات قوية بما فيه الكفاية وتوفير ضمانات للرئيس الأميركي ليبقى ضمن هذا الاتفاق، وذلك قبل الفترة ما بين نهاية نيسان/إبريل وبداية أيار/مايو، أي قبل أن يعلن ترامب عن موقفه النهائي من الاتفاق، في 12 مايو/أيار المقبل.
ومما يجعل مهمة الرئيس شبه مستحيلة، حسب العديد من المراقبين في فرنسا، هو إصرار دونالد ترامب على إجراء “تغييرات جوهرية” في الاتفاق، عبر إبرام اتفاق “مكمل” يشمل برنامج الصواريخ الإيرانية والأنشطة العسكرية في منطقة الشرق الأوسط (العراق، سوريا، لبنان، اليمن)، والذي يقابله رفض إيراني قاطع لأي مفاوضات توسيع للاتفاق، وحث الولايات المتحدة على احترام التزاماتها ثم تحذير الأوروبيين من مغبة لعب نفس اللعبة الأمريكية. ومما يزيد الطين بلة أيضا، أن مستشار ترامب الجديد للأمن القومي جون بولتون و ووزير خارجيته الجديد مايك بومبيو ، لطالما أعلنا عن معارضتهم للاتفاق الذي وقعته إيران مع إدارة الرئيس الديمقراطي أوباما و فرنسا و بريطانيا و ألمانيا و روسيا والصين.
وحذر محللون من مغبة أن رهان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحمل مخاطرة، حيث اعتبر جيف لايتفوت الباحث في «Atlantic Council» أن “فشل ماكرون في الحصول على نتائج إيجابية من ترامب، قد يضعف هيبة الرئيس الفرنسي على الساحة الدولية”، بإعطائه لصورة الزعيم الذي تم”تجاهله أو تهميشه من قبل الولايات المتحدة”. غير أن محيط إيمانويل ماكرون، الذي يؤكد أن “لعلاقة بين ماكرون وترامب لا يمكن أن تكون فاشلة، معتبرين أن الفشل الوحيد سيتمثل في عدم بناء تلك الثقة والاحترام المتبادل بين الزعيمين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية