ماذا بعد أن فقدت واشنطن قاعدة أغاديس النيجرية أهم قواعدها في غرب إفريقيا؟

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط ـ «القدس العربي» شكل القرار الذي اتخذه النظام العسكري الحاكم في النيجر يوم 16 آذار/مارس الجاري والقاضي بإلغاء اتفاقية التعاون في مجال الدفاع مع الولايات المتحدة الموقعة قبل اثنتي عشرة سنة من الآن، ضربة موجعة للولايات المتحدة، حيث إنه سيفقدها قاعدتها في أغاديس شمال النيجر التي تعتبر أهم قاعدة لتنسيق العمليات العسكرية الأمريكية في إفريقيا، كما أنها القاعدة التي كلف تأسيسها وتجهيزها 100 مليون دولار أمريكي.
ولعل ما جعل الأمريكيين يفاجأون بقرار النيجر، تعويلهم على ولاء قائد أركان الجيش في النيجر الجنرال بارمو، المتخرج من الكليات العسكرية الأمريكية والملقب بـ «رجل واشنطن».
ومما لوحظ أن الحكومة الأمريكية مدفوعة بمصالحها، تعاملت مع الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس النيجري المنتخب محمد بازوم ببرودة كبيرة، حيث سارعت للاعتراف بنظام الانقلاب، وأكدت على لسان مولي المساعدة، المكلفة بالشؤون الإفريقية، استعدادها لاستئناف تعاونها العسكري مع النيجر، أسبوعين بعد الانقلاب.
وبذل الأمريكيون جهوداً كبيرة على صعُدٍ مختلفة من أجل الحفاظ على منشآتهم العسكرية الاستراتيجية في إفريقيا المحصورة اليوم في قاعدتين استراتيجيتين، إحداهما في جيبوتي والأخرى في النيجر.
ومن أصل الألف عسكري أمريكي الموجودين في النيجر، ينتشر 700 عسكري في القاعدة الأمريكية المقامة في أغاديس شمال النيجر، حيث المعدات العسكرية الأمريكية الثقيلة.
وحسب آخر المعلومات، توجد اليوم بمطار أغاديس طائرتا تجسس بنشاط إلكترومغناطيسي، إضافة إلى طائرتي هليكوبتر خاصة بالمناورات، وعشر طائرات مسيرة متطورة من نوع MQ 9 Reaper، وهي عينة مهمة للغاية في حال الأزمات.
وتمكن هذه الطائرات المسيرة، الولايات المتحدة من إبقاء عين مفتوحة لها على منطقة الساحل كلها وبخاصة على ليبيا التي هي بوابة الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، ويسمح ذلك للولايات المتحدة بمواجهة أي تهديد عسكري محتمل.
وقد شكل قرار إلغاء التعاون العسكري مع النيجر ضربة قاسية ومفاجئة للحكومة الأمريكية التي كانت تظهر وفاقاً كبيراً وانسجاماً عميقاً مع الطغمة العسكرية الحاكمة في نيامي.
ويتحدث خبراء عسكريون فرنسيون، طبقاً لما ذكرته صحيفة لوموند الفرنسية، عن احتمال أن يكون الحل البديل المتاح للأمريكيين هو التوجه نحو تأسيس قواعد عسكرية مشتركة مع فرنسا؛ مشيرة إلى أن هذه الفكرة تراود الحكومة الأمريكية منذ أسابيع.
وقد أنهت بعثة أمريكية الأسبوع الماضي، زيارة للنيجر لمعرفة أسباب القرار الذي اتخذه المجلس العسكري الانتقالي في النيجر.
وأكد ناطق باسم البعثة قوله: «جئنا للتعرف على أبعاد قرار إلغاء اتفاق التعاون معنا وللتفاهم حول الخطوات اللاحقة».
وسيكون على الولايات المتحدة بعد انسحابها من النيجر، أن تعيد النظر في خارطة وجودها العسكري في إفريقيا.
ويمكن أن تكون جمهورية التشاد الوجهة القادمة للقاعدة العسكرية الأمريكية المرغمة على الانسحاب من النجير، وذلك لعدة أسباب، أولها حدودها المشتركة مع النيجر ومع ليبيا، والثاني وجود قاعدة فرنسية قوية فيها هي قاعدة كوساي المتمركزة بالعاصمة نجامينا.
ويجري التفكير كذلك في مواقع أخرى بديلة عن النيجر، من بينها موريتانيا وشمال بنين، وحتى إن من بينها المملكة المغربية.
ولم يبق سوى الانتظار لمعرفة مصير العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والنيجر: فهل يتجه المجلس العسكري إلى قطع العلاقات مع واشنطن كما فعل مع فرنسا قبل ستة أشهر حيث ألغى التعاون العسكري قبل أن يقطع جسور التواصل مع باريس؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية