مؤسسة سلطان العويس تصدر «المطابقة والاختلاف» في ثلاثة مجلدات

حجم الخط
0

بمناسبة فوز الناقد العراقي عبدالله إبراهيم بجائزة سلطان العويس الثقافية في حقل (الدراسات النقدية) لعام 23-2024 أصدرت مؤسسة العويس كتابه الموسوعي(المطابقة والاختلاف) في ثلاثة مجلدات تزيد على 1500 صفحة. ويتطلّع مشروع (المطابقة والاختلاف) إلى الالتحاق بالصروح الفكرية، التي تسعى للبحث في معنى العالم، وتسهم في تفسيره، فلولاها لكان العالم ما زال مبهماً، يشوبه الالتباس؛ فالمشاريع الفكرية تقترح تأويلاً للعالم، ووصفاً للمعرفة، وتتخطّى ذلك، في بعض الأحيان، إلى بسط مقترحات حول تغيير الأفراد والمجتمعات، وإعادة النظر في تواريخها.
وقد قطف العالم ثمار الصروح الفكرية، وأفاد منها، وعلى الرغم من ذلك، أغلبها أمسى اليوم في ذمّة التاريخ؛ لأنها انتظمت في إطار نموذج إرشادي(paradigm) خاص بعصرها، كالنموذج اللاهوتي، أو الميتافيزيقي، وما عادت فاعلة في العصور الحديثة، غير أنّها حفّزت الأفكار الجديدة إمّا لمعارضتها وإمّا لموافقتها، وإمّا لتخطيّها. وبما أنّه لكلّ عصر نموذجه الفكري، من اللازم الاعتراف بأنّ عصر بناء الصروح الفكرية الكبرى قد انحسر، وبدأ يتوارى، وحلّ محله عصر النقد والتحليل؛ أي تحليل الصروح التي وُضِعت تحت تصرف الناس نظاماً متّسقاً من الفرضيات والنتائج؛ فلكي يقع الإلمام بظاهرة كبيرة، كالمركزيات الثقافية، والدينية، والعرقية، ينبغي تمهيد الأرضيّة، ووضع الإطار المنهجي، واقتراح المفاهيم، ثمّ صوغ رؤية يصدر عنها الباحث في مقاربته لتلك الظواهر، ذلك ما تولّى أمره عبدالله إبراهيم بطول بال، وتوسّع ، وشمولية.
لقد انغمس عبدالله إبراهيم في مشروع (المطابقة والاختلاف) نحواً من ربع قرن، بالتوازي مع غوصه في دراسة الظاهرة السردية باعتبارها ظاهرة ثقافية. وقد شكل نقد المركزيات الثقافية لبّ المشروع، وعالجه المؤلف على مستويين؛ أولهما ظاهرة التمركز حول الذات في سياقها الثقافي والتاريخي، وثانيهما تحليل فرضيّاتها وبنياتها، والسعي إلى تفكيكها من أجل تفريغ حمولاتها الإيديولوجية. ومن التمحّل القول إنّ الباحث يكون مجهّزاً، منذ البدء، بالوعي الكامل للمشروع الذي انخرط فيه؛ بل ينمو الوعي بنموّ العمل عليه، فلا انفكاك بينهما؛ فالوعي بظاهرةٍ قبل الانغماس فيها لعقد أو عقدين سيختلف بالدرجة عن الوعي بها بعد ذلك.
وقد أكد إبراهيم بأنه من المغالطة ادّعاء الباحث أنّه عارف بالأشياء قبل الشروع بها. فهو، في مقاربته الظواهر الكبرى، بحاجة إلى الوضوح، ومجانيّة الإبهام، والابتعاد عن الغموض، في كلّ مرحلة من مراحل حياته الفكرية، وتطوّر مشروعه. ومن قبيل الادّعاء القول إنّه قادر على حسم خياراته المنهجية منذ بداية مشواره، فتلك دعوى باطلة، تصدر عن وعي لاهوتي لا وعي تاريخي بالظواهر الفكرية؛ فالبحث في الظواهر الكبرى أقرب إلى الولوج في متاهة، فلا ضمان في بلوغ النهاية؛ بل لذّة التفكير في كون الباحث عالقاً في تلافيف ظاهرة لا حدود واضحة لها، إنّما ينبش في منطقة بتخوم غير ثابتة. وعليه، لا حسمَ، ولا وصولَ إلى نتيجة؛ بل خوض غمار التنقيب في عالم يعطيه بعضاً منه كلّما تألف معه، وفكّر فيه، واستعان من أجل تفسيره بعدد وافٍ من المفاهيم الواضحة. ألمّ مشروع ( المطابقةَ الاختلاف) تحليلا ونقدا بالمركزيتين الغربية والإسلامية، وتأثيرهما في الثقافة العربية الحديثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية