ليبيا: قضية نجل القذافي المحتجز لدى لبنان تتصدر المناقشات والسلطات تعلق

نسرين سليمان
حجم الخط
0

طرابلس – «القدس العربي»: احتلت قضية نجل العقيد الليبي السابق معمر القذافي مناقشات الصحف ووسائل الإعلام منذ أيام وتحديداً منذ أن نشرت وسيلة إعلام لبنانية صوراً تظهر زنزانته ووضعه المعيشي داخلها، حيث قال إنه يعيش في غرفة تحت الأرض معزولة عن الهواء ما أثار غضباً واسعاً.
وعلى إثر هذا الجدل طالبت وزارة العدل في حكومة الوحدة الوطنية، السلطات اللبنانية بتوفير الضمانات والحقوق المرعية والرعاية الصحية والزيارات والتراسل لهانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي السابق، “مع التأكيد على حقه في الإفراج عنه دون قيد أو شرط، لعدم ثبوت التهمة الموجهة إليه أو وجود أدنى أدلة تربطه بالقضية المعتقل بسببها”.
وقالت، في بيان على صفحتها في موقع فيسبوك، إنها اطلعت على ما تناقلته وسائل الإعلام حول الظروف التي يمر بها المواطن الليبي هانيبال القذافي بدولة لبنان من حيث مكان احتجازه وحرمانه من الحقوق التي تكفلها المواثيق والمعاهدات الدولية. وأضاف البيان: “تأمل وزارة العدل أن تحظى بردود رسمية من الجهات المعنية في الجمهورية اللبنانية تفيد بتحسين ظروف اعتقاله، خلافاً لما عليه الوضع الراهن”.
وأكدت الوزارة في بيانها أنها ستتابع مستجدات الموضوع، وستكون على تواصل مع الجهات السياسية والمنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية، “لضمان قيام السلطات اللبنانية المعنية بمسؤولياتها حيال المعتقل الليبي ونيله لحقوقه وحريته”.
وفي السياق، دعا رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد عبد الحكيم حمزة، سلطات بلاده إلى اللجوء للآليات الدولية في محاسبة لبنان على ما يقوم به في حق هانيبال القذافي الذي عدّه رهينة سياسية، متسائلاً في تصريحات صحافية إلى متى تستمر السلطات الليبية في تجاهل قضية المواطن هانيبال؟
فيما قال الحقوقي ناصر الهواري، في إدراج له عبر حسابه على فيسبوك، إنه لو كانت ليبيا دولة ذات سيادة، وتملك قرارها، لما ظل هانيبال القذافي معتقلاً في لبنان.
كما عبر نجل ولي العهد إبان الحكم الملكي في ليبيا، محمد الحسن الرضا السنوسي، مساء الأحد، عن تعاطفه مع هانيبال القذافي، المحتجز لدى السلطات اللبنانية منذ العام 2015، مؤكداً رفضه تعرض الليبيين لأي شكل من أشكال الاعتقال غير المسبب أو التعذيب أو الامتهان أو التغييب أينما وُجدوا، سواء داخل ليبيا أو خارجها. وقال السنوسي، عبر حسابه على منصة إكس، إن الصور المنشورة للمواطن الليبي هانيبال القذافي من مكان اعتقاله إن ثبت صحتها؛ تبعث في النفس مشاعر مؤلمة.
ورفض احتجاز هانيبال بهذا الشكل ولكل هذه المدة، مطالباً بأن يُعطى الفرصة العادلة للمحاكمة بشكل يحفظ له حقوقه وكرامته، وإلا فليُطلق سراحه فوراً، وقال إن العدالة والاحترام حق أصيل لجميع البشر وأبناء شعبنا ليسوا بأقل من أقرانهم من مواطني الدول الأخرى.
وأفادت قناة “الجديد” اللبنانية، في تقرير لها، السبت، أن هانيبال محتجز في غرفة تحت الأرض، تتسع لبعض الاحتياجات والأدوية، وتتضمن حماماً بكرسي أرضي”. أعيش بهدلة، وأتحداكم أن تشرحوا لي أين المعاملة الخاصة، وما هو مفهومكم عن الـVIP؟!” وأردف: “وضعي غير جيد تحت الأرض، وأريد الأوكسجين”.
جاء ذلك بعد يوم واحد من تصريحات نقلتها وسيلة إعلامية عن مصدر قال إنّ هانيبال القذافي يُعامل معاملة “مميزة” داخل سجنه الانفرادي، حتى إنه خضع منذ فترة لعملية جراحية تجميلية، وتم تأمين طبيب خاص لمعاينته بشكل دوري.
وأضاف المصدر أن عائلته التي استقرّت في لبنان أخيراً، “تزوره دائماً، بالإضافة إلى وكلائه القانونيين”.
وأشار إلى أنه رغم الظروف الإنسانية “المقبولة” التي يعيش فيها داخل سجنه بالمقارنة مع بقية السجناء، فإن القذافي يعاني من مرض “تخلخل العظام” بسبب عدم تعرّضه لأشعة الشمس، وفقاً للمصادر، التي أكدت أنه يُسمح له بالسير يومياً خارج سجنه لمدة ساعة، لكنه يرفض.
ونقلت المصادر ذاتها أن “القذافي يصرّ على أنه ضحية، قائلاً: “أنا كبش محرقة ورهينة ومعتقل سياسي في قضية لا علاقة لي بها، وكنت طفلاً عندما اختفى الإمام الصدر ورفيقاه”.
واحتجز هانيبال القذافي على خلفية قضية اختفاء الإمام الشيعي اللبناني موسى الصدر في ليبيا، أواخر سبعينيات القرن الماضي، ويوجه القضاء اللبناني اتهامات إليه بـ “كتم معلومات تتعلق بمصير الإمام الصدر ورفيقيه، والاشتراك في جريمة إخفائهم”، لكن دون أن يُحدد حتى الآن جلسة محاكمة له.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي قالت “هيومن رايتس ووتش” إنه يتعيّن فوراً على السلطات اللبنانية إطلاق سراح هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي السابق، المحتجز احتياطياً بتهم ملفقة منذ اعتقاله في كانون الأول/ ديسمبر 2015.
وفي ذلك الوقت كشفت وكالة “أسوشيتد برس” أن وفداً ليبيّاً زار بيروت لإعادة فتح المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين حول الإفراج عن نجل معمر القذافي المحتجز في لبنان منذ سنوات.
وكان مصير رجل الدّين نقطة حساسة منذ فترة طويلة في لبنان، حيث تعتقد عائلته أنه ربما لا يزال على قيد الحياة في سجن ليبي، على الرغم من أن معظم اللبنانيين يفترضون أن الصدر، الذي يبلغ من العمر 94 عاماً الآن، قد مات، وفق الوكالة.
ويقبع هانيبال القذافي محتجزاً في لبنان منذ عام 2015 بعد اختطافه من سوريا حيث كان يعيش كلاجئ سياسي، وقد اختطفه مسلحون لبنانيون للمطالبة بمعلومات عن مصير الصدر، وأطلقت السلطات اللبنانية سراحه ثم اعتقلته، واتهمته بإخفاء معلومات عن اختفاء الصدر.
يشار إلى أن المنظمة الحقوقية هيومن رايتس ووتش قد خاطبت في يوليو الماضي 2023 المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللبنانية، اللواء عماد عثمان، والمحقق العدلي المسؤول عن القضية، القاضي زاهر حمادة، تطلب معلومات تفصيلية عن الوضع القضائي للقذافي وصحته، لكنها لم تتلقَ أي رد.
وفي كانون الثاني/ يناير من العام 2019، طلب وزير العدل اللبناني آنذاك سليم جريصاتي من رئيس هيئة التفتيش القضائي، وهي الهيئة المسؤولة عن الإشراف على القضاء وعمل القضاة في لبنان، تقييم ما إذا كان استمرار احتجاز هانيبال دون محاكمة لا يزال مناسباً من الناحية القضائية، لكن لم يُعلَن عن النتائج. وشككت السلطات الليبية أيضاً في آب/ أغسطس الماضي في شرعية احتجاز هانيبال، وقالت إن على السلطات اللبنانية إطلاقه والسماح له بالعودة إلى عائلته في سوريا، لكن السلطات اللبنانية لم تردّ.
وفي العاشر من حزيران/ يونيو حزيران الماضي، شكلت حكومة الوحدة الوطنية لجنة حكومية لمتابعة وضع هانبيال، المسجون في لبنان منذ سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية