لوموند: في الكويت.. انتقال هادئ للسلطة تحت علامة الاستمرارية

حجم الخط
0

باريس- “القدس العربي”:

قالت صحيفة “لوموند” إن ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح (83 عاما) الذي تم إعلانه أميرا للكويت، بعد وفاة الشيخ الراحل نواف الأحمد الصباح عن عمر ناهز 86 عاما، ستكون مهمته تثبيت النظام بالاستقرار السياسي والبدء في تحوله الاقتصادي.

يتمتع الشيخ مشعل الآن بحرية مطلقة في محاولة تحقيق الاستقرار في المشهد السياسي الكويتي الفوضوي للغاية، وبدء سياسة التنويع الاقتصادي في هذه الإمارة النفطية. ومع ذلك، فإن مسألة خلافته أثيرت بالفعل، حيث يتولى العرش بعمر 83 عاما، وهو نفس عمر أخيه غير الشقيق عندما تولى السلطة في سبتمبر عام 2020.

ومن المقرر أن يؤدي الشيخ مشعل اليمين الدستورية أمام البرلمان يوم الأربعاء بعد ثلاثة أيام من الحداد الوطني.

بالنسبة لسكان الإمارة البالغ عددهم 4.5 مليون نسمة، بما في ذلك 1.5 مليون كويتي، سيبقى الشيخ نواف في الذاكرة باعتباره “أمير العفو”. فخلال فترة حكمه القصيرة -ثلاث سنوات وثلاثة أشهر- أصدر عفوا عن عشرات المعارضين الكويتيين المسجونين والمنفيين، على أمل طي صفحة خمسة عشر عاما من الخلافات بين البرلمان المنتخب والسلطة التنفيذية التي عيّنتها الأسرة الحاكمة. كما كان رجل توافق الآراء، حيث حاول تهدئة الصراعات على السلطة داخل الأسرة الحاكمة.

ومع ذلك، شابت الصراعات السياسية فترة حكمه، التي تميزت بثلاث انتخابات تشريعية وثماني حكومات، وحالت دون تنفيذ إصلاحات وحملة لمكافحة الفساد المستشري داخل البلاد. وقد تم التوصل إلى توافق هش، منذ انتخابات يونيو/ حزيران الماضي، بين البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة، والحكومة التي يقودها نجل الأمير نواف، رئيس الوزراء أحمد النواف الأحمد الصباح.

وتنقل ”لوموند” عن بدر السيف، الأستاذ المساعد في جامعة الكويت، قوله: “على الشيخ مشعل أن يواصل المصالحة ثم يركز على الإصلاحات الاقتصادية وتحسين الخدمات الأساسية التي يطالب بها الكويتيون. فالشيخ مشعل معروف بحزمه”. خلال خطابه أمام البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي انتقد سجل الحكومة والبرلمان. كما أعرب عن نيته جلب وجوه جديدة إلى السلطة، كما تشير الصحيفة الفرنسية.

وخلافاً لأبو ظبي والرياض، فإن الإمارة الصغيرة لم تبدأ تحولها للهروب من اعتمادها على الهيدروكربونات، فهي موطن لحوالي 8% من احتياطيات النفط للدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، فضلاً عن احتياطيات كبيرة من الغاز، وقد قامت بتجديد احتياطياتها المالية المقدرة بأكثر من 700 مليار دولار بفضل ارتفاع أسعار النفط.

وسجلت الإمارة، التي تهدف إلى إنتاج 3.15 مليون برميل من النفط يوميا، أول فائض في الميزانية في شهر مارس/ آذار الماضي بعد تسع سنوات من العجز. لكن الأزمة المالية الخطيرة لعام 2020 سلطت الضوء على المشاكل الهيكلية التي ما تزال قائمة، مثل ثقل القطاع العام والدعم على ميزانية الدولة. وتفاقم تدهور الخدمات العامة بسبب نقص الاستثمار، توضّح “لوموند”.

ويفترض أن يحافظ الأمير مشعل، المقرب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أيضاً على قرب الإمارة من الولايات المتحدة، التي تحمي البلاد منذ حرب الخليج عام 1991، في حين تعمل على تعزيز شراكاتها مع الصين. وقد عملت الإمارة على تحقيق الانفراج بين السعودية وإيران، وكذلك مع القوى الإقليمية الأخرى مثل قطر وتركيا، تتابع “لوموند”، مضيفة القول إن التمسك بوحدة الخليج والعالم العربي هو التقليد الذي يدعو إليه الشيخ صباح الأحمد، الدبلوماسي المخضرم، الذي أصبح أميراً للكويت من عام 2006 إلى عام 2020.

واستمر الأمير نواف في هذا الدور للوسيط الإقليمي بشكل سري، كما تؤكد “لوموند”، مشيرة إلى أنه في مواجهة الحرب بقطاع غزة، التي أحدثت خللاً في التوازن الإقليمي، تظهر الحكومة الكويتية دعماً قوياً للفلسطينيين، مرددة بذلك صدى تعبئة سكانها. وقد ابتعدت الكويت عن اتفاقيات أبراهام، التي أبرمتها الإمارات والبحرين مع إسرائيل في عام 2020، مشترطة التطبيع مقابل الاعتراف  بالدولة الفلسطينية.

وأمام الأمير الجديد مشعل سنة لتعيين وريث من أحفاد مؤسس الأمة مبارك الصباح، تشير “لوموند”، مؤكدة أن المعركة محتدمة بالفعل داخل عائلة الصباح. فالبعض يودّ أن يختار الأمير مشعل خليفة من الجيل الجديد، مثل السعودية وأميرها الشاب محمد بن سلمان البالغ من العمر 38 عاماً. لكن الحرس القديم كان دائما مفضلا لدى قادة هذا البلد المحافظ، الذين يفضلون الخبرة في أسرار الدولة، تقول “لوموند”، موضحة أنه يتعيّن أن يحظى الاختيار، الذي يتم بالتشاور مع الأسرة الحاكمة، بموافقة البرلمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية