لتخليصه من المحور الشيعي بمال خليجي.. إسرائيل: “تعالوا نتحدث مع الأسد”

حجم الخط
7

في الشهر الأخير، يستغل سلاح الجو هدوء الطقس لتكثيف ضرباته ضد الإيرانيين في سوريا، حسب منشورات أجنبية. ولكن مع نهاية تشرين الثاني، ثمة فرصة أخرى لإسرائيل، فالرئيس السوري بشار الأسد يبدي عدم ارتياح متزايد تجاه الوجود الإيراني في بلاده. تستحق هذه الفرصة الاستيضاح، وثمة طريق واحد لعمل هذا: الحديث مع الأسد، بشكل مباشر أو غير مباشر.

في أيار الماضي، بعد 11 سنة من نشوب الحرب الأهلية، أجريت في سوريا ما يسمى “انتخابات للرئاسة”. وبشكل غير مفاجئ، فاز الأسد بتأييد أكثر من 95 في المئة من الأصوات. وأثار هذا الإجراء القديم سخرية في إسرائيل – ولكن ينبغي أن نفهم أنه يعد شيئاً ما آخر تماماً في نظر الأسد: فقد ولد من جديد في هذه الانتخابات ويؤمن عن حق وحقيق أنه تلقى شرعية أبناء شعبه (أو ممن تبقى منهم) ليكون الزعيم السوري.

فور الانتخابات، شمر عن أكمامه وبدأ يثبت حكمه في مناطق مهمة له؛ أدرك بأنه لن يستعيد الإقليم الكردي شبه المستقل، ولا القاطع الأمني الذي احتله منه الأتراك، ومع أن الروس يواصلون ضرب إدلب، يدرك أيضاً أنه لن يعود هناك. وهو يركز على حفظ غربي الدولة: قاطع الشاطئ العلوي، وكل ما هو على طول محور درعا – دمشق – حمص – حماة – حلب.

عندما أنهينا السخرية من الأسد الذي يحتفي بـ “انتصاره” في الانتخابات، رأينا هذا عجباً: بعد عقد من المقاطعات، بدأ ممثلو العالم العربي – السُني يتعاطون بأنفسهم مع الأسد كزعيم شرعي، ويلتقونه في دمشق. محمد بن زايد، ولي عهد الإمارات وأحد الزعماء البارزين اليوم في المنطقة، أعطى الإشارة: بعث بأخيه، وزير الخارجية، لزيارة دمشق. وتواصل هذا بمكالمة هاتفية أولى منذ 11 سنة بين الأسد والملك الأردني عبد الله. وهذا سيستمر مع دول أخرى.

بالتوازي، بدأ الأسد بالتضييق على خطة الإيرانيين في بلاده. وهو يبدي نفاد صبر متعاظم تجاه “التشيع” الذي يقوده الحرس الثوري في سوريا، بإقامة مؤسسات لتعليم الشيعة في أرجاء الدولة، وإسكان أجانب شيعة على الأرض السورية. وجاءت الذروة في بداية الشهر بتنحيته جواد غافري، قائد قوات القدس الإيرانية في الدولة. وروت وسائل الإعلام السورية بأن الغافري اشتبه بإدارة محظورة لسوق سوداء من البضائع، ولكن الأسد استغل الفرصة وتخلص من شريكه السابق بالمذبحة في حلب وأحد القادة الكاريزماتيين لـ”فيلق القدس”.

سلسلة الهجمات الجوية في سوريا المنسوبة لإسرائيل، تجبي منه ثمناً متعاظماً: ففي كل هجوم يفقد تقريباً عنصراً غالياً من بطاريات الدفاع الجوي، ويسحق صورة من يدعي بأنه صاحب السيادة في بلاده. كما أن الهجمات في هضبة الجولان تمس برجال جيشه، و يقع هذا الضرر في أماكن أخرى جراء نار تطلقها قواته للدفاع الجوي.

300 مليار سبب

إن الاستقبال المتجدد للقاتل العلوي إلى حضن العالم السُني، يدفع المزيد من المحافل في المؤسسة الأمنية في إسرائيل لتشخيص فرصة. فسوريا بحاجة ماسة إلى إعادة بناء بناها التحتية بكلفة خيالية: نحو 300 مليار دولار. لا أحد في العالم اليوم يقدم مثل هذا المال، أما من لديه المال –ولا سيما دول الخليج- فلا شهية عندهم ليقدموه لحليف إيران. الأسد يفهم هذا، وهناك من يدعون بأنه ناضج اليوم لعقد الصفقات.

لا أحد يتحدث عن صفقات كبرى أو لا سمح الله عن السلام، بل عن صفقات صغرى: في كل منطقة يبعد عنها الإيرانيون، تعمل إسرائيل على تشجيع الاستثمارات من أصدقائها الجدد في الخليج. بغياب إدارة أمريكية فاعلة في المنطقة، ستستند الوساطة إلى الروس أو إلى دول الخليج. الرئيس فلاديمير بوتين سيسره أن ينال المقاولون من جانبه عقود إعادة البناء مع مال خليجي ويحول له العمولة، كما هو دارج في مطارحنا.

ثمة أسباب وجيهة كثيرة والكثير من الأصوات المعارضة: لا ينبغي لإسرائيل عقد صفقات مع من ذبح أبناء شعبه بسلاح كيماوي وتقليدي، ولا مع من يحرص على تسليح حزب الله بأفضل المنتوجات العسكرية لديه ولدى إيران. وفي مواجهة هذه الحجج ثقيلة الوزن، هناك جائزة ثقيلة الوزن بقدر لا يقل: إخراج سوريا من المحور الشيعي إلى حضن العالم السني، سيحطم التواصل الجغرافي للمحور ويقطع سلسلة التوريد لـ”حزب الله”.

لا جدال أن الحديث يدور عن أحد أكبر الأنذال الذين شهدهم القرن الواحد والعشرون، ومع ذلك فإن شهية الأسد للعودة إلى أسرة الشعوب زعيماً شرعياً قد تشكل اليوم خطوة تحطم التعادل على المستوى الاستراتيجي. ليس مؤكداً في هذه اللحظة إمكانية بناء شرعية له في الغرب، ولكن إذا ما ساعدناه في العودة إلى الأمة العربية التي بات أجزاء مهمة منها حلفاءنا، فإننا سنفكك المحور الشيعي، ونعطي الجيران من لبنان عرضاً مقنعاً عن جدوى إخراج الإيرانيين، بل وربما نضع الأساسات لتسوية مستقبلية للنزاع مع سوريا. 

بقلمألون بن دافيد

معاريف 26/11/2021

 

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامي داوود:

    معروف جيدا ان الإيرانيين يمكن ان يخرجوا من سوريا فقط عند خروج الاسرائيليين الصهاينة من الجولان السوري وبغير ذلك ستبقى ايران وحزب اللهليشكلوا خاصرة تهديد للدولة الصهيونية

  2. يقول شيخ العرب:

    متى كان بشار عدوا لليهود؟ لو كان عدوا حقيقيا لأزاحته روسيا من الحكم قبل أمريكا…..أرجعوا له الجولان وسيهرول إليكم أسرع من بن زايد…

    1. يقول ميساء:

      يا شيخ العرب الجولان لدويلة الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي بمثابة عظم الرقبة،. إذا سلم لبشار فقد كسرت رقبة الاحتلال

  3. يقول أحمد بن أحمد:

    لكن واقعيين من طعن سوريا قبل نظامتها؟! ايران قدّمت و ساعدت و ستساعد مستقبلا ،هل الأسد يأمنكم ألاّ تتخلّوا عنه مستقبلا بعد ابتعاده عن ايران!
    ؟ هراء و ضحك على الذقون

  4. يقول سامي صوفي:

    الكاتب ألون بن داڤيد هو محلل عسكري لجريدة معاريف الاسرائيلية.
    الكاتب يسوّق لاتفاقات ابراهيم لتطبيع نظام بن زايد و باقي دول الخليج مع الأسد مع أن اسرائيل لا تحتاج تطبيعهم ليكونوا قناة اتصال معه، لأن الاتصال مباشر بين اسرائيل و آل الاسد منذ اتفاق الاب على الجولان.
    الكاتب يعرف ضمناً أن الأسد لا يمكن أن يتخلى عن إيران و لا أمام أي عرض آخر.

  5. يقول ميساء:

    هههههههه بشار تحت وصاية بوتن لا يستطيع أن يتقدم خطوة دون استشارة الدب الروسي

  6. يقول تيسير خرما:

    آن الأوان لإعادة سوريا لما كانت عليه قبل عام 2000 حين كانت تحظى برعاية عربية ودولية فبلغت الثقة بها إلغاء كل ديونها وإغداق مساعدات عربية لها وتدفق استثمارات بمليارات بتوازي مع تسليمها ملف إدارة لبنان 25 عاماً وصولاً لاتفاق الطائف وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. إذن آن الأوان لوضع حد لفوضى سوريا بإخراج كل مقاتل غير سوري وإبعاد ميليشيات تتبع دول إقليمية طامعة بها وإخراج إيران وتركيا منها لعودة رعاية عربية ودولية وإغداق مساعدات عربية لإعادة الإعمار وإعادة تسليمها ملف إدارة لبنان لحصر سلاح بيد الدولة

إشترك في قائمتنا البريدية